ماذا حققت زيارة رئيس إقليم كردستان لبغداد؟

في ظل توترات بشأن ملفي الأمن والرواتب

نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)
نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)
TT

ماذا حققت زيارة رئيس إقليم كردستان لبغداد؟

نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)
نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان أثناء مؤتمر صحافي (الأحد) في بغداد (الموقع الرسمي لرئاسة الإقليم)

في حين حققت لقاءات واجتماعات رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، في بغداد، انفراجة في أزمة رواتب موظفي الإقليم، فإنها لم تُهدئ كثيراً من الهواجس الأمنية الكردية من المُسيرات الموجَّهة نحو قاعدة «حرير» العسكرية التي تضم جنوداً أميركيين، وتقع بالقرب من أربيل.

وتواصل وفود كردية حكومية وحزبية إجراء مباحثات في بغداد بشأن كثير من القضايا العالقة بين الطرفين، فيما اختتم بارزاني مباحثات وُصفت بـ«الناجحة» مع كبار المسؤولين في الحكومة الاتحادية، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

واستمرت زيارة رئيس إقليم كردستان لبغداد، 3 أيام، بدأها بلقاء مع السوداني، واختتمها باجتماع مع السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي، فضلاً عن اجتماعات مع قيادات سياسية وحزبية من بينهم رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وعمار الحكيم زعيم «تيار الحكمة» وآخرين.

وأقر مجلس الوزراء العراقي خلال جلسته (الأحد)، إرسال نحو 600 مليار دينار عراقي (نحو 500 مليون دولار أميركي) للشهور الثلاثة الماضية كدفعة من رواتب موظفي إقليم كردستان، التي كانت عالقة بسبب خلافات بين الحكومتين حول الالتزامات المالية المتبادلة.

وأشاد رئيس الإقليم بقرار «الوزراء العراقي»، وقال في حديث للصحافيين، إن «زيارتنا بغداد كانت بالدرجة الأساس للمشاركة في مراسم يوم الشهيد العراقي، وبعد ذلك أجرينا مجموعة من الاجتماعات مع جميع الجهات السياسية العراقية ويجب أخذ هذه اللقاءات بشكل طبيعي، بما أننا نعيش على هذه الجغرافيا فمن الطبيعي أن نزور بغداد ونناقش المشكلات الموجودة ونحاول حلها».

وأضاف: «ناقشنا في هذه اللقاءات موضوعين أساسيين؛ الأول: مسألة قوت مواطني إقليم كردستان، ونعتقد أن حكومة الإقليم أدت كل ما عليها من التزامات تجاه بغداد ويجب التعامل في مسألة الرواتب مع الإقليم كسائر المحافظات العراقية، ويجب ألا تتحول هذه المسألة إلى سياسية أو ورقة ضغط».

وتوجَّه بارزاني بالشكر لرئيس الوزراء العراقي على قرار إرسال الرواتب، وقال إن «الموضوع لم يكن أصلاً مدرجاً في أجندة الاجتماع، لكنه أكد إضافته إلى الأجندة، ونعتقد أن هذا القرار بداية جيدة لحل المشكلات».

على الجانب الآخر، وبينما كان رئيس إقليم كردستان يُجري مباحثاته في بغداد كانت عملية الاستهداف مستمرة للإقليم عبر الطائرات المسيّرة التي تطلقها بين فترة وأخرى فصائل مسلحة باتجاه قاعدة حرير التي تضم جنوداً أميركيين، وتقع بالقرب من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان.

وقال بارزاني: «نعتقد أن الهجمات بالطائرات المُسيّرة على إقليم كردستان ستقوّض الأمن في الإقليم والعراق أيضاً، لأنها مرتبطة، ويجب عدم فصلها، وهذه كانت مسألة أساسية تحدّثنا عنها مع جميع الجهات السياسية». وأضاف: «بالتأكيد يحتاج الأمر إلى مناقشات أكثر لكننا نتمنى حلها».

كانت أزمة المُسيرات بنداً في لقاء بارزاني مع السفيرة الأميركية في بغداد، إلينا رومانسكي، وذلك إلى جانب مناقشة القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان.

وكشفت رومانسكي (الاثنين) عن الملفات التي بحثت فيها مع رئيس الإقليم، وقالت عبر موقع «إكس»: «التقيت بارزاني في بغداد، وناقشنا خلال اللقاء الجهود المبذولة من حكومة العراق وحكومة الإقليم في ما يتعلق بالنفط والميزانية لتلبية احتياجات العراق وإقليم كردستان وحماية المصالح التجارية الأميركية».

وأضافت: «أدنتُ بشدة الهجمات الأخيرة على بيرمام (الهجوم على قوات البيشمركة أواخر الشهر الماضي)، وأكدتُ وقوفنا إلى جانب الشركاء العراقيين وإقليم كردستان في محاربة هذه الهجمات الإرهابية».


مقالات ذات صلة

أميركا تعارض انتخابات «الإدارة الذاتية» الكردية

شؤون إقليمية سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي  (الشرق الأوسط)

أميركا تعارض انتخابات «الإدارة الذاتية» الكردية

تلقت «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي سوريا» رسالة أميركية مقلقة، دعتها فيها إلى عدم المضي بالانتخابات في الوقت الحالي، لأن «الظروف الملائمة لمثل هذه

كمال شيخو (القامشلي) سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مركبات تمر أمام الواجهة البحرية لنهر شط العرب في البصرة جنوب العراق مطلع مايو الحالي (أ.ف.ب)

العراق يتحضر لتعداد شامل يتلافى «الإشكاليات»

أعلن العراق انطلاق تعداد تجريبي بجميع محافظاته بما فيها محافظات إقليم كردستان يوم الجمعة المقبل، الذي سيكون حال تنفيذ نسخته النهائية الأول من نوعه منذ 27 عاماً.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جانب من الجلسة الأخيرة التي عقدها البرلمان العراقي في 18 مايو لانتخاب رئيس له (إ.ب.أ)

العراق: جداول الموازنة تفتح مبكراً معركة الانتخابات

تفيد معلومات متداولة بأن هناك ما يقرب من 70 نائباً في البرلمان العراقي يستعدون لأداء فريضة الحج؛ الأمر الذي ينذر بشل البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية الزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش (متداولة)

السجن 42 عاماً للزعيم الكردي صلاح الدين دميرتاش الموقوف في تركيا

قضت محكمة تركية بسجن الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرتاش، 42 عاماً، على خلفية مظاهرات عنيفة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

لبنان: عوائق دستورية وسياسية أمام طرح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب

القصر الرئاسي في لبنان: فراغ حتى إشعار آخر (إ.ب.أ)
القصر الرئاسي في لبنان: فراغ حتى إشعار آخر (إ.ب.أ)
TT

لبنان: عوائق دستورية وسياسية أمام طرح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب

القصر الرئاسي في لبنان: فراغ حتى إشعار آخر (إ.ب.أ)
القصر الرئاسي في لبنان: فراغ حتى إشعار آخر (إ.ب.أ)

في ظل تعثر الجهود الدولية لإخراج الملف الرئاسي اللبناني العالق من عنق الزجاجة منذ عام ونصف العام، تلجأ القوى السياسية اللبنانية بين الحين والآخر إلى اجتراح اقتراحات لحل الأزمة، وإن كان قسم لا بأس به منها يندرج حصراً في إطار «زكزكة» الخصوم.

آخر هذه الطروحات ما عرضه المرشح الأبرز لرئاسة الجمهورية، رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، على المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ألا وهو انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب.

الاقتراح المذكور ليس جديداً على أروقة السياسة اللبنانية؛ إذ سبق أن طرح في عام 2014، في ظل الشغور الرئاسي، من قبل الزعيم المسيحي العماد ميشال عون (قبل انتخابه رئيساً عام 2016)، الذي دعا إلى تعديل الدستور لانتخاب رئيس جديد بالاقتراع المباشر من الشعب، وجرى تطوير هذا الطرح مؤخراً من قِبل رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، عبر دعوته لإجراء الانتخابات الرئاسية على دورتين: دورة يشارك فيها المسيحيون حصراً، ودورة ثانية يشارك فيها جميع اللبنانيين.

ووفق معلومات «الشرق الأوسط»، لا يمانع فرنجية أن تجرى انتخابات كهذه على دورتين، ويعدّ أنه قادر على تأمين نصاب مسيحي، وكذلك نصاب وطني.

عون: اقتراح له محاذير

ويعدّ النائب ألان عون، عضو تكتل «لبنان القوي»، أن «فكرة إجراء الانتخابات مباشرة من الشعب هي عملياً اقتراح يجعل إجراء الاستحقاق تلقائياً، ويجنّبه التأخير أو التعطيل كما يحصل اليوم جراء عدم توفّر أكثرية للانتخاب وعدم توفّر توافق لتأمين تلك الأكثرية»، منبهاً إلى أن «لهذا الخيار محاذير في ظلّ النظام السياسي الطائفي اللبناني، الذي يقوم على توازن دقيق جداً بين الطوائف ومواقعها في النظام وصلاحياتها، ولذلك هو يتطلّب ليس فقط تعديلاً دستورياً؛ بل ضوابط كثيرة لعدم الإخلال بهذا التوازن، منها على سبيل المثال إجراؤه على دورتين؛ الأولى على المستوى الطائفي، والثانية على المستوى الوطني».

ويشير عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الانتقال إلى هذا التغيير الجذري في الانتخابات الرئاسية يتطلّب توافقاً وطنياً لإجراء التعديل الدستوري، وهو غير متوفّر، أو الانتقال إلى نظام سياسي مع إلغاء الطائفية، وهو أمر مستحيل في المدى المنظور».

أيوب: حرف للأنظار

من جهتها، تعدّ النائبة غادة أيوب، عضو تكتل «الجمهورية القوية»، أن «من يطرح مسألة الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب، يريد أن يحرف الأنظار عن التعطيل المتعمد والمكشوف الذي يمارسه فريق الممانعة»، مشددة على أن «هذا الطرح يحتاج إلى تعديل دستوري، مما يفتح الباب أمام نقاش يبدأ ولا ينتهي في ظل دستور لم يطبق بشقه السيادي الأساسي». وتضيف أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «فتح هذا الباب يترافق مع طروحات عدة في هذا المجال؛ من التأهيل المسيحي والتصويت الوطني، إلى الديمقراطية العددية، إلى نقاشات أخرى لا تنتهي».

وترى أيوب أن الحديث عن وجود استعصاء رئاسي «غير صحيح»، مشيرة إلى أن «هذا الاستعصاء مفتعل، وهو نتيجة عدم تطبيق الدستور».

أما عضو «اللقاء الديمقراطي»، الدكتور بلال عبد الله، فيوضح أن «أي تعديل لـ(دستور الطائف) في موضوع الرئاسة أو غير الرئاسة، يتطلب وفاقاً وطنياً ووجود حالة من الاستقرار للنقاش فيه، على أن يكون من خلال رزمة إصلاحات لـ(اتفاق الطائف)، مرتبطة بكل السلطة السياسية وليس فقط برئاسة الجمهورية»، عادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الحاضر، ربما يكون الوقت غير مناسب لطرح كهذا، مع إقرارنا بأهمية أن ينتخب رئيس من الشعب بوصفه خياراً ديمقراطياً ممتازاً».

الخير: لا لخلق أعراف جديدة

بدوره، يؤكد النائب في تكتل «الاعتدال الوطني»، أحمد الخير، التمسك بـ«(دستور الطائف) الذي حدد آليات لانتخاب رئيس الجمهورية»، قائلاً: «نحن لا نؤيد بالطبع أي طرح من شأنه القفز على (دستور الطائف) لخلق أعراف جديدة في الاستحقاقات الوطنية، لذا قدمنا (كتكتل) مبادرة لبنانية للحل، تحت سقف (دستور الطائف)، تبدأ بالتشاور لفترة محددة، ومن ثم جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس». ويضيف الخير لـ«الشرق الأوسط»: «نحن اليوم أمام استحقاق انتخاب رئيس جمهورية لكل اللبنانيين، وليس انتخاب رئيس جمهورية للمسيحيين فقط، والأجدر بالجميع اليوم العودة إلى (دستور الطائف) ونصه وروحيته، بدل التلهي بطروحات غير واقعية، والاقتناع بأنه في ظل الاستعصاء الحاصل بفعل التوازنات النيابية، لا حل إلا بالحوار والتشاور».

مالك: طرح شعبوي

دستورياً؛ يشرح الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك أن «مقدمة الدستور تنص صراحة على أن الشعب هو مصدر السلطات؛ لكنها أضافت أنه يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، وبالتالي، صحيح أن للشعب سلطة القرار، ولكن ليس بشكل مباشر في إطار نظام انتخابي مباشر، إنما بواسطة المؤسسات الدستورية ومنها مجلس النواب».

ويشير مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(المادة 49) من الدستور نصت صراحة على إيلاء صلاحية انتخاب رئيس للجمهورية إلى مجلس النواب، ونصت على الآلية. أما في حال كان هناك توجه كي يُصار إلى انتخاب الرئيس من الشعب، فهذا سيضرب الديمقراطية التوافقية التي يقوم عليها الدستور اللبناني، إضافة إلى أنه أمر يفترض تعديلاً دستورياً له أصول وقواعد منصوص عليها في المادتين (67) و(77) من الدستور، لا سيما لجهة أن نكون في عقد عادي، وأن يقدم طلب إعادة النظر من 10 نواب أو أكثر، وأن يحوز أغلبية موصوفة». ويخلص مالك إلى القول إن «هذا الطرح شعبوي لا يستقيم مع أحكام الدستور والديمقراطية التوافقية التعددية الموجودة ضمن المجتمع اللبناني».