مرضى السرطان في غزة... ألم مضاعف

عشرات فقط من بين المئات منهم نجحوا بالمغادرة للعلاج بالخارج

فلسطينيون ينتظرون وصول مساعدات إلى مدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون وصول مساعدات إلى مدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

مرضى السرطان في غزة... ألم مضاعف

فلسطينيون ينتظرون وصول مساعدات إلى مدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون وصول مساعدات إلى مدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

لأسابيع طويلة وثقيلة، ظلت سعاد حمدان (52 عاماً)، من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، تصارع الموت في منزلها، في حين تحاول عائلتها إيجاد أي مستشفى متخصص في رعاية مرضى السرطان، بقطاع غزة أو خارجه، دون جدوى، حتى قضت نحبها متخلصة من ألم مركب: ألم المرض الخبيث، وما تركته الحرب من آلام أكبر.

ويعاني قطاع غزة منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من عدم وجود مستشفى مخصص لمعالجة مرضى السرطان. وكان هؤلاء مضطرين للحصول على تحويلات طبية إلى مستشفيات خارج القطاع (الضفة الغربية أو إسرائيل)، ولكن مع استمرار الحرب الحالية، لم يعد أمام المرضى خيار سوى مواجهة الموت بلا علاج.

وحمدان واحدة من بين عشرات الحالات المصابة بالسرطان التي فقدت حياتها منذ الحرب على غزة، في وقت لا تزال فيه حالات أخرى تصارع الموت.

قال حسام، نجل حمدان، إن والدته فقدت حياتها بعد معاناة شديدة مع المرض. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أصعب من الموت نفسه أن ترى أمك تعيش هذا الألم كل يوم وأنت عاجز عن فعل شيء (للتخفيف عنها)». وتابع: «ألمها كان مضاعفاً. لم تمت بصاروخ. ماتت موتاً بطيئاً وصعباً. حاولنا بكل الطرق. لا مستشفيات ولا رعاية طبية ولا تحويلات ولا أي شيء (يمكن القيام به). عليك أن تنتظر الموت فقط».

ومنذ بداية الحرب، حاول حسام التنسيق مع وزارة الصحة ومنظمات دولية وإغاثية من أجل نقل والدته إلى الخارج، ولكن دون جدوى. ثم حاول نقلها على الأقل إلى مستشفيات في جنوب القطاع من أجل تلقي رعاية طبية عادية، لكن أيضاً دون جدوى، حتى توفيت.

ولا يوجد عدد دقيق لمرضى السرطان في قطاع غزة، لكن الأرقام الصادرة من الجهات المعنية هناك تتحدث عن نحو 2000 مريض، مئات منهم في مناطق شمال قطاع غزة التي تتعرض لحرب تجويع وحرمان من الطعام والأدوية.

الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في «مستشفى الرنتيسي» المختص بعلاج الأطفال المصابين بالسرطان بمدينة غزة بعد اقتحامه يوم 13 نوفمبر الماضي (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن 57 مريضاً بالسرطان على الأقل توفوا في أول 3 أشهر من الحرب بسبب عدم تلقيهم أي جرعات من الأدوية المطلوبة.

ومن بين هؤلاء الشابة هديل حسين من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، التي قال شقيقها أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنها ظلّت تصارع الموت على مدار أسبوعين، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى سلّمت روحها.

وقبل الحرب، كان يُفترض أن تعالج هديل في الخارج، وكانت حالتها مطمئنة.

ومثل هديل، يتهدد الموت كثيراً من الأطفال الذين كانوا يتلقون علاجاً جزئياً في «مستشفى الرنتيسي للأورام» المخصص لتقديم الخدمات الطبية لأطفال السرطان، قبل أن تقتحمه القوات الإسرائيلية وتدمر أجزاء منه.

وقال الدكتور أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة، لـ«الشرق الأوسط»، إن مرضى السرطان إلى جانب مئات المرضى المصابين بأمراض مختلفة في مناطق شمال قطاع غزة يواجهون الموت البطيء بسبب حرمانهم من تلقي العلاج، واستهداف الاحتلال للمستشفيات، ومنع إدخال الأدوية.

وأكد القدرة وجود محاولات تقوم بها المنظومة الصحية لإخلاء مرضى السرطان، ونقلهم للعلاج بالخارج.

وأضاف: «هناك نحو 60 مصاباً تمكنوا من مغادرة القطاع إلى عدة دول، منها تركيا والإمارات، لكن المشكلة الأكبر في أولئك الذين ما زالوا في منطقة الشمال».

غزيون يحملون أكياس طحين كانت جزءاً من مساعدات دخلت مدينة غزة اليوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وكان المرضى الذين خرجوا من غزة، نزحوا من مناطق سكنهم في الشمال مع بداية الحرب.

الطفلة أسيل كرم التي تتلقى العلاج في أحد مستشفيات تركيا، كانت واحدة من الناجين.

وقالت والدتها إن طفلتها البالغة من العمر 12 عاماً نجت 3 مرات؛ المرة الأولى عندما فرّت من «مستشفى الرنتيسي للأورام» قبل اقتحامه، والثانية عندما فرَّت من موت محقَّق طال منزلها بمخيم الشاطئ، بعد أيام فقط من فرارها من المستشفى، والثالثة عندما خرجت من القطاع نحو تركيا.

وتتلقى أسيل المصابة بسرطان الدم، علاجاً اليوم في أحد مستشفيات إسطنبول. وأكدت والدتها لـ«الشرق الأوسط» أنها في تحسن ما كان سيحصل لو بقيت في غزة.

وكانت تركيا والإمارات ودول عدة أعلنت نيتها استضافة العديد من مرضى السرطان وعوائلهم بغزة، إلا أن قوات الاحتلال منعت خروج المئات منهم.


مقالات ذات صلة

​صحة غزة تعلن ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً

المشرق العربي مشيعون يصلون بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

​صحة غزة تعلن ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة الأربعاء ارتفاع عدد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً و400 منذ السابع من أكتوبر 2023

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ متظاهرون خارج هارفارد يدعون لوقف الحرب على غزة (أ.ف.ب)

تقريران: مناخ معادٍ للسامية ومناهض للمسلمين في جامعة هارفارد

أكد تقريران منفصلان نشرتهما جامعة هارفارد أمس (الثلاثاء) أن مناخاً معادياً للسامية وللمسلمين يتمدد في حرم هذه المؤسسة التعليمية الأميركية العريقة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أقارب طفل فلسطيني قُتل في استهدافات إسرائيلية يحملون جثمانه في مستشفى الشفاء بغزة (د.ب.أ)

مسؤول أممي: الوضع في غزة أشبه بأهوال يوم القيامة

حذّر مسؤول أممي من فظاعة الوضع في قطاع غزة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية جرّاء الحصار الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الخليج وليد الخريجي يتحدث خلال اجتماع «بريكس» الوزاري في ريو دي جانيرو الثلاثاء (الخارجية السعودية)

السعودية تُجدِّد التزامها بالحياد تجاه التصعيد الإقليمي والدولي

جدَّدت السعودية التزامها بأن تكون شريكاً موثوقاً ومحايداً ضمن جهودها ومساعيها الرامية إلى خفض التصعيد إقليمياً ودولياً.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي سببته الحرب الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

مسؤول: لا تقدم في محادثات الأسرى منذ وصول الفريق الإسرائيلي إلى القاهرة

أفاد مصدر إسرائيلي لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» بأنه لم يُحرز أي تقدم في محادثات الأسرى منذ وصول فريق التفاوض الإسرائيلي إلى القاهرة الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (القدس)

​صحة غزة تعلن ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً

مشيعون يصلون بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
مشيعون يصلون بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

​صحة غزة تعلن ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً

مشيعون يصلون بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
مشيعون يصلون بجانب جثث الفلسطينيين الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الأربعاء، ارتفاع عدد القتلى جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 52 ألفاً و400 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينما زاد عدد المصابين إلى 118014.

فلسطينية تبكي من الألم وهي تعانق أحد أحبابها الذي قُتل في هجمات إسرائيلية استهدفت منازل مؤقتة وخياماً بمستشفى الشفاء بمدينة غزة (د.ب.أ)

وذكرت الوزارة في بيان أن 35 قتيلاً و109 مصابين وصلوا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

وأضاف البيان أن 2308 فلسطينيين لقوا حتفهم وأصيب 5973 منذ استئناف الهجمات الإسرائيلية على القطاع في 18 مارس (آذار) الماضي بعد هدنة استمرت نحو شهرين.

امرأة وفتاة فلسطينيتان تحصلان على حصص طعام في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (رويترز)

وأشارت الوزارة إلى أن هناك عدداً من الضحايا لا يزال تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.