أوسع غارات على جنوب لبنان وأكبر خسائر مدنيةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/4894801-%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9
إسرائيل بعد جولة هوكستين: «حزب الله» يقربنا من اللحظة الحرجة
آثار غارة إسرائيلية على بلدة كفرا في جنوب لبنان (مواقع تواصل)
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
بيروت:«الشرق الأوسط»
TT
أوسع غارات على جنوب لبنان وأكبر خسائر مدنية
آثار غارة إسرائيلية على بلدة كفرا في جنوب لبنان (مواقع تواصل)
شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، أمس (الثلاثاء)، أوسع هجمات جوية على مناطق واسعة في جنوب لبنان، شملت 4 أقضية في محافظتَي الجنوب والنبطية، وأسفرت عن أكبر خسائر تمثلت في سقوط 3 قتلى مدنيين على الأقل وتدمير منازل، في حين خرق الطيران الحربي الإسرائيلي جدار الصوت فوق مناطق صيدا والزهراني والنبطية، وحلق على مستويات منخفضة جداً في أجواء عديد من المناطق في جنوب لبنان، ملقياً عشرات البالونات الحرارية.
وقُتل 3 مدنيين من عائلة واحدة، وأُصيب آخرون جراء تدمير منزلين في بلدة حولا، كما استهدفت الغارات بلدات عيتا الشعب، ومجدل زون، وزبقين، وجبال البطم، وكفرا.
وجاء ذلك بعد تقارير إسرائيلية أكدت إصابة مبنيين في كريات شمونة بقذائف صاروخية أُطلقت من الجنوب اللبناني. كما أعلن «حزب الله» استهداف «دبابة ميركافا في مستعمرة نطوعا خلال اعتدائها على القرى والمدنيين بصاروخ موجه، وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح».
وتصاعدت التوترات بعد ساعات على لقاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، بوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب، قادماً من بيروت. وكرّر غالانت تحذيره من أن التوتر المستمر مع «حزب الله» «يقرب الأمور إلى التصعيد العسكري».
وقال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، بعد لقاء غالانت وهوكستين، إن الطرفين «بحثا في لقائهما العدوان المستمر من جانب حزب الله». وأشار إلى أن غالانت وهوكستين «بحثا الجهود السياسية المبذولة للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى عودة سكان الشمال الإسرائيلي إلى منازلهم بعد تغير الوضع الأمني في المنطقة الحدودية مع لبنان».
وأبلغ غالانت هوكستين بالتزام تل أبيب الجهود السياسية للتوصل إلى اتفاق لتجنب التصعيد على الحدود مع لبنان، محذّراً من أن «عدوان (حزب الله) يقربنا من نقطة حرجة في اتخاذ قرار بشأن الأنشطة الحربية حيال لبنان»، وفقاً لما جاء في بيان وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وتوعّد «حزب الله» بالرد على أي توسيع إسرائيلي للحرب. وقال رئيس كتلته النيابية، النائب محمد رعد: «نحن لم نستعمل كل أسلحتنا وأسلحة الحرب المفتوحة، لم نفتح مخازنها بعد، والعدو يعرف ذلك». (تفاصيل ص 8)
دعا البابا ليو، بابا الفاتيكان، الأحد، إلى وضع حدٍّ «لوحشية الحرب»، معبِّراً عن ألمه العميق إزاء الغارة الإسرائيلية على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بغزة.
قاسم يفاوض برّاك «على طريقته» طلباً لضمانات أميركية بانسحاب إسرائيل
الموفد الأميركي توم براك (رويترز)
لا يخفي أمين عام «حزب الله»، نعيم قاسم، بكلامه عن «تهديد الوجود الشيعي» في لبنان، قلقه حيال ما يمكن أن تحمله المرحلة السياسية المقبلة، في حال توصّل المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك إلى تفاهم مع الرؤساء الثلاثة، لوضع آلية لتطبيق وقف النار، كان افتقدها الاتفاق السابق الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، والتزم به لبنان بخلاف إسرائيل التي تمردت على تطبيقه.
وقدّم برّاك موعد لقاءاته من الثلاثاء للاثنين ووصل الأحد إلى بيروت، بسبب اضطرار الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى السفر لمملكة البحرين ضمن جولته على الدول العربية.
رئيس الجمهورية جوزيف عون مجتمعاً مع المبعوث الأميركي توم براك خلال زيارة سابقة له إلى بيروت (رئاسة الجمهورية)
طمأنة الحاضنة
بحسب مصادر سياسية مواكبة للاتصالات داخل الثنائي الشيعي، ويرعاها مباشرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، اضطر قاسم مع عودة برّاك إلى بيروت، لرفع السقف السياسي للحصول على ضمانات مطلوبة لطمأنة حاضنته الشعبية حول المستقبل السياسي للحزب ضمن التركيبة التي يعاد تشكيلها.
وتؤكد المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» أن قاسم توخى رفع سقفه السياسي بالتفاوض مع برّاك على طريقته، ومباشرة على الهواء لتدعيم الموقف التفاوضي للرؤساء الثلاثة، من دون أن يأخذ على عاتقه تعطيل الاتفاق في حال توصلوا إلى اتفاق آخر مقروناً بضمانات أميركية ملزمة لإسرائيل مقابل التزام لبنان بحصر السلاح بيد الدولة بموافقة «حزب الله».
وترى المصادر أن قاسم برفعه السقف، لا يسعى للالتفاف على موقف حليفه بري الذي يشاوره في كل التفاصيل حول أفكار تطبيق الاتفاق الذي يجري الإعداد له، وأن مزايدته الشعبوية على الرؤساء ليست واردة، بل هو يتوافق معهم على توفير الضمانات التي تتصدر لقاءاتهم مع برّاك.
رئيس البرلمان نبيه بري خلال لقاء سابق مع الموفد الأميركي توم براك (رويترز)
دوافع لبنانية داخلية
تلفت المصادر إلى أنها تتفهم الأسباب الكامنة وراء اضطرار قاسم لـ«تكبير الحجر»، بالمفهوم السياسي للكلمة، وذلك لمحاكاة حاضنته وإخراجها من الإرباك الذي يتملّكها، مشيرة إلى أنه يبالغ بالتحذير من عودة «داعش» إلى لبنان، أو بإعادة الأخير إلى بلاد الشام، مؤكدة أن القلق الذي ينتاب الحزب يعود أولاً وأخيراً إلى حاجته للحصول على ضمانات تبرر تخلّيه عن السلاح أمام حاضنته واللحاق بركب التحولات التي تجري في المنطقة ولبنان.
وتقول المصادر إن تمسك قاسم بتطبيق الاتفاق الأول الذي رعته الولايات المتحدة وفرنسا، ورفضه الدخول في مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بديل، يعود إلى مطلب الضمانات التي يمكن الركون إليها ومدى استعداد واشنطن لإلزام إسرائيل بالتقيُّد بها. ويأتي تهديده بالرد على الخروقات الإسرائيلية في سياق الضغط ليس أكثر لإنتاج اتفاق قابل للتنفيذ يتيح له امتصاص الإرباك المسيطر على حاضنته والذي يزداد مع امتناعه عن الرد.
وتؤكد المصادر أن لا خلفية إقليمية وراء اضطراره لرفع السقف، وأن أسبابها لبنانية بامتياز، برغم أنه يدرك بأن تحذيره من تهديد الوجود الشيعي، ما هو إلا تحريض لرفع الاستنفار السياسي، وهو يعلم سلفاً بأنه لن يصرف خارج جمهوره؛ نظراً لأن القوى السياسية ليست في هذا الوارد، وتتعامل مع الشيعة على أنهم أحد أبرز مكونات الحفاظ على وحدة البلد، وعدم تعريض الشراكة لاهتزاز لا يتحمله أحد حتى من يشكل رأس حربة في معارضته للحزب.
تنفيس «فائض القوة»
تلفت المصادر السياسية إلى أن قاسم يستخدم ما تبقى لدى الحزب من فائض قوة للرد على حملات التحريض التي تستهدفه من قبل خصومه اللبنانيين، الذين لم يُظهروا أي تجاوب مع استعداده لوضع برنامج للتحرك باتجاه القوى السياسية وعلى رأسها خصومه، في محاولة للتوصل إلى تحقيق فك اشتباك سياسي من موقع تنظيم الاختلاف.
وتقول المصادر إنه لم يكن من خيار أمام قاسم سوى الهجوم على من يخالفه، من باب الدفاع عن النفس ضد من يراهن على استضعاف الحزب والتعامل معه على أنه خرج مهزوماً في مواجهة لإسرائيل، نظراً لأنه أساء تقدير رد الفعل بإسناده لغزة، ولم يجد من يقف معه حتى حلفاءه بعد أن تفرّد بقرار السلم والحرب الذي أوقعه في حصار عربي ودولي غير مسبوق.
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام خلال لقائه المبعوث الأميركي توم براك (إ.ب.أ)
التكيف مع التحولات
تضيف المصادر أن الخلاف على الحزب لا يعود إلى حضوره في المعادلة السياسية، وإنما لأنه يدير للتحولات في المنطقة ولا يأخذ العبر منها ويتمادى في فرض سطوته على البلد، من دون أن يلتفت إلى النصائح التي أسديت له لإعادة النظر في حساباته والتكيف مع التحولات، وافتقاده لتوازن الردع وقواعد الاشتباك مع إسرائيل التي كانت تتحكم بالمسار العام للمواجهة في الجنوب قبل أن يُقحم نفسه والبلد في مغامرة غير محسوبة بإسناده لغزة وما ترتب عنها من تكلفة بشرية ومادية باهظة.
وترى المصادر أنه لا قدرة للحزب على إعادة ترتيب أوضاعه للدخول مجدداً في مواجهة مع إسرائيل بذريعة الرد على خروقها، وهو الآن في حاجة لتوفير الضمانات لانسحابها تمهيداً لتطبيق القرار 1701، وإطلاق من لديها من أسرى لبنانيين، وهذا يبقى الشغل الشاغل للرؤساء الثلاثة بإصرارهم، في مفاوضات اللحظة الأخيرة مع برّاك، على إلزام إسرائيل بها، وبالتالي ليسوا في وارد التفريط بكل ما يعيد الاستقرار للبنان.
سلاح الموقف
تلاحظ المصادر أنه لم يعد لدى الحزب سوى سلاح الموقف للخروج التدريجي من الحصار الداخلي المفروض عليه من خصومه، وتحديداً الذين يتعاملون معه على أنه هُزم في حربه مع إسرائيل، ويطلبون منه تقديم تنازلات أبرزها تلك المتعلقة بالتعديلات المقترحة على قانون الانتخاب لخفض تمثيله النيابي في الانتخابات المقررة في ربيع 2026.
وفي المقابل، مفهوم جداً استياؤه من عدم اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بوضع مشروع لإعادة إعمار البلدات المدمرة، برغم انقضاء أكثر من أربعة أشهر على تشكيلها، وهذا ما يستدعي القلق لأنه يضع الحزب أمام ضغوط تطالبه بالإيفاء بتعهداته، في ظل تراجع قدراته المالية جرّاء الحصار المفروض عليه محلياً وخارجياً.
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال خطاب له مساء أمس الجمعة (إعلام حزب الله)
لكن المصادر تتوقف أمام قول قاسم إنه لن يسلم سلاحه لإسرائيل، وتتعامل معه على أنه يفتح الباب أمام تسليمه للجيش التزاماً منه بحصرية السلاح بيد الدولة، وإلا لما استثنى بموقفه هذا المؤسسة العسكرية التي تعاون معها بخروج مقاتليه من جنوب الليطاني، وموافقته على التخلص من بنيته وإنشاءاته العسكرية فيها التزاماً منه بتطبيق القرار 1701 على قاعدة بسط سيادة الدولة على جميع أراضيها.
وعليه، فإن القلق لا يزال يسيطر على الحزب مهما كابر قاسم وتنكّر لواقع الحال في البلد، ولم يعد له من خيار سوى وقوفه خلف رؤساء الجمهورية جوزيف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام دعماً للخطوط الحمر التي رسموها لأنفسهم في مفاوضاتهم مع برّاك التي أوشكت على نهايتها، وقاعدتها التمسك بالضمانات لإلزام إسرائيل القيام بخطوات مماثلة وصولاً لانسحابها الكامل من الجنوب.