العراق: انقسام شيعي حاد على وقع معركة رئاسة البرلمان

تخوين واتهامات بين أعضاء «التنسيقي» بدعم «أنصار البعث»

نواب عراقيون خلال جلسة يوم السبت الماضي لانتخاب رئيسٍ لبرلمان البلاد (الموقع الرسمي للبرلمان)
نواب عراقيون خلال جلسة يوم السبت الماضي لانتخاب رئيسٍ لبرلمان البلاد (الموقع الرسمي للبرلمان)
TT

العراق: انقسام شيعي حاد على وقع معركة رئاسة البرلمان

نواب عراقيون خلال جلسة يوم السبت الماضي لانتخاب رئيسٍ لبرلمان البلاد (الموقع الرسمي للبرلمان)
نواب عراقيون خلال جلسة يوم السبت الماضي لانتخاب رئيسٍ لبرلمان البلاد (الموقع الرسمي للبرلمان)

على الرغم من عدم التوصل لانتخاب رئيس جديد لبرلمان العراق؛ فإن تداعيات نتائج التصويت خلال جلسة النواب، السبت الماضي، أظهرت انقساماً حاداً بين الأُطر الشيعية التي سرعان ما تبادل ممثلوها ورموزها الاتهامات بـ«الخيانة» أو «دعم أنصار (حزب البعث) والرئيس السابق صدام حسين».

وعقد مجلس النواب العراقي جلسته، برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي، وحضور 314 نائباً، وكان جدولها انتخاب رئيس جديد للمجلس خلفاً للرئيس السابق، محسن الحلبوسي، الذي أُقيل بحكم قضائي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ولم يحسم التصويت اسم الفائز برئاسة البرلمان نظراً لعدم حصول أي من المرشحين على النسبة اللازمة للفوز، غير أن نتائج الفرز تضمنت حصول المرشح شعلان الكريم عن حزب «تقدم» (يرأسه الحلبوسي ويُصنف سُنياً) على 152 صوتاً، ونال النائب سالم العيساوي 97 صوتاً، فيما حظي محمود المشهداني، مرشح تحالف «عزم»، (مدعوم من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية) بـ48 صوتاً فقط؛ الأمر الذي فجّر خلافاً حاداً داخل القوى الشيعية دفع بعض أطرافها إلى «تخوين» الآخرين وتبادل الاتهامات الخطيرة.

وشن القيادي في حزب «الدعوة»، (المنخرط في «الإطار التنسيقي») عامر الكفيشي، (الاثنين) هجوماً لاذعاً على المصوتين للكريم من بين «أبناء الشيعة»، واستخدم بحقهم تعبيرات حادة ومسيئة. وقال في بيان شديد اللهجة، إن «ما جرى بالأمس تحت قبة مجلس النواب العراقي أمر مخزٍ ويبعث على الأسى عندما صوت بعض (...) الشيعة لصالح أعوان صدام (...)، إنها مسألة كارثية كبرى حلّت بأبناء المكون الأكبر في العراق (الشيعة)، وخيانة عظمى للأمانة».

وتابع: «الذين سقطوا في وحل هذه الصفقة البائسة، سواء مَن كانوا نواباً أو رؤساء كتل سيحاسبهم التاريخ وسيؤول مصيرهم إلى الخسران المبين».

وكان مستخدمون عراقيون لمواقع التواصل قد تداولوا مقطع فيديو منسوباً لشعلان الكريم، وقالوا إنه يتضمن تمجيداً لصدام، غير أن مؤيديه نفوا وقالوا إنه «مقتطَع، ومفبرَك، وقديم».

خلاف للاتفاق

ويسود اعتقاد في أوساط حزب «الدعوة» وزعيمه نوري المالكي الذي يقود ائتلاف (دولة القانون)، أن بعض قوى «الإطار التنسيقي» لم تفِ باتفاق اختيار رئيس جديد للبرلمان. لكنّ عضواً في «الإطار التنسيقي» قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(حزب الدعوة) و(ائتلاف دولة القانون) كانا يفضلان اختيار المشهداني على الآخرين، لكنّ جلسة التصويت جاءت خلافاً لتطلعاتهما ورغبتهما، مما أثار غضب بعض الشخصيات وأعضاء من الحزب».

ويضيف المصدر أن «ثمة اعتقاداً بانحياز (تيار الحكمة) الذي يقوده عمار الحكيم، ومنظمة (بدر) التي يقودها هادي العامري، إلى جانب تحالف (النصر) الذي يقوده حيدر العبادي، وأن يكونوا جميعاً صوّتوا للمرشح شعلان الكريم، ما رجّح كفّته، خلافاً للاتفاق الذي أبرموه مع قوى (التنسيقي)».

ولا يتوقع المصدر حسماً قريباً لقضية رئيس البرلمان، لأسباب عدة منها: «دعوى تمجيد (البعث) التي أُقيمت ضد الكريم، والمسار القانوني الذي لا يُستبعد معه اختيار مرشحين جدد وليس استكمال الجلسة السابقة، أو الاتجاه لحصر التصويت بين شعلان الكريم الفائز الأكبر، والفائز الثاني سالم العيساوي».

من جهته أصدر ائتلاف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، بياناً حاداً، عدّه مراقبون رداً ضمنياً على بيان القيادي في حزب «الدعوة» الكفيشي. وقال الائتلاف إنه «ينفي ما نشرته مواقع إعلامية صفراء حول تصويت نواب (النصر) لصالح مرشح (حزب تقدم)، وهو محض افتراء ولا أساس له من الصحة، وتقف خلفه قوى سياسية معروفة الأجندات». وذكّر بما قال إنها «مواقفه الوطنية الثابتة في مقارعة الإرهاب و(البعث) اللذين هما وجهان لعملة واحدة، وأنّ مَن يحرضّ اليوم ويضلل الجمهور هو ذاته مَن مكَّنهم، وكان وما زال حضناً لهم».

وأضاف أن «ثلاثي المصالح الفاسدة والمحاصصة والتخادم هو ما أوصل التصويت على رئاسة مجلس النواب إلى هذه النتيجة البائسة على حساب مصالح الشعب وثوابت الدولة، و(النصر) ليس منهم».

ثقة في الفوز

بدوره، أظهر الكريم (صاحب أعلى الأصوات) قدراً كبيراً من الثقة في حصوله على المنصب رغم التعقيد والاضطراب الذي رافق جلسة التصويت، ولجأ إلى تدوينة مقتضبة عبر موقع «فيسبوك» مستعيراً مثلاً بدوياً يقول: «تراها تبطي بس ما تخطي». بمعنى أن الأمر قد يتأخر قليلاً لكنّ المنصب لن يُخطئه.

وفي مقابل الدعاوى التي أقامتها قوى شيعية على الكريم بذريعة «تمجيده صدام حسين ونظام (البعث)»، أعلن النائب عن تحالف «تقدم» هيبت الحلبوسي، رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية بشأن «الخروقات والمخالفات الدستورية والقانونية التي رافقت جلسة انتخاب رئيس البرلمان».

من جانبه، انتقد الشيخ والزعيم السابق لـ«صحوة الأنبار» أحمد أبو ريشة، الاتهامات الموجهة ضد شعلان الكريم، وقال في تغريدة عبر منصة «إكس»: «للتاريخ وللحقيقة فإن الشيخ شعلان الكريم حين فاز في انتخابات مجلس النواب لعام 2010 كان ضمن تحالف (وحدة العراق) الذي يرأسه السيد جواد البولاني، ووقتها جرى تشكيل تحالف (الوسط) الذي تحالف بدوره مع (دولة القانون) لدعم السيد المالكي لرئاسة مجلس الوزراء، ولم يجرِ وقتها إثارة أي قضية ضده».

وأضاف أبو ريشة أن «قانون تجريم البعث صدر عام 2016، والتصريح (الكلام المنسوب للكريم بأنه يمتدح صدام) إذا كان صحيحاً، وغير مقتطَع فهو في عام 2006، فكيف يصحّ أن يحاكَم بقانون لاحق للتهمة زمنياً وبأثر رجعي؟».


مقالات ذات صلة

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يتمسك بترشحه لرئاسة الحكومة العراقية

تتجه مفاوضات القوى الشيعية إلى مزيد من التعقيد لجهة الاتفاق على مرشح وحيد لرئاسة الوزراء، مع استمرار التنافس بين محمد السوداني ونوري المالكي.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي قادة أحزاب تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق يعلنون «الكتلة الأكثر عدداً»... (فيسبوك)

حصة الفصائل تؤخر حكومة العراق... واسم رئيسها «ليس المشكلة»

بعد الاقتراع الأخير في العراق، يبدو أن الصراع السياسي يتركز على توزيع السلطة بين قيادات شيعية أكثر من كونه اختباراً لتقاليد الانتخابات.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

جولة دبلوماسية أميركية وسط تعقيدات تشكيل الحكومة العراقية

يتوجه نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة والموارد، مايكل ريغاس، هذا الأسبوع في جولة تشمل العراق، وسط تعقيدات تشكيل الحكومة العراقية.

حمزة مصطفى (بغداد)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.


الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار قرار في العراق، تضمن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب، ثم التراجع عنه سريعاً، توتراً سياسياً واسعاً داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق، في وقت يحتدم فيه الجدل حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وجاء القرار والتراجع عنه ليعيد تسليط الضوء على واحدة من نقاط الاحتكاك المستمرة بين «الضغوط الأميركية على بغداد» و«النفوذ الإيراني» في البلاد.

ونفت رئاسة جمهورية العراق، الجمعة، علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعة «الحوثي» و«حزب الله» اللبناني «جماعة إرهابية»، وتجميد الأصول والأموال العائدة إليهما.

وقالت الرئاسة في بيان، إن مثل هذه القرارات لا تُرسل إليها، مشيرة إلى أن ما يصل إليها للتدقيق والمصادقة والنشر يقتصر على القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية.

وأضاف البيان أن قرارات مجلس الوزراء أو لجان تجميد أموال الإرهابيين وتعليمات مكافحة غسيل الأموال لا تُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة، وأن رئاسة الجمهورية لم تطلع أو تعلم بهذا القرار إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إصدار التوضيح الرسمي.

وأدرجت السلطات العراقية عبر لجنة تجميد أموال الإرهابيين «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» في اليمن على قوائمها، تنفيذاً لحزم من قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وذلك بحسب ما ورد في العدد 4848 من جريدة «الوقائع العراقية» الصادر في 17 نوفمبر 2025.

وسرعان ما تراجعت السلطات عملياً عن قرار الإدراج هذا، بعد نشر توضيح رسمي ووثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي تؤكد أن موافقة بغداد اقتصرت على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم «داعش» و«القاعدة» حصراً.

رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

توتر داخل «التنسيقي»

وقال سياسيون وخبراء قانونيون إن البنك المركزي، بصفته مؤسسة مستقلة، لا يخضع إدارياً للحكومة، لكن الإجراء التصحيحي الذي اتخذه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، عبر إصدار توضيحات وفتح تحقيق «عاجل»، دفع الأزمة إلى مستوى سياسي داخل «الإطار التنسيقي»، في وقت يحتدم فيه الجدل حول اسم رئيس الوزراء للولاية المقبلة.

ورغم غياب بيان رسمي موحد من قوى «الإطار التنسيقي»، اتهمت أحزاب وفصائل قريبة منه الحكومة بأن الخطأ لم يكن تقنياً، بل خطوة محسوبة تهدف إلى إظهار انسجام بغداد مع مطالب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتزامن مع توقع وصول المبعوث الرئاسي مارك سافايا إلى بغداد بعد زيارة مماثلة لمبعوث واشنطن إلى سوريا ولبنان.

السوداني، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة داخل تحالفه السياسي، حتى إن بعض قيادات «الإطار التنسيقي» أزالوه من مجموعة «واتساب» خاصة بالتنسيق الداخلي، حسب مصادر سياسية، أصدر بياناً مقتضباً قال فيه إنه «لا مساومة» بشأن دعم العراق لـ«حقوق الشعوب وتضحياتها»، في إشارة غير مباشرة إلى موقفه من «حزب الله» و«الحوثي».

لكن نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وهو حليف سياسي للسوداني، دافع عنه قائلاً إن ما حدث «خطأ فني» في قرار صدر عن لجنة تابعة للبنك المركزي «الذي يعد مؤسسة مستقلة لا تخضع للإرادة الحكومية». وأضاف على منصة «إكس»، أن الخطأ «سيُصحّح»، وأن التحقيق سيمنع «المتصيدين» من استغلال الواقعة سياسياً، على حد تعبيره.

«انعكاسات على تشكيل الحكومة»

تأتي الحادثة فيما يعمل «الإطار التنسيقي» على الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وسط انقسام واضح بين قواه الرئيسية بشأن بقاء السوداني لولاية ثانية أو استبداله.

ومع تصاعد الجدل حول «خطأ البنك المركزي»، زاد من صعوبة مهمة «الإطار التنسيقي» في التوصل إلى اتفاق داخلي، وفتح الباب أمام «سيناريوهات مفاجئة»، وفق مصادر سياسية.

في المقابل، صعّدت فصائل شيعية مسلّحة من انتقاداتها للحكومة. وقال رئيس المجلس السياسي لـ«حركة النجباء»، علي الأسدي، إن إدراج الحزبين على قوائم الإرهاب «خيانة»، واعتبر أن ترشيح الرئيس السابق دونالد ترمب لجائزة نوبل «من قِبَل العراق»، حسب تعبيره، يمثل «إهانة للتضحيات». وأضاف أن «مثل هذه الحكومة لا تمثل الشعب العراقي»، مرفقاً تعليقاته بوسم «قرار إعدام الولاية الثانية».

وتعكس الواقعة، التي بدأت بخطأ إداري ثم تحولت إلى أزمة سياسية، هشاشة التوازن الذي تحاول بغداد الإبقاء عليه بين علاقتها بالولايات المتحدة الشريك المالي والعسكري الرئيسي وعلاقاتها مع قوى مرتبطة بإيران.