هوكستين يحذر من بيروت: هدنة غزة لن تمتد تلقائياً إلى لبنان

الموفد الأميركي التقى المسؤولين وأكد العمل بالتنسيق مع الشركاء في العالم لتعزيز الاستقرار

بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الاثنين (أ.ب)
بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الاثنين (أ.ب)
TT

هوكستين يحذر من بيروت: هدنة غزة لن تمتد تلقائياً إلى لبنان

بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الاثنين (أ.ب)
بري مستقبلاً هوكستين في بيروت الاثنين (أ.ب)

حمل الموفد الأميركي آموس هوكستين «رسالة تهديد» إلى المسؤولين اللبنانيين بأن «الهدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان»، مؤكداً أن «التصعيد أمر خطير ولا شيء اسمه حرب محدودة».

ووصل هوكستين صباح الاثنين إلى بيروت، حيث استهل زيارته بلقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري لمدة ساعة ونصف الساعة، قبل أن يلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، وقائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط، ونواباً في المعارضة.

وقد وصفت مصادر نيابية في «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، اللقاء بـ«الأكثر جدية ووضوحاً». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «أبرز ما تطرق إليه الموفد الأميركي هو أن الجهد الذي يقوم بها ليس فقط أميركياً إنما بالتنسيق والتعاون مع شركاء دوليين»، مجددة التأكيد لأن «حجز الزاوية لكل هذه الجهود يبقى الوضع في غزة الذي يبقى المدخل لعودة الهدوء والاستقرار».

وفيما كان هوكستين واضحاً بتحذيره من أن «الهدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان»، قال بعد اللقاء: «أنا هنا من أجل الحض على الوصول إلى حل دبلوماسي ينهي العمليات الحربية على الحدود بين لبنان وإسرائيل»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بالعمل من أجل الوصول إلى حل طويل الأمد من خلال مسار سياسي، وهذا ما يمكن أن يسمح للنازحين اللبنانيين بالعودة إلى منازلهم، والأمر نفسه على الجانب الآخر من الحدود. والتصعيد لا يساعد في حل هذه الأزمة، ولا في مساعدة لبنان في إعادة البناء والتقدم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه».

هوكستين مدلياً بتصريح بعد لقائه بري في بيروت (إ.ب.أ)

وفي ما يعكس ربط مساعدة لبنان بالحل عند الحدود الجنوبية، قال هوكستين: «سيكون هناك دعم دولي للبنان يشمل اقتصاده وجيشه، لكن هذا لا يمكن أن يبدأ إلا عندما نتمكن من التوصل إلى نقطة للمضي قدماً»، مؤكداً ضرورة تغيير «الصيغة الأمنية على طول الخط الأزرق من أجل ضمان أمن الجميع». ورأى أن «وقف إطلاق النار غير كاف، وكذلك الحرب المحدودة لا يمكن احتواؤها، مجدداً التأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية تؤمن بأن الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لوضع حد للعمليات الحربية القائمة، وبالتالي الوصول إلى الاستقرار الطويل الأمد، ومن حق الجميع العيش بأمان واستقرار».

وختم هوكستين بالقول إن «ما نقوم به ليس جهداً أميركياً منفرداً... إننا نعمل مع شركائنا في العالم لخلق فرصة تعزز الاستقرار والازدهار للبنان وشعبه ومؤسساته ولاقتصاده».

لقاء المعارضة

وبعد لقاء هوكستين مع نواب المعارضة في مجلس النواب، قال رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل: «لا نملك تفويضاً (للكشف) عمّا عرضه و(المجالس بالأمانات)، لكنه يعمل على طرح لوقف الحرب في الجنوب، ونأمل أن يصل إلى نتيجة، لكن علينا أن نذكّر الجميع بأن هذا (المعارك على الحدود بين «حزب الله» وإسرائيل) لا يجب أن يحصل على حساب الدولة وسيادتها، وأن يسلّم مستقبل الشعب اللبناني للآخرين». وذكّر الجميل أيضاً بأن «القرار 1701 يتضمن تأكيدنا على تطبيق القرار 1559 الذي يؤكد بدوره على ضرورة توحيد السلاح بيد الجيش وألا يكون هناك سلاح بيد ميليشيا، وهذا أحد شروط الاستقرار وقيام الدولة».

من جهته، قال عضو كتلة «لبنان القوي» (القوات اللبنانية) النائب جورج عدوان إن المجتمعين أبلغوا هوكستين أن «علينا أن نتعاون لتطبيق القرار 1701 ودعم الجيش اللبناني في حفظ الأمن على الحدود».

من جانبه، أكد النائب ميشال معوض أن «الهدف يبقى حماية لبنان كيلا ينجرّ إلى توسّع الحرب»، مشدداً على «التأسيس لاستقرار طويل الأمد والوصول إلى حلول جدية عبر تطبيق القرار 1701».

ويأتي موقف هوكستين لجهة عدم ربط التهدئة بلبنان بوقف إطلاق النار في غزة، بينما يربط فيه «حزب الله» التهدئة في الجنوب بتأكيد الجانب الإسرائيلي على فصل الجبهتين.

المبعوث الأميركي آموس هوكستين قبيل لقائه رئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)

وهو ما لفت إليه أخيراً وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بالقول إن «إسرائيل لن توقف عملياتها ضد (حزب الله) حتى لو توصلت لاتفاق هدنة مع حركة (حماس) في قطاع غزة».

والاثنين، كرر «حزب الله» موقفه على لسان نائب الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، قائلاً: «من أراد أن يكون وسيطاً، عليه أن يتوسط لإيقاف العدوان، لا أن يتوسط لمنع المساعدة من قبل (حزب الله)».

وأضاف قاسم، في كلمة متلفزة خلال مؤتمر حضره عدد من القوى والأحزاب الداعمة لفلسطين: «أوقفوا العدوان على غزة، تتوقف الحرب في المنطقة. هذه المعادلة أصبحت واضحة».

كذلك كان لافتاً الموقف الذي صدر عن المكتب السياسي لـ«حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، قبيل لقاء الأخير هوكستين، رافضة «فرض مناخات ضاغطة على زيارة الموفد الأميركي» من خلال التصعيد الإسرائيلي على الحدود.

وقف حرب الإبادة

وجاء في بيان صادر عن المكتب السياسي لـ«أمل» (برئاسة بري): «في ظل سياسة التدمير الممنهج للقرى الحدودية اللبنانية، وتعبيراً عن فشل جيشها على خط المواجهة مع المقاومة الباسلة، تدفع العصابات الحاكمة في الكيان الصهيوني الأمور نحو مزيد من التصعيد عبر محاولة الاستطلاع بالنار باختراق الحدود، تسللاً تحت جنح الظلام، لفرض مناخات ضاغطة على زيارة الموفد الأميركي إلى بيروت لتحصيل ما عجزت عنه في الميدان في سياسات التهويل والابتزاز».

وأضاف البيان أن «(حركة أمل)، تؤكد أن أي محاولة للاعتداء على الأراضي اللبنانية سيواجهها جميع المقاومين، ولن تجدي سياسات الإملاءات والضغوط بالنار في فرض وقائع سياسية في ما يخص وطننا لبنان، لا على الحدود ولا في الداخل». وأوضحت أن «الموقف اللبناني واضح ويتجلى بكبح جماح العدوانية الصهيونية، وإجبار العدو على الانسحاب من كل أراضينا المحتلة دون قيد أو شرط، وإلزامه بالتنفيذ الفعلي والجدي للقرار 1701، وإبقاء عناوين الملف اللبناني الداخلي شأناً لبنانياً يعالج عبر الحوار فيما بين اللبنانيين، وأن على من يبذلون الجهد من أجل الحلول السياسية، العمل على إيقاف ما يجري من حرب إبادة جماعية، وجرائم حرب، وتجويع لأهالي غزة، لكسر إرادة صمودهم ومقاومتهم الأسطورية، التي فضحت عجز آلة الحرب الإسرائيلية المستندة في إجرامها إلى التواطؤ الدولي والإقليمي، والصمت المشين الذي لن تجمله مشاهد الإنزال الاستعراضي لفتات المؤن للجائعين».

كتاب إلى هوكستين

في المقابل، وجّه «لقاء سيدة الجبل» و«المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» إثر اجتماع لهما، كتاباً مفتوحاً إلى المبعوث الأميركي، متحدثين فيه عن «احتلال لبنان من قبل جماعة مسلحة تأتمر بأوامر الحرس الثوري الإيراني، وبأن الحكومة اللبنانية الحالية والمجلس النيابي الحالي يخضعان لإرادة الهيمنة الإيرانية».

وقال المجتمعون إن «التفاوض مع (حزب الله) بالواسطة أو مباشرة، لا يساهم في تحقيق الاستقرار في لبنان والشرق الأوسط. وتبادل المصالح بين الحزب وإسرائيل لن يؤدي إلى السلام كما تأملون، بل إلى المزيد من عدم الاستقرار من خلال تقويض أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها التي أمعن الحزب في تدميرها، وخير دليل نسفه كل محاولات انتخاب رئيس للجمهورية مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لسائر المؤسسات وانتظام عملها».

ولفت الكتاب أيضاً إلى «أن الحكومة اللبنانية الحالية والمجلس النيابي الحالي يخضعان لإرادة الهيمنة الإيرانية ويعملان وفق أجندة (حزب الله) بفعل التواطؤ من جهة، والترهيب من جهة أخرى، والعجز من جهة ثالثة، ولن يكون هناك استقرار، ولا حل مستدام لأزمة لبنان التي عمل الحزب على ربطها بأزمات المنطقة من اليمن إلى العراق مروراً بسوريا وغزة، إلا باستعادة سيادة الدول الوطنية التي رهنها الحزب لمحور الممانعة بقيادة إيران».

وعبّر المجتمعون عن رفضهم «لما حدث ويحدث في الجنوب، من تهجير وتدمير ممنهج لمقومات العيش الكريم لأهلنا الجنوبيين، نطالب الولايات المتحدة، بوصفها دولة صديقة للبنان، وبما لها من دور رئيسي في اقتراح ورعاية القرارات الدولية المتصلة بالشأن اللبناني، 1559، و1680، و1701، بالعمل على تطبيق تلك القرارات الدولية التي تدعم الشعب اللبناني في نضاله لاستعادة استقلاله، والضغط الجدّي على إيران لتحرير القرار الوطني اللبناني».


مقالات ذات صلة

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري وعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني في بيروت (أ.ب)

لاريجاني: رسالة خامنئي إلى الأسد وبري ستغيّر المعادلة

توقع مسؤول إيراني بارز تغيّر المعادلة في الشرق الأوسط بعد رسالة المرشد علي خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا.

«الشرق الأوسط» (طهران)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً بين مختلف أطياف الساحة السياسية في إسرائيل، ولكن على المدى البعيد، لا يبدو هذا الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء.

وأضافت أنه كلما تم تصوير نتنياهو على أنه منبوذ دولياً، بدا أن كثيراً من الإسرائيليين يحتضنونه على الرغم من الاستقطاب الداخلي العميق.

وقال المحللون إنه من المرجح أن يتجمع معظم الإسرائيليين حول رفض نتنياهو قرار المحكمة، الذي ندد به بوصفه «معادياً للسامية».

وذكر ميتشل باراك، وهو خبير استطلاعات رأي عمل مساعداً لنتنياهو في التسعينات: «هذا يساعده». ووصفه بأنه «الرجل الوحيد الذي يقف ضد كل الشر في العالم».

وقال باراك: «إن هذا يحوله إلى الضحية التي يحب أن يكونها، والشخص الذي يقاتل من أجل حقوق إسرائيل»، مضيفاً أن الإسرائيليين كانوا موحَّدين إلى حد كبير في دعمهم للحرب.

وجاءت مذكرة الاعتقال في الوقت الذي تآكلت فيه صورة نتنياهو المحلية في الأشهر الأخيرة، ومع ازدياد اللوم الدولي على الأزمة الإنسانية في غزة، حيث قُتل أكثر من 44 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين.

وانخفضت ثقة الإسرائيليين في قيادة نتنياهو، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنَّته حرك «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واتهمه كثير من الإسرائيليين بإطالة أمد الحرب في غزة لأسباب سياسية: للحفاظ على ائتلافه الحاكم اليميني، والبقاء في السلطة حتى مع معركته ضد اتهامات الفساد.

ووفقاً لمسؤول حكومي إسرائيلي متقاعد، أخيراً، عمل على قضايا تتعلق بالشؤون الدولية لإسرائيل لسنوات، وطلب عدم الكشف عن هويته، فمن المحتمل أيضاً أن نتنياهو لا يقلق بسبب أوامر الاعتقال، لأمر واحد، لأن الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأكثر أهمية، رفضت القضية ضد القادة الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الدولية ولا تعترف بولايتها القضائية في إسرائيل أو غزة.

وقالت الصحيفة إن عدداً قليلاً من الإسرائيليين أعربوا علناً عن تعاطفهم مع المدنيين في غزة، وألقوا باللوم على «حماس» في معاناتهم. ومع تجنيد معظم الشباب، يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في تصور الجنود مجرمي حرب.

ويدرك الإسرائيليون أنه لا يزال من الممكن إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد الضباط والجنود، مما يزيد من عدائهم للمحكمة، ولكن في الوقت نفسه فإنهم معزولون، إلى حد كبير، عن العداء لإسرائيل في الخارج.

وحتى خصوم نتنياهو السياسيين يقولون ما يبدو أن معظم الإسرائيليين يفكرون فيه، حيث كتب يائير لبيد، زعيم المعارضة، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس: «تدافع إسرائيل عن حياتها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا»، مضيفاً: «أوامر الاعتقال مكافأة للإرهاب».

وتأتي أوامر الاعتقال في وقت مضطرب، يعيشه نتنياهو وإسرائيل، التي على وشك التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بشأن الصراع مع «حزب الله» في لبنان، في حين لا يزال نحو 100 رهينة، من المفترض أن يكون ثلثهم على الأقل قد لقوا حتفهم، في غزة.

وأقال نتنياهو، أخيراً، يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع؛ بسبب الخلافات حول استمرار الحرب في غزة والسياسات الداخلية؛ مما أدى إلى تقويض الثقة في الحكومة.

كما تعرَّض مكتب نتنياهو للتدقيق بشكل متزايد بشأن سلسلة من التحقيقات التي ركزت على سوء التعامل مع المواد الاستخباراتية.

ويوم الخميس، اتهم المدعون الإسرائيليون أحد مساعديه بتسريب معلومات سرية عن «حماس» بطريقة يقول المدعون إنها من المرجح أن تضر بالأمن القومي، وتضع الناس في خطر يهدد حياتهم في وقت الحرب.

وفي الشهر المقبل، من المتوقع أن يقف نتنياهو في محاكمة بعدما وُجِّهت إليه اتهامات بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، في 3 قضايا منفصلة ولكنها مترابطة يتم الاستماع إليها بالتوازي.

وقد نفى ارتكاب أي مخالفات في القضايا التي تركز على اتهامات بأنه رتب خدمات لرجال أعمال مقابل هدايا، وتغطية إخبارية متعاطفة له ولأسرته.

وحرصاً على تجنب أي لوم شخصي تجاه نتنياهو على تلك الإخفاقات، ومع اقتراب الوقت المناسب للإدلاء بشهادته في قضايا الفساد، ضاعف أنصاره هجماتهم ضد النظام القضائي الإسرائيلي وربما شجعهم فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ذلك، فقد تغذوا على فكرة أن نتنياهو يتعرَّض للاضطهاد من قبل القوى الليبرالية في الداخل والخارج.

ويتوقع الإسرائيليون أن تكون إدارة ترمب الجديدة أكثر استيعاباً للحكومة الإسرائيلية، الأكثر يمينية ومحافظة دينياً في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي الواسع النطاق لقرار إصدار أوامر الاعتقال، فإن التعاطف مع نتنياهو قد يتضاءل في الأمد البعيد، كما يقول بعض المحللين.

نتنياهو وغالانت خلال مؤتمر صحافي سابق في قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب (رويترز)

وقال باراك، خبير استطلاعات الرأي، إن كون المرء «شخصية دبلوماسية غير مرغوب فيها» ليس مظهراً جيداً لرئيس الوزراء، خصوصاً أن مكانة نتنياهو الدولية الضخمة كانت ذات يوم واحدة من دعاياته الانتخابية.

ولا يواجه نتنياهو وغالانت أي خطر للاعتقال في إسرائيل بسبب أوامر الاعتقال. ومع ذلك، يمكن احتجازهما إذا سافرا إلى إحدى الدول الأعضاء في المحكمة، البالغ عددها 124 دولة، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس الولايات المتحدة.

وحتى السفر جواً إلى الولايات المتحدة قد يكون محفوفاً بالمخاطر إذا احتاج شخص ما على متن الطائرة، على سبيل المثال، إلى علاج طبي عاجل، مما يضطره إلى الهبوط اضطرارياً في الطريق.

وفي إشارة إلى القيود الجديدة على قدرة نتنياهو على السفر إلى الخارج، قال باراك: «لا يمكنك أن تكون رئيس وزراء على تطبيق زووم».