يستأنف البرلمان العراقي جلساته غداً (الثلاثاء) بعد انتهاء عطلته التشريعية، على وقع خلافات حادة بين الكتل السياسية بشأن انتخاب رئيس جديد له، فضلاً عن تشكيل مجالس المحافظات.
مع انتهاء العطلة التشريعية وبدء الفصل التشريعي الاول للسنة الثالثة، يوم ٩ كانون الثاني ٢٠٢٤ ندعو السيدات والسادة النواب واللجان والكتل النيابية إلى استئناف اعمالهم التشريعية والرقابية؛ وسيتم تحديد الموعد لأكمال الاستحقاقات التشريعية والرقابية الملقاة على المجلسرئاسة مجلس النواب pic.twitter.com/AOe9fQzdsd
— مجلس النواب العراقي (@Parliament_iq) January 6, 2024
فبعد إنهاء المحكمة الاتحادية العليا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عضوية رئيسه محمد الحلبوسي من عضوية البرلمان، إثر شكوى قدمها النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالته من عضوية البرلمان، حالت الخلافات السياسية دون انتخاب خلف للحلبوسي، الأمر الذي أدى إلى قيام النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي بتسلم رئاسته مؤقتاً لحين اختيار بديل للحلبوسي الذي يقود أكبر كتلة سنية داخل البرلمان العراقي مكونة من أكثر من 40 نائباً.
وطبقاً للعرف السائد، فإن منصب رئيس البرلمان من حصة المكون السني، وبالتالي فإن البديل لا بد أن يكون من بين أعضاء البرلمان السُّنّة. وبالرغم من المحاولات التي تلت إنهاء عضوية الحلبوسي، وأبرزها محاولة حل حزبه «تقدم» أو حرمانه من المشاركة في الانتخابات المحلية التي أجريت أخيراً، رفضت الهيئة القضائية الخاصة في مفوضية الانتخابات الدعاوى التي تم رفعها بهذا الخصوص. وبينما كانت التوقعات تشير إلى إمكانية تراجع فرص الحلبوسي وحزبه بعد قرار الاتحادية إنهاء عضويته ومن ثم فقدانه منصب رئيس البرلمان وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد، لكن حزبه حقق تقدماً كبيراً في الانتخابات المحلية التي جرت أواخر العام الماضي، سواء في معقله الأهم محافظة الأنبار، حيث حلّ أولا وفي بغداد، على الرغم من التنافس الشديد الشيعي - السني فيها فقد حل حزبه أولاً في تلك الانتخابات.
الحلبوسي الذي أظهرت نتائج الانتخابات الأخيرة أنه لا يزال رقماً صعباً في المعادلة السياسية رغم محاولات تحجيمه، يحاول أن يكون له الدور الأساسي في ترشيح بديله لرئاسة البرلمان. وكان الحلبوسي التقى الأحد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وبحث معه «الأوضاع العامة في البلاد، وأهمية دعم جهود الحكومة في المضي بتنفيذ الخطط التنموية وفق ما تعهدت به ببرنامجها التنفيذي»، طبقا لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء.
لقاء مع رئيس مجلس الوزراء @mohamedshiaوبحث الأوضاع العامة في البلاد، وأهمية دعم جهود الحكومة في المضي بتنفيذ الخطط التنموية وفق ما تعهدت به الحكومة ببرنامجها التنفيذي. كما شهد اللقاء التأكيد على أهمية تضافر جهود القوى السياسية الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات؛ من أجل الإسراع... pic.twitter.com/gUu13pN5dF
— محمد الحلبوسي (@AlHaLboosii) January 7, 2024
وأفاد البيان أيضاً بأن «اللقاء شهد التأكيد على أهمية تضافر جهود القوى السياسية الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات، من أجل الإسراع بتشكيل الحكومات المحلية، بما يساعد في تعزيز الاستقرار في المحافظات».
رئيس مجلس الوزراء @mohamedshia يستقبل، مساء اليوم الأحد، رئيس حزب تقدم السيد محمد ريكان الحلبوسي.
وجرى بحث دعم جهود الحكومة في المضي بتنفيذ الخطط التنموية، والتأكيد على أهمية تضافر جهود القوى السياسية الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات، من أجل الإسراع بتشكيل الحكومات المحلية. pic.twitter.com/SpBkTU6d2c
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء (@IraqiPMO) January 7, 2024
لا رئيس في الأفق
إلى ذلك، تضاربت التوقعات بشأن ما إذا كانت الجلسة الأولى أو الجلسة الثانية للبرلمان سوف تشهد انتخاب رئيس جديد له، في وقت كان تقدم للمنافسة على رئاسته أكثر من 7 نواب من العرب السُّنّة من قوى مختلفة، أو تستمر الخلافات بسبب عدم حصول توافق. ويقر كل من النواب الشيعة والسُّنة بصعوبة التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن انتخاب رئيس جديد للبرلمان. وفي موازاة الشعور بعدم حصول توافق، هناك ضغوط تمارس بشأن غلق هذا الملف بسرعة نظرا للمهام الكبيرة التي تنتظر البرلمان خلال فصله التشريعي الجديد. فبالإضافة إلى القوانين المؤجلة من دورات سابقة وأهمها قانون النفط والغاز والخدمة المدنية ومجلس الاتحاد، وسواها من القوانين المهمة، ومن بينها اتفاقيات دولية فإن تشكيل مجالس المحافظات التي وإن لم تكن مهمة مباشرة للبرلمان لكنها تندرج في سياق التفاهمات بين الاتحادي والمحلي.
ففيما ترى أوساط سياسية أن انتخاب رئيس البرلمان خاضع للتوافق السُّني - السُّني، فإن نائباً مستقلاً أبلغ «الشرق الأوسط» - شريطة عدم الإشارة إلى اسمه - أن «التوافق قبل أن يكون سُنياً - سُنياً، لا بد أن يكون هناك توافق سني - شيعي أولا». وردا على سؤال فيما إذا كان هذا التوافق مرتبطاً بتشكيل مجالس المحافظات، قال النائب المستقل إن «العلاقة قائمة بين الاثنين لكن بشكل غير مباشر؛ لأن الكتل السنية التي تريد أن يكون المرشح من بينها على خلاف كتل سنية أخرى تبدو مستعدة للتفاهم مع بعض الكتل الشيعية الكبيرة بشأن التفاهم معها لتشكيل أغلبية في أكثر من محافظة يجعلها تسيطر على منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة بمن في ذلك بعض المحافظات السنية التي فازت بها بعض القوى الشيعية بمقاعد حتى لو كانت قليلة».
وحول ما إذا ما كانت الأيام الأولى لعمل البرلمان يمكن أن تشهد انتخاب الرئيس، استبعد النائب الشيعي المستقل إمكانية ذلك، مبينا أن «الخلافات لا تزال حادة مع أن الترشيح لمنصب الرئيس بات الأن محصوراً بين ثلاثة مرشحين وهم سالم العيساوي من حزب (السيادة) بزعامة خميس الخنجر، وشعلان الكريم من حزب (تقدم) بزعامة محمد الحلبوسي، ومحمود المشهداني، وهو مرشح (عزم) برئاسة مثنى السامرائي. لكن كل واحد من هؤلاء تقف خلفه كتلة شيعية مؤيدة مقابل كتلة شيعية معارضة، وهو ما يعني في المحصلة أن حسم منصب رئيس البرلمان السني لن يكون دون توافق شيعي - شيعي قبل التوافق السني - السني بسبب الخلافات السنية التي جعلتهم صيداً سهلاً في النهاية».