تدريبات عسكرية إسرائيلية على الإمداد في حال التوغل بلبنان

«حزب الله» يعلن قصف هدف بالمسيّرات قرب حيفا

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مزارع شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مزارع شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تدريبات عسكرية إسرائيلية على الإمداد في حال التوغل بلبنان

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مزارع شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مزارع شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه أجرى تدريبات عسكرية على تنفيذ عمليات إمداد لقواته البرية خلال عملية اجتياح محتملة تتوغل خلالها في الأراضي اللبنانية، بموازاة مضي «حزب الله» في خطوة تصعيدية أخرى، تمثلت في قصف هدف عسكري إسرائيلي في عرعر الواقعة على مسافة 40 كيلومتراً من الحدود اللبنانية بمسيّرتين انقضاضيتين، للمرة الأولى منذ بدء الحرب.

وفي ظل التلويح الإسرائيلي بتصعيد العمليات العسكرية إلى حرب واسعة النطاق في مواجهة «حزب الله» على الجبهة الشمالية، شدد الجيش الإسرائيلي، في بيان صدر عنه، على أنه «جاهز لتنفيذ عمليات إمداد للقوات على الجبهة الشمالية - بكثافة عالية وتحت النيران إذا لزم الأمر».

وقال إنه «يتمرن على الإمداد المتعدد الأذرع تحت النيران في إطار الاستعداد للمناورة البرية في الجبهة الشمالية». وخلال التدريب، قال الجيش الإسرائيلي إنه جرى نقل «مسطحات المعدات من بطن الطائرة إلى القوات المناوِرة في لبنان، ونقل الإمدادات براً إلى خط الجبهة».

وأوضح الجيش الإسرائيلي أنه «خلال الأسبوع الماضي أقيم تمرين عملياتي شمل تزويد الإمدادات اللوجيستية جواً وبراً بقيادة هيئة التكنولوجيات واللوجيستيات، وبالتعاون مع قيادة المنطقة الشمالية، وسلاح الجو... وغيرها من الوحدات التابعة لذراع البر».

وأضاف أن القوات «تدربت خلال التمرين على نقل المعدات، والمياه، والوقود، وأنواع الذخيرة خلال حالة طوارئ، إلى القوات المناوِرة التي تخوض القتال على الجبهة الشمالية. وشمل التمرين تحميل معدات حملتها طائرات سلاح الجو وإفراغها ونقل المعدات بواسطة مركبات على الأرض».

وبينما لم يأتِ بيان الجيش الإسرائيلي على ذكر تعرض مناطق أخرى لقصف من لبنان، أعلن «حزب الله» في بيان أصدره، ظهر الأحد، أن مقاتليه شنوا «هجوماً جوياً بمسيرتين انقضاضيتين على مرابض المدفعية في عرعر، وأصابت أهدافها بدقة».

وتبعد عرعر 40 كيلومتراً عن أقرب نقطة حدودية لبنانية، وتقع إلى جنوب شرقي مدينة حيفا، وهو أبعد مسافة جغرافية تصل إليها ذخائر «حزب الله» منذ بدء الحرب، حيث وصل أبعدها إلى قواعد عسكرية قرب مدينة صفد في الجليل الأعلى، وهي على مسافة نحو 15 كيلومتراً من الحدود اللبنانية.

وغالباً ما التزم الطرفان، إلى حد ما، بتبادل القصف على مسافة تتراوح بين 5 و7 كيلومترات على طول الحدود الفاصلة بين الطرفين، ونفذ الجيش الإسرائيلي ضربات محدودة في العمق اللبناني، وصل أقصاها إلى مدينة بعلبك التي تبعد نحو 100 كيلومتر عن الحدود الجنوبية، كما نفذ ضربة في مدينة الغازية على مدخل صيدا الجنوبي، كما نفذ استهدافاً لمسؤول فلسطيني في شمال مدينة صيدا، واغتيالاً للقيادي في «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت.

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مزارع شبعا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويتواصل تبادل إطلاق النار بين الطرفين، منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على إيقاع حرب غزة، وتمضي إسرائيل في خطة تدمير ممنهج للمنازل الواقعة على الجانب اللبناني من الحدود.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، عصر الأحد، إننا «رصدنا خلية مقاتلين لـ(حزب الله) مُسلّحة بصاروخ مضاد للدروع في منطقة مزارع شبعا، وهاجم الطيران الحربي الخلية قبل أن تنفذ علمية إطلاق الصاروخ». وأضاف الجيش: «إننا رصدنا طائرة (مسيّرة) لـ(حزب الله) سقطت في منطقة مفتوحة بمنطقة جبل الشيخ، لا أضرار ولا إصابات». وقال الجيش إنه رصد إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان نحو موقع مالكية، ولا يوجد مصابون.

وكانت وسائل إعلام لبنانية قد أفادت بأن الطيران المسيّر الإسرائيلي أغار صباحاً، على الأحراج الشرقية لبلدة الهبارية في منطقة العرقوب، واستهدف الصاروخ سيارة «كرافان» على الطريق بين بلدة الهبارية - ومنطقة «سدانة»، ونقل المسعفون جريحاً كان بالقرب منها.

4 قتلى من عائلة واحدة

ويأتي ذلك غداة مقتل 5 أشخاص على الأقل، بينهم 3 مقاتلين من «حزب الله»، وإصابة 9 آخرين، السبت، في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في حي العين وسط خربة سلم، و«ذهبت ضحيتها عائلة من 4 أشخاص نازحة من بلدة بليدا»، إضافة إلى شخص خامس، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء اللبنانية (الوطنية للإعلام)، وأوضحت أن «المقاتلات أطلقت صاروخين من نوع جو - أرض في اتجاه المنزل، ما أدى إلى استشهاد الوالد من آل مرجي وزوجته الحامل من آل فقيه وولديهما وشخص آخر». وذكرت الوكالة أن الغارة أدت إلى تدمير المنزل بالكامل، وإصابة سكان منازل مجاورة تضررت أيضاً من القصف، ونُقل جميع المصابين إلى المستشفى. ونعى الحزب، صباح الأحد، 3 من عناصره هم أب وولداه الاثنان الذين قُتلوا في الغارة.

وقال الجيش الإسرائيلي، من جهته، إنّ سلاح الجو الإسرائيلي استهدف خلال الليل «بنى تحتية» تابعة لـ«حزب الله»، من بينها «مبنى عسكري في خربة سلم، حيث جرى تحديد وجود إرهابيين تابعين لـ(حزب الله)».

ورد الحزب، صباح الأحد، على الغارة، حيث أعلن عن إطلاق «عشرات» الصواريخ على بلدة «ميرون» في شمال إسرائيل. وقال الحزب في بيان: «قصفت المقاومة الإسلامية صباح الأحد... مستعمرة ميرون بعشرات صواريخ (الكاتيوشا)». وتضمّ ميرون قاعدة عسكرية مهمّة لمراقبة الحركة الجوية كان قد أعلن الحزب الحليف لإيران استهدافها مرّات عدة منذ بداية العام. وقال الحزب إن القصف الصاروخي، الأحد، يأتي «رداً على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية... والمنازل المدنية وآخرها الاعتداء على بلدة خربة سلم».

ومن جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنّه «جرى رصد نحو 35 عملية إطلاق (صواريخ) من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وجرى اعتراض عدد منها».

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قد قال، ليل السبت: «سنستمر في ضرب منظومات (حزب الله) العسكرية، مقرات القيادة، ومستودعات الوسائل القتالية، والمواقع وكل بنية تحتية قد يلجأ لاستخدامها». وإذ أشار إلى مهاجمة 3 أهداف في جنوب لبنان، السبت، قال: «إلى جانب هذا المجهود سنواصل إسراع جاهزيتنا للحرب، إذا فُرضت علينا. نحن جاهزون للانطلاق لهجوم أوسع إذا وردنا الأمر».


مقالات ذات صلة

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

المشرق العربي عناصر من «حزب الله» في صورة تعود إلى 22 أكتوبر الماضي في جنوب لبنان (أ.ب)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير

العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
TT

العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

مع تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام بشار الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة» في إرسال وفد رسمي إلى سوريا، رغم حالة الجوار الجغرافي والتقارب الاجتماعي بين البلدين الشقيقين.

وبينما تتواصل مواقف حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني بشأن الحرص على «مساعدة الشعب السوري»، وتأكيدها على هذا المسار، خلال اتصالاته ببعض المسؤولين والزعماء العرب، فإن عدداً غير قليل من المراقبين المحليين لاحظوا أن حكومة السوداني «ما زالت تمارس نوعاً من الانكفاء»، أو تتعاطى «بحذر وخشية» لجهة الانخراط في الحدث السوري.

وقال السوداني، الأحد، إن حكومته «بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقنا مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمنا ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء».

غير أن المسؤولين الحكوميين، سواء في وزارة الخارجية، أو على مستوى الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، لم يتحدثوا عن طبيعة تلك المبادرة، واقتصروا على التصريحات العمومية، وكذلك الأمر مع ما ورد في ورقة العقبة، وهو ما يؤكد طبيعة «الحذر» الذي تمارسه بغداد حيال الحدث السوري.

ويقرّ الباحث والمحلل نزار حيدر بـ«الحذر والانكفاء» العراقي حتى الآن، ويتوقع أن يستمر لفترة غير معروفة.

ويعزو حيدر أحد أسباب ذلك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدداً من عناصر الفصائل السورية المسلحة كانوا يقاتلون في العراق بعد عام 2003 ضمن جماعات أصولية»، لذا «تتأنى السلطات العراقية في التواصل مع الحكم الجديد في سوريا، ولا أظنها ستتخذ خطوة إيجابية قبل أن تجد مخرجاً لهذا الملف لتسويقه أمام الرأي العام العراقي الذي ينظر بعين الريبة لهذه الفصائل».

ويتابع حيدر أن «انتظار العراق لا يمكن أن يطول كثيراً، إذ لا بد أن يتخذ خطوة إيجابية لمد جسور العلاقات مع دمشق بعد عديد البيانات والتغريدات الإيجابية التي صدرت عن عدد من المسؤولين العراقيين بشأن التغيير الذي تشهده سوريا».

ويعتقد أن «انخراط العراق في فترة من الفترات في القتال ضد تنظيمات هذه الزعامات على الأراضي السورية عندما كانت طهران تقاتل كتفاً لكتف في سوريا لحماية نظام الطاغية المخلوع بشار الأسد، له تداعيات أيضاً على ملف العراق بين بغداد ودمشق ينبغي تفكيكها».

ويتفق رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري على أن الموقف العراقي بشكل عام «يتعاطى بحذر شديد جداً مع التطورات السورية لاعتبارات عديدة»، حسبما قال لـ«الشرق الأوسط».

وضمن تلك الاعتبارات «القناعات المسبقة لدى العراق، واتجاهات الفصائل السورية المسلحة و(هيئة تحرير الشام) واحدة منها، وتالياً يسعى إلى وضع هذه الجماعات في لحظات ترقب واختبار».

ويعتقد الشمري أن من بين أسباب الانكفاء العراقي «حالة الانقسام الحادة داخل (الإطار الشيعي) بين الراغبين في مد العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة والرافضين لذلك التي تمثلها الفصائل المسلحة، لذلك أعاق هذا الانقسام داخل حاضنة السوداني جهود أن يكون هناك تواصل رسمي أو ذهاب وفد عراقي لدمشق».

ويعد رئيس الوزراء الأسبق وعضو «الإطار التنسيقي»، حيدر العبادي، من بين المؤيدين للوضع السوري الجديد، وأطلق قبل أيام «مبادرة الرافدين» لإغاثة الشعب السوري، وطالب بجهد سياسي مواز للانخراط في الحدث السوري.

ولا يستبعد الشمري أن يكون «الفاعل الإيراني وراء التأثير الأكبر في التردد والانكفاء العراقي، فلا تزال حكومة السوداني تنظر إلى الموقف الإيراني تجاه الملف السوري، ويبدو أن طهران رافضةٌ للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا، وهذا باعتقادي أثر على موقف حكومة السوداني».

ويضيف سبباً آخر لحالة الانكفاء والتردد يتمثل في أن «المواقف السابقة لرئيس الوزراء، خصوصاً حين أشار في وقت سابق إلى عدم إمكانية التعامل مع الجماعات الإرهابية، قد تدفع باتجاه عدم التواصل بشكل سريع مع الحدث السوري لأنه سيكون بمثابة تناقض كبير في المواقف».