غزة... 100 يوم وبحر من الدماء

«نكبة» فلسطينية جديدة... إسرائيل تتوحد وراء الحرب... وحلفاء إيران يحركون جبهات الإقليم

أحذية أطفال في ساحة بأمستردام السبت خلال تحرك رمزي تضامناً مع الأطفال الفلسطينيين الذي قُتلوا في الحرب الحالية بقطاع غزة (إ.ب.أ)
أحذية أطفال في ساحة بأمستردام السبت خلال تحرك رمزي تضامناً مع الأطفال الفلسطينيين الذي قُتلوا في الحرب الحالية بقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

غزة... 100 يوم وبحر من الدماء

أحذية أطفال في ساحة بأمستردام السبت خلال تحرك رمزي تضامناً مع الأطفال الفلسطينيين الذي قُتلوا في الحرب الحالية بقطاع غزة (إ.ب.أ)
أحذية أطفال في ساحة بأمستردام السبت خلال تحرك رمزي تضامناً مع الأطفال الفلسطينيين الذي قُتلوا في الحرب الحالية بقطاع غزة (إ.ب.أ)

بعد 100 يوم من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يبدو واضحاً اليوم أن لا مؤشر إلى نهاية قريبة للمأساة، في ظل تمسك إسرائيل بهدف «تدمير حماس» وإسقاط حكمها، في إطار الرد على «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الحرب لم تنتهِ بعد، وبالتالي سيكون من المبكر الحكم على نتائجها واستخلاص دروس منها، فإن الواضح أن تداعياتها أعادت رسم المشهد الفلسطيني الداخلي، وكذلك الإسرائيلي، وحرّكت جبهات، من جنوب لبنان (حزب الله وإسرائيل)، إلى سوريا والعراق (هجمات جماعات مسلحة ضد الأميركيين)، وصولاً إلى البحر الأحمر (هجمات الحوثيين على السفن التجارية).

وفي انتظار انتهاء الحرب وجلاء نتائجها، هذه جولة على بعض أبرز تداعياتها، محلياً وإقليمياً:

الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدخل يومها الـ100 (الشرق الأوسط)

إسرائيل... مفاجأة فانتقام

اكتشفت إسرائيل، يوم 7 أكتوبر، أن استخباراتها وأجهزتها الأمنية، وقيادتها السياسية أيضاً، كانت «نائمة» عشية «الطوفان». صدم هجوم «حماس» الإسرائيليين، وأظهر مدى هشاشة جيشهم الذي انهارت قواعده في غفلة عين. فقد سيطر مقاتلو «حماس» عليها، وعلى المستوطنات والكيبوتزات القريبة منها في غلاف غزة، بعدما اخترقوا بسهولة السياج الحدودي المحصن، قبل أن يعودوا إلى داخل غزة ومعهم ما يصل إلى 250 رهينة.

قارن الإسرائيليون «الطوفان» بمفاجأة حرب أكتوبر 1973. فقد شنت «حماس» هجومها مستغلة عطلة عيد الغفران (يوم كيبور)، تماماً كما فعل الجيشان المصري والسوري في حرب 1973. خسر الإسرائيليون في هجوم «حماس» ما لا يقل عن 1200 قتيل في يوم واحد، فيما وصلت خسائرهم في حرب أكتوبر إلى 2656 جندياً.

ولكن بعد الصدمة، جاء الرد. فقد أعلنت إسرائيل، مباشرة عقب «الطوفان»، أنها في «حال حرب». استدعت مئات الآلاف من جنود الاحتياط، ودفعت بجزء كبير منهم لاجتياح قطاع غزة، فيما حشدت جزءاً آخر على الجبهة الشمالية، خشية هجوم يشنه «حزب الله» من جنوب لبنان أو عبر جبهة الجولان من سوريا.

وبعد أسابيع من القتال الضاري، تمكن الجيش الإسرائيلي من انتزاع السيطرة على أجزاء واسعة من غزة، لا سيما في قطاعها الشمالي. لكن ذلك جاء على بحر من الدماء (23 ألف قتيل فلسطيني) ودمار لا يوصف في البنية التحتية لغزة (70 في المائة من البنية التحتية والمنشآت المدنية في القطاع دُمّرت). ورغم ذلك، يصر جيش إسرائيل على مواصلة الحرب، وعينه كما يبدو على «رد هيبته» بوصفه قوة لا تُقهر.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شكّل حكومة حرب لقيادة الهجوم على قطاع غزة (د.ب.أ)

سياسياً، وحّد هجوم «حماس» إلى حد كبير الطبقة السياسية المنقسمة على نفسها. إذ تمكن زعيم «الليكود» بنيامين نتنياهو من تشكيل «حكومة حرب» ضم إليها خصمه الأساسي في المعارضة بيني غانتس، فيما بقي خارجها خصمه الآخر يائير لبيد. ورغم انضمام غانتس، فإن هيمنة اليمين المتطرف على الحكومة ظلت طاغية، لا سيما في ضوء سلسلة تصريحات عنصرية أطلقها وزراء هذا التيار، على غرار إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وتضمنت دعوات إلى تهجير سكان غزة وعودة الاستيطان. ووصل الأمر ببعض قادة اليمين المتطرف إلى حد التلويح بضرب غزة نووياً.

وليس واضحاً تماماً اليوم إلى أي حد ستبقى حكومة الحرب الإسرائيلية متماسكة. إذ ثمة تكهنات واسعة بأن غانتس سيخرج منها، علماً بأن استطلاعات رأي تضعه من بين أبرز المرشحين لخلافة نتنياهو في أي انتخابات قريبة.

الفلسطينيون... «نصر» فمأساة

احتفلت «حماس» في البداية بـ«الطوفان» باعتباره انتصاراً مبيناً ضد إسرائيل. لكن مشاعر الاحتفال سرعان ما خفتت بعدما تبيّن حجم الانتقام الإسرائيلي والثمن الباهظ الذي يدفعه الغزيون من لحمهم ودمهم.

ورغم مرور 100 يوم على الحرب، يبدو واضحاً اليوم أن «حماس» ما زالت قادرة على مواجهة الإسرائيليين وتكبيدهم خسائر كبيرة. لكن الحقيقة أنها تتكبد في الوقت ذاته خسائر ضخمة في صفوف مقاتليها (تفيد تقديرات بأنها فقدت آلاف المقاتلين)، كما أنها خسرت أنفاقها الضخمة تحت مدينة غزة وفي شمال القطاع، علماً بأن ما يُعرف بـ«ميترو غزة» شكل لسنوات طويلة قاعدة لنشاطها بعيداً عن أنظار الإسرائيليين. لكن مهما كانت خسائر «حماس» فإنها تبقى لا تُقارن بخسائر المدنيين من سكان القطاع، الذين يواجهون فوق ذلك كله احتمال تهجيرهم من أرضهم، ما يمثّل نكبة جديدة على غرار نكبة تهجيرهم عند قيام دولة إسرائيل عام 1948.

غزة... المساجد لم تسلم من التدمير (أ.ف.ب)

ومع تفكيك بنية «حماس» في شمال غزة، تتجه الأنظار إلى أنفاقها في خان يونس بجنوب القطاع، حيث يقول الإسرائيليون إن قادة الحركة يختبئون فيها ومعهم عدد كبير من الرهائن. ولا ترفض «حماس» مبدئياً الإفراج عن هؤلاء، لكن الثمن الذي تطلبه يتضمن وقف الحرب، وهو أمر ترفضه إسرائيل، التي تكرر إصرارها على تحقيق هدفها المتمثل بالقضاء على حكم «حماس» وتدمير قدراتها والقضاء على قادتها المتورطين في هجوم 7 أكتوبر. ولم تتمكن إسرائيل حتى الآن من الوصول إلى «المهندس» المفترض للهجوم، يحيى السنوار، زعيم «حماس» في غزة، لكنها بدأت اغتيالات تطال قادة الحركة في المنفى، على غرار صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية لبيروت مطلع السنة. وتوحي التصريحات الإسرائيلية بأن الاغتيالات ستتواصل، رغم أن أحد المقترحات التي يتم تداولها حالياً لوقف الحرب يتمثل في خروج قادة «حماس» من غزة إلى المنفى. وما ينطبق على «حماس» ينطبق بالطبع على حلفائها في «الجهاد الإسلامي».

إسرائيليتان خلال مسيرة للمطالبة بالإفراج عن الرهائن في غزة (رويترز)

في أي حال، أعادت الحرب فتح ملف السلطة الفلسطينية التي أخرجتها «حماس» بالقوة من غزة عام 2007، لكنها باتت اليوم أحد الخيارات الأساسية المطروحة لملء فراغ «اليوم التالي» للحرب. وترفض السلطة ما يتم عرضه عليها في غزة، قائلة إن الأولوية هي لوقف الحرب، مشيرة إلى أنها لا تعود على ظهر دبابة الاحتلال كونها لم تخرج أصلاً من القطاع، إذ ما زالت تدفع رواتب آلاف الموظفين الذين يعملون تحت حكم «حماس».

و«عودة السلطة» في الواقع لا تبدو بالأمر السهل. فالإسرائيليون يرفضونها ويتهمونها بالتواطؤ مع «حماس». أما الأميركيون فإنهم يشترطون أن يتم «تنشيطها» وإدخال تغييرات فيها، وهو أمر ليس من الواضح كيف سيتم، وهل سيتضمن مثلاً تعيين نائب للرئيس محمود عباس، أو تقوية صلاحيات رئيس الوزراء على حساب الرئيس، أو حتى إجراء انتخابات فلسطينية جديدة. وكل هذه الأمور ستتطلب بالطبع وقتاً، وهو أمر غير متاح حالياً في ظل استمرار الحرب.

وبغض النظر عن الموقفين الإسرائيلي والأميركي، فإن الفلسطينيين يقولون، من جانبهم، إنهم مستعدون للعب دور في مستقبل غزة بعد الحرب، ولكن في إطار حل شامل يتضمن إقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس الشرقية، في إطار ما يعرف بحل الدولتين. ومن ضمن هذا التصور، يمكن أن تتم تسوية إشكالية رفض «حماس» الاعتراف بإسرائيل، وذلك من خلال ضمها إلى منظمة التحرير واعترافها بما تعترف به المنظمة بوصفها ممثلاً للشعب الفلسطيني.

عمليات التوغل الإسرائيلية في الضفة الغربية باتت يومية (أ.ف.ب)

الضفة الغربية... صفيح ساخن

وبموازاة حرب غزة، تواجه الضفة الغربية تصعيداً كبيراً في حملات الدهم والاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل والتي أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 347 فلسطينياً. وتهدف العمليات الإسرائيلية، كما يبدو، إلى تفكيك شبكات يُشتبه في أن فصائل فلسطينية بنتها داخل الضفة، لا سيما في مخيماتها المكتظة.

وبالإضافة إلى عمليات الجيش، يشن المستوطنون اعتداءات يومية على الفلسطينيين ويدمرون محاصيلهم الزراعية، ويقتلون مواطنين تحت أعين الجنود أحياناً. كما يستغل المستوطنون حرب غزة لتوسيع سيطرتهم على الضفة الغربية، من خلال توسيع المستوطنات أو إقامة بؤر استيطانية جديدة.

وتفيد تقارير مختلفة بأن الضفة اليوم باتت على شفير انفجار يُنذر بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل.

غارات إسرائيلية على عيتا الشعب بجنوب لبنان... المواجهة مع «حزب الله» ما زالت مضبوطة (أ.ب)

«حزب الله» وإسرائيل: مواجهة «مضبوطة»... حتى الآن

سارع «حزب الله»، فور وقوع هجوم 7 أكتوبر، إلى تسخين الوضع في جنوب لبنان، وهي جبهة هادئة إلى حد كبير منذ حرب عام 2006. شن الحزب هجمات واسعة على مواقع إسرائيلية قرب الحدود، موقعاً قتلى وجرحى ومتسبباً في نزوح عشرات الآلاف من سكان شمال إسرائيل، التي ردت بعنف أكبر، موقعة عشرات القتلى من الحزب، بينهم قادة كبار.

لكن لا يبدو، حتى الآن، أن «حزب الله» يريد الانخراط في حرب شاملة دفاعاً عن حليفته «حماس»، علماً بأنه أكد أكثر من مرة، أنه لم يكن يعرف بعملية «الطوفان» قبل وقوعها. ورغم ذلك، تقول إسرائيل إنها تستعد لحرب ضد الحزب في حال فشلت الدبلوماسية في دفعه إلى الانسحاب بعيداً عن حدودها.

وفي حين أن الضربات المتبادلة تبدو مضبوطة حتى الآن، فإنها كادت تخرج عن السيطرة مرتين على الأقل. الأولى بعد أيام فقط من هجوم 7 أكتوبر في غزة، عندما انطلقت الطائرات الإسرائيلية لقصف لبنان بناء على معلومات استخباراتية بأن «حزب الله» على وشك شن هجوم عبر الحدود مماثل لهجوم «حماس» في غزة. تدخل الأميركيون آنذاك لوقف الضربة. أما الانفجار الثاني المحتمل فكان يمكن أن يحصل عندما اغتالت إسرائيل بضربة جوية قادة «حماس» في معقل «حزب الله» قرب بيروت. لكن رد الحزب اقتصر على التلويح بالانتقام. ولا شك أن «حزب الله» يأخذ في الاعتبار هنا احتمال أن تكون إسرائيل جادة في تهديدها بتحويل بيروت إلى غزة ثانية.

وبالتزامن مع المواجهات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، شهدت جبهة الجولان السوري تسخيناً مماثلاً، لكنه أقل حدة بكثير. إذ سُجلت محاولات لإطلاق صواريخ على إسرائيل التي صعّدت هجماتها داخل سوريا مستهدفة على وجه الخصوص قادة «حزب الله» و«الحرس الثوري»، على غرار العميد سيد رضي موسوي الذي قتل بالسيدة زينب في ديسمبر (كانون الأول).

جانب من تشييع القيادي في الحرس الثوري الإيراني سيد رضي موسوي الذي قُتل بضربة إسرائيلية على دمشق وتم دفنه في طهران (أ.ب)

جماعات عراقية... الضغط على الأميركيين

حرّكت حرب غزة أيضاً ملف الأميركيين في العراق وسوريا، حيث لجأت فصائل شيعية مرتبطة بإيران إلى استهداف قواعدهم في هذين البلدين، انطلاقاً من الاعتقاد بأنه يمكن الضغط على إسرائيل لوقف حربها من خلال الضغط على حليفها الأميركي. طال القصف بالصواريخ والطائرات الانتحارية قواعد الأميركيين الأساسية في العراق؛ مثل عين الأسد والحرير، وفي سوريا مثل حقل العمر والتنف والشدادي.

ردت الولايات المتحدة على ذلك بغارات على قواعد لـ«الحشد الشعبي»، ونجحت في قتل قادة بارزين بجماعات تقف وراء شن الهجمات على جنودها.

مقاتلون من فصائل «الحشد الشعبي» يحملون صورة القيادي «أبو تقوى» الذي قُتل بضربة أميركية على بغداد (إ.ب.أ)

دفع هذا التصعيد المتبادل بين الطرفين بالحكومة العراقية إلى فتح ملف وجود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، معلنة رغبتها في مفاوضات لجدولة انسحابه من العراق. لكن ذلك ليس بالأمر السهل، علماً بأنه يمثل رغبة إيران وحلفائها وتم طرحه مباشرة عقب اغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني في بغداد عام 2020. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يثير مطلب سحب الأميركيين أزمة جديدة مع إقليم كردستان الذي يتمسك ببقائهم.

اليمن... دخول حوثي على خط غزة

صورتان من الأقمار الاصطناعية لشركة «ماكسار» تُظهران قاعدة للحوثيين في الحديدة باليمن قبل الغارات الأميركية والبريطانية وبعدها (أ.ف.ب)

أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، إطلاق صواريخ باليستية ومسيّرات في اتجاه إسرائيل (إيلات) دعماً لغزة، كما قالوا. لكن البحرية الأميركية والبريطانية والدفاعات الإسرائيلية أسقطت معظمها قبل أن تصل إلى هدفها. رد الحوثيون بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل سفناً تجارية في البحر الأحمر، بحجة أنها إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل. لكن كثيراً من هجماتهم طال في الواقع سفناً لا علاقة لها بإسرائيل. استدعى تهديد الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر إنذاراً من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى، وعندما رفضوا الانصياع، شن الأميركيون والبريطانيون هجمات واسعة جواً وبحراً على مواقع داخل اليمن. لكن الحوثيين ردوا بالقول إن ذلك لن يردهم عن شن هجمات جديدة «دعماً لغزة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.