لبنان: إعلان بري انخراط «أمل» في حرب الجنوب يطرح نقاشاً عن دوره الدبلوماسي

خواجة: وظيفتها دفاعية... ومقاتلوها من أبناء القرى

من تشييع مقاتلين لـ«حركة أمل» في بلدة بليدا جنوب لبنان (ناشطو «أمل» في منصة «إكس»)
من تشييع مقاتلين لـ«حركة أمل» في بلدة بليدا جنوب لبنان (ناشطو «أمل» في منصة «إكس»)
TT

لبنان: إعلان بري انخراط «أمل» في حرب الجنوب يطرح نقاشاً عن دوره الدبلوماسي

من تشييع مقاتلين لـ«حركة أمل» في بلدة بليدا جنوب لبنان (ناشطو «أمل» في منصة «إكس»)
من تشييع مقاتلين لـ«حركة أمل» في بلدة بليدا جنوب لبنان (ناشطو «أمل» في منصة «إكس»)

مثّل تصريح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، مساء الأحد، عن انخراط «حركة أمل» التي يرأسها في معارك الجنوب، أول إعلان رسمي عن المشاركة في المعارك التي بدأت في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد الجيش الإسرائيلي، وتتواصل يومياً، وسط انتقادات سياسية لبنانية وأسئلة عمّا إذا كانت تتضارب مع موقع بري السياسي ودوره الدبلوماسي للتوصل إلى حل للأزمة القائمة.

وقال بري في تصريح لقناة «الجديد» ليل الأحد متوجهاً إلى «جمهور أفواج المقاومة اللبنانية»: «حركة (أمل) أمام (حزب الله) في الدفاع عن كل حبة تراب من لبنان، ولكن في هذه المعركة، حركة (أمل) تقاوم ضمن إمكاناتها العسكرية، فهي لا تمتلك قدرات حزب الله». وأضاف: «لا أخاف على دوري الدبلوماسي لأن المقاومة الدبلوماسية هي جزء أساسي في المقاومة».

اللقاء الذي جمع وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (الشرق الأوسط)

ويمتد دور «أمل» العسكري إلى السبعينات من القرن الماضي، وكانت من الفصائل اللبنانية التي تتصدر المقاومة ضد إسرائيل حتى تحرير جنوب لبنان عام 2000 قبل أن يتراجع دورها العسكري ويخمد حتى عام 2006، حيث نعت عدداً من عناصرها خلال «حرب تموز 2006»، وبعد تلك الحرب، خمد دور «أمل» العسكري مجدداً، حتى اندلاع الحرب في جنوب لبنان قبل أربعة أشهر، حين استعادت هذا الدور عبر ميدانين؛ أولهما مدني عبر «جمعية الرسالة للإسعاف الصحي» التي أسهمت في انتشال المصابين وفتح الطرق وإخماد الحرائق في المناطق الحدودية، وعبر الدور العسكري، حين نعت قبل شهرين مقاتلاً، كما شيّعت يوم الأحد الماضي مقاتلين في بلدة بليدا قُتلا في قصف إسرائيلي استهدفهما في البلدة نفسها ليل الجمعة – السبت الماضيين.

من تشييع مقاتلين لـ«حركة أمل» في بلدة بليدا جنوب لبنان (ناشطو «أمل» في منصة «إكس»)

ليس مفاجئاً

ولا تنظر «أمل» إلى الإعلان بوصفه مفاجأة، كون عناصرها «ينتشرون منذ 8 أكتوبر على طول خط الجبهة من الناقورة غرباً إلى مزارع شبعا شرقاً»، حسبما قال عضو تكتل «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة لـ«الشرق الأوسط»، مشدداً على أن «مشاركة الحركة في المقاومة في الجنوب ليست جديدة، وهي موجودة في كل القرى الحدودية في الجنوب»، مؤكداً أن «الحركة ليست جيشاً نظامياً ولا تستقدم قوات من الخلف ولا ترسل تعزيزات، لأن المقاتلين هم من أبناء تلك البلدات الحدودية ويدافعون عنها في وجه الاعتداءات».

وإذ لفت إلى أن العنصرين اللذين شُيِّعا، الأحد، «هما من أبناء البلدة وقُتلا فيها»، أكد أن وجودهما كزملائهما من القرى الأخرى «طبيعي، إذ إنهم يضطلعون بمهمة الدفاع عن تلك القرى وعن بيوتهم وممتلكاتهم بوجه الاعتداءات الإسرائيلية»، موضحاً أن تاريخ الحركة «قام على المقاومة، ونفّذت آلاف العمليات منذ اجتياح جنوب لبنان عام 1978 حتى التحرير عام 2000».

دور سياسي

وأثار انخراط «أمل» في القتال، أسئلة عن تداعيات ذلك على دور رئيسها الدبلوماسي وموقعه السياسي في البلد، وهو ما أشار إليه النائب السابق فارس سعيد، الذي رأى أن بقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في الموقعين (رئاسة البرلمان ورئاسة «أمل») يتعب لبنان، وأن إعلانه عن انخراط «أمل» في الحرب «يلغي التمايز الذي رسمه برّي مع (حزب الله) منذ (الطائف)».

لكنّ خواجة لا يرى تضارباً، مؤكداً أنه «عندما يتعرض جنوب لبنان لأي خطر أو عدوان، فإن الدفاع واجب»، مشيراً إلى أن الدفاع عن لبنان «يعزز موقع (أمل) ودورها السياسي والوطني». وأشار خواجة، وهو باحث في الصراع العربي - الإسرائيلي وله عدة مؤلفات، إلى أن لبنان «في موقع الدفاع عن نفسه»، مستشهداً بتصريح رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي وعضو كابينت الحرب غادي إيزنكوت، الذي قال فيه إنه منع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من شن هجوم على لبنان في 11 أكتوبر.

وقال خواجة: «كان هناك مخطط للحرب، وتصدي المقاومة اللبنانية له يدل على أن خيار الحرب ضد لبنان قائم في أي لحظة»، لافتاً إلى أنه «لم يمر يوم منذ 2006 حتى اليوم دون أن يهدد الإسرائيليون بشن حرب على لبنان، وهو ما يجعل الاستعداد واجباً»، معتبراً أن «الانتشار القتالي في لبنان أفقد إسرائيل عنصرَي المفاجأة والمبادرة، وهو ما منع الحرب».

وعليه، يقول خواجة: «إننا بوضعية الدفاع، واستنفار حركة (أمل) وجهوزيتها الشاملة منذ اليوم الأول، يندرجان ضمن هذا السياق».

سلاح ما بعد الحرب

وتحتاج المشاركة في القتال، إلى تسليح، وبالتالي، تترتب عليه أسئلة عن مصير هذا السلاح بعد انتهاء القتال، في وقت لم ينتهِ الجدال اللبناني حول سلاح «حزب الله»، وأحدثه ما كتبه عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك، قائلاً: «لإنقاذ لبنان، أفواج الحدود وأبراج المراقبة الشرعية جنوباً، لا القوى الميليشياوية». وأضاف: «الثلاثية الذهبية أضلُعها الجيش والدولة والشعب، ومهمتها تطبيق الـ1701، لا تنتظروا الموفدين ولا (الخماسية)، فالمصلحة لبنانية»، داعياً إلى نشر الجيش اللبناني على الحدود.

ويؤكد خواجة أن الضمانة للهواجس من السلاح «سياسية»، مستدلاً بتجربة «حركة أمل» بعد عام 2000، مشدداً على أن «وظيفة سلاح المقاومة هي دفاعية، لأنه سلاح مهمته محددة بمواجهة إسرائيل، وهو سلاح غير استعراضي، ولا يظهر إلا في حال قتال إسرائيل». وإذ لفت إلى أنه «قبل 8 أكتوبر، وعلى مدى 17 عاماً، لم يظهر السلاح في الجنوب بتاتاً»، قال إن «قوة المقاومة في أنها محسوسة وغير ملموسة، لا تتمسك بالجغرافيا وتنفذ أسلوب حرب العصابات، فضلاً عن أن سلاحها غير ظاهر، وتتَّبع هيكلية شبه متخفية».

وإلى جانب «حزب الله» و«حركة أمل»، أعلن فصيلان آخران مشاركتهما في القتال، هما «الجماعة الإسلامية» و«الحزب السوري القومي الاجتماعي»، إضافةً إلى حركة «حماس» التي أعلنت في السابق تنفيذ عمليات استهداف من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل: استهدفنا مركز قيادة لـ«حزب الله» في «غارة البسطة»

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن الغارة التي شنتها طائراته على منطقة البسطة في وسط بيروت، استهدفت مركز قيادة تابعاً لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

غارات إسرئيلية على ضاحية بيروت الجنوبية بعد إنذار بالإخلاء

تجددت الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية بعد إنذارات إسرائيلية للسكان بالإخلاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء إطلاق صواريخ سقطت على وسط إسرائيل أمس (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن استهداف مستوطنة شتولا وتجمع لقوات إسرائيلية شرق الخيام

أعلن «حزب الله» اللبناني، في بيانين منفصلين، اليوم الاثنين، أن عناصره استهدفت مستوطنة شتولا وتجمعاً لقوات إسرائيلية شرق مدينة الخيام، بـ«صلية صاروخية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تُصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مقتضب أعلنت فيه عن اللقاء من دون تفاصيل. وكانت مصادر محلية قد أفادت بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف «اللجنة الدستورية» لحل الأزمة السورية، اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية. وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات.