السجن أو الإعدام لأكثر من 7 آلاف محكوم بجرائم المخدرات في العراق

أجهزة إنفاذ القانون توسع عمليات المطاردة إلى الأنبار وإقليم كردستان

السلطات العراقية أثناء حرق 5 أطنان و900 كيلوغرام من المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
السلطات العراقية أثناء حرق 5 أطنان و900 كيلوغرام من المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

السجن أو الإعدام لأكثر من 7 آلاف محكوم بجرائم المخدرات في العراق

السلطات العراقية أثناء حرق 5 أطنان و900 كيلوغرام من المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)
السلطات العراقية أثناء حرق 5 أطنان و900 كيلوغرام من المخدرات (أرشيفية - أ.ف.ب)

قالت السلطات العراقية، اليوم (الخميس)، إن عدد المحكومين بجرائم المخدرات خلال عام 2023 بلغ أكثر من 7 آلاف محكوم بالسجن والإعدام، وفيما تقول الحكومة العراقية إنها تخوض «مواجهة تضاهي الحرب على الإرهاب»، تفيد إحصاءات حكومية بأن مخاطر هذه الآفة تتنامى على نحو مضطرد في البلاد.

وفي مطلع ديسمبر (كانون الثاني) الحالي، طلب رئيس الوزراء محمد السوداني من رئيس الجمهورية «المصادقة على أحكام الإعدام ضد المدانين بجرائم المخدرات».

وتشير إحصاءات منسوبة إلى وزارة الداخلية حول حجم المخدرات في العراق خلال 2023، إلى أكثر من 17 ألف متهم بالحيازة خلف قضبان السجون، ونحو 50 في المائة من الشباب يتعاطون المخدرات بطرق مختلفة، إلى جانب 121 متاجراً أجنبياً في السجون العراقية.

وضبطت الداخلية خلال هذا العام نحو 15 طناً من المؤثرات العقلية وأكثر من 3 أطنان من حبوب «الكبتاغون» وأنواع أخرى من المواد المخدرة.

وخلال العامين الماضيين، صعدت السلطات العراقية وتيرة ملاحقتها لعصابات الاتجار بالمخدرات، وقالت إن جهودها نجحت في القبض على آلاف المتهمين بالمتاجرة والترويج والتعاطي.

وتعمد السلطات الأمنية بين فترة وأخرى إلى بث مقاطع فيديوية لعمليات مطاردة ومداهمة لأوكار تجار المخدرات في مناطق متفرقة، وغالباً ما تحدث اشتباكات عنيفة مع أفراد مسلحين داخل الأحياء السكنية.

لكن السلطات في المقابل تحاول دمج مدمني المخدرات بعدما عرضت عليهم العام الماضي الدخول في «مصحات» للتخلص من الإدمان بدلاً من السجن، لكن يبدو أن المؤسسات الصحية غير مستعدة لمثل هذه التحديات، كما أن رجال إنفاذ القانون يفضلون دوماً زج هؤلاء في السجون.

آلاف خلف القضبان

قال المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري، في بيان مقتضب، اليوم (الخميس)، إن «عدد المحكومين بجريمة المخدرات خلال عام 2023 بلغ 7397 شخصاً، توزعت عقوباتهم بين الإعدام والسجن».

ويعكس هذا الرقم اتساع العمليات التي نفذتها السلطات خلال الأشهر الأخيرة، لمطاردة تجارة المخدرات، لتشمل محافظات إقليم كردستان ومحافظة الأنبار (غرب)، التي باتت تسجل مستويات عالية لتجارة المخدرات، بعد محافظات الجنوب التي تتصدر لوائح الاتجار والتعاطي، بحسب مختصين.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلن مجلس القضاء الإطاحة بـ«تاجر خطير» في محافظة دهوك (شمال) وضبط بحوزته أكثر من 200 كيلوغرام من مادة الكبتاغون.

وقال القضاء، حينها، إن عملية الإطاحة بالتاجر نفذت عبر «قوة من مكافحة المخدرات بإشراف محكمة تحقيق الكرخ الأولى (في بغداد)، عملية نوعية استباقية بالتنسيق مع مكافحة مخدرات أربيل».

وخلال الأسبوع قبل الماضي، نفذت وكالة الاستخبارات العسكرية عملية استباقية تمكنت خلالها من إلقاء القبض على اثنين من كبار تجار المخدرات، في الرمادي مركز محافظة الأنبار (غرب).

السوداني خلال مؤتمر مكافحة المخدرات في بغداد في مايو 2023 (رئاسة الوزراء العراقية)

ودفعت هذه المؤشرات الحكومة العراقية إلى عقد «مؤتمر بغداد الدولي الأول لمكافحة المخدرات» في مايو (أيار) الماضي، دعت فيه مسؤولين وممثلين عن دول الجوار والمنطقة.

واتفق العراق خلال المؤتمر مع كل من إيران وتركيا وسوريا ولبنان والسعودية والأردن والإمارات ومصر، على إنشاء «مكاتب اتصال» وتعيين «ضباط ارتباط» في مجال مكافحة المخدرات لتسهيل وتسريع آلية جمع الأدلة وتبادل المعلومات المتعلقة بعصابات المخدرات.

وبحسب مؤشرات أمنية، فإن العراق تحول بعد عام 2003 من معبر لانتقال المخدرات إلى مستهلك، بسبب وجود ثغرات في الحدود البرية تتسرب منها كميات كبيرة من المخدرات.

ومطلع الشهر الحالي، تعهد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بـ«تجفيف وغلق كافة منافذ تهريب المخدرات إلى البلاد من خلال ضبط وتأمين الحدود الدولية، في حملة مستمرة إلى حين القضاء على هذه الظاهرة تماماً عام 2024».

وسبق للشمري أن كشف، خلال مقابلة تلفزيونية في يوليو (تموز) الماضي، أن «المخدرات تأتي من إيران وسوريا بشبكات مترابطة، وأن بغداد تنسق مع هذين البلدين لمكافحة هذه التجارة».


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».