«من سيقول لي ماما؟»... صرخة أم فقدت رضيعيها التوأمين بغارة في غزة

رانيا أبو عنزة تنتحب بعد مقتل طفليها الرضيعين بغارة إسرائيلية جوية اليوم (أ.ف.ب)
رانيا أبو عنزة تنتحب بعد مقتل طفليها الرضيعين بغارة إسرائيلية جوية اليوم (أ.ف.ب)
TT

«من سيقول لي ماما؟»... صرخة أم فقدت رضيعيها التوأمين بغارة في غزة

رانيا أبو عنزة تنتحب بعد مقتل طفليها الرضيعين بغارة إسرائيلية جوية اليوم (أ.ف.ب)
رانيا أبو عنزة تنتحب بعد مقتل طفليها الرضيعين بغارة إسرائيلية جوية اليوم (أ.ف.ب)

تنتحب رانيا أبو عنزة وهي تحمل طفليها الرضيعين المكفنين متسائلة: «من سيقول لي ماما؟» بعدما قتلا في غارة جوية، اليوم (الأحد)، إلى جانب 14 من أقاربها، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

بحرقة توضح الأم الثكلى أنها أنجبتهما بعد 10 سنوات خاضت خلالها محاولات تلقيح عدة وزراعة داخل الرحم، لتحقق حلمها في أن تصبح أماً. وتضيف: «زرعوا لي 3 أجنة، بقي منهم اثنان، وها هما ذهبا».

وتردد الأم المفجوعة، وهي تحمل الرضيعين المكفنين، فيما الدماء تغطي وجه أحدهما: «من سيقول لي ماما؟ من سيقول لي ماما؟».

واستهدفت الغارة، التي كان الرضيعان وسام ونعيم أبو عنزة البالغان 6 أشهر من بين ضحاياها الـ14، حي السلام في مخيم رفح للاجئين في جنوب قطاع غزة، وفق وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».

وتقول الأم: «بعد 10 أيام كانا سيتمّان 6 أشهر. قصفوا الدار، زوجي استشهد، وأولادي استشهدوا، والعيلة استشهدت. مجزرة». وتشير أبو عنزة إلى أن عدداً من أفراد العائلة ما زالوا تحت الأنقاض.

رانيا أبو عنزة تبكي بعد مقتل طفليها الرضيعين بغارة إسرائيلية جوية اليوم (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة منذ بدء الحرب إلى 30410 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال.

واندلعت الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم شنّته «حماس» على جنوب إسرائيل، أودى بأكثر من 1160 شخصاً.

كذلك، احتُجز 250 شخصاً رهائن، واقتيدوا إلى قطاع غزة، لا يزال 130 منهم في الأسر وفق إسرائيل التي تُرجّح مقتل 31 منهم في القطاع.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي فوراً على طلب الوكالة التعليق على الغارة في رفح عند الحدود مع مصر.

«كلهم أطفال ورضع»

وفيما كانت أبو عنزة تودع طفليها، تواصلت في منزل العائلة، الذي تحولت طبقاته الأربع إلى ركام، محاولات إنقاذ من هم تحت الأنقاض. ويعكف الرجال المشاركون في عمليات الإنقاذ إلى مناداتهم بأسمائهم «سجى، أحمد، يزن».

تقول إسرائيل إن حملتها تهدف إلى القضاء على نشطاء «حماس»، لكن شحدة أبو عنزة ابن شقيق صاحب المنزل يؤكد على أن «كلهم مدنيون، لا يوجد أي عسكري». ويوضح: «عند الساعة 11:30 فجأة صاروخ فجّر الدار كلها، كلهم أطفال ورضع».

أما عرفات أبو عنزة فبدا محبطاً من عدم توافر المعدات لإنقاذ السكان.

ويقول: «صار الوقت نهاراً، ولم نستطع إخراج أحد، نحاول البحث عن أحد بين ركام الطبقات الأربع».

ونزح نحو 1.5 مليون فلسطيني إلى رفح، ما يثير مخاوف من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا إذا ما مضت إسرائيل في مخططها بتنفيذ هجوم بري.

ويأمل الوسطاء أن يتم التوصل إلى هدنة ووقف القتال قبل حلول شهر رمضان في 10 مارس (آذار) أو 11 منه.

في هذا الإطار، وصل ممثلون للولايات المتحدة وقطر و«حماس» إلى القاهرة لاستئناف المباحثات بشأن هدنة، وفق ما أفادت به قناة تلفزيونية مصرية اليوم.

وأكد مسؤول كبير في «حماس» للوكالة أن الحركة أرسلت وفداً إلى القاهرة.

لكن بالنسبة لرانيا أبو عنزة، فإن الهدنة إن حصلت فستأتي متأخرة، ولن تعني لها شيئاً بعد سقوط طفليها وزوجها.

وتروي الأم المكلومة أنه بعد الغارة «بدأت بالمناداة أولادي أولادي، ووصل رجال فقلت لهم ابحثوا لي عن أولادي، فقالوا لي أولادك راحوا».


مقالات ذات صلة

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل 10 فلسطينيين بضربة إسرائيلية على قطاع غزة

قال مسعفون إن 10 فلسطينيين على الأقل قُتلوا، اليوم (الأربعاء)، في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطيني يجلس إلى جانب جثمان قريب له قُتل في غارة إسرائيلية على مستشفى المعمدان 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

منظمة الصحة العالمية: الظروف في مستشفى كمال عدوان بشمال غزة «مروعة»

أعلنت منظمة الصحة العالمية، الاثنين، أن فريقاً إنسانياً زار خلال نهاية الأسبوع مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة ووجد ظروفاً «مروعة».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على ضحايا سقطوا بغارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (رويترز)

مقتل 22 فلسطينياً بغارات إسرائيلية على غزة

ارتكبت القوات الإسرائيلية مجازر جديدة في قطاع غزة، إذ قتلت 22 فلسطينياً على الأقل، معظمهم في شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة – لندن)
خاص طفل يجمع الخردة من مكبّ جنوب غزة (أ.ف.ب)

خاص أهالي غزة بين ثالوث الجوع والفقر والمرض... والعالم يحصي «العقود الضائعة»

«الشرق الأوسط» ترصد واقع الأهالي بقطاع غزة المنكوب، وتتحدث مع النازحين والمسؤولين الأمميين والمتطوعين، وتحصي الخسائر الاقتصادية والبشرية بعد 14 شهراً من الحرب.

لمياء نبيل (القاهرة)

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)
ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني، وأصابوا ضحايا آخرين في هجوم داخل المخيم، ما يذكّر بفترة الاقتتال الداخلي في قطاع غزة الذي راح ضحيته مئات الفلسطينيين برصاص فلسطيني.

وقتل مسلحون في المخيم في اشتباكات ضارية، الأحد، مساعد أول، ساهر فاروق جمعة أرحيل، أحد عناصر الحرس الرئاسي، وأصابوا 2 آخرين، في ذروة المواجهات التي تشتد يوماً بعد يوم، كلما تعمّقت السلطة داخل المخيم الذي تحول منذ سنوات الانتفاضة الثانية إلى مركز للمسلحين الفلسطينيين، ورمزاً للمقاومة والصمود.

وتستخدم السلطة قوات مدربة وآليات مجهزة ومدرعات مسلحة برشاشات وأسلحة حديثة وكلاباً بوليسية لكشف المتفجرات وقناصة، بينما يستخدم المسلحون أسلحة رشاشة وعبوات ناسفة وسيارات مفخخة، في مشهد لا يحبّذه الفلسطينيون، ويُشعرهم بالأسوأ.

 

آثار طلقات نار على برج مراقبة تابع للسلطة الفلسطينية بعد الاشتباكات بين قوات الأمن الفلسطينية ومسلحين في مخيم جنين (د.ب.أ)

«رفض الانفلات»

شدد مسؤولون في حركة «فتح» على أهمية الوحدة الوطنية، وتجنُّب الفتن وضرب السلم الأهلي. وقال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح إن الوحدة الوطنية والتماسك الشعبي ضروريان لمواجهة مخططات الاحتلال وكل الأجندات الخارجية، داعياً الفلسطينيين إلى الابتعاد عن الفتن، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التهديد الوجودي لشعبنا فوق أرض وطنه. ودعا عضو مجلس ثوري «فتح» عبد الله كميل «الجميع إلى اتخاذ موقف وطني مشرِّف في رفض الانفلات». وحذر عضو مجلس ثوري «فتح» تيسير نصر الله من استمرار الجهات الخارجة على القانون في ضرب السلم الأهلي، واتهم آخرون الجماعات المسلحة بمحاولة تنفيذ انقلاب في مناطق السلطة.

وبدأت السلطة قبل أكثر من أسبوعين عملية واسعة في جنين ضد مسلحين في المخيم الشهير، في بداية تحرُّك هو الأقوى والأوسع من سنوات طويلة، ويُفترض أن يطول مناطق أخرى، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة. وأكد الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، الأحد، أن الأجهزة الأمنية ستُطبِّق القانون في مختلف أنحاء المحافظات الشمالية (الضفة الغربية)، وستلاحق الخارجين على القانون، لفرض النظام والأمن. ونعى رجب، خلال لقاء مفتوح مع عدد من الإعلاميين والصحافيين، في جنين المساعد أول أرحيل الذي قُتل في جنين، وقال إن قتله لن يزيد السلطة إلا إصراراً على على ملاحقة الخارجين على القانون. ووصف رجب قتلة عنصر الأمن بأنهم فئة ضالة، يتبعون جهات لم تجلب لفلسطين إلا الدمار والخراب والقتل، حيث وظفتهم لخدمة مصالحها وأجندتها الحزبية. وأضاف: «نحن مستمرون، ولا نلتفت إلى إسرائيل وأميركا والمحاور ولا للشائعات. ماضون ودون هواة حتى فرض السيادة على كل سنتيمتر تحت ولاية السلطة».

وجاءت تصريحات رجب لتأكيد خطاب بدأته السلطة قبل العملية، باعتبار المسلحين داخل المخيم وكثير منهم يتبع حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» «متطرفين وداعشيين يتبعون أجندات خارجية»، لكن المسلحين ينفون ذلك، ويقولون إنهم «مقاتلون ضد إسرائيل»، ولذلك تريد السلطة كبح جماحهم باعتبارها «متعاونة مع إسرائيل». وقتلت السلطة خلال العملية مسلحين، واعتقلت آخرين، بينما تواجه سيلاً من الاتهامات «بالاستقواء على المسلحين، بدلاً من إسرائيل ومستوطنيها».

وتجري الاشتباكات في حارات وشوارع المخيم وعبر القناصة على أسطح المنازل، ما حوّل المخيم إلى ساحة قتال حقيقي.

وأطلقت السلطة حملتها على قاعدة أن ثمة مخططاً لنشر الفوضى في الضفة الغربية وصولاً إلى تقويض السلطة، وإعادة احتلال المنطقة. وخلال عام الحرب على غزة، هاجمت الرئاسة وحركة «فتح»، إيران أكثر من مرة، واتهمتها بالتدخل في الشأن الفلسطيني، ومحاولة جلب حروب وفتن وفوضى.

تأثير التطورات في سوريا

بدأت الحملة الفلسطينية في جنين بعد أيام من تحذيرات إسرائيلية من احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، تحت تأثير التطورات الحاصلة في سوريا (انهيار نظام الأسد) ضمن وضع تعرفه الأجهزة بأنه «تدحرج حجارة الدومينو». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) أمر شخصياً بتنفيذ العملية الواسعة، بعد سقوط النظام في سوريا. وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، أدركت السلطة الفلسطينية أن مشهد سيارات التندر وبنادق «الكلاشينكوف» التي خرجت من إدلب ودخلت دمشق بعد أيام يمكن أن ينعكس بشكل خطير على الوضع في الضفة الغربية.

وتعد إسرائيل ما يحدث في جنين «اختباراً مهماً لعباس»، ويقولون إنه يعكس كذلك قدرة السلطة على حكم قطاع غزة المعقّد في وقت لاحق. وقال مسؤول أمني إسرائيلي: «كل دول المنطقة والمنظمات الإرهابية تنظر إلى جنين. إذا لم يتمكن أبو مازن من التغلب على 50 مسلحاً في جنين، فسيكون هناك من سيقول دعونا نقم بانقلاب. الوضع خطير الآن».

ونشر الجيش الإسرائيلي قبل أيام قليلة، قوات قائلاً إنه يدعم توصيات سياسية بتقوية السلطة. وقال مسؤولون إن الجيش الإسرائيلي يدعم الجهود الرامية إلى زيادة التنسيق والتعاون مع السلطة الفلسطينية، ويأمل الجيش في تشجيع السلطة الفلسطينية على مواصلة تنفيذ عمليتها في جنين وفي مناطق أخرى في الضفة، لكن السلطة الفلسطينية ترفض ربط العملية في جنين، بأي توجيهات إسرائيلية أو أميركية، أو أي مصالح مشتركة.

«حملة فلسطينية خالصة»

قال رجب إن الطلبات الأميركية بدعم السلطة قديمة، وهو حق مشروع وليس مرتبطا أبداً بما يجري في جنين. وأضاف أن حملة «حماية وطن» التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في جنين ومخيمها، هي فلسطينية خالصة، وتستند إلى رؤية أمنية وسياسية فلسطينية، لحماية مصالح شعبنا وقضيتنا الوطنية. وتابع: «ندرك التحولات في المنطقة وما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة إسرائيلية، ومحاولة إعادة رسم الوضع الجغرافي والديموغرافي في القطاع بما يخدم الاحتلال، ومن هنا كانت رؤية القيادة لعدم الوصول إلى ما يريده الاحتلال من جرِّنا لمربع المواجهة الشاملة، وهو ما يستدعي فرض النظام والقانون، وبسط السيادة الفلسطينية».