أطباء في غزة: المرضى يصرخون لساعات طويلة بسبب نقص المسكنات

أكدوا أن الوضع الصحي الحالي هو «الأسوأ منذ بداية الحرب»

أشخاص يتفقدون الأضرار في غرفة عقب القصف الإسرائيلي على مستشفى «ناصر» في خان يونس بجنوب قطاع غزة في 17 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الأضرار في غرفة عقب القصف الإسرائيلي على مستشفى «ناصر» في خان يونس بجنوب قطاع غزة في 17 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

أطباء في غزة: المرضى يصرخون لساعات طويلة بسبب نقص المسكنات

أشخاص يتفقدون الأضرار في غرفة عقب القصف الإسرائيلي على مستشفى «ناصر» في خان يونس بجنوب قطاع غزة في 17 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
أشخاص يتفقدون الأضرار في غرفة عقب القصف الإسرائيلي على مستشفى «ناصر» في خان يونس بجنوب قطاع غزة في 17 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وصف عدد من الأطباء في غزة الوضع الصحي الحالي في القطاع بأنه «الأسوأ منذ بداية الحرب»، مشيرين إلى أن نقص مسكنات الألم يجبرهم على ترك المرضى يصرخون لساعات طويلة، وأنهم يضطرون لإجراء عمليات جراحية للمرضى دون تخدير، وعلى أضواء المشاعل.

ووفقاً لشبكة «بي بي سي» البريطانية، يقول العاملون في مجال الرعاية الصحية إن العديد من مستشفيات غزة مكتظة ومعداتها محدودة. وتشير التقارير إلى أن بعض المستشفيات في جنوب القطاع تعمل بأكثر من 300 في المائة من طاقتها السريرية.

وتم إنشاء أربعة مستشفيات ميدانية في غزة تضم مجتمعة 305 أسرّة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

وقالت المنظمة إن أزمة الرعاية الصحية في غزة «تفوق الكلمات»، وقالت إنه حتى (الأحد)، كانت هناك 23 مستشفى في القطاع لا تعمل على الإطلاق، و12 مستشفى تعمل بشكل جزئي، ومستشفى واحد يعمل بشكل طفيف.

فلسطينيون مصابون في القصف الإسرائيلي يتلقون العلاج بمستشفى في رفح (أ.ب)

ووصف يوسف العقاد، مدير مستشفى «غزة الأوروبي» في مدينة خان يونس جنوب البلاد، الوضع الحالي هناك بأنه «الأسوأ الذي نواجهه منذ بداية الحرب».

وقال لـ«بي بي سي»: «كان هذا الوضع قاسياً من قبل، فكيف تعتقد أنه أصبح بعد استقبال آلاف آخرين من النازحين؟!».

وأشار إلى أن المستشفى لم يكن لديه أسرّة كافية للمرضى الذين يحتاجون إلى العلاج، فاضطر الموظفون إلى وضع أغطية فوق الهياكل المعدنية والخشبية واستخدموها كأسرّة للمرضى، في حين اضطر مرضى آخرون إلى الاستلقاء على الأرض.

وتحدث العقاد أيضاً عن نقص الإمدادات الطبية، قائلاً: «لدينا أزمة في أدوية التخدير، وإمدادات وحدة العناية المركزة، والمضادات الحيوية، وأخيراً مسكنات الألم».

وتابع: «هناك الكثير من الأشخاص الذين أصيبوا بحروق شديدة... ليس لدينا أي مسكنات مناسبة لهم. وبسبب هذا النقص في مسكنات الألم، فإننا نترك المرضى يصرخون لساعات وساعات».

وقال فريق من منظمة الصحة العالمية إنه التقى أخيراً بفتاة تبلغ من العمر سبع سنوات في مستشفى «غزة الأوروبي» كانت تعاني من حروق بنسبة 75 في المائة، لكنها غير قادرة على الحصول على مسكنات الألم بسبب نقص الإمدادات.

ومن جهته، قال الدكتور مروان الهمص، مدير مستشفى «الشهيد محمد يوسف النجار» في رفح: «حتى لو كان هناك شخص مصاب بسكتة قلبية أو مشاكل في القلب، فإننا نضطر لعلاجه على الأرض بسبب نقص الأسرّة».

أما الدكتور محمد صالحة، القائم بأعمال مدير مستشفى «العودة» بشمال غزة، فقد قال إن الناس نُقلوا للعلاج هناك على ظهور الحمير والخيول.

ولفت إلى أن «الكارثة الكبرى هي حين تتعفن جروح المرضى؛ إذ إن الكثير من هذه الجروح تظل مفتوحة لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة بسبب الإمدادات الطبية المحدودة».

وقال إن أطباء المستشفى أجروا عمليات جراحية على ضوء المشاعل بسبب انقطاع الكهرباء.

وتواجه المستشفيات أزمة أخرى تتمثل في نقص عدد الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية.

فلسطينيون أُصيبوا خلال غارة إسرائيلية يرقدون في ممر بمستشفى «ناصر» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وتقول منظمة الصحة العالمية إن هناك نحو 20 ألف عامل في مجال الرعاية الصحية في غزة، لكن معظمهم لا يعملون؛ «لأنهم يكافحون من أجل البقاء والاعتناء بأسرهم في ظل القصف».

ولفت العقاد إلى أنه بعد التفجيرات «قد يأتي نفس الشخص مصاباً بكسور في الأضلاع، وكسور في الأطراف، وإصابات في الدماغ، وفي بعض الأحيان يفقد إحدى عينيه».

وقال إن مريضاً واحداً قد يحتاج إلى خمسة أطباء متخصصين أو أكثر للتعامل مع إصاباته.

واختار بعض الأطباء مواصلة عملهم واضطروا إلى الابتعاد عن عائلاتهم.

وقال الدكتور صالحة مدير مستشفى «العودة» بشمال غزة، الذي انتقلت عائلته لجنوب القطاع: «عائلتي بعيدة عني منذ أكثر من ثلاثة أشهر وأنا أشتاق إلى احتضانهم».

وأضاف: «عزائي أنني هنا أخدم الأطفال والنساء وكبار السن وأساهم في إنقاذ حياتهم».

علاوة على ذلك، فقد دفع الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة في غزة «ثمناً باهظاً» للحرب، وفقاً للأطباء.

وقال العقاد: «بصراحة ليس لدينا أي أسرّة لهم أو أي إمكانية لمتابعة حالتهم».

وأضاف: «على سبيل المثال، فإن أي شخص كان يقوم بغسل الكلى أربع مرات في الأسبوع، يقوم الآن بذلك مرة واحدة فقط».

وتلد بعض النساء في خيام دون دعم طبي، في حين تقول المستشفيات التي تقدم الخدمات المتعلقة بالولادة إن قدرتها محدودة.

وداهمت إسرائيل مستشفيات ومنشآت طبية عدة بدعوى أن «حماس» تحتفظ بالأسلحة والرهائن بها. وتنفي «حماس» التي تدير القطاع المكتظ بالسكان هذه المزاعم.

وبالأمس، قال مسؤولون محليون بقطاع الصحة ومسؤولون بالأمم المتحدة إن القتال ونقص الوقود والغارات الإسرائيلية تسببت في خروج ثاني أكبر مستشفى في قطاع غزة، وهو مستشفى «ناصر» في مدينة خان يونس، عن الخدمة كلياً. وجاءت الضربة الأخيرة لقطاع الرعاية الصحية المدمر في غزة في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لهجوم على مدينة رفح الواقعة في أقصى الجنوب، والتي تؤوي الآن أكثر من مليون فلسطيني معظمهم من النازحين الذين يعيشون في ظروف بائسة.

وتسبب الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي في تدمير جزء كبير من قطاع غزة، وأجبر جميع سكان القطاع تقريباً على النزوح. وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن أكثر من 28 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، قُتلوا.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محققون أمميون يطلبون إذناً لبدء جمع الأدلة ميدانيا في سوريا

صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
TT

محققون أمميون يطلبون إذناً لبدء جمع الأدلة ميدانيا في سوريا

صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)
صورة جوية لسجن صيدنايا قرب دمشق (أ.ف.ب)

أعلن رئيس محققي الأمم المتحدة بشأن سوريا الذين يعملون على جمع أدلة عن الفظائع المرتكبة في البلاد، اليوم (الأحد)، أنّه طلب الإذن من السلطات الجديدة لبدء عمل ميداني، وفق ما أودته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأكد روبير بوتي، رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) 2016، أنّه بعد تحقيقات أُجريت عن بُعد حتى الآن، «تمّ توثيق مئات مراكز الاعتقال (...) كلّ مركز أمن، كل قاعدة عسكرية، كل سجن، كان له مكان احتجاز أو مقبرة جماعية خاصة به».

وأضاف للوكالة: «سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن نعرف الحجم الكامل للجرائم المرتكبة».

ويقع مقر الآلية الدولية المحايدة والمستقلة في جنيف، وهي مسؤولة عن المساعدة في التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم الأكثر خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011.

ولم تسمح دمشق لهؤلاء المحققين التابعين للأمم المتحدة بالتوجه إلى سوريا في السابق.

وقال روبير بوتي إنّ فريقه طلب من السلطات الجديدة «الإذن للمجيء إلى سوريا لبدء مناقشة إطار عمل لتنفيذ مهمّتنا».

وأضاف المدعي العام والقانوني الكندي: «عقدنا لقاء مثمراً وطلبنا رسمياً... أن نتمكّن من العودة وبدء العمل، ونحن في انتظار ردّهم».

وفقاً لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان»، قُتل أكثر من 100 ألف شخص في سجون الحكومة السورية السابقة منذ عام 2011.

ومنذ فتح أبواب السجون بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر، برزت مخاوف بشأن وثائق وغيرها من الأدلة المتّصلة بالجرائم.

وقال بوتي إنّ هناك في سوريا «ما يكفي من الأدلة... لإدانة هؤلاء الذين يجب أن نحاكمهم» ولكن الحفاظ عليها «يتطلّب الكثير من التنسيق بين جميع الجهات الفاعلة».

واستُخدمت الأدلة التي تمّ جمعها عن بُعد من قِبَل الآلية الدولية المحايدة والمستقلّة في نحو 230 تحقيقاً خلال السنوات الأخيرة، تمّ إجراؤها في 16 ولاية قضائية، خصوصاً في بلجيكا وفرنسا والسويد وسلوفاكيا.