«حرب استيطان» إسرائيلية موازية تتصاعد في الضفة

ينفذها متطرفون تطبيقاً لخطة لسموتيريتش

أب فلسطيني يتلقى التعازي الاثنين الماضي قرب جثمان ابنه الذي قُتل خلال اقتحامات إسرائيلية لبلدة سلواد شمالي الضفة الغربية (أ.ف.ب)
أب فلسطيني يتلقى التعازي الاثنين الماضي قرب جثمان ابنه الذي قُتل خلال اقتحامات إسرائيلية لبلدة سلواد شمالي الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

«حرب استيطان» إسرائيلية موازية تتصاعد في الضفة

أب فلسطيني يتلقى التعازي الاثنين الماضي قرب جثمان ابنه الذي قُتل خلال اقتحامات إسرائيلية لبلدة سلواد شمالي الضفة الغربية (أ.ف.ب)
أب فلسطيني يتلقى التعازي الاثنين الماضي قرب جثمان ابنه الذي قُتل خلال اقتحامات إسرائيلية لبلدة سلواد شمالي الضفة الغربية (أ.ف.ب)

فيما بدا «حرباً موازية» لما يجري في قطاع غزة، صعّد مستوطنون إسرائيليون متطرفون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية عبر اقتحامات لبلدات، وإقامة بؤر استيطانية جاء أحدثها شرقي رام الله والبيرة، ومنطقة غور الأردن، فضلاً عن اقتلاع مئات من أشجار وشتلات الزيتون، وتواكب ذلك مع اعتقال الجيش الإسرائيلي لـ41 شخصاً.

وأكدت أوساط سياسية في تل أبيب أن التيار التابع لليمين المتطرف الذي ينفذ تلك الاعتداءات «يسعى بذلك إلى إشاعة الفوضى وتفجير الأوضاع في الضفة الغربية، تطبيقاً لـ(خطة الحسم) التي يروج لها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وتستهدف نسف أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية».

ورصدت جهات محلية فلسطينية نشاطات المستوطنين، خلال 24 ساعة، وكان من بينها «إقامة بؤرة استيطانية شرقي مدينتي البيرة ورام الله»، وقال رئيس المجلس القروي لقرية برقة شرقي البيرة، صائل كنعان، إن «مجموعة من المستوطنين أقاموا بؤرة استيطانية على أراضي القرية، الخميس، تهدف للسيطرة على أراضٍ واسعة وربطها بمستوطنات مُقامة منذ سنوات في المنطقة».

وأفاد كنعان بأن الأراضي «ملك خاص لأهالٍ ويملكون أوراقاً رسمية بشأنها»، وذكر أن «المستوطنين وبدعم وحماية من الجيش الإسرائيلي يسيطرون على نحو ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) من أراضي القرية، وهذه هي خامس بؤرة استيطانية مقامة على أراضي برقة وتفصلها عن مدينة البيرة».

وأكد كنعان أن «الجيش الإسرائيلي الذي يحمي المستوطنين، يمنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم، ويغلق مدخل القرية بحجة منع الاحتكاك، لكنه لا يمنع المستوطنين، بل شوهد عدد منهم يشغلون الحاجز العسكري إلى جانب الجنود».

مستوطنون ينقلون مواد بناء باتجاه بؤرة استيطانية في قرية الجبعة بالضفة يناير 2023 (أ.ف.ب)

وفي الجنوب الشرقي لغور الأردن، اقتحمت مجموعة من المستوطنين، الخميس، تجمع عرب المليحات شمال غربي أريحا، وقال المشرف على «منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو» حسن مليحات، بأن «المستعمرين اليهود اقتحموا تجمع عرب المليحات في طريق المعرجات، وقاموا بدهس مجموعة أغنام قرب مساكن المواطنين، تعود للمواطن سليمان مليحات، ما تسبب بنفوق عدد منها».

وفي نابلس اقتلع مستوطنون متطرفون، الخميس «450 شتلة زيتون ولوزيات، في أراضي قرية دير شرف غرب المدينة»، وأفاد المواطن غازي عنتري بأنه اكتشف بعد توجهه إلى أرضه الواقعة في المنطقة المقابلة لمستوطنة «شافي شمرون» غرب دير شرف، أن المستوطنين «اقتلعوا هذا العدد من أشتال الزيتون واللوزيات من أرضه البالغة مساحتها عشرة دونمات».

وأوضح عنتري أنه «كان يعمل في أرضه منذ بدء العدوان على قطاع غزة، حيث غرس فيها قرابة 250 شجرة، إضافة إلى 200 كانت مزروعة فيها سابقاً، وأن المستعمرين استغلوا المنخفض الجوي خلال الأيام الثلاثة الماضية لتدمير أشتاله». وأشار إلى أن «هذه هي المرة الرابعة التي يقتلع فيها المستعمرون الأشجار في أرضه خلال السنتين الماضيتين، حيث دمروا 99 شجرة و102 و200 في المرات الثلاث الماضية».

وكانت «دائرة الأوقاف الإسلامية» في القدس أشارت، الخميس، إلى تواصل «اقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى، بحماية الشرطة الإسرائيلية، بينما يتم تقليص دخول المصلين المسلمين».

وأفاد شهود عيان بأن «عشرات المستوطنين قدموا من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدوا طقوساً تلمودية». وفي الوقت ذاته، منعت الشرطة الإسرائيلية المتمركزة على أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى المواطنين من الدخول، ما تسبب بانخفاض أعداد المصلين للشهر الرابع على التوالي.

وتواكبت التحركات الاستيطانية مع حملة اعتقالات واسعة يقوم بها الجيش الإسرائيلي في جميع أنحاء الضفة الغربية، ويتم خلالها اقتحام البلدات وتطويقها، ونصب الحواجز العسكرية، واحتلال أسطح البيوت ونشر القناصة عليها، ومهاجمة البيوت بالجنود والكلاب بشكل يروع الأطفال والعجزة. كما يجري الجيش «حملات تفتيش تترافق مع عمليات تخريب في مؤونة البيوت والأثاث»، وأفاد شهود بتنفيذ الجنود «اعتداءات بالضرب، وممارسات إذلال وإهانات ثم تنتهي بمصادرة سيارات وأموال وتخريب وتدمير في البنى التحتية، مثل خطوط المياه والكهرباء والهواتف والشوارع».

واعتقلت قوات الجيش والمخابرات والشرطة الإسرائيلية، ليل (الأربعاء - الخميس) 41 مواطناً من الضفة بينهم امرأة، وذلك في مدن (الخليل، وطوباس، وجنين، وأريحا، وبيت لحم، ونابلس، والخليل، وحواسان، وتقوع، وبيت أيبا، ويطا، وحزما، وعزون، وكفر قدوم)، لترتفع بذلك حصيلة الاعتقالات بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 6460 شخصاً جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا كرهائن.


مقالات ذات صلة

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، أن قواته نفذت «عمليات لمكافحة الإرهاب» في جنين، خلال اليومين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية حول منشأة زراعية ومنزل بعد مداهمة قُتل خلالها 3 فلسطينيين في قباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

التصعيد يعود إلى الضفة و«طنجرة الضغط» تقتل 3 فلسطينيين في جنين

قتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في جنين، شمال الضفة الغربية، في أحدث هجوم على المدينة، بعد هدوء نسبي أعقب سلسلة دامية من الهجمات.

كفاح زبون (رام الله)
الولايات المتحدة​ وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة «أمانا» الإسرائيلية للاستيطان (أ.ب)

وزارة الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على منظمة استيطانية إسرائيلية

فرضت الولايات المتحدة اليوم الاثنين عقوبات على منظمة «أمانا» الاستيطانية الإسرائيلية متهمة إياها بالمساعدة في ارتكاب أعمال عنف في الضفة الغربية المحتلة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
TT

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)
جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

أفاد الدفاع المدني في غزة صباح السبت، بمقتل 19 شخصاً، بينهم أطفال، في غارات ليلية إسرائيلية وقصف مدفعي عنيف على مناطق مختلفة في القطاع الفلسطيني، فيما حذرت وزارة الصحة في القطاع أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود؛ إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع المدمر الذي تشن عليه حرباً منذ أكثر من عام، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية «استشهد 19 مواطناً وأصيب أكثر من 40 آخرين وغالبيتهم في ثلاث مجازر في سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة بعد منتصف الليل وحتى صباح اليوم على قطاع غزة».

وأفاد التلفزيون الفلسطيني في وقت سابق بمقتل ستة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً بحي الزيتون شرق مدينة غزة.

وذكرت وزارة الصحة في غزة أن القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر يوم الجمعة قتل 38 شخصاً.

وتتواصل ردود الفعل الدولية بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية الخميس مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق في حكومته يوآف غالانت، وقائد «كتائب عز الدين القسام» الجناح المسلح لـ«حماس» محمد الضيف، بشبهة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في النزاع الدائر في غزة منذ أن شنت «حماس» هجوماً غير مسبوق على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال المدير العام للمستشفيات الميدانية الطبيب مروان الهمص: «نوجه الإنذار العاجل ونحذر من أن مستشفيات قطاع غزة كاملة ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود».

من جانبه، أعلن الدفاع المدني انتشال جثث اثني عشر قتيلاً وعشرات الجرحى إثر غارتين إسرائيليتين استهدفتا منزلين أحدهما شرق مدينة غزة والآخر في جنوبها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه قتل في القطاع خمسة من عناصر «حماس» ضالعين في هجوم 7 أكتوبر 2023.

وأدت هذه الضربة إلى مقتل وفقدان العشرات حسب مصادر طبية فلسطينية.

من جهتها، أبدت منظمة الصحة العالمية «قلقاً بالغاً» على وضع 80 مريضاً، بينهم ثمانية في العناية المركزة، وعلى العاملين في «مستشفى كمال عدوان»، أحد المستشفيين الوحيدين اللذين يعملان جزئياً في شمال غزة.

وبحسب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فإن المستشفى استُهدف بهجوم بمسيّرة الخميس؛ ما أدى إلى إتلاف مولد كهرباء وخزان مياه.

وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مؤسسته استُهدفت مرة أخرى بغارات إسرائيلية الجمعة، حيث أصيب طبيب واحد ومرضى.

وباشر الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية كبيرة في شمال قطاع غزة في السادس من أكتوبر لمنع مقاتلي «حماس» من إعادة تشكيل صفوفهم على ما أفاد.

«أطفال أبرياء»

وقال بلال في إحدى قاعات «المستشفى الأهلي العربي» حيث نُقل الضحايا: «أهلي كلهم قُتلوا، أنا الوحيد المتبقي من العائلة. أوقفوا الظلم».

وقال رجل آخر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» وهو جالس قرب فتى ممدد بلا حراك على سرير مستشفى: «كان هناك أطفال أبرياء (...) ما ذنبهم؟!».

وأسفرت حملة الجيش الإسرائيلي في غزة حتى الآن عن ما لا يقل عن 44056 قتيلاً، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وكان هجوم «حماس» على إسرائيل قد خلف 1206 قتلى، غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

كذلك، احتُجز خلال الهجوم 251 شخصاً رهائن ونُقلوا إلى غزة، ولا يزال 97 منهم في القطاع، ويقدر الجيش الإسرائيلي أن 34 من هؤلاء الرهائن المتبقين ماتوا.

«سابقة خطيرة»

بعد مرور أكثر من عام على بدء الحرب، أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية الخميس غضب إسرائيل.

وأكد نتنياهو مساء الخميس أنه «ما من قرار فاضح مُعادٍ لإسرائيل بإمكانه أن يمنعنا، وتحديداً أنا، من مواصلة الدفاع عن بلدنا بأيّ طريقة»، مضيفاً: «لن نستسلم للضغوط».

ورأى غالانت في القرار «سابقة خطيرة (...) تشجع على الإرهاب».

أما الرئيس الأميركي جو بايدن فندد بالقرار، معتبراً أنه «مشين»، في حين قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الجمعة إنه سيدعو نتنياهو إلى زيارة المجر، في «تحدٍّ» للقرار.

ورحب نتنياهو بموقف أوربان، معتبراً أنه ينم عن «وضوح أخلاقي».

وقالت فرنسا الجمعة إنها «أخذت علماً» بقرار المحكمة.

والدول الـ124 الأعضاء في «الجنائية الدولية»، وبينها المجر، ملزمة نظرياً بتوقيف المسؤولين الثلاثة في حال دخولهم أراضيها.

من جانبها، لمّحت الحكومة البريطانية الجمعة إلى أن نتنياهو يمكن أن يُعتقَل بموجب مذكرة التوقيف.

وأعلن رئيس الوزراء الآيرلندي سايمون هاريس أن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد.

ورداً على سؤال للتلفزيون العام «آر تي آي» عما إذا كانت آيرلندا، عضو «الجنائية الدولية»، ستعتقل نتنياهو إذا زار البلاد، قال: «نعم، بالتأكيد».

وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الجمعة أن وزراء خارجية «مجموعة السبع» سيناقشون خلال اجتماعهم الاثنين والثلاثاء قرب روما مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة.

في المقابل، رأت إيران في القرار «موتاً سياسياً للكيان الصهيوني»، في حين دعت الصين المحكمة إلى «موقف موضوعي وعادل».

ورحبت «حماس» بقرار المحكمة، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».