دمشق لضبط وهيكلة مؤسساتها والميليشيات المرتبطة بها

«حملات محاسبة» لمجموعات تحولت إلى عصابات بعد تراجع العمليات العسكرية

معبر «نصيب» على الحدود السورية - الأردنية (أ.ف.ب)
معبر «نصيب» على الحدود السورية - الأردنية (أ.ف.ب)
TT

دمشق لضبط وهيكلة مؤسساتها والميليشيات المرتبطة بها

معبر «نصيب» على الحدود السورية - الأردنية (أ.ف.ب)
معبر «نصيب» على الحدود السورية - الأردنية (أ.ف.ب)

بينما لم تتضح بعد صحة الأنباء المتضاربة حول مصير أحد أبرز أمراء الحرب السوريين بعد مداهمة مكاتب شركاته ومقرات مجموعاته في اللاذقية، تواردت الأنباء من مدينة حمص عن اختطاف مقاول من قبل زعيم ميليشيا محلية مسلحة مرتبطة بأحد الأجهزة الأمنية في ريف حمص، على خلفية رفضه الانسحاب من مناقصة طرحتها المحافظة.

جاء تواتر تلك الأنباء مع إعلان الرئاسة السورية، رسمياً، إعادة هيكلة أجهزتها الأمنية وتطوير التنسيق بينها، بهدف تعزيز الأداء في المرحلة المقبلة.

وفي اجتماع أخير للرئاسة مع القادة الأمنيين، وضع الاجتماع خريطة طريق أمنية، وفق «رؤى استراتيجية تحاكي التحديات والمخاطر الدولية والإقليمية والداخلية بما ينعكس على أمن الوطن والمواطن وأمن القوات المسلحة أيضاً»، بحسب بيان رئاسة الجمهورية الذي صدر بعد أقل من شهر على أحداث «الأمانة العام لرئاسة الجمهورية»، والذي تلته تغييرات وتنقلات في الأجهزة الأمنية، أبرزها تعيين اللواء علي مملوك مستشاراً لرئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، وتعيين اللواء كفاح الملحم خلفاً له في رئاسة مكتب الأمن الوطني، في حين نُقل اللواء كمال حسن من رئاسة فرع فلسطين ليصبح رئيس شعبة المخابرات العسكرية، خلفاً للواء كفاح الملحم.

نبش الحاويات بأحد شوارع دمشق من قبل أفراد حاصرهم غلاء المعيشة (الشرق الأوسط)

ونقل الإعلامي السوري المعارض، أيمن عبد النور، عبر حسابه في «إكس»، يوم الأحد، تسريبات تفيد بأن أول قرار للواء كفاح ملحم بعد استلام منصبه كان إعادة «المركزية الهرمية للجهاز الأمني، والتأكد من أن كل الإدارات والفروع تعمل بصورة كاملة وحصراً مع مكتب الأمن الوطني».

وأوضح عبد النور أن ذلك يعني «تخفيف الصلاحيات، وإلغاء الصلاحيات الاستثنائية التي كانت ممنوحة سابقاً، وفرض رقابة مباشرة داخل كل فرع».

مصادر متابعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق مقبلة على تغييرات تهدف إلى إعادة ضبط وهيكلة قوتها الأمنية والسياسية، والميليشيات المرتبطة بها التي تحولت بعد تراجع الأعمال العسكرية إلى شبكات ارتزاق وعصابات خطف ونهب متعددة الولاءات (روسيا، إيران، القصر، شقيق الرئيس).

وأضافت المصادر أن هذه الشبكات تستفيد من الصلاحيات الممنوحة لرؤساء الفروع في المحافظات بممارسة نشاطات غير شرعية بأريحية مطلقة ضمن مناطقها. وأصبح زعماء الميليشيات السابقون زعماء أو أمراء محليين، رغم وجود ملاحقات قانونية بحقهم لارتكابهم جرائم أو مخالفات.

سكان حي المزة فيلات بدمشق يتفقدون الأضرار في موقع الغارة الإسرائيلية على مبنى تابع لـ«الحرس الثوري الإيراني» 20 يناير (رويترز)

وتابعت المصادر أن تجاوزات تلك الشبكات بدأت تشكل عبئاً ثقيلاً على النظام ذاته، إن لم نقل باتت مصدر خطر يهدد أمن النظام وأمن الحلفاء. في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات خطيرة، في إشارة إلى عمليات الاغتيال التي نفّذتها إسرائيل لعدد من القادة والمستشارين الإيرانيين في دمشق.

»>http://

كانت وسائل إعلام وصفحات سورية مقربة من السلطات بدمشق قد بثّت أنباء عن إطلاق «حملات المحاسبة» مع إحالة نحو 100 موظف في الجمارك للتحقيق، بينهم ضباط ومديرون ورؤساء مفارز ومراقبون وخفراء، على خلفية كشف عمليات تزوير وثائق لتمرير البضائع.

مديرية الجمارك العامة في سوريا

ونقلت صحيفة «الوطن» المحلية المقربة من السلطة، الأحد، عن مصدر في الجمارك، كشفها عن إقالة أو كف يد نحو 30 من المحقق معهم، وأنهم باتوا خارج العمل الجمركي.

كما طالت «حملات المحاسبة» أحد أمراء الحرب، المعروف بـ«أبي علي خضر»، وكان مقرباً من شقيق الرئيس ماهر الأسد، وبرز اسمه بأعمال ترفيق البضائع والمعابر منذ عام 2011 قبل أن يظهر على الساحة عام 2017، مع إنشائه شركة «القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية» المدرجة لاحقاً على قوائم العقوبات الدولية. تقدم أبو خضر بعدها إلى الواجهة الاقتصادية، بعد إزاحة رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الرئيس. وشمل نشاط أبي علي خضر الاتصالات والجمارك والتعهدات والصرافة وغيرها.

وتشير المعلومات المتداولة إلى صدور قرار قبل نحو الشهر بالتدقيق في أعمال أبي علي خضر، واستعادة الأموال التي اكتسبها بطريقة غير مشروعة، وعدم التعامل معه من قبل أي جهة حكومية.

»>http://

وأفاد موقع «صوت العاصمة» المحلي، يوم الجمعة، بعثور القوى الأمنية السورية على سجن سري تحت الأرض، ضمن مستودع تابع لأبي علي خضر في مدينة اللاذقية خلال مداهمته الأسبوع الماضي، ونقل الموقع عن مصادر قولها إن اشتباكات مع حراسه أدت إلى مقتل وجرح عدد منهم.

وعثر في السجن السري على 3 مخطوفين، أحدهم ابن تاجر كبير ومعروف في مدينة حلب، وجرى نقله إلى مستشفى في اللاذقية، بينما الاثنان الآخران نُقلا إلى دمشق. كما تم اكتشاف جثتين في فناء المستودع، وأسلحة رشاشة ومواد مخدرة وكميات من المبالغ المالية المزوّرة. مع الإشارة إلى أن المستودع يستخدم لتخزين المشروبات الروحية والعصائر المهربة وبضائع تبغية يحتكر تجارتها في سوريا.

صورة متداولة على مواقع التواصل لشجاع العلي

على صعيد متصل، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، عن قيام مجموعة مسلحة في ريف حمص الغربي، يتزعمها المدعو «شجاع العلي»، باختطاف المقاول محمود الرجب لرفضه الانسحاب من المناقصة التي تمّ الإعلان عنها من قبل مديرية الأشغال في مدينة حمص لإزالة الأنقاض وهدم المباني الآيلة للسقوط في حي الخالدية الذي دمر في الحرب.

ونقل المرصد عن نشطائه في حمص، قولهم: «إن عملية الاختطاف أتت عقب حصول مشادات كلامية بين الرجب والمقاول علي عبد الكريم الذي يرتبط بعلاقات وثيقة برؤساء الأفرع الأمنية»، ومع شجاع العلي.

وبحسب مصادر أهلية في حمص، فإن «شجاع العلي» ملاحق بكثير من القضايا الجنائية، ويمتلك عدة محطات وقود ومطاعم، ونحو 400 عنصر مسلح ضمن منطقة محصنة في ريف حمص الغربي، ولديه سجن للمخطوفين.

وتضيف المصادر أن شجاع العلي «يقوم بأعمال خيرية»، ولديه أتباع، وقد قام مؤخراً بنصب تمثال للرئيس بشار الأسد في قريته بلقسة بريف حمص.


مقالات ذات صلة

المحكمة العليا الإسرائيلية تباشر مداولات عزل نتنياهو

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - د.ب.أ)

المحكمة العليا الإسرائيلية تباشر مداولات عزل نتنياهو

رفضت النيابة العامة الإسرائيلية، طلب نتنياهو تأجيل مثوله أمام المحكمة المركزية في القدس للإدلاء بشهادته في ملفات الفساد.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

كيف أطال نتنياهو حرب غزة للهروب من فضائح الفساد؟

يربط فيلم «ملفات بيبي» بين فضائح الفساد التي تطارد نتنياهو واستراتيجياته للبقاء في السلطة، حتى لو كان الثمن استمرار الحرب في غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شرطيان إيطاليان (رويترز - أرشيفية)

توقيفات ومصادرة 520 مليون يورو في تحقيق أوروبي بشأن المافيا والتهرب الضريبي

ألقت الشرطة في أنحاء أوروبا القبض على 43 شخصاً وصادرت 520 مليون يورو، في تحقيق أوروبي بمؤامرة إجرامية للتهرب من ضريبة القيمة المضافة.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية داني جوردان (رويترز)

اعتقال رئيس اتحاد جنوب أفريقيا لكرة القدم بسبب مزاعم فساد

ذكرت وسائل إعلام محلية أن السلطات في جنوب أفريقيا ألقت القبض على داني جوردان، رئيس الاتحاد الوطني لكرة القدم، الأربعاء؛ بسبب مزاعم بشأن استخدام أموال الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
الخليج «نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

شهّرت هيئة الرقابة السعودية بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، والعمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
TT

كردستان يرد على صهر صدام: إيران لم تقصف حلبجة بالكيماوي

معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)
معرض عن ذكرى قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي عام 1988 (أ.ف.ب)

تفاعلت أوساط عراقية مع المقابلة التي أجرتها «الشرق الأوسط» مع جمال مصطفى، صهر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وسكرتيره الثاني.

وردّاً على قوله إن إيران قصفت مدينة حلبجة (شمال العراق) بالسلاح الكيماوي نهاية الثمانينات، أصدرت حكومة إقليم كردستان بيان تكذيب، شدّدت فيه على أن «ما قاله صهر الديكتاتور العراقي السابق (صدام حسين) ملفق، وعارٍ عن الصحة».

رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني (إعلام حكومي)

وجاء في بيان لمكتب رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، أنه «في مقابلة مع صحيفة (الشرق الأوسط) أطلق شخص يُدعى جمال مصطفى التكريتي، صهر الديكتاتور العراقي السابق، ادعاءً يُنكر فيه الهجوم الكيماوي الذي اقترفه النظام البعثي السابق على حلبجة، وتمادى في ادعائه، ناسباً تصريحاً باطلاً لرئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، بأن (طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة)».

وقال مكتب بارزاني: «إن رئيس حكومة الإقليم لم يسبق أن أدلى بمثل هذا التصريح»، وشدد البيان على أن «مرتكبي الهجوم الكيماوي على حلبجة هو النظام العراقي السابق نفسه، وكل الأدلة تُثبت قطعاً أنه مَن اقترف هذه الجريمة».

وكان جمال مصطفى قد قال في المقابلة التي أجراها مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»، غسان شربل، إن «إيران هي مَن قصفت حلبجة»، والشاهد على ذلك قبل فترة غير بعيدة، مسرور بارزاني، رئيس وزراء كردستان الذي أعلن «أن طائرتين إيرانيتين قصفتا حلبجة قبل دخول الإيرانيين إليها».

وتعرضت حلبجة في 16 مارس (آذار) 1988، إلى القصف بالأسلحة الكيماوية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من مواطنيها، وإصابة ضعف هذا العدد، كثير منهم يعاني حتى اليوم من تأثيرات الغازات السامة، وفقاً لمؤسسات حكومية ومدنية في كردستان.

وفي يناير (كانون الثاني) 2010 حُكم بالإعدام على علي حسن المجيد، الملقب بـ«علي الكيماوي»، ابن عم صدام حسين، ونفذ فيه الحكم لمسؤوليته عن «مجزرة» حلبجة.

جمال مصطفى مع رئيس التحرير غسان شربل خلال المقابلة

وتفاعل مدونون في مواقع التواصل الاجتماعي مع تصريحات صهر صدام عن زعيم حزب «السيادة»، خميس الخنجر.

وقال مصطفى، إن المحققين (خلال فترة احتجازه) حاولوا تلفيق تهمة، مفادها أنه «أعطى قبل الاحتلال، خميس الخنجر، مائتين وخمسين مليون دولار، وقالوا له: إذا لم تعترف بذلك ستبقى في السجن طيلة عمرك».

وأكد صهر صدام، أن هذا «الادعاء لا أساس له من الصحة، رغم أنه كان على علاقة بالخنجر» بحكم «اهتمامه بملف العشائر».

واستعاد مدونون الجدل حول محاكمة أركان النظام السابق، في حين شكك عدد منهم في تصريحات جمال مصطفى حول تلك الحقبة.

وجمال مصطفى التكريتي، ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي، وعُيّن في جهاز حماية صدام، ومسؤول عن ملف شؤون القبائل والعشائر، وهو زوج «حلا»، الابنة الصغرى لصدام حسين.