واشنطن تضغط للمطالبة بـ«وقف النار فوراً» عبر مجلس الأمن

الأمم المتحدة: غزة «أسوأ» من دريسدن وروتردام… وثمة أطفال يموتون جوعاً

طفل فلسطيني في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
طفل فلسطيني في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
TT

واشنطن تضغط للمطالبة بـ«وقف النار فوراً» عبر مجلس الأمن

طفل فلسطيني في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
طفل فلسطيني في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)

غداة تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن من وضع «خطير جداً جداً» إذ لم يجر التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، قدمت الولايات المتحدة نسخة معدلة للمرة الثالثة من مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار» في غزة، بموازاة جهود دبلوماسية محمومة تشمل الضغط على إسرائيل لتوصيل المساعدات إلى الفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً في القطاع، وإطلاق «حماس» الرهائن الإسرائيليين.

وبينما يترقب الدبلوماسيون الأميركيون ردود فعل العواصم على الصيغة الجديدة المقترحة لوقف النار ونتائج المحادثات المتواصلة للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و«حماس» بوساطة من الولايات المتحدة ومصر وقطر وفرنسا، تعكس تصريحات بايدن مدى مخاوفه من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تظهر في غزة بعد تقارير عن وفيات بسبب المجاعة في شمال القطاع بعد خمسة أشهر من الحصار الخانق والعمليات العسكرية التدميرية، فضلاً عن التهديدات التي تطلقها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باجتياح منطقة رفح المكتظة بأكثر من مليون من النازحين على الحدود مع مصر.

الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

ضغوط متزامنة

وأتت هذه التحذيرات بعد مطالبة نائبة الرئيس كامالا هاريس لإسرائيل في مطلع الأسبوع بالسماح بتدفق المساعدات إلى القطاع لوقف «الكارثة الإنسانية» التي بدأت بالظهور، بالتزامن مع دعوتها «حماس» إلى قبول «وقف فوري لإطلاق النار» وإطلاق الرهائن المحتجزين لديها منذ هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتكررت هذه الرسائل الأميركية بصورة متسقة خلال زيارة الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس إلى واشنطن؛ حيث عقد اجتماعات شملت كلاً من هاريس، ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن، ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان، وعدداً من الزعماء الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس.

وبعد أسابيع من المفاوضات على مشروع قرارها، عدلت الولايات المتحدة النص المقترح ليشمل عبارة تفيد بأن مجلس الأمن «يدعم بلا لبس الجهود الدبلوماسية الدولية للبدء في التنفيذ السريع والعاجل لاتفاق على وقف إطلاق النار فوراً لنحو ستة أسابيع في غزة مع إطلاق جميع الرهائن حينما تتفق الأطراف»، ويشدد أيضاً على أنه «يدعم بشكل كامل استخدام نافذة الفرصة التي يوجدها أي وقف للنار لتكثيف الجهود الدبلوماسية وغيرها بهدف تهيئة الظروف للوقف المستدام للأعمال العدائية والسلام الدائم» بين الفلسطينيين والإسرائيليين طبقاً للقرار 2720.

المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (رويترز)

تراجع أميركي

وبذلك تراجعت الولايات المتحدة للمرة الثالثة عن الصيغ السابقة لمنطوق القرار من الدعوة إلى وقف النار مؤقتاً «في أقرب وقت من الناحية العملانية»، ثم إلى القول إن مجلس الأمن «يدعم بشكل لا لبس فيه» الجهود الدبلوماسية للتوصل «بشكل سريع وعاجل إلى اتفاق على وقف النار مؤقتاً»، والآن إلى «دعم بلا لبس للجهود الدبلوماسية الدولية للبدء في التنفيذ السريع والعاجل لاتفاق على وقف إطلاق النار فوراً» في غزة.

وعارضت واشنطن في السابق استخدام كلمة وقف النار. واستخدمت حق النقض «الفيتو» ضد ثلاثة مشاريع قرارات، اثنان منها يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار، خلال الحرب المستعرة منذ خمسة أشهر. وفي الآونة الأخيرة، بررت الولايات المتحدة استخدام الفيتو بأن المشاريع السابقة كانت ستعرض للخطر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر للتوسط في وقف الحرب وإطلاق الرهائن.

ولا تكتفي الصيغة الأخيرة بالتماثل مع المواقف المتغيرة للمسؤولين الكبار في إدارة الرئيس جو بايدن، بل تستجيب للضغوط الداخلية المتزايدة على الإدارة من أجل إنهاء الحرب التي بدأت تنعكس بوضوح على شعبية بايدن في خضم حملته للبقاء في البيت الأبيض بعد انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

الكرة لدى «حماس»

ومع ذلك، تريد الولايات المتحدة أن يكون أي دعم من مجلس الأمن لوقف النار مرتبطاً بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» في غزة.

وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الأربعاء، إن «هناك اتفاقاً على الطاولة لوقف فوري لإطلاق النار يؤدي إلى إطلاق الرهائن ويساعد على زيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الذين هم في أمسّ الحاجة إليها»، مضيفة أنه «الآن، أصبحت الكرة في ملعب حماس لقبول تلك الصفقة». وشددت على أنها تسعى إلى «قرار يحظى بالإجماع» في المجلس، متوقعة تلقي الردود الجديدة من بقية أعضاء المجلس. وقالت إنها لا تريد «التسرع» في عرض مشروع القرار على التصويت «لذلك لا أستطيع أن أعطي جدولاً زمنياً محدداً، ولكن نعمل على المضي قدماً» نحو التصويت.

وتحتاج الموافقة على أي قرار إلى موافقة ما لا يقل عن تسعة من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، مع عدم استخدام حق النقض «الفيتو» من أي من الدول الدائمة العضوية: الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.

طفلان فلسطينيان يعانيان سوء التغذية في غزة (رويترز)

وفيات أطفال

من جهة أخرى، أفاد ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الدكتور ريك بيبركورن، بأنه بعد تمكن فريق من المنظمة وشركائها من الوصول إلى مستشفيات شمال غزة «تأكد ارتفاع مستويات سوء التغذية بين الفلسطينيين، ووفاة الأطفال بسبب الجوع والشح الحاد في الوقود والغذاء والإمدادات الطبية وتدمير مباني المستشفيات». وأوضح أن الفريق زار مستشفيي كمال عدوان والعودة في شمال غزة.

وقال الناطق باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، جيمس ألدر: «تفيد التقارير بأن 10 أطفال على الأقل قضوا بسبب الجفاف وسوء التغذية في مستشفى كمال عدوان»، مرجحاً أن «عدداً كبيراً آخر من الأطفال يصارعون من أجل حياتهم».

وأكد برنامج الأغذية العالمي أن جهوده لإيصال الإمدادات الغذائية التي تمس الحاجة إليها إلى شمال غزة «لم تنجح إلى حد كبير». وقال نائب المديرة التنفيذية للبرنامج، كارل سكاو، إنه «على الرغم من أن قافلة اليوم لم تصل إلى الشمال لتوفير الغذاء للجوعى، فإن برنامج الأغذية العالمي يواصل استكشاف كل السبل الممكنة للقيام بذلك».

إلى ذلك، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن اللائق، بالاكريشنان راغاغوبال، إن حجم وشدة الدمار في غزة «أسوأ بكثير مما حدث في حلب وماريوبول أو حتى دريسدن وروتردام خلال الحرب العالمية الثانية».

وكانت مدينتا دريسدن وروتردام الأوروبيتان تعرضتا لقصف عنيف خلال الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى دمار واسع ومقتل وإصابة عشرات الآلاف وتشريد كثيرين.


مقالات ذات صلة

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

المشرق العربي غسان سلامة

غسان سلامة لـ «الشرق الأوسط»: العالم مُقبِل على حروب أوسع

مع انقضاء الربع الأول من الألفية الثالثة، يرجّح غسان سلامة، الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة، «حروباً أوسع» في مناطق من العالم، وأن تلجأ «دول قادرة»

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (لقطة من فيديو نشره على حسابه عبر منصة إكس) play-circle 01:06

وزير دفاع إسرائيل: أسقطنا نظام الأسد وسنضرب الحوثيين بقوة

أقر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، للمرة الأولى علناً، بمسؤولية إسرائيل عن اغتيال زعيم حركة «حماس»، إسماعيل هنية، في إيران.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة جنود في اشتباكات بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين مقتل ثلاثة من جنوده في اشتباكات بشمال قطاع غزة، حيث تنفذ قواته عملية تهدف، وفقاً له، لمنع حركة «حماس» من إعادة تنظيم صفوفها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي ناقلة نفط ترسو في ميناء إيلات جنوب إسرائيل (أرشيفية)

تقرير: فلسطينيون يرفعون دعوى قضائية ضد شركة بريطانية بسبب توريد النفط إلى إسرائيل

قالت صحيفة «غارديان» البريطانية إن فلسطينيين من ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة رفعوا دعوى قضائية ضد شركة «بي بي» لتشغيلها خط أنابيب يزود إسرائيل بالنفط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي «حماس» تقول إن مصير الرهائن المحتجزين لدى الحركة مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

«حماس»: مصير بعض الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق

قال أبو عبيدة، المتحدث باسم «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، إن مصير الرهائن مرهون بتقدم الجيش الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

TT

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن أنقرة تجري حوارا وثيقا مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، مضيفاً أن الزيارات إلى سوريا ستزداد من الآن فصاعدا.

وأضاف بعد اجتماع لمجلس الوزراء في أنقرة، أن تركيا ستقدم للشعب السوري كل الدعم الذي يحتاجه لتعزيز مكاسبه، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والقائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني أثناء حضورهما مؤتمراً صحافياً بعد اجتماعهما في دمشق... 22 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وتابع قائلا: «لا مكان في مستقبل سوريا لأي منظمة إرهابية بما في ذلك (داعش) وحزب العمال الكردستاني»، مضيفا أن نهج تركيا الثابت هو حماية وحدة الأراضي السورية تحت كل الظروف.

وحذّر إردوغان من أن أي انتهاك لوحدة أراضي سوريا، مؤكداً أن ذلك سيكون بمثابة تجاوز للخط الأحمر بالنسبة لتركيا.