وقف تمويل «الأونروا» يثير مخاوف بشأن مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن

عمال من «الأونروا» يقومون بنقل المساعدات في الضفة الغربية (رويترز)
عمال من «الأونروا» يقومون بنقل المساعدات في الضفة الغربية (رويترز)
TT

وقف تمويل «الأونروا» يثير مخاوف بشأن مليوني لاجئ فلسطيني في الأردن

عمال من «الأونروا» يقومون بنقل المساعدات في الضفة الغربية (رويترز)
عمال من «الأونروا» يقومون بنقل المساعدات في الضفة الغربية (رويترز)

في الوقت الذي فصلت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدداً من موظفيها في قطاع غزة بعد مزاعم حول تورطهم في الهجوم الذي شنته حركة «حماس» وفصائل فلسطينية أخرى على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما زالت مخاوف التوقف الوشيك للوكالة الأممية عن تقديم خدماتها لملايين اللاجئين داخل فلسطين وخارجها قائمة، وفق تقرير أعدته «وكالة أنباء العالم العربي».

ورداً على المزاعم الإسرائيلية حول تورط 12 موظفاً من موظفي الوكالة الأممية في هجوم السابع من أكتوبر، قررت دول منها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا وسويسرا وفنلندا وأستراليا وكندا الشهر الماضي وقف تمويل «الأونروا».

وفي المقابل، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دعم الوكالة، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إنه لا ينبغي معاقبة «الأونروا» بشكل جماعي بناءً على ادعاءات ضد 12 شخصاً من أصل 13 ألفاً.

وحذر المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني قائلاً: «إذا ظل التمويل معلقاً، فمن المرجح أن نضطر إلى إنهاء عملياتنا بحلول نهاية فبراير (شباط)، ليس فقط في غزة، بل في جميع أنحاء المنطقة».

وتقدم «الأونروا» المساعدة لملايين اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. وتشمل خدماتها التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية والقروض الصغيرة والاستجابة لحالات الطوارئ في أوقات النزاع المسلح.

«نزع حق العودة»

وقف تمويل «الأونروا» لن يضر فقط بسكان قطاع غزة الذين يعانون نقصاً في الغذاء والماء والدواء، بل سيلقي بظلاله كذلك على أكثر من 2.2 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الوكالة الأممية في الأردن ويستفيدون من خدماتها.

اللاجئ الخمسيني أحمد واحد من هؤلاء، وعبّر في حديثه إلى الوكالة عن مخاوفه إزاء المستقبل التعليمي لأبنائه الخمسة، ومن أن يفقدوا فرصة إكمال تعليمهم في حال أغلقت «الأونروا» مدارسها في الأردن.

ويقول أحمد إنه لا يحمل الجنسية الأردنية، ويقيم مع أسرته في مخيم الوحدات في جنوب العاصمة عمّان بأوراق ثبوتية مؤقتة، مضيفاً: «أعمل بائع أقمشة في أحد المحال، ودخلي بالكاد يكفي للطعام والشراب وأجرة البيت».

وأضاف اللاجئ الفلسطيني، الذي ينحدر من قطاع غزة، أنه في حال أغلقت «الأونروا» مدارسها في الأردن، لن يكون قادراً على تحمل تكاليف دراسة أبنائه في مدارس خاصة.

وأوضح أحمد قائلاً إن نقل أبنائه إلى مدارس حكومية ليس بالأمر السهل في الأردن، خصوصاً أن وزارة التربية والتعليم تضع شروطاً كثيرة للسماح لطلبة مدارس «الأونروا» بالانتقال إلى مدارسها، على حد قوله.

أما بالنسبة لسعيد الخضيري، فإن التهديد المستمر بوقف عمل «الأونروا» أصبح أمراً معتاداً. ويقول اللاجئ الفلسطيني إنه من الواضح بالنسبة له أن العالم يجمع على «إنهاء قضية الفلسطينيين، ونزع حق العودة منهم إلى الأبد».

وأضاف: «كل عام أو عامين يتم التحذير من توقف عمل الوكالة، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة»، وهو أمر عدّه محاولة تمهيدية لتقبل الفكرة شيئاً فشيئاً «ونسيان أننا فلسطينيون، ولنا الحق في العودة إلى بلادنا في يوم من الأيام».

وقال الأربعيني سعيد، وهو من اللاجئين الحاملين الجنسية الأردنية، إنه يعوّل على «الأونروا» في الحصول على الخدمات الصحية له ولزوجته وابنته؛ لأنه لا يملك تأميناً صحياً من أي جهة في البلاد، وتكلفة مراجعة المستشفيات دون تأمين لا يقدر على تحملها.

ووفق موقع «الأونروا» على الإنترنت، يعيش أكثر من 2.2 مليون لاجئ فلسطيني مسجل لديها في الأردن «وهو أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في جميع أقاليم «الأونروا»، معظمهم وليس كلهم، يتمتع بالمواطنة الكاملة».

وتقول «الأونروا» إن نحو 18 في المائة من هؤلاء اللاجئين يعيشون في المخيمات العشرة المعترف بها، بالإضافة إلى 6 مخيمات غير رسمية، ويعيش لاجئون آخرون بالقرب من المخيمات وفي بعض المدن الأردنية.

رعب وتوتر

يتلقى نحو 122 ألف طالب التعليم في مدارس «الأونروا» داخل الأردن، كما يقول المعلم الثلاثيني أحمد أبو قدري.

ويقول أبو قدري إن الرعب والتوتر يدبان بين المعلمين والعاملين من أي قرار إداري مرتقب، كوقف العمل في عدد من المدارس أو تخفيض عدد المعلمين والإداريين. وأضاف: «تسلمنا رواتبنا هذا الشهر، لكننا لسنا متأكدين أننا سنتسلم رواتبنا الشهر المقبل، هذه هي حالنا باختصار».

وكشف موظف إداري مقرب من إدارة «الأونروا» عن أنه فور حدوث الأزمة، صدرت تعليمات من الوكالة الأممية بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام، ما زاد من قلقه وقلق زملائه المهددين بالتخلي عن خدماتهم في أي وقت.

وقال الموظف، الذي تحدث إلى الوكالة بشرط عدم ذكر اسمه، إن مخاوف العاملين في المجال التعليمي سببها أن 7 من أصل 12 موظفاً فصلتهم «الأونروا» في قطاع غزة هم معلمون.

وتابع: «لذلك، بات كل معلم في الأردن خائفاً من أن يجري التضييق على مدارس الوكالة، وبالتالي خسارة وظائفهم ورواتبهم الشهرية التي يعتمدون عليها في معيشتهم».

وكانت منظمة «الرقابة على الأمم المتحدة»، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من جنيف مقراً لها، قد اعتمدت في تقرير لها قدمته للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على منشورات في مجموعة على تطبيق «تلغرام» للدردشة لمعلمين في «الأونروا» يؤيدون بهجوم السابع من أكتوبر.

ولخص سكرتير اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة في الأردن عثمان الشيوعي قرار الولايات المتحدة ودول أخرى بوقف تمويل «الأونروا» بقوله: «الهدف الأميركي الإسرائيلي هو شطب (الأونروا) نهائياً لأنها الشاهد الأكيد على وجود اللاجئين الفلسطينيين، وأن لهم حقاً العودة إلى وطنهم».

وقال الشيوعي لوكالة إن تحركات الولايات المتحدة «بتحريض من الاحتلال الإسرائيلي بهذا الخصوص ليست جديدة»، مشيراً إلى أن إسرائيل حاولت عبر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب حصر توصيف اللاجئ في من غادر المدن والقرى الفلسطينية خلال النكبة عام 1948 أو النكسة عام 1967، دون عدِّ الأبناء والأحفاد لاجئين أيضاً.

وأكد الشيوعي أن «المخطط الصهيوني الأميركي حالياً هو سحب ملف اللاجئين الفلسطينيين من (الأونروا)، وتحويله إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين»، موضحاً أن هذا الإجراء يسقط صفة اللاجئ عن الفلسطيني الذي يحمل جنسية دولة أخرى، على عكس ما هو قائم في «الأونروا» التي تبقي صفة اللاجئ للفلسطيني حتى إن حمل جنسية أخرى.

ومع ذلك، استبعد سكرتير اللجنة العليا للدفاع عن حق العودة في الأردن نجاح إسرائيل والولايات المتحدة في ذلك لأن «(الأونروا) وإن ذهبت، ستبقى مخيمات اللجوء في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا شاهدة على تشريد أبناء الشعب الفلسطيني وحرمانهم من حقهم في العودة إلى وطنهم ووطن آبائهم وأجدادهم».


مقالات ذات صلة

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

المشرق العربي دبابة إسرائيلية بالقرب من قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام» تعلن تفجير أحد عناصرها نفسه بقوة إسرائيلية في جباليا

أعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، اليوم (الجمعة)، أن أحد عناصرها فجّر نفسه بقوة إسرائيلية في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

جنود إسرائيليون يكشفون عن عمليات قتل عشوائية في ممر نتساريم بغزة

يقول جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه «من بين 200 جثة (لأشخاص أطلقوا النار عليهم)، تم التأكد من أن 10 فقط من أعضاء (حماس)».

«الشرق الأوسط» (غزة)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
TT

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)
البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة، إذ لا تزال القوى كلها في مرحلة جس بعضها نبض بعض، من خلال طرح أسماء معينة من دون نجاح أي اسم حتى الساعة في تأمين الأصوات النيابية اللازمة للعبور إلى القصر الرئاسي، خصوصاً أن البرلمان سيجتمع في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس.

وعاد مؤخراً إلى الواجهة الكباش بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، بحيث يسعى كل منهما إلى أن يكون المرجعية المسيحية في هذا الملف من دون إسقاط احتمالية التلاقي والتقاطع من جديد بينهما على اسم مرشح معين، كما حصل عند تقاطعهما على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.

ومنذ فترة يحاول باسيل التفاهم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على اسم مرشح يقطع من خلاله الطريق على ترشيح؛ خصميه اللدودين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. ويبدو أنه تم التوصل إلى تقاطع بينهما على اسمين أو ثلاثة. وفي الوقت نفسه، هناك خطوط مفتوحة بين بري وجعجع للهدف نفسه، إلا أنه لا يبدو أن الطرفين تقاطعا على أحد الأسماء.

ويتصدر راهناً السباق الرئاسي قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي أعلن «اللقاء الديمقراطي» الذي يتزعمه النائب والوزير السابق وليد جنبلاط تأييده له، والذي يؤيده أيضاً عدد من النواب المستقلين، كما يحظى بدعم أميركي واضح. إضافة إلى أسماء أخرى يتم التداول بها؛ أبرزهم المدير العام للأمن العام اللواء إلياس البيسري، في وقت يميل فيه جعجع لتأييد شخصية بخلفية اقتصادية، إلا أنه حتى الساعة لم يعلن عن دعمه لأي من الأسماء.

تقاطع ممكن

ولا ينفي النائب في تكتل «الجمهورية القوية» غياث يزبك، أن التنافس التاريخي بين «القوات» و«التيار» على المرجعية المسيحية لطالما كان قائماً، «لكن وبعد انتخابات 2022 أصبحت المنافسة خلفنا بعدما أكدت نتائجها أن (القوات) باتت هي المرجعية المنفتحة على علاقات عابرة للطوائف مع كل القوى»، لافتاً إلى أنه «وبمقابل مسار بناء الدولة الذي يسلكه حزب (القوات)، كان باسيل ولا يزال يسلك مساراً يناقض مشروع الدولة. لكن ذلك لا يمنع التلاقي والتقاطع راهناً على اسم رئيس يحقق مصلحة لبنان، كما تقاطعنا على اسم الوزير السابق جهاد أزعور».

ويشير يزبك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «قناة التواصل موجودة مع (التيار)، كما مع باقي القوى لانتخاب شخصية لا تشكل تحدياً لأحد، لكن بالوقت نفسه لا تكون رمادية ومن دون طعم ولا لون». ويضيف: «لكن على القوى الأخرى أن تقترب من مواصفاتنا لرئيس يحترم المتغيرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، وذلك لا يعني أن هناك من يسعى للاستقواء على (حزب الله) بوصفه طرفاً مهزوماً».

استعجال جنبلاط

وعن تبني جنبلاط ترشيح العماد عون، يقول يزبك: «لم يستفزنا ذلك، لكننا استغربنا الاستعجال باعتبار أننا كنا نفضل إنضاج العملية لتكون خارجة من إجماع وطني أو من أرجحية وطنية»، مضيفاً: «عون ليس مرشحنا، ولكن ذلك لا يعني أنه لا يستحق أن يكون رئيساً. نحن قادرون حتى على اختياره وانتخابه».

«لا مرجعية مسيحية»

بالمقابل، يعدّ عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور، أنه «ليست هناك مرجعية مسيحية واحدة، إنما هناك مرجعيات مسيحية، لذلك فالكباش أو الاتفاق يكون ضمن التوازنات القائمة التي لا يمكن لأحد فيها إلغاء الآخر»، لافتاً إلى أنه «كما تم في السابق التقاطع على جهاد أزعور، فلا شيء بالتالي يمنع الاتفاق مجدداً، إلا إذا كانت هناك رغبة مستورة لدى (القوات) بتمرير جلسة 9 يناير من دون الاتفاق الواسع على مرشح يصبح رئيساً نتيجة تأييد واسع لشخصه».

وعن موقف جنبلاط، يقول جبور لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعدّ الموقف الجنبلاطي الجديد تكتيكياً أكثر منه استراتيجياً، ويعبر عن اللحظة السياسية التي يعيشها، وبكل الأحوال هو تغيير عن المواقف السابقة التي كانت تعدّ الاتفاق المسيحي مدخلاً لأي تأييد انتخابي، ولكن يبقى هذا التأييد حقاً للاشتراكي وهو حرٌّ فيه».

الراعي: فراغ «مخزٍ»

وفي عظة الأحد، تحدث البطريرك الماروني بشارة الراعي عن تطلع اللبنانيين إلى 9 يناير، لانتخاب رئيس بعد الفراغ «المخزي». وقال: «نصلي لانتخاب الرئيس المناسب لهذه المرحلة».

وأضاف الراعي: «إننا نتطلع إلى رئيس يؤمن بالمؤسسات، وقادر على العمل من أجل النهوض الاقتصادي ويصنع الوحدة الداخلية بين المواطنين».