الغارات الأميركية ضربت «عصب الفصائل» في العراق وسوريا

شهود عيان يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن نصف ساعة من القصف وساعتين من الهلع

الغارة الأميركية استهدفت منزلين كانا يستخدمان للقيادة البديلة (رويترز)
الغارة الأميركية استهدفت منزلين كانا يستخدمان للقيادة البديلة (رويترز)
TT

الغارات الأميركية ضربت «عصب الفصائل» في العراق وسوريا

الغارة الأميركية استهدفت منزلين كانا يستخدمان للقيادة البديلة (رويترز)
الغارة الأميركية استهدفت منزلين كانا يستخدمان للقيادة البديلة (رويترز)

فيما أخلت الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق مواقعها، الأسبوع الماضي، ونقلت قياداتها إلى مواقع بديلة آمنة، طالت الغارات الأميركية، ليل السبت، مقرات قيادة واتصال، ومنشآت لخزن الأسلحة والذخيرة، في 7 مواقع على الحدود السورية العراقية.

تقول مصادر ميدانية، ومسؤولون عراقيون في محافظة الأنبار (غرب)، لـ«الشرق الأوسط»، إن الهجمات الأميركية، ليل الجمعة، ضربت «عصباً في هيكل الفصائل، ودمرت ذخيرة كانت تجمع على مدار سنوات».

وفي العراق، طالت الهجمات «الانتقامية» 3 مواقع؛ منزلين ومنشأة لخزن الذخيرة أنشئت خلال السنوات التي تلت المعارك ضد «داعش»، وفقاً لمسؤول محلي.

وسيطرت تدريجياً فصائل مسلحة على مناطق غرب محافظة الأنبار، قرب الحدود السورية، منذ أن أعلن العراق «تحقيق الانتصار العسكري» على «داعش»، ونجح لاحقاً في تأسيس منشآت عسكرية، ونشر مسلحيه في مناطق متفرقة هناك.

ورغم أن الفصائل تقول إنها توجد هناك لمنع عودة مسلحي «داعش»، لكن وجودهم هناك مَعنيّ أكثر بالتنسيق مع مجموعات موالية لإيران تتمركز في سوريا، وفقاً لمستشار سياسي.

القاذفة «بي - 1» (لانسر) شاركت في الضربات على سوريا والعراق ليلة الجمعة (موقع سلاح الجو الأميركي)

منزلان ومنشأة

وقال شهود عيان من بلدة «القائم»، التي تبعد عن بغداد 240 كيلومتراً، إن المنزلين شهدا تردد قيادات ميدانية عراقية وإيرانية خلال الأشهر الماضية، ويحظى برقابة أمنية مشددة، ويقع على مسافة قريبة من مجمع سكني لإقامة مسلحين تابعين لـ«كتائب حزب الله» العراقي.

وينتشر في «القائم» لواء تابع للحشد الشعبي يحمل اسم «اللواء 45» ومعروف محلياً بـ«سرايا الدفاع الشعبي» وهو اسم ثانٍ لـ«كتائب حزب الله».

الكتائب نفسها، التي تركزت عليها الهجمات الأميركية، كانت هي من أعلنت، الأسبوع الماضي، تعليق هجماتها ضد قواعد التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.

وتكتمت فصائل مسلحة، لا سيما الكتائب، عن هوية القتلى الذين سقطوا جراء الغارات الأميركية، لكن الحشد الشعبي أحصى الخسائر باستهداف «كتيبة دبابات ومستشفى عسكري، وموقع مدفعية».

وقال الحشد، في بيان صحافي، إن موقعين تابعين للواء 45 (وهو تابع لكتائب حزب الله) استهدف في الغارة، وأصيب فيهما 11 مسلحاً.

وجميع المنشآت التي ذكرها بيان الحشد تتوزع بين المواقع السبعة على الحدود المشتركة بين العراق وسوريا.

مخزن قذائف

في بلدة عكاشات، التي تبعد عن القائم بضعة كيلومترات، وكانت أيضاً مسرحاً للغارات الأميركية، تعرضت منشأة لتصنيع المسيرات، وتضم مخزن ذخيرة ضخماً.

وقال شهود عيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارات استمرت في المدينة نحو نصف ساعة لكن تفجر الذخيرة، وكانت غالبيتها صواريخ وقذائف، استمر أكثر من ساعتين.

ووفق المسؤول العراقي، فإن المنشأة حديثة الإنشاء، استخدمت الفصائل لتشييدها الإسمنت المسلح بهدف خزن الأسلحة.

والمواقع الثلاثة التي استهدفتها القوات الأميركية في العراق، كانت تضم «مراكز قيادة بديلة»، ومواقع استخدمها «الحرس الثوري» الإيراني نقاط اتصال استراتيجية لربط المحاور وتنسيق العمليات.

يعتقد ضابط استخبارات عراقي، رفض الكشف عن اسمه، أن الضربات «دمرت بنية تحتية كانت تعتمد عليها الفصائل للربط بين العراق وسوريا».

وقال هذا الضابط: «الآن قطعت الاتصالات بشكل شبه تام»، كما أن الفصائل «خسرت ذخيرة كانت كدستها هناك فترات طويلة».

ووفقاً للضابط العراقي، فإن الوصول إلى أهداف بهذه الدقة داخل الأحياء السكنية قد يشكل صدمة لحجم الاختراق الأمني، حتى بعد أن أجرت الفصائل عمليات إخلاء واسعة الأسبوع الماضي بعد استهداف قاعدة البرج 22 الأميركية في الأردن.

نزوح الأهالي

أظهرت مقاطع مصورة من بلدتي القائم وعكاشات تطاير المقذوفات من موقع خزن الذخيرة بعد الغارة الأميركية، والتي يبدو أنها أفزعت السكان المحليين، ودفعت عدداً منهم إلى النزوح.

قال شهود عيان: «كتل النار كانت تنطلق من المنشأة نحو المنازل»، بينما كان الأهالي يهرعون بما خف من المتعة خارج البلدة نحو منطقة مجاورة.

وأطلقت مساجد في القائم عبر مكبرات الصوت نداءات إلى السكان تدعوهم إلى الابتعاد عن المنشآت العسكرية، ومغادرة المدينة حتى تستقر الأوضاع.

وتتمركز الفصائل المسلحة داخل الأحياء السكنية في القائم وعكاشات، بينما أنشأت مخازن الذخيرة القاتلة بين المنازل، بسب السكان المحليين.

وفي سوريا، استهدفت الغارات الأميركية 4 مواقع في محافظة «دير الزور» السورية، وهي عياش، والميادين، والقورية، والبوكمال، وجميعها على خط واحد شمالاً من آخر نقطة عراقية تتمركز فيها الفصائل العراقية في القائم.

وتظهر خريطة الهجمات في العراق وسوريا أنها استهدفت بؤرة استراتيجية للفصائل تمتد على مساحة تتجاوز أكثر من 100 كليومتر، وفقاً لثلاثة مصادر، أحدهم ضابط الاستخبارات العراقي.

وشهد هذا الخط عمليات نقل أسلحة وذخائر بين العراق وسوريا، على مدار سنوات، وفي الأشهر الأخيرة شهدت هذه المناطق نشاطاً غير مسبوق ارتباطاً بالتصعيد في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

المشرق العربي السوداني طلب استضافته في البرلمان بشأن الأزمة السورية (إعلام حكومي) play-circle 02:43

العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود ومنع أي اختراق أمني، ربطاً بالأزمة السورية.

حمزة مصطفى (بغداد)
رياضة سعودية وضعت هذه العبارة على برج الحارثية (نادي التعاون)

«كل الهلا بيكم أحفاد العقيلات» تتصدر مشهد الترحيب العراقي بنادي التعاون في بغداد

«كل الهلا بيكم ... أحفاد العقيلات في العراق»، بلكنة عراقية خالصة، وكلمة ذات دلالة تاريخية، رحب نادي القوة الجوية العراقي ببعثة نادي التعاون السعودي.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
المشرق العربي أشخاص يقفون قرب مبانٍ متضررة في خربة سلم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» جنوب لبنان اليوم (رويترز)

مسؤول عراقي يحذّر من تداعيات خطيرة على المنطقة إذا انهار اتفاق وقف النار في لبنان

أكد مستشار الأمن القومي العراقي ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، محذراً من أن انهيار الاتفاق ستكون له تداعيات خطيرة على لبنان والمنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي)

السوداني لإردوغان: العراق لن يقف متفرجاً على «التطهير العرقي» في سوريا

أبلغ رئيس الوزراء العراقي، الرئيس التركي أن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكونات والمذاهب هناك».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي تمرين عسكري لفصائل من «الحشد الشعبي» (أ.ب)

تضارب حول دخول فصائل عراقية إلى سوريا

انتشرت تقارير بأن جماعات مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي» العراقي عبرت الحدود مع سوريا لمساندة الجيش السوري، بينما نفت بغداد ذلك، وأكدت سيطرتها الكاملة على الحدود.

حمزة مصطفى (بغداد)

«المرصد السوري»: قوة إسرائيلية تعتقل سوريين في ريف القنيطرة

قوات إسرائيلية تغلق طريقاً في الجولان السوري المحتل (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تغلق طريقاً في الجولان السوري المحتل (إ.ب.أ)
TT

«المرصد السوري»: قوة إسرائيلية تعتقل سوريين في ريف القنيطرة

قوات إسرائيلية تغلق طريقاً في الجولان السوري المحتل (إ.ب.أ)
قوات إسرائيلية تغلق طريقاً في الجولان السوري المحتل (إ.ب.أ)

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوة إسرائيلية توغَّلت داخل الأراضي السورية واعتقلت شابين من ريف القنيطرة الأوسط، أثناء وجودهما قرب الشريط الحدودي، واقتادتهما إلى داخل الجولان المحتل، من دون ورود معلومات عن مصيرهما.

وتكرَّرت الاعتداءات الإسرائيلية منذ مطلع العام الحالي بشكل كبير بحق مدنيين سوريين ضمن المناطق الواقعة على الشريط الحدودي مع الجولان، من خلال توغل جنود داخل الأراضي السورية واعتقال أشخاص وإطلاق النار.

اقرأ أيضاً