شهدت السويداء جنوب سوريا، الأربعاء، تصعيداً في الاحتجاجات المستمرة منذ شهور، على خلفية مقتل شخص متأثراً بإصابته برصاص تردد أن قوات الأمن أطلقته بشكل عشوائي، وأصاب اثنين من المحتجين. فيما قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه لا يحق لأحد أن يهاجم الرموز التاريخية.
وأفاد ناشطون بتجمع عشرات المحتجين، صباح الأربعاء، في محيط صالة السابع من نيسان، وسط مدينة السويداء التي تضم مركزاً «للتسوية الأمنية».
وقال موقع «السويداء 24» إن الاحتجاجات جاءت «استنكاراً لتلك التسوية المزعومة، ورفضاً للخضوع والإذعان»، بحسب نص الدعوة التي أطلقتها فعاليات الحراك في السويداء، يوم الثلاثاء.
وقام المحتجون باقتحام مقار الشعب الحزبية، وإعلان رفض أي سيطرة للبعث على القطاعات الحكومية. كما منعوا أعضاء «حزب البعث» من حضور مؤتمر نقابة المهندسين الزراعيين.
وبعد إعلان وفاة المتظاهر جواد الباروكي متأثراً بإصابته بطلق ناري في الصدر أمام مركز التسويات «صالة السابع من نيسان»، دعا الرئيس الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري خلال لقاء حشد من المحتجين إلى تشييع الباروكي «شهيداً للواجب»، واصفاً قاتليه بأيادي الغدر، ومشدداً على ضرورة الحفاظ على المسار السلمي للحراك، وأن الفاعل بما فعل، وفق موقع «السويداء 24».
#شاهد: فيديو يوثق لحظة إطلاق النار وإصابة المتظاهر جواد الباروكي، الذي فارق الحياة لاحقاً، امام مركز التسويات "صالة السابع من نيسان" في مدينة السويداء اليوم الأربعاء. pic.twitter.com/Yv9f5gWUWr
— السويداء 24 (@suwayda24) February 28, 2024
وتصاعدت الاحتجاجات في السويداء بالتوازي مع بدء الانتخابات الحزبية تمهيداً لانتخابات اللجنة المركزية في حزب «البعث» الحاكم، التي انطلقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما عقد الرئيس الأسد اجتماعاً مع اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، للحديث عن «استقلالية اللجنة وحيادها المطلق في أداء مهامها خلال كل مراحل المسار الانتخابي»، وفق ما أظهرته النقاشات التي بثت في وسائل الإعلام الرسمية.
كما عقد اجتماعاً آخر في يناير (كانون الثاني) الماضي، أكد خلاله الأسد أن «نجاح تجربة الإشراف على الانتخابات ستبنى عليه استحقاقات مقبلة».
وفي لقاء عقده الرئيس، الخميس الماضي، مع مجموعة من المثقفين والأكاديميين والكتّاب البعثيين، جرى حوار مفتوح لأكثر من ثلاث ساعات، ناقش الانتخابات الحزبية الجارية، ودور حزب «البعث» في بناء المجتمع والدولة لتجاوز آثار الحرب. بحسب ما أظهرته مقاطع فيديو من الحوار بثها الإعلام الرسمي، وركز الأسد فيها على أن «النقطة الأهم في الانتخابات الحالية، هي كيف سنعكس تجربة الانتخابات في المرحلة اللاحقة».
مصادر متابعة لفتت إلى أن دمشق تولي أهمية خاصة للترويج للانتخابات الحزبية التي ترافق انطلاقها مع تغييرات في الأجهزة الأمنية، لتكون رسالة تؤكد جديتها في التعاطي مع متطلبات التقارب العربي، وتخفيف الضغوط الدولية؛ إذ يتم التركيز على إطلاق عملية «تطوير» وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وإعادة تأهيل لحزب «البعث» بوصفه حزباً حاكماً، بعد تراجع دوره جهةً وصائية، لصالح تنامي نفوذ الأجهزة الأمنية وانقسام تبعيتها ما بين الحليفين الروسي والإيراني.
ووصفت المصادر إعادة تأهيل حزب «البعث» بعملية «إعادة إعمار بناء مدمر دون امتلاك المستلزمات الأساسية»، بعد أن فقد الحزب، ومنذ عقود، حضوره بوصفه مرجعيةً وقوة سياسية فاعلة، وتحول مع الزمن إلى دكاكين لتحصيل المكاسب، والوصول إلى المناصب، قبل أن تحوله الحرب إلى ميليشيا رديفة هرمة تفقد وظيفتها بعد توقف الحرب.
الرئيس السوري بشار الأسد قال إنه «في كل مجتمع يجب أن تكون هنالك رموز تاريخية ووطنية، ولا يحق لأحد أن يهاجم الرموز التاريخية».
وأضاف خلال لقائه، الأربعاء، المشاركين في مخيم الشباب السوري - الروسي، أن «ما يحصل في أوكرانيا يشبه تماماً ما حصل في سوريا، اليوم نتشارك في مواجهة نفس الأعداء ونفس الأكاذيب، يعتدي النازيون الجُدد في أوكرانيا على المدنيين وتُتَّهم روسيا، وما حصل في سوريا يُشبه ذلك تماماً». مؤكداً أنه «لو لم يتخذ الرئيس بوتين القرار بمحاربة الإرهاب في سوريا لزاد عدد الإرهابيين أضعافاً مضاعفةً في روسيا»، ورأى أن الرئيس الروسي بإرساله الطائرات الروسية إلى سوريا «كان يحمي روسيا وشعبها أولاً وقبل كل شيء».
مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسد وجّه بكلامه رسالة غير مباشرة للمحتجين حول دور حزب «البعث»، لا سيما الذين يقتحمون مقراته ويعبثون بالمحتويات ويمزقون صور رموزه، وهو ما يجري في السويداء منذ أشهر بأنه «لا يحق لأحد مهاجمة الرموز التاريخية».