«تجربة مرعبة» لفلسطينيين اعتقلتهم إسرائيل في قطاع غزة

يشهد قطاع غزة، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الواسع قبل 80 يوماً، حملات اعتقال لا تتوقف، وتطول مسنين ونساء وشباناً وأطفالاً يشكون من تعرضهم لسيل من الإهانات والتعذيب خلال التحقيق معهم، حسبما تكشف شهادات عدد من الأسرى السابقين.

وهذه «التجربة المرعبة»، كما وصفوها، لم يعتدها الغزيون الذين يرى جيل كامل منهم الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى وجهاً لوجه، بعد الانسحاب الكامل عام 2005.

ومنذ هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زج الإسرائيليون بآلاف العمال الغزيين الذي كانوا في إسرائيل في منشأة اعتقال، وطاردوا آخرين في الضفة واعتقلوهم، وأخضعوهم لظروف غير مسبوقة، اشتملت على تحقيق قاسٍ وتعذيب وتعرية وممارسات سادية، وهو مسار استمر بعد ذلك خلال اعتقال الغزيين من داخل القطاع. ويظهر ذلك على الأقل في صور تعمّد الجيش الإسرائيلي نشرها لمئات الفلسطينيين المعتقلين وهم شبه عراة في برد قارس.

ووثّقت «الشرق الأوسط» شهادات 3 معتقلين أُفرج عنهم، تحدثوا عن أهوال فترة اعتقالهم. قال سائد دحنون، من سكان حي الشجاعية الذي اعتقل في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، من مدرسة نزح إليها بمنطقة محيط ملعب فلسطين غرب مدينة غزة، إنه واجه معاملة فظة وقاسية، وتعرض لكثير من الضرب. وأوضح قائلاً: «طلبوا منا خلع ملابسنا بشكل شبه كامل، وأبقونا شبه عراة في طقس بارد لعدة ساعات. عزلوا النساء والأطفال، ثم اقتادونا جميعاً لجهاز التعرف على الوجوه، فإذا أعطى شعاعاً أحمر، يذهب الشخص من دون رجعة».

آليات إسرائيلية قرب الحدود مع قطاع غزة يوم 25 ديسمبر الحالي (إ.ب.أ)

«الذئب الأزرق»

تحدث دحنون عن جهاز يطلق عليه اسم «الذئب الأزرق»، ويستخدمه الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، للتعرف على الوجوه، ويوفر للجنود في الميدان معلومات استخباراتية حول الأشخاص المطلوب اعتقالهم.

وقال دحنون: «الذين يظهرهم الجهاز مطلوبين، كانوا يُسحبون لتحقيق سريع، ثم إلى جهة مجهولة، في حين كان آخرون من المعتقلين يتعرضون لتحقيق ميداني؛ لكن ليس سريعاً... كانوا يبقوننا في وضع مزرٍ لساعات، وأحياناً لأيام، ثم يحققون معنا وفق مزاجهم ورغباتهم».

من حسن حظ دحنون أنه بقي معتقلاً ليومين فقط؛ لكنه تعرض خلالهما للتعرية والسخرية، وكل أنواع الضرب والشتم بألفاظ نابية، وتهديدات لا تتوقف بالقتل، حسبما قال. أضاف: «كانت تجربة مرعبة. كانت ساعات ثقيلة. والموت بدا قريباً جداً. كنا شبه عراة، وكانت الأجواء باردة جداً، ولم يُسمح لنا على مدار يومين بتناول أي طعام، وفقط كل ما قدموه لنا شربة ماء واحدة كل 10 ساعات».

كان الجنود يريدون أي معلومات حول علاقة الموقوفين بـ«حماس» أو أماكن وجود عناصر الحركة، وأنفاقهم، وأي معلومات عن الذين شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر.

أُفرج عن دحنون بعد يومين وهو شبه عارٍ؛ لكن الإسرائيليين أجبروه على ارتداء قميص «تي شيرت» يحمل علم إسرائيل، وتركوه بمنطقة مفتوحة قرب حي النصر بمدينة غزة، وأبلغوه بالتوجه إلى منطقة حي الرمال القريب من مكان الإفراج عنه وعن آخرين.

ووفقاً لشهادات رصدتها «الشرق الأوسط»، فإن أعداداً كبيرة ممن أُفرج عنهم، ظهروا في صور، قال جيش الاحتلال إنها لعناصر من نخبة «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، ممن استسلموا لقواته.

جانب من المواجهات بين الجنود الإسرائيليين والفصائل الفلسطينية في غزة يوم 22 ديسمبر (الجيش الإسرائيلي - أ.ف.ب)

الشاب حسين الرزاينة، من سكان بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ظهر في مقطع فيديو بثه الإسرائيليون من داخل البلدة، مع مئات من السكان الذين ادَّعت إسرائيل أنهم من عناصر «حماس» الذين استسلموا. قال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أرادوا إظهار اعتقالنا على أنه انتصار كبير. كبَّلوا أيدينا وأقدامنا وعصبوا عيوننا، ونقلونا إلى ساحة مباني الشيخ زايد القريبة، ثم إلى مكان لم نعرفه كان عبارة عن ساحة مفتوحة، وهناك عرضونا على أجهزة تعرُّف على الوجوه، وبدأوا في التحقيق معنا بشكل فردي».

أضاف الرزاينة: «كنا نتعرض للضرب المبرح والإهانة اللفظية والجسدية بشكل مستمر، والجنود كانوا يستمتعون بذلك ويضحكون ويهزأون ويصوروننا».

أكد الرزاينة أن ضباطاً من الذين حققوا معه كانوا يتحدثون اللغة العربية بلهجات فلسطينية ولبنانية وسورية بكل طلاقة، وبعضهم تحدثوا بالعبرية والروسية. وقال: «ركزوا في البداية على مشاركتنا في هجوم 7 أكتوبر، ثم انتقلوا إلى محاولة الحصول على معلومات عن أي شيء له علاقة بـ(حماس) وبالقادة الناشطين المقاتلين، والمواقع، ومقدرات الحركة».

قضى الرزاينة 6 أيام شبه عارٍ في ساحة مفتوحة، تناول خلالها وجبتين فقط، وشربة ماء كل 6 ساعات. ومثل غيره، أطلق سراحه عارياً، وأجبر على ارتداء «تي شيرت» يحمل علم إسرائيل.

ولا تختلف حال أحمد حمودة، من سكان جباليا شمال قطاع غزة الذي اعتقل في آخر أيام شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عن حال غيره، فقد تعرض لكل صنوف التعذيب وبقي عارياً، وأخبره أحد الضباط بأنه سينهي حياته.

جنود إسرائيليون خلال نقل معتقلين فلسطينيين للتحقيق في قطاع غزة يوم 8 ديسمبر الحالي (رويترز)

صفع وركل وشتم

قال حمودة لـ«الشرق الأوسط»، إن جنود الاحتلال اقتحموا منزله، وطلبوا منه خلع ملابسه كاملة، أمام زوجته وأطفاله، واعتدوا عليه بالضرب، قبل أن يعزلوا زوجته وعائلته في غرفة أخرى.

وأضاف: «عانيت الأمرَّين. تشعر بأنك في طريقك للموت بأبشع طريقة، ضرب مستمر وتهديدات وشتم. منعوا الطعام والماء، وقالوا لي إنهم سيقتلونني».

كان الضباط يبحثون عن شقيقه بدعوى أنه على علاقة بنشاطات «حماس» في جباليا. قال حمودة إنه طيلة الوقت كان يتعرض للصفع والركل والشتم، ويتلقى شتائم نابية ومستفزة، قبل أن يطلق سراحه بعد أيام. ولا يُعرف حتى الآن عدد دقيق للمعتقلين من غزة.

وطالب «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، في بيان، الثلاثاء، المجتمع الدولي، بالضغط على إسرائيل لإنهاء حالة «الإخفاء القسري» التي تطول -كما قال- نحو 3 آلاف من المعتقلين والمعتقلات من قطاع غزة، وضمنهم أطفال قُصَّر. وقال «المرصد» إنه تلقى معلومات عن اعتقال الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين خلال الأيام الماضية من حي الشيخ رضوان في مدينة غزة، من ضمنهم عشرات النساء اللواتي تم اقتيادهن إلى ملعب اليرموك، وجرى نزع الحجاب عن رؤوسهن وتفتيشهن. وشكَت معتقلات من تعرضهن للتحرش الصريح والضرب والتنكيل. كما جرى -وفق البيان- إجبار الذكور، بمن فيهم أطفال قُصَّر لا تتجاوز سنهم 10 سنوات على التعري الكامل، باستثناء اللباس الداخلي السفلي.

ويقول الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن إجمالي عدد الذين تم اقتيادهم للتحقيق داخل إسرائيل من قطاع غزة يبلغ «أكثر من 700 عنصر من المنظمات الإرهابية»، حسب وصفه. ويوضح أن الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع جهاز «الشاباك»، اعتقل خلال الأسبوع الماضي «مئات المشتبه فيهم بالتورط بنشاطات إرهابية في القطاع، ومن بينهم تم تحويل أكثر من 200 عنصر من (حماس) و(الجهاد الإسلامي) لمواصلة التحقيق في إسرائيل».

الأسرى الفلسطينيون في سجون إسرائيل يعانون «أوضاعاً رهيبة»

حذّرت مؤسسات فلسطينية تتابع شؤون الأسرى في السجون الإسرائيلية عموماً، والأسرى الذين اعتقلوا خلال الحرب الحالية على غزة والضفة الغربية بشكل خاص، من أن أوضاع المعتقلين هي الأسوأ في تاريخ الحركة الأسيرة. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة - القدس، في ورقة خاصّة عن مجمل الانتهاكات التي نفّذتها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن هناك عملية تعتيم شامل على هؤلاء الأسرى، لكن المعلومات التي أدلى بها عدد من المحررين توحي بأنهم يعيشون في أوضاع رهيبة.

وأكدت الهيئات أنها وثّقت عشرات الشهادات من مواطنين تعرضوا للاعتقال وأفرج عنهم لاحقاً، ومن عائلات معتقلين، إلى جانب بعض الشهادات من محررين ضمن دفعات التبادل التي تمت في الشهر الماضي، ضمن اتفاق التهدئة. وهي تدل على أن الأسرى يتعرضون لـ«جرائم وعمليات تعذيب وتنكيل منهجية، وإجراءات انتقامية طالت تفاصيل واقع الحياة في المعتقل، وبشكل خاص المعتقل القائم تحت الأرض في الرملة، والذي كان قد أغلق لأنه لا يصلح لمكوث البشر».

أسرى فلسطينيون في جباليا يوم 14 ديسمبر (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

من جهته، قال الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إن «روايات رهيبة نقلها أسرى أفرج عنهم في قطاع غزة عما يجري في معسكر الاعتقال قرب بئر السبع». وقال البرغوثي إن «أكثر من ألف معتقل بمن فيهم مدير مستشفى الشفاء يتعرضون للتعذيب الشديد والضرب المبرح، ويستعمل المحققون التعذيب بالكهرباء والخنق بالماء والشبح والضغط النفسي مثل رسم صورة مركبة على الجدار والطلب من المعتقلين ركوبها وضربهم لعجزهم بالطبع عن ذلك». وتابع «أن عدداً من الأسرى استشهدوا أثناء التعذيب وبعضهم كبار بالسن ومرضى. المعتقلون يحتجزون في بركسات (خرسانة جاهزة) غير صالحة للحياة ويتعرضون للبرد ويعطون طعاماً شحيحاً ولا يسمح لأحد بما في ذلك الصليب الأحمر بالاتصال بهم أو معرفة أي شيء عنهم». وقال: «لا يوجد أي أسس أو ترتيبات قانونية للاعتقال، والمعتقلون مقيدون باستمرار. رغم أنهم مدنيون، يواصل المحققون اتهامهم بالانتماء لـ(حماس) وعندما يرفضون ذلك يتعرضون للضرب الشديد». ولفت إلى أن هناك خطراً حقيقياً على حياة المئات إن لم يتم تدخل سريع من المؤسسات الدولية الحقوقية.

مجموعة من الرجال الفلسطينيين شبه عراة بعد اعتقالهم في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة يوم 8 ديسمبر (رويترز)

ويعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ اعتقالات يومية في قطاع غزة، وعلى سبيل المثال قال الناطق العسكري إن 500 فلسطيني اعتقلوا فقط من حي الشجاعية وحده. ويقيم الجيش طواقم تحقيق استخبارية تبدأ التحقيق تحت الضغط فوراً لاستخراج «معلومات» عن قادة «حماس» ونشاطها في كل منطقة. ويُمارس المحققون ضغوطاً مخيفة على عدد منهم كي يظهروا في الإعلام ويهاجموا قادة «حماس» ويقومون بشتمهم، ويقولون إنهم جبناء ولا يكترثون للمواطنين، مثل الفيديو الذي نشر للوزير السابق يوسف المنسي ومدير مستشفى الشفاء الدكتور محمد أبو سلمية.

ويبلغ إجمالي أعداد الأسرى في السجون الإسرائيلية اليوم حوالي 8 آلاف، وهذا الرقم لا يشمل عدد المعتقلين من قطاع غزة، لأن مصلحة السجون لا تفصح عن عددهم الدقيق. ومن بين هؤلاء يوجد أكثر من 2870 معتقلاً بموجب أوامر الاعتقال الإداريّ، التي تستند إلى أوامر طوارئ كان قد أصدرها الانتداب البريطاني على فلسطين في ظل الحرب العالمية الثانية. وهو الاعتقال الذي يتم بلا تهمة. وهذا هو أعلى رقم للمعتقلين الإداريين منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987.

فلسطينيون يسلمون أسلحتهم للجنود الإسرائيليين قرب مستشفى كمال عدوان في جباليا (الصورة وزعها الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وبحسب ورقة هيئات الدفاع عن الأسرى، بلغت حصيلة حملات الاعتقال منذ بداية الحرب نحو 4 آلاف، أعلاها في محافظة الخليل، والتي بلغت الألف. وبلغت حصيلة حالات الاعتقال بين صفوف النساء 150، والأطفال 255. وشملت الاعتقالات 45 صحافياً، أطلق سراح 13 منهم وتبقى رهن الاعتقال 32.

وأشارت الورقة إلى أنه، منذ السابع من أكتوبر، قُتل ستة معتقلين على الأقل، هم: عمر دراغمة من طوباس، وعرفات حمدان من رام الله، وماجد زقول من غزة، وشخص رابع لم تعرف هويته، وعبد الرحمن مرعي من سلفيت، وثائر أبو عصب من قلقيلية. وتقول إن هناك شهادات ودلائل على تعرض الأسرى للتعذيب والتنكيل. وبحسب «نادي الأسير الفلسطيني» فإنّ «استمرار تكتم الاحتلال عن مصير معتقلي غزة هو بمثابة غطاء على الجرائم التي تنفذ بحقّهم، فالاحتلال الذي يواصل تنفيذ الإبادة في غزة، أمام مرأى العالم، لن يجد من يردعه لتنفيذ إعدامات بحقّ المعتقلين في الخفاء».

وتوضح هيئات الأسرى أنه منذ بداية الحرب على غزة، تقوم الحكومة الإسرائيلية بإجراء تعديلات على تعليمات التنفيذ لقانون «المقاتل غير الشرعي» والتي كان آخرها يوم 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حيث يتاح احتجاز المعتقل فترة 42 يوماً قبل إصدار أمر الاعتقال، وتجري عملية المراجعة القضائية للأمر بعد 45 يوماً من توقيعه، كما يُمنع المعتقل من لقاء محاميه لفترة تصل إلى 80 يوماً.

تعرف على أبرز صفقات تبادل الأسرى بين إسرائيل والفلسطينيين

أعادت صفقة تبادل الأسرى الوشيكة بين إسرائيل وحركة «حماس» إلى الواجهة كثيراً من صفقات تبادل الأسرى السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووفق تقرير أعدته وكالة «أنباء العالم العربي»، لا تزال 

تفاصيل بعض تلك الصفقات عالقةً في أذهان كثيرين ممن تقدّم بهم العمر، فيذكرون ليلى خالد التي حاولت اختطاف طائرة إسرائيلية، ويتذكرون عملية «النورس» التي أُطلق بموجبها سراح عشرات من المعتقلين الفلسطينيين مقابل الإفراج عن جندي إسرائيلي، وكثيراً من العمليات والصفقات الأخرى.

فيما يلي بعض من أبرز الأحداث التي أفضت إلى صفقات التبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية عام 1967:

خطف طائرة «العال»

 

في يوليو (تموز) 1968، اختطفت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» طائرة ركاب إسرائيلية تابعة لشركة «العال» في الرحلة رقم 426. وكان على متن الطائرة «بوينغ 707» نحو 100 راكب، بينهم عدد من الإسرائيليين، بينما كانت في طريقها من مطار هيثرو في لندن إلى مطار ليوناردو دا فينشي في روما، ثم إلى مطار اللد بإسرائيل (مطار بن غوريون حالياً).

 

 

 

طائرة إسرائيلية تابعة لخطوط «العال» (أرشيفية - رويترز)

تم اختطاف الطائرة في الأجواء وتحويل مسارها إلى الجزائر.

 

 

 

وفيما بعد، أطلقت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» سراح الرهائن وحررت إسرائيل 37 فلسطينية من ذوات الأحكام العالية بوساطة من الصليب الأحمر الدولي.

 

 

 

ليلى خالد

 

 

 

بعد نجاح عملية الاختطاف الأولى، كررت «الجبهة الشعبية» التجربة ذاتها في أغسطس (آب) 1969، ونجحت في البداية في اختطاف طائرة ركاب أميركية تابعة لشركة «تي دبليو إيه» في الرحلة رقم 840 المتجهة من مدينة لوس أنجليس الأميركية إلى تل أبيب.

 

 

 

وبينما كانت الطائرة تحلق فوق البحر المتوسط قرب اليونان، اقتحمت الفلسطينية ليلى خالد، عضو «الجبهة الشعبية»، قمرة القيادة والتقطت سماعة ربان الطائرة وخاطبت برج المراقبة قائلة: «هنا رحلة الجبهة الشعبية... فلسطين حرة عربية»، وأمرت القائد بالتوجه إلى فلسطين.

 

 

 

ليلى خالد (أرشيفية - رويترز)

وعند دخول المجال الجوي الإسرائيلي، تحركت مقاتلات إسرائيلية وأحاطت بالطائرة، فقرر خاطفو الطائرة توجيهها إلى العاصمة السورية، دمشق.

 

 

 

ونجحت «الجبهة الشعبية» في إطلاق عدد من المعتقلين في السجون الإسرائيلية ومن ضمنهم طياران سوريان اضطرا للهبوط اضطرارياً في إسرائيل في العام السابق نتيجة خطأ ملاحي.

 

 

 

ورغم هذه الصفقة، فإن السلطات السورية اعتقلت ليلى خالد، ثم أفرجت عنها بعد أشهر عدة، فتوجهت إلى الأردن ومنها إلى ألمانيا، حيث أجرت جراحة تجميلية في الوجه تجنباً للتعرف عليها، وهناك خطفت طائرة أخرى تابعة لشركة «العال» في رحلة بين أمستردام ونيويورك في سبتمبر (أيلول) 1970، وانتهت العملية باعتقالها مجدداً.

 

 

 

وقررت «الجبهة الشعبية» تحرير ليلى خالد، فخططت لتنفيذ عملية اختطاف طائرة أخرى، لكن هذه المرة بريطانية الجنسية، ونجحت في ذلك واقتادت الطائرة إلى لبنان، وهو ما أدى في النهاية لإطلاق سراح ليلى خالد.

 

 

 

صفقة شموئيل فايز

 

 

 

في عام 1969، نجحت حركة «فتح» في اختطاف الجندي الإسرائيلي شموئيل فايز، وبعد مفاوضات استمرت نحو عامين، توصلت الحركة إلى صفقة تبادل مع إسرائيل تم تنفيذها في يناير (كانون الثاني) 1971، أفرجت إسرائيل بمقتضاها عن الفلسطيني محمود حجازي، وأطلقت حركة «فتح» سراح الجندي الإسرائيلي.

 

 

 

صفقة «النورس»

 

 

 

في شهر أبريل (نيسان) 1978، نجحت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» في أسر الجندي الإسرائيلي أبراهام عمرام في عملية أسمتها «عملية الليطاني».

 

 

 

وخاضت «منظمة التحرير الفلسطينية»، التي كان يرأسها حينها ياسر عرفات، مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي؛ لإجراء عملية تبادل، وأدت في النهاية إلى إطلاق صفقة سُميت «صفقة النورس» في يناير 1979 أفرجت «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» بموجبها عن الجندي الإسرائيلي وأطلقت إسرائيل سراح 76 أسيراً فلسطينياً.

 

 

 

جاسوسة «الموساد»

 

 

 

بعد قرابة عام واحد، وفي فبراير (شباط) 1980، تدخل الصليب الأحمر للتوصل لاتفاق تبادل بين إسرائيل وحركة «فتح» التي كانت تطالب بإطلاق سراح الفلسطيني مهدي بسيسو.

 

 

 

حينها كانت «فتح» تحتجز فتاة أردنية تُدعى أمينة المفتي، وقالت إنها جاسوسة لجهاز «الموساد» الإسرائيلي. وبعد مفاوضات مكثفة عبر الصليب الأحمر أفرجت «فتح» عن الفتاة، وأفرجت إسرائيل عن بسيسو.

 

 

 

عملية التبادل الكبرى

 

 

 

نجحت «فتح» في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1983 في إتمام صفقة تبادل عدّها حينها «كنزاً كبيراً»، حيث أطلقت إسرائيل سراح 4700 فلسطيني ولبناني كانوا في سجن «أنصار»، الذي شيدته إسرائيل في جنوب لبنان إبان الاحتلال هناك، وكذلك تم إطلاق سراح العشرات من السجون الإسرائيلية الأخرى. وفي المقابل أطلقت «فتح» سراح 6 جنود إسرائيليين كانوا قد وقعوا في الأسر في سبتمبر 1982.

 

 

 

«الجبهة الشعبية» وعملية الجليل

 

 

 

نجحت «الجبهة الشعبية» مرة أخرى في خطف 3 جنود إسرائيليين، وعدّت حينها أن بين يديها «صيداً ثميناً». وانطلقت مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لإتمام صفقة تبادل أُبرمت فعلياً في مايو (أيار) 1985، وحينها أطلقت إسرائيل سراح 1155 أسيراً عربياً.

 

 

 

محاولة اغتيال خالد مشعل

 

 

 

في عام 1997، اكتشف الأمن الأردني أن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» حينذاك، تعرّض لمحاولة تسميم على الأراضي الأردنية. ونجح الأمن الأردني في اعتقال أفراد «الموساد» الإسرائيلي المشاركين في العملية.

 

 

 

خالد مشعل (أرشيفية - رويترز)

وثارت ضجة إعلامية، ورفض الأردن إطلاق سراح عناصر «الموساد» دون جباية الثمن.

 

 

 

وأجبر الأردن إسرائيل على إرسال الترياق الخاص بإنقاذ حياة مشعل، وكذلك تم الإفراج عن الزعيم الروحي لـ«حماس» أحمد ياسين من السجون الإسرائيلية.

 

 

 

صفقة شاليط

 

 

 

نجحت «حماس» في يونيو (حزيران) 2006 في خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عند حدود قطاع غزة. وعدّت «حماس» وقتها أن لديها «صيداً ثميناً».

 

 

 

ورغم الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة حينها، فإنها لم تتمكّن من الوصول إلى مكان احتجاز شاليط، واضطرت لخوض مفاوضات تبادل مع «حماس» استمرت 5 سنوات. وفي النهاية أفرجت الحركة عن شاليط مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، وأطلقت «حماس» على الصفقة اسم «وفاء الأحرار».