قال مسؤول استخباراتي سوداني كبير، إن السودان رفض طلباً بإنشاء قاعدة بحرية لطهران على ساحل البحر الأحمر، وهو الأمر الذي كان سيسمح لإيران بمراقبة حركة المرور البحرية بأحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم.
وقال المسؤول الاستخباراتي أحمد حسن محمد، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن «إيران زودت الجيش السوداني بطائرات مُسيَّرة متفجرة لاستخدامها في قتاله ضد المتمردين، وعرضت تقديم سفينة حربية تحمل مروحية له إذا منحها الإذن بإقامة القاعدة».
وأضاف محمد: «قال الإيرانيون إنهم يريدون استخدام القاعدة لجمع المعلومات الاستخبارية. لقد أرادوا أيضاً وضع سفن حربية هناك؛ لكن الخرطوم رفضت هذا الاقتراح الإيراني».
ومن شأن وجود قاعدة بحرية على البحر الأحمر، أن يسمح لطهران بتشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم؛ حيث تساعد الحوثيين المتمركزين في اليمن على شن هجمات على السفن التجارية.
وتقول إيران والحوثيون إن الهجمات تهدف إلى معاقبة إسرائيل وحلفائها على القتال في غزة.
وكانت للسودان علاقات وثيقة مع إيران وحليفتها الفلسطينية «حماس» في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير. وبعد الإطاحة بالبشير في انقلاب عام 2019، بدأ رئيس المجلس العسكري في البلاد، الجنرال عبد الفتاح البرهان، تقارباً مع الولايات المتحدة في محاولة لإنهاء العقوبات الدولية. كما تحرك لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ويسلط طلب إيران بناء هذه القاعدة البحرية الضوء على كيفية سعي دول إقليمية للاستفادة من الحرب الأهلية المستمرة منذ 10 أشهر في السودان، للحصول على موطئ قدم في البلاد التي تعد مفترق طرق استراتيجياً بين الشرق الأوسط ودول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث تمتلك ساحلاً على البحر الأحمر يبلغ طوله 400 ميل.
ويقاتل الجيش السوداني «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية، بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي. وأدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وتشريد الملايين، وتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وقال محمد: «اشترى السودان طائرات مُسيَّرة من إيران؛ لأننا كنا بحاجة إلى أسلحة أكثر دقة لتقليل الخسائر في الأرواح البشرية واحترام القانون الإنساني الدولي».
وساعدت هذه المُسيَّرات المتفجرة البرهان على تحقيق بعض الانتصار، بعد الخسائر التي تكبدها من «قوات الدعم السريع»، وفقاً لمسؤولين إقليميين ومحللين يتابعون القتال.
وفي الأسابيع الأخيرة، استعادت الحكومة السيطرة على مناطق مهمة في الخرطوم وأم درمان.
واتهمت إدارة الرئيس الأميركي جون بايدن كلاً من الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» بارتكاب جرائم حرب. وتتهم الولايات المتحدة «قوات الدعم السريع» أيضاً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاغتصاب والتطهير العرقي في منطقة دارفور بغرب السودان.
وانتقد مسؤولو الأمم المتحدة الجيش السوداني بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية، وحرمان المدنيين السودانيين من المساعدات الإنسانية التي هم في أمَس الحاجة إليها. كما اتهمت وكالات الأمم المتحدة «قوات الدعم السريع» بارتكاب فظائع، بما في ذلك الهجمات ذات الدوافع العرقية في دارفور.
ونفى كل من الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» اتهامات الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وفي فبراير (شباط)، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الجيش السوداني. وقال جون جودفري، سفير الولايات المتحدة لدى السودان في ذلك الوقت، إن التقارير عن المساعدات الإيرانية للخرطوم «مقلقة للغاية».