لبنان: «الاعتدال الوطني» متمسكة بمبادرتها لانتخاب رئيس بمعزل عن «العقد الشكلية»

سفراء «الخماسية» يلتقون بري والراعي الأسبوع المقبل

المفتي دريان يتوسط وفد «كتلة الاعتدال الوطني» في دار الفتوى (الوكالة الوطنية)
المفتي دريان يتوسط وفد «كتلة الاعتدال الوطني» في دار الفتوى (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: «الاعتدال الوطني» متمسكة بمبادرتها لانتخاب رئيس بمعزل عن «العقد الشكلية»

المفتي دريان يتوسط وفد «كتلة الاعتدال الوطني» في دار الفتوى (الوكالة الوطنية)
المفتي دريان يتوسط وفد «كتلة الاعتدال الوطني» في دار الفتوى (الوكالة الوطنية)

جددت كتلة «الاعتدال الوطني» البرلمانية التأكيد أن مبادرتها لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان «لا تزال مستمرة»، بمعزل عن العقد التي واجهتها، من دون أن تثمر حتى الآن أي خرق مؤثر، فيما يواصل سفراء «المجموعة الخماسية» في لبنان لقاءاتهم مع المسؤولين اللبنانيين بدءاً من الأسبوع المقبل.

وقالت مصادر مواكبة لحراك سفراء «المجموعة الخماسية» (الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا ومصر وقطر) إنهم سيزورون رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي يوم الاثنين المقبل، وذلك ضمن «جولة معتادة» على المسؤولين اللبنانيين المعنيين والمؤثرين في الحراك الساعي إلى إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان..

بري خلال استقباله سفراء «الخماسية» الأسبوع الماضي (البرلمان اللبناني)

ويصرّ «حزب الله» حتى هذا الوقت، على دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، فيما يرى معارضو وصول فرنجية أنه لا سبيل لإنهاء الشغور الرئاسي إلا بالبحث في «الخيار الثالث»، في إشارة إلى استبعاد النقاش بفرنجية، كما استبعاد جهاد أزعور الذي رشحته المعارضة في آخر جلسة انتخابية في البرلمان في يونيو (حزيران) الماضي.

أبو فاعور

وغداة عودته من زيارة إلى المملكة العربية السعودية، زار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور رئيس مجلس النواب نبيه بري، جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية وشؤون تشريعية، حسبما أفادت رئاسة مجلس النواب في بيان.

بري مستقبلاً وائل أبو فاعور الأربعاء (رئاسة البرلمان)

وكان أبو فاعور قال، الثلاثاء، في تصريح إن اللجنة الخماسية (المؤلفة من ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا ومصر وقطر) توافق على مبادرة «كتلة الاعتدال»، مضيفاً أنه «لن يكون هناك انتخاب رئيس من دون الوصول إلى فكرة الخيار الثالث، وعندما ستتم الدعوة لجلسة انتخاب رئيس لن تكون إلا على أساس توافق مسبق».

وأضاف: «أول المكاسب التي حققتها مبادرة كتلة الاعتدال هو الاتفاق على فكرة الجلوس إلى الطاولة، والتصوّر الأساسي كان بأن يحصل حوار ويتم استبعاد كل الأسماء التي لا تحظى بموافقة الطرفين، والمبادرة لم تنتهِ».

كتلة «الاعتدال الوطني»

وتتمسك «الاعتدال الوطني» بمبادرتها. ووضع وفد منها، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في أجواء التطورات المتصلة بها، خلال زيارة إلى دار الفتوى. وأكد النائب أحمد الخير متحدثاً باسم الكتلة: «أن وجودنا عند المفتي والدفع والدعم اللذين أعطانا إياهما، والدعم الذي تلقته المبادرة من خلال دعم المجموعة الخماسية والبطريرك الماروني بشارة الراعي ومجلس المطارنة الموارنة، يؤكد أن هذه المبادرة مستمرة»، مشيراً إلى أن «الشكليات والآليات، تفاصيل لن تمنع استمرارنا بتحركنا لإنهاء هذا الشغور».

وأكد الخير أن «هذه المبادرة بالمضمون أخذت موافقة غالبية الأطراف اللبنانية»، لافتاً إلى أن «العقد بدأت عندما بدأنا الكلام بالآليات والشكليات وما إلى ذلك من نقاط، ولكن لا نرى أن هذه التفاصيل سوف تمنع سعينا واستمرارنا بتحركنا لإنهاء هذا الشغور». وأضاف: «الكتلة اليوم نقطة التقاء بين كل اللبنانيين من خلال هذا اللقاء التشاوري الذي يجب أن يحصل تحت كنف المجلس النيابي، ويؤدي بطبيعة الحال إلى الذهاب للمجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية من خلال ممارسة النواب واجبهم الدستوري». وتابع: «لا نريد الدخول في فترة زمنية بخصوص المبادرة»، لافتاً إلى أن «المساعي مستمرة».

المفتي دريان يتوسط وفد «كتلة الاعتدال الوطني» في دار الفتوى (الوكالة الوطنية)

«الوطني الحر»

في غضون ذلك، رأى عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون، أن «الصورة لا تزال ضبابية رئاسياً، ومبادرة (الاعتدال) تترنح». ورأى في حديث إذاعي أن «لقاء الرئيس نبيه بري بسفراء اللجنة الخماسية سيحدد مصير الحراك الرئاسي، وأن أي ترجمة للمبادرات ستتم عبر الرئيس بري؛ لكونه أولاً رئيساً للمجلس، وثانياً أحد مكونات الثنائي (الشيعي)». ووصف مواقف الرئيس بري بأنها «تتسم بالليونة، وأن ذلك قد يحسم الأمور».

وفيما شدد عون على «أنه لا مصلحة لنا في انتظار الحسم في غزة»، أشار إلى أن صيغة «فرنجية رئيساً ورئيس حكومة للمعارضة سقطت»، مشيراً إلى أن «المطلوب الوصول إلى مرشح رئاسي لا يشكل تحدياً لأي فريق»، مشيراً إلى أن «الرئيس بري يلاقي الباقين في منتصف الطريق اليوم لإيجاد الحلول». ولفت إلى أن الاتصالات لم تنقطع يوماً بين «التيار» والرئيس بري، وأن «هناك لقاءات وتواصل حالياً ليست موجهة ضد أحد، بل هي للخروج من الأزمة».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
TT

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)
عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها وحماية نفسه وقاعدته الشعبية، وفق ما يقول محللون.

ولطالما شكل نصر الله، الذي يعدّ حزبه القوة العسكرية والسياسية الأبرز في لبنان، العدو اللدود لإسرائيل. ومنذ توليه منصبه عام 1992، اكتسب هالة بوصفه قاد حزباً خاض منازلات عدة مع إسرائيل، وخرج منها بمظهر المنتصر.

بعد نحو عام من فتح حزبه جبهة «إسناد» لحليفته حركة «حماس» من جنوب لبنان ضد إسرائيل، جاء مقتل نصر الله بغارة إسرائيلية في معقله بضاحية بيروت الجنوبية، الجمعة، بعد خسائر غير مسبوقة تلقاها تباعاً في الأسبوعين الأخيرين.

ويقول مدير ملف سوريا والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا لم يرد (حزب الله) في هذه المرحلة بضربة استراتيجية، مستخدماً ترسانته من الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى، فيمكن عندها افتراض أنه ببساطة غير قادر على فعل ذلك». ويضيف: «إما أن نرى رد فعل غير مسبوق من (حزب الله) أو ستكون الهزيمة الكاملة».

عنصر من «حزب الله» يشغلون راجمة صواريخ مختفية تحت الأرض داخل إحدى القواعد (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

و«حزب الله» هو التشكيل الوحيد في لبنان الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية (1975 - 1990) بحجة «مقاومة إسرائيل» التي احتلت مناطق واسعة في جنوب البلاد بين عامي 1978 و2000. وله ترسانة أضخم من أسلحة الجيش اللبناني، بحسب خبراء.

لكن بعد نحو عام من بدء تبادله القصف مع إسرائيل، بوتيرة ارتفعت حيناً وتراجعت حيناً آخر، حوّلت إسرائيل تباعاً ثقل عمليتها العسكرية من غزة إلى لبنان، حيث أسفرت غارات كثيفة تشنها منذ الاثنين، عن مقتل المئات وتشريد نحو 120 ألف شخص من منازلهم.

«معادلة الردع»

أعقبت الغارات الكثيفة التي استهدفت بشكل رئيسي مناطق في جنوب لبنان وشرقه، تفجير الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها «حزب الله» الذي اتهم إسرائيل بالوقوف خلفها، ما أسفر عن مقتل 39 شخصاً وإصابة نحو 3 آلاف آخرين بجروح.

وفي الأسبوع الأخير، أسفرت الضربات الإسرائيلية على بيروت عن مقتل عدد من قادة «حزب الله» البارزين، واحداً تلو الآخر.

ويقول الباحث في مؤسسة «سنتشري» سام هيلر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن امتناع «حزب الله» عن ردع إسرائيل بعد قتلها زعيمه، قد يشجعها على المضي بشكل أكبر في هجماتها ضده.

وخلال نحو عام من التصعيد عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، يرى هيلر أن «حزب الله» لم يستنفد بعد القدرات العسكرية التي لطالما لوّح بامتلاكها «وافترض معظمنا أنه يحتفظ بها»، حتى عندما كثّف خصمه الغارات ضده ونفذ عمليات متقدّمة. ولا يستبعد أن تكون قدرات «حزب الله» «مبالغاً فيها»، أو أنه جرى تدميرها بالكامل من إسرائيل.

ومنذ حرب صيف 2006 التي خاضها «حزب الله» والدولة العبرية، و«هزم فيها الإسرائيليين»، كرّس «حزب الله»، وفق هيلر، «معادلة الردع الطويلة الأمد» مع إسرائيل، لكن «يبدو واضحاً اليوم أنه لا يستطيع حماية نفسه».

عناصر من «حزب الله» يوجهون راجمة صواريخ داخل إحدى القواعد (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«رفع معنويات»

مع خسارة قائدهم والرجل الأكثر نفوذاً في لبنان، فإن أنصار زعيم «حزب الله» الذين شرّدتهم الغارات الإسرائيلية وحرمتهم أفراداً من عائلاتهم، سيتوقعون أكثر من رد رمزي، وفق محللين.

وترى الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون «حزب الله» أمل سعد، أن الحزب، الذي بات من دون قائد بعد الضربة الهائلة، سيحتاج إلى تحقيق توازن دقيق في اختيار رده.

وتتوقع أن يسعى الحزب من جهة إلى تفادي دفع إسرائيل لشنّ «حملة قصف شامل ضد بيروت أو أنحاء لبنان»، بينما يتعيّن عليه في الوقت ذاته «رفع معنويات» أنصاره ومقاتليه.

وسيتعيّن على «حزب الله» أيضاً أن يُظهر أنه قادر على حماية شعبه، والانتقام من إسرائيل، مع الحفاظ على السلام بين مختلف المكونات الطائفية في لبنان، المنقسمة حول قضايا رئيسية بينها تحكّم «حزب الله» بقرار السلم والحرب.

وتدفّق عشرات الآلاف من مناصري الحزب المدعوم من طهران، من جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية إلى مناطق أخرى ذات مكونات طائفية مختلفة، بحثاً عن مأوى من الغارات الإسرائيلية.

ويرى الباحث في معهد «كارنيغي» للشرق الأوسط مهند حاج علي، أن خسائر «حزب الله» الأخيرة أصابته بـ«شلل»، محذراً في الوقت عينه من استبعاد الحزب عن المشهد تماماً.

ويقول: «يتطلب الأمر قيادة جديدة، ونظام اتصالات، واستعادة سرديته والتواصل مع قاعدته الشعبية»، لكن سيكون من «الصعب جداً تخيل زوال التنظيم بهذه السرعة».

ولطالما كرّر كبار قادة «حزب الله» الإشارة إلى أن القضاء على قياديين من صفوفهم لا يؤثر على بنية الحزب العسكرية وقدراته الميدانية.

وتشرح أمل سعد في هذا السياق أن بنية «حزب الله» بوصفه مجموعة مسلحة، «مصمّمة لاستيعاب صدمات مماثلة»، مشيرة على سبيل المثال، إلى مقتل القائد العسكري البارز في الحزب عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق عام 2008، والذي نُسب إلى إسرائيل.

وتضيف: «عندما ينقشع الغبار، فإن أداء (حزب الله) لا يعتمد على شخص واحد»، مضيفة أن نصر الله في نهاية المطاف «ليس شخصية أسطورية؛ بل إنسان عادي».