مصر وبلغاريا ملتزمتان بمواصلة تعزيز حوارهما السياسي

ماريا غابرييل تقدّر جهود القاهرة في التوصل إلى حل للوضع الإنساني في غزة

مباحثات مصرية - بلغارية بالقاهرة تناولت تداعيات الحرب في غزة (مجلس الوزراء المصري)
مباحثات مصرية - بلغارية بالقاهرة تناولت تداعيات الحرب في غزة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر وبلغاريا ملتزمتان بمواصلة تعزيز حوارهما السياسي

مباحثات مصرية - بلغارية بالقاهرة تناولت تداعيات الحرب في غزة (مجلس الوزراء المصري)
مباحثات مصرية - بلغارية بالقاهرة تناولت تداعيات الحرب في غزة (مجلس الوزراء المصري)

أكدت مصر وبلغاريا «التزامهما بمواصلة تعزيز حوارهما السياسي وعلاقاتهما ذات المنفعة المتبادلة»، واتفقا على «العمل معاً من أجل ترفيع التعاون بينهما إلى مستوى أعلى بما يعكس الطبيعة الاستراتيجية للعلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر»، جاء ذلك في بيان مشترك، السبت، حول الاجتماع الأول للجنة التعاون المشتركة بين مصر وبلغاريا، الذي ترأسه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ونائبة رئيس الوزراء وزيرة خارجية بلغاريا، ماريا غابرييل.

وتناول الاجتماع التوترات الجيوسياسية المزدادة التي تهيمن على الساحة الدولية الراهنة، وتبادلا وجهات النظر والتحليلات حول التطورات في أوروبا ومنطقة البلقان، والتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، مع التركيز بشكل خاص على الحرب المستمرة في قطاع غزة المحتل، وتداعياتها الإقليمية المحتملة.

وقالت الوزيرة البلغارية خلال مؤتمر صحافي مع شكري، إن مصر دولة محورية وشريك استراتيجي بالمنطقة، مشيرة إلى أنهم يهدفون إلى التعاون مع مصر لتقديم حلول للقضايا الدولية.

كذلك أجرى رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مباحثات في القاهرة، السبت، مع ماريا غابرييل، تناولت التداعيات السلبية التي خلفتها الحرب في غزة، بما في ذلك اتساع دائرة التوتر في البحر الأحمر وعدد من دول المنطقة، فضلاً عن الوضع الإنساني الكارثي ومعاناة الفلسطينيين في القطاع.

وأكد مدبولي أن «استمرار الحرب في غزة ستكون له تداعيات اقتصادية على العالم أجمع، ما لم يتم التوصل إلى حل سريع بشأن إنهاء الحرب، ثم التعامل بشكل جذري مع القضية الفلسطينية»، مشيراً إلى «دعم مصر للحقوق المشروعة للفلسطينيين، وعلى رأسها حقهم في تقرير المصير واستقلال دولتهم على خطوط 4 يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها».

وأعربت وزيرة الخارجية البلغارية عن تقديرها للجهود المصرية المبذولة للتوصل إلى حل للوضع الإنساني في قطاع غزة، مؤكدة أن «مصر تلعب دوراً ملحوظاً في دعم الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا»، مشيرة إلى «ضرورة التوصل العاجل إلى حل للأزمة في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن»، منوهة بالدور المهم الذي تلعبه الأطراف الإقليمية تجاه حل الأزمة، مؤكدة «دعمها لمبدأ حل الدولتين».

وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرته البلغارية، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إن «الأوضاع الإنسانية متفاقمة في قطاع غزة»، لافتاً إلى أن «الإجراءات التي تؤدي إلى التهجير والنزوح، لا بد أن ينظر إليها على أنها سياسة ممنهجة».

مدبولي خلال لقاء وزيرة خارجية بلغاريا في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

وقال شكري إن «الاتصالات مستمرة لوضع إطار يسمح بالتوصل إلى هدنة في غزة»، لافتاً إلى أن «التطورات في رفح تُنذر بمزيد من التدهور في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «مصر حذرت من اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن «المفاوضات مُعقدة، وكل طرف يسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب»، مضيفاً أن «الصفقة التي تمت بلورتها خلال المشاورات التي تمت في باريس بين الأجهزة الاستخباراتية - وتم طرحها، وكانت هناك وجهة نظر حيالها من قبل (حماس) - كانت هناك تصريحات صدرت من مسؤولين إسرائيليين تعدّها مرفوضة أو غير صالحة لأن تكون أساساً لهدنة، وهذا لا يمنع وجود اتصالات مستمرة وجهود تبذل في القاهرة لتقريب وجهات النظر لوضع إطار يسمح بالتوصل إلى هدنة، وهذا ما نعمل من أجله؛ لكن بهدف أن نصل إلى وقف كامل لإطلاق النار».

وأضاف: «نؤكد دائماً أن الهدف هو الوقف الكامل لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، والعمل على منع أي تصفية للقضية الفلسطينية، من خلال النزوح سواء من قطاع غزة أو الضفة الغربية إلى خارج الأراضي». ووصف شكري المفاوضات بأنها «معقدة».

فلسطيني يتفقد الأضرار داخل منزل عائلته بعد غارة جوية إسرائيلية ضربت مخيم رفح للاجئين (إ.ب.أ)

وبحسب ما أوردت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، السبت، فقد أكد شكري أن الجهود المصرية لم تتوقف لإيجاد حل ووقف إطلاق النار وإعفاء الفلسطينيين من ويلات هذه الحرب والأضرار البالغة التي وقعت على المدنيين الأبرياء؛ لكن الأمر يتطور بشكل سلبي، حيث إن «التصريحات والأعمال العسكرية في جنوب غزة بمنطقة رفح تنبئ بمزيد من الضحايا المدنيين ووضع إنساني كارثي في ضوء وجود نحو مليون و400 ألف فلسطيني متكدسين الآن في رقعة ضيقة جداً، ولا يستطيعون حماية أنفسهم أمام هذه الأعمال العسكرية».

وأشار إلى ما أكدت عليه الأمم المتحدة بشأن خطورة هذا الوضع وضرورة مراعاة القانون الدولي الإنساني وأيضاً الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي الذي أعرب عن قلقه، وهناك توافق دولي على أن المنطقة لا تتحمل نفس كثافة الأعمال العسكرية التي شهدناها في الأوقات الماضية، وأن الوضع الإنساني لا بد من احترامه، وهذه دعوة ضرورية نؤكدها، لأن الأمر لا يتحمل مزيداً من الضحايا المدنيين ومزيداً من التدمير.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
TT

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)
أحفاد رضا أبو زرادة في خيمة بخان يونس (أ.ب)

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد، وفق وسائل إعلام فلسطينية.

وتوفيت، أول من أمس (الجمعة)، الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص (20 يوماً)؛ نتيجة البرد الشديد داخل خيمة في منطقة مواصي خان يونس، حسبما ذكرت وسائل إعلام فلسطينية.

ويكافح كثير من الفلسطينيين منذ 14 شهراً لحماية أنفسهم من الرياح والبرد والأمطار، وسط برد قارس يضرب القطاع. كما أن هناك نقصاً في البطانيات والملابس الدافئة، وقليلاً من الخشب لإشعال النار، كما أن الخيام والأقمشة المشمعة التي تعيش فيها الأسر أصبحت مهترئة بشكل متزايد بعد أشهر من الاستخدام المكثف، وفقاً لعمال الإغاثة والسكان.

وتقول شادية عياده، التي نزحت من مدينة رفح إلى منطقة المواصي الساحلية، إنه ليس لديها سوى بطانية واحدة وزجاجة ماء ساخن لحماية أطفالها الـ8 من الارتعاش داخل خيمتهم الهشّة. وتتابع لوكالة «أسوشييتد برس»: «نشعر بالخوف في كل مرة نعلم فيها من توقعات الطقس أن الأيام الممطرة والعاصفة مقبلة؛ لأن خيامنا ترتفع مع الرياح. نخشى أن يؤدي الطقس العاصف القوي إلى تدمير خيامنا ذات يوم بينما نحن داخلها».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

مع انخفاض درجات الحرارة ليلاً، تخشى أيادا أن يمرض أطفالها الذين يفتقرون للملابس الدافئة. وقالت إن أطفالها عندما فروا من منزلهم لم يكن لديهم سوى ملابس الصيف. وقد اضطروا إلى اقتراض بعض الملابس من الأقارب والأصدقاء للتدفئة.

مخاوف من انتشار أمراض الشتاء

وتحذِّر الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. وقالت الأمم المتحدة، في تحديث يوم الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة. كما تخشى الأمم المتحدة من أن تتفشى الأمراض المعدية، التي انتشرت في الشتاء الماضي، مرة أخرى وسط ارتفاع سوء التغذية.

وفي هذا الصدد، قالت لويز واتريدغ المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الوكالة كانت تخطط طوال العام لفصل الشتاء في غزة، لكن المساعدات التي تمكَّنت من إدخالها إلى القطاع «ليست كافية حتى للناس». وزَّعت «الأونروا» 6 آلاف خيمة على مدى الأسابيع الأربعة الماضية في شمال غزة، لكنها لم تتمكَّن من نقلها إلى أجزاء أخرى من القطاع، بما في ذلك المناطق التي شهدت اشتداد المعارك.

أحد أحفاد رضا أبو زرادة يجلس على التراب مرتدياً جوارب ممزقة خلال اللعب بالقرب من خيمتهم بخان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

وتابعت واتريدغ أن نحو 22 ألف خيمة عالقة في الأردن، و600 ألف بطانية و33 شاحنة محملة بالمراتب كانت راكدة في مصر منذ الصيف؛ لأن الوكالة ليست لديها موافقة إسرائيلية أو طريق آمن لإحضارها إلى غزة، ولأنها اضطرت إلى إعطاء الأولوية للمساعدات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها. وقالت إن كثيراً من الفرش والبطانيات تعرضت للتدمير منذ ذلك الحين؛ بسبب الطقس والقوارض.

وقالت ديون وونغ، نائبة مدير برامج المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن «لجنة الإنقاذ الدولية تكافح من أجل جلب ملابس الشتاء للأطفال؛ لأن هناك كثيراً من الموافقات التي يتعيَّن الحصول عليها من السلطات المختصة». وقالت وونغ: «إن قدرة الفلسطينيين على الاستعداد للشتاء محدودة للغاية في الأساس».

أحفاد رضا أبو زرادة يتدفأون على نيران من الورق الكرتون في خيمة في خان يونس (أ.ب)

وقالت وكالة تابعة للحكومة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق شحنات المساعدات إلى غزة، في بيان، إن إسرائيل عملت لأشهر مع المنظمات الدولية لإعداد غزة للشتاء، بما في ذلك تسهيل شحن المدافئ والملابس الدافئة والخيام والبطانيات إلى القطاع، وفق «أسوشييتد برس».

قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في الحرب في غزة، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. كما أن أكثر من نصف القتلى من النساء والأطفال. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه قتل أكثر من 17 ألف مسلح، دون تقديم أدلة. ويقول المفاوضون إن إسرائيل و«حماس» تتجهان نحو اتفاق وقف إطلاق النار، الذي سيشمل زيادة المساعدات إلى المنطقة.

في الوقت الحالي، فإن الملابس الشتوية المعروضة للبيع في أسواق غزة باهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس، كما قال السكان وعمال الإغاثة.

«أخاف أن أستيقظ من النوم»

قالت رضا أبو زرادة، (50 عاماً)، التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها، إن البالغين ينامون مع الأطفال بين أذرعهم لإبقائهم دافئين داخل خيمتهم، وتابعت: «تمشي الفئران علينا في الليل لأننا لا نملك أبواباً والخيام ممزقة. البطانيات لا تدفئنا. نشعر بالصقيع يخرج من الأرض. نستيقظ متجمدين في الصباح». قالت: «أخاف أن أستيقظ ذات يوم لأجد أحد الأطفال متجمداً حتى الموت».

رضا أبو زرادة التي نزحت من شمال غزة مع عائلتها وسط أحفادها في خيمتها بخان يونس (أ.ب)

في ليلة الخميس، حاربت آلام الركبة التي تفاقمت بسبب الطقس البارد لقلي الكوسة على نار مصنوعة من قصاصات الورق والكرتون خارج خيمتهم. كانت تأمل أن تدفئ الوجبةُ الصغيرةُ الأطفالَ قبل النوم.

وفي السياق، يخشى عمر شبيت، النازح من مدينة غزة والذي يقيم مع أطفاله الـ3، أن يؤدي إشعال النار خارج خيمته إلى جعل عائلته هدفاً للطائرات الحربية الإسرائيلية. وقال: «ندخل خيامنا بعد غروب الشمس ولا نخرج لأن الجو بارد جداً وتزداد البرودة بحلول منتصف الليل. ابنتي البالغة من العمر 7 سنوات تكاد تبكي في الليل بسبب البرد».