البلدات المسيحية في جنوب لبنان آمنة من الحرب... لكنها تعاني

لجأ إليها عدد قليل من أهالي القرى المحيطة

لبناني من سكان بلدة رميش الحدودية في جنوب لبنان ينقل الخبز في 3 نوفمبر الماضي (رويترز)
لبناني من سكان بلدة رميش الحدودية في جنوب لبنان ينقل الخبز في 3 نوفمبر الماضي (رويترز)
TT

البلدات المسيحية في جنوب لبنان آمنة من الحرب... لكنها تعاني

لبناني من سكان بلدة رميش الحدودية في جنوب لبنان ينقل الخبز في 3 نوفمبر الماضي (رويترز)
لبناني من سكان بلدة رميش الحدودية في جنوب لبنان ينقل الخبز في 3 نوفمبر الماضي (رويترز)

لا تتعرض القرى المسيحية الحدودية لأي قصف إسرائيلي مباشر منذ اندلاع المواجهات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على خلفية عملية «طوفان الأقصى»؛ إذ تركز المسيّرات والطائرات الحربية كما المدفعية الإسرائيلية، على أهداف تابعة لـ«حزب الله»، أو بلدات يتحرك في نطاقها؛ ما يجعل القرى المسيحية آمنة نسبياً؛ وهو ما دفع بعدد قليل من العائلات الشيعية والسنية المحيطة بها، للجوء إليها، في حين فضّل القسم الأكبر التوجه إلى مناطق بعيدة عن الحدود.

وغادرت أيضاً أعداد كبيرة من المسيحيين هذه البلدات، مع توقف معظم الأعمال، والتحول إلى الدراسة عن بُعد. ونقل البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظته يوم الأحد الماضي، عمن قال إنهم «أهالي القرى الحدوديّة في الجنوب»، رفضهم أن يكونوا «رهائن ودروعاً بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، وفي حرب لا شأن للبنان فيها، ولثقافة الموت التي لم تجرّ على بلادنا سوى الانتصارات الوهميّة والهزائم المخزية».

البطريرك الراعي في قداس في بكركي (الوطنية للإعلام)

وتعرّض الراعي بعد كلامه هذا، لحملة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل مناصري «حزب الله»، اتهمته «بخدمة إسرائيل» بهذا الخطاب.

وتنسجم مواقف أبناء القرى المسيحية الحدودية، مع مواقف الزعماء المسيحيين الذين عبّروا بوضوح، عن رفضهم جرّ البلد إلى الحرب نصرةً لغزة والفلسطينيين، إلا أن معظمهم رضخوا للأمر الواقع، وباتوا يحاولون التأقلم مع الوضع الحالي الذي فُرض عليهم.

ويشير رئيس بلدية رميش، ذات الغالبية المسيحية والمتاخمة للحدود مع إسرائيل، ميلاد العلم، إلى أن البلدة استقبلت 15 عائلة من بلدة يارون، ونحو 20 عائلة من بلدتي مروحين والبستان، فيما عدد سكان رميش حالياً نحو 6500 شخص.

دبابة إسرائيلية تقصف جنوب لبنان (أ.ف.ب)

ويؤكد العلم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «معاناة القرى ذات الغالبية المسيحية هي نفسها معاناة كل أهل الجنوب. فالأعمال متوقفة منذ 4 أشهر، والأهالي غير قادرين على دفع أقساط مدارس أولادهم، وبالتالي فإن إدارات هذه المدارس، لم تعد قادرة على دفع رواتب الأساتذة؛ ما سيجعل 1000 طالب في رميش وحدها، من دون تعليم كان يتم مؤخراً عن بُعد».

ويضيف: «كما أن مورّدي المواد الأساسية يخشون التوجه إلى القرى الحدودية، ولم نتمكن هذا الشهر من تأمين المساعدات الغذائية للسكان. إضافة إلى ذلك، فإن زراعة التبغ تحصل عادة نهاية شهر فبراير (شباط)، وإذا ظلّ الوضع على ما هو عليه، فلن يتمكن الأهالي من التوجه إلى الحقول؛ ما يعني أنه لن تكون لديهم أي مداخيل لتأمين معيشتهم».

من جهته، يوضح رئيس بلدية عين إبل عماد اللوس، أن عدد الموجودين في بلدته حالياً، هو نحو 500 شخص من أبناء القرية، علماً أن عددهم في هذه الفترة من العام الماضي، كان يبلغ نحن 1600 شخص. ويشرح اللوس لـ«الشرق الأوسط»، أن أبناء القرى الشيعية كما السنية، لم يلجأوا إلى عين إبل لتفضيلهم الذهاب إلى مناطق داخلية بعيدة عن القصف، قائلاً: «صحيح أننا لا نتعرض للقصف، إلا أننا نسمع ليل نهار أصوات المدفعية والطائرات، كما أننا نعاني الأمرّين من توقف معظم الأعمال».

دخان قصف إسرائيلي في الجنوب اللبناني (أ.ف.ب)

ويضيف اللوس: «البطريرك الراعي ينطق بلساننا. ونحن نرى أن لا ناقة لنا ولا جمل بهذه الحرب التي تركت تداعيات كبيرة على أهالينا الذين اضطر العدد الأكبر منهم، إلى النزوح إلى بيروت».

ويقول م. ش (33 عاماً) وهو أحد سكان القرى المسيحية الحدودية، إن «هناك قراراً ضمنياً في أكثر من بلدة بعدم استقبال نازحين من قرى شيعية؛ خوفاً من أن يأتي أحد الذين يقاتلون في صفوف (حزب الله) لزيارة أهله أو أقاربه؛ ما يؤدي لاستهداف القرية»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن العمل هو «لتحييد هذه المناطق التي تعاني الأمرّين، بعد توقف معظم الأعمال فيها وبخاصة أعمال الزراعة بسبب خشية الأهالي من التوجه إلى البساتين التي تتعرض باستمرار للقصف».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

المشرق العربي فتاة لبنانية تلتقط صوراً لمكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

«حزب الله» يؤكد مقتل علي كركي مع نصر الله... ويكشف قيادته جبهة الجنوب

أكد «حزب الله» اللبناني، الأحد، مقتل القيادي علي كركي في غارة إسرائيلية استهدفت بعض قياديي الجماعة في لبنان وعلى رأسهم أمينها العام حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

رئيس مجلس الوزراء اليمني: سنرى مشاريع قادمة في مسيرة البناء والتنمية مع السعودية

رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك اطّلع على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك اطّلع على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر (الشرق الأوسط)
TT

رئيس مجلس الوزراء اليمني: سنرى مشاريع قادمة في مسيرة البناء والتنمية مع السعودية

رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك اطّلع على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر (الشرق الأوسط)
رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك اطّلع على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر (الشرق الأوسط)

اطلع رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، على مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر، ومشروع إعادة تأهيل منفذ الوديعة، اللذين ينفذهما «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، وذلك خلال زيارة رافقه فيها مدير مكتب البرنامج في محافظة مأرب، علي الدوسري، وعدد من المسؤولين والمختصين.

وقال بن مبارك: «ما هذه المشاريع إلا عدد من المشاريع التي سبقتها مشاريع استراتيجية كبرى، وستعقبها مشاريع أخرى في مسيرة الشراكة في مجال التنمية مع السعودية. بالشراكة مع الأشقاء سنكون معاً في معركة البناء والتنمية».

وأشاد رئيس الوزراء اليمني، بدعم السعودية في هذه المشاريع الحيوية الاستراتيجية، وغيرها من المشاريع، منوهاً بأهمية هذا الخط الاستراتيجي الذي يربط اليمن بالسعودية، وتطلعه إلى مزيد من الشراكة في مجال التنمية.

ووقف رئيس مجلس الوزراء على إنجاز المقطع الأول من مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر بطول 50 كم، الذي يمتد من منطقة الضويبي إلى منطقة العبر، وكذلك سير الأعمال في المقطع الثاني من منطقة غويربان إلى منطقة الضويبي بطول 40 كم.

كما اطلع على سير الأعمال في مشروع إعادة تأهيل منفذ الوديعة، الذي تشمل أعماله إنشاء مبانٍ جديدة وإعادة تأهيل المباني القائمة، واستكمال أعمال الطرق والساحات والموقع العام، وتنفيذ طبقات الطرق والأرصفة والساحات والأسوار والبوابات الأمنية، وتوفير اللوحات الإرشادية والمرورية، وأنظمة المراقبة الأمنية، وتعزيز مصادر المياه والطاقة في المنفذ.

ويأتي مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر للمساهمة في الحد من الأخطار والأضرار الناجمة عن تهالك الطريق، ورفعاً من كفاءة التنقل، وتسهيل حركة الأفراد، وتحسين الحركة التجارية بشكل آمن، وتعد طريق العبر خط ربط دولي وشرياناً رئيسياً يربط بين المحافظات اليمنية.

رئيس الوزراء اليمني أشاد خلال زيارته بدعم السعودية في هذه المشاريع الحيوية الاستراتيجية (الشرق الأوسط)

كما جاء مشروع إعادة تأهيل منفذ الوديعة؛ رفعاً لكفاءته وطاقته الاستيعابية، وتحسيناً للبنية التحتية لقطاع النقل في اليمن، وتعزيزاً للحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين الشقيقين.

ويدعم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» قطاع النقل في اليمن بمشاريع ومبادرات تنموية شاملة تخدم مختلف مجالات القطاع من موانئ ومنافذ ومطارات وطرق، وقد أسهم في تحسين مستوى التنقل والبنية التحتية والفرص اللوجستية، وتوفير النقل الآمن للأفراد، إضافة إلى تعزيز القدرة على الوصول إلى الخدمات والأسواق، كما دعم الروابط الاجتماعية والحركة التجارية والاقتصادية.

يأتي مشروع توسعة وإعادة تأهيل طريق العبر للمساهمة في الحد من الأخطار والأضرار الناجمة عن تهالك الطريق ورفعاً من كفاءة التنقل (الشرق الأوسط)

وتُمثل مشاريع ومبادرات «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» في قطاع النقل، رافداً مهمّاً من روافد الاقتصاد اليمني، وتعد مساهماً رئيسياً في تحريك عجلة التنمية في اليمن، التي أثرت إيجاباً على دعم بقية القطاعات الخدمية والحيوية وتحسين حياة الأشقاء في اليمن.

يذكر أن «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» قدم مشاريع ومبادرات تنموية مستدامة في 8 قطاعات أساسية وحيوية، وهي: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وتنمية ودعم قدرات الحكومة اليمنية، والبرامج التنموية في أنحاء اليمن.