الجيش الإسرائيلي يستعد لإعادة الانتشار في منطقة عازلة

ديرمر يناقش في واشنطن المرحلة التالية من الحرب... المعارك الشرسة متواصلة… والخارجية الفلسطينية: الناس يموتون جوعاً

جثامين يتم دفنها في مقبرة جماعية برفح جنوب قطاع غزة اليوم (رويترز)
جثامين يتم دفنها في مقبرة جماعية برفح جنوب قطاع غزة اليوم (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يستعد لإعادة الانتشار في منطقة عازلة

جثامين يتم دفنها في مقبرة جماعية برفح جنوب قطاع غزة اليوم (رويترز)
جثامين يتم دفنها في مقبرة جماعية برفح جنوب قطاع غزة اليوم (رويترز)

يستعد الجيش الإسرائيلي لإقامة منطقة عازلة داخل قطاع غزة، ضمن المرحلة الثالثة من الحرب، في خطوة ستستند كلياً على القوات النظامية بعد تسريح جنود الاحتياط.

وقالت القناة «12» الإسرائيلية إن الجيش الإسرائيلي يستعد لتغيير خطته في غزة لإدراكه أن حركة «حماس» لن تهزم إلا بحرب استنزاف طويلة، ولذلك سيقوم بإنشاء منطقة عازلة غرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل.

وجاء هذا التوجه مع وصول وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن الثلاثاء لعقد اجتماعات في البيت الأبيض ووزارة الخارجية حول خطط إسرائيل لتقليص الحرب والانتقال إلى عملية منخفضة الشدة في غزة.

غارة إسرائيلية على خان يونس اليوم (أ.ف.ب)

وقال مسؤولان إسرائيليان ومسؤولون أميركيون لموقع «أكسيوس» الأميركي إن ديرمر، أقرب المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيعقد اجتماعاته هذه وسط توترات متزايدة بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية حول الموعد الذي يجب أن تنتهي فيه المرحلة عالية الكثافة من الحرب وماذا سيحدث في غزة بعد ذلك.

وقال مسؤول أميركي كبير إن القضية الرئيسية للمناقشة بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو هي «كيفية إنهاء الأمور وفي أي إطار زمني».

ومن المقرر أن يلتقي ديرمر مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان ووزير الخارجية توني بلينكن وأعضاء في الكونغرس، حسبما قال مسؤول إسرائيلي كبير.

وقال المسؤول الإسرائيلي إنه من المتوقع أن يناقش ديرمر خطط إسرائيل للمرحلة منخفضة الحدة من الحرب، والتي يتوقع المسؤولون الإسرائيليون أن تبدأ بحلول نهاية يناير (كانون الثاني)، وكيفية إدارة الشؤون المدنية في غزة في المرحلة الانتقالية الطويلة المقبلة.

وأضاف المسؤول أن ديرمر سيناقش أيضاً تفكير نتنياهو في ما يتعلق بما يحدث في غزة عندما تنتهي الحرب، بما في ذلك من يحكم القطاع على المدى الطويل.

وقالت إدارة بايدن علناً إنها تريد أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في حكم غزة في واقع ما بعد «حماس». وقال مسؤول أميركي إن نتنياهو رفض هذه الفكرة في السابق، لكن في الأسابيع الأخيرة بدأ ديرمر ومسؤولون إسرائيليون آخرون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين حول ما سموه «R.P.A» - أي «السلطة الفلسطينية بعد التأهيل والإصلاح».

جثامين قتلى فلسطينيين سلمها الجنود الإسرائيليون لطواقم طبية في رفح تمهيداً لدفنها اليوم الثلاثاء (أ.ب)

وفي الأسبوع الماضي، زار وفد إسرائيلي برئاسة مسؤول السياسات بوزارة الدفاع درور شالوم واشنطن لإجراء محادثات حول اليوم التالي للحرب واستخدم تعبير «R.P.A». ورفض البيت الأبيض التعليق. ولم يستجب مكتب ديرمر ووزارة الخارجية على الفور لطلبات التعليق.

ومن المتوقع أيضاً أن يناقش ديرمر المخاوف بشأن مخزون الذخيرة الإسرائيلي ومطالبة الولايات المتحدة بتسريع شحنات الأسلحة، حسبما قال مسؤول إسرائيلي.

وأعلن رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي اليوم الثلاثاء أن الحرب التي اندلعت قبل أكثر من 80 يوماً ضد حركة «حماس» في غزة، «ستستمر عدة أشهر أخرى». وقال هليفي في مؤتمر صحافي بعد تفقده جنوداً في القطاع إن «أهداف الحرب ليس من السهل تحقيقها. الحرب ستستمر عدة أشهر أخرى وسنعمل بأساليب مختلفة حتى يتم الحفاظ على الإنجاز لفترة طويلة».

وبينما ترتب إسرائيل والولايات المتحدة لفترة ما بعد يناير، واصلت القوات الإسرائيلية توغلها في عمق مناطق في شمال وجنوب قطاع غزة، وأعطت انطباعاً أنها قريبة من موقع زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار.

فلسطينيون عند معبر رفح بعد إجلائهم من قطاع غزة اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن قوات لواء «غفعاتي» تعمقت في حيي الدرج والتفاح شرق غزة، وقاتلت المسلحين وجها لوجه وقتلت الكثير منهم ودمرت فتحات أنفاق، وعثرت على وسائل قتالية وضبطت العشرات من قطع الأسلحة من طراز كلاشنيكوف وقنابل يدوية وصواريخ محمولة على الكتف وصواريخ مضادة للدبابات، فيما عملت الفرقة 98 على توسيع نطاق سيطرتها الميدانية على مدينة خان يونس، واستكملت عمليات بحث مكثفة عن فوهات أنفاق ومنشآت تحت الأرض.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنهم قريبون من السنوار، وأنه أمام خيارين رئيسيين: الأول هو أن يترقب أن يحاصر الجيش المخبأ تحت الأرض الذي يوجد فيه هو وزملاؤه من قادة «حماس»، ثم يبدأ بعد ذلك مفاوضات مع إسرائيل بينما يتخذ من مخطوفين إسرائيليين دروعاً بشرية. وعندها قد يطالب السنوار، بتأمين ممر للخروج إلى مصر له ولبقية المسؤولين في «حماس»، ومن هناك إلى دولة ثالثة توافق على إيوائهم. أما الخيار الثاني فهو انتظار استسلام قيادة «حماس»، بعد إكمال قوات الجيش مهمة تطويق مدينة خان يونس بالكامل، و«سحق كتائب حركة حماس» في المدينة.

وبحسب مصادر في المؤسسة الأمنية، فإن إسرائيل لديها بالفعل تقديرات حول مكان وجود يحيى السنوار، وإن تقدماً تكنولوجياً كبيراً ساعد في تحديد ومراقبة المنشآت تحت الأرض التي أنشأتها «حماس» على مر السنين في قطاع غزة.

واتهم مسؤولون أمنيون السنوار بأنه استثمر معظم موارد الذراع العسكرية لحركة «حماس» في بناء مساحات تحت الأرض تحت مدينة خان يونس، يستخدمها قادة الألوية، وهي أعمق وأوسع بكثير مما كان يقع في شمال ووسط قطاع غزة.

وبحسب أحد المصادر، تمكنت القوات الهندسية بمساعدة التكنولوجيا المتطورة، من إنزال كاميرا إلى عمق عشرات الأمتار لفحص أرجاء منشأة تحت الأرض واكتشفوا غرف معيشة وغرف احتجاز للمخطوفين وغرف أمن ومستودعات أسلحة وغرف اجتماعات وغرفاً لوجستية وأنظمة تهوئة وحمامات وغرف نوم.

من المعارك بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلي الفصائل الفلسطينية في حي التفاح بغزة اليوم الثلاثاء (رويترز)

ولم تعقب «حماس» على التسريبات الإسرائيلية، لكنها قالت إن إسرائيل تغير تكتيكاتها في غزة بسبب الفشل.

وأعلنت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، تنفيذها عدة عمليات، قتلت خلالها جنوداً ودمرت دبابات وآليات.

وقالت «القسام» إنها فجرت فتحة نفق في قوة إسرائيلية مكونة من 8 جنود شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة، وأوقعت أفراد القوة الإسرائيلية المستهدفة ما بين قتيل وجريح. كما عرضت مشاهد لعملية استدراج قوة إسرائيلية لأحد المنازل في مدينة بيت حانون شمالي قطاع غزة، وتفجير 3 عبوات أفراد وعبوة تصادمية وعبوة ناسفة «ما أدى لمقتل جميع أفراد القوة».

وتظهر لقطات الفيديو التي تبثها «كتائب القسام» قتال شوارع في غزة، والتحاما عن قرب، وهجمات مباشرة.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، مقتل ضابط وجندي وإصابة أربعة جنود بجروح خطيرة في المعارك جنوب قطاع غزة، فيما أعلن عن مقتل جندي ثالث وإصابة 10 آخرين بفطريات خطيرة خلال المعارك. ويقول الإسرائيليون إن تربة غزة ملوثة بفعل المياه العادمة والنفايات.

وبمقتل الجنود الثلاثة يرتفع عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في غزة إلى 158 من بداية العمليات البرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وإلى 492 منذ السابع من أكتوبر.

ومع مواصلة المعارك البرية، واصلت الطائرات الإسرائيلية قصفها المتواصل في اليوم الـ81 من الحرب على مناطق قطاع غزة كافة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة «ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى نحو 20.915 شهيداً و54.918 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي».

ويعمق استمرار الحرب من المأساة التي يعيشها الغزيون منذ نحو 3 أشهر وأوصلتهم إلى حافة المجاعة. وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن المجاعة في قطاع غزة «سياسة إسرائيلية لاستكمال الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني». وأكدت الوزارة، في بيان، «إن ما يتعرض له شعبنا في قطاع غزة في هذا الإطار ليس جوعاً وتجويعاً فقط وإنما هو مجاعة حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى تهدد حياة المواطنين بخطر الموت جوعاً، بل تموت أعداد يومية منهم بسببها».


مقالات ذات صلة

هاريس: إحراز بعض التقدم بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة

الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس خلال مقابلة أجرتها معها قناة «إيه بي سي» (رويترز)

هاريس: إحراز بعض التقدم بشأن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة

أضافت هاريس خلال المقابلة التي ستذاع كاملة في وقت لاحق "يجب أن نتوصل لوقف لإطلاق النار واتفاق بشأن الرهائن في أقرب وقت ممكن".

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي تعترض فوق الجليل صواريخ أُطلقت من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخين اجتازا قطاع غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، أنه رصد واعترض صاروخين اجتازا قطاع غزة، بُعيد إعلان الجناح المسلح لـ«حركة الجهاد» أنه أطلق صواريخ صوب سديروت جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)
العالم أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

غوتيريش يحذر نتنياهو من عرقلة عمل «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية المحتلة

قال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم، إنه كتب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، محذراً إياه من منع «الأونروا» من العمل في فلسطين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)

«فتح» و«حماس» في القاهرة... لقاء «مفصلي» لحسم «ترتيبات مستقبلية»

يحمل اجتماع حركتي «فتح» و«حماس» برعاية مصرية في القاهرة خطوات إضافية جديدة بعد أخرى صينية، لتعزيز فرص الاستعداد لترتيبات اليوم التالي من «حرب غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي كاريكاتير في حساب «فيسبوك» «دير الزور عربي» عن استغلال الميليشيات الإيرانية للسوريين

مشاعر الخوف من الوجود الإيراني تتعزّز في سوريا

مصادر متابعة في دمشق أشارت إلى تنامي الشعور بين السوريين بأنهم يدفعون ثمن الحرب «بين إيران وإسرائيل»، وأنها حرب «لا ناقة لهم فيها ولا جمل».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

إغلاق «معبر الدادات» في شمال سوريا يعمق أزمة العائدين من لبنان

لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
TT

إغلاق «معبر الدادات» في شمال سوريا يعمق أزمة العائدين من لبنان

لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)
لافتة طرق رئيسية تشير إلى اتجاهات مناطق في محافظة حلب (أرشيفية)

بعد إعلان الشرطة العسكرية، التابعة للحكومة المؤقتة في «الائتلاف السوري» المعارض، إغلاق معبر «عون الدادات» أمام حركة العائدين لمناطقهم، الاثنين، عدّت الإدارة الذاتية (الكردية) في شمال شرقي سوريا، أن الإغلاق سيدفع إلى تفاقم معاناة النازحين الهاربين من الحرب الدائرة في لبنان.

وفي الوقت الذي نفى فيه مسؤول كردي بارز إغلاق المعبر من طرف «الإدارة الذاتية»، وأن مناطقها ومعابرها مفتوحة أمام حركة الراغبين بالعودة لمناطقهم الأصلية؛ وصلت سيارات إسعاف «الدفاع المدني» السوري إلى ساحة المعبر، ونقلت عدداً من الحالات الإنسانية، بينهم مرضى وكبار السن قادمين من لبنان.

وكانت حكومة الائتلاف المؤقتة قد ذكرت، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، يوم الاثنين، أن المعبر مغلق حتى إشعار آخر، مبررة قرارها أنه نتيجة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وما وصفته بـ«التصرفات غير الأخلاقية» في ساحة عون الدادات، من قبل عناصر «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، «تجاه القادمين من مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة النظام السوري»، دون أن يتطرق البيان لتفاصيل هذه التصرفات.

بدورها، أعلنت «الإدارة الذاتية» أن أكثر من 18 ألف نازح سوري عبروا مناطق النظام السوري قادمين من لبنان إلى مناطق سيطرتها شمال شرقي البلاد، بينهم 53 لبنانياً. ويستخدم قسم من هؤلاء العائدين معبر «عون الدادات» للتوجه إلى مناطقهم في بلدات جرابلس وأعزاز وأريافهما، حيث يقع المعبر في ريف بلدة منبج شمال شرقي محافظة حلب، ويتصل مع مناطق سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري» التابعة لحكومة الائتلاف المؤقتة في منطقة «درع الفرات» الخاضعة للنفوذ التركي.

وصول مئات العائلات إلى شمال غربي سوريا بحثاً عن ملجأ عبر معبر عون الدادات بين مدينتي جرابلس ومنبج (فيسبوك)

وفي معرض ردّه على إغلاق معبر «عون الدادات» أمام السوريين العائدين من لبنان، بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر واجتياز عشرات الحواجز الأمنية، قال شيخموس أحمد، رئيس مكتب النازحين واللاجئين بالإدارة الذاتية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن المعبر مفتوح من طرف الإدارة، «فمنذ اليوم الأول لعودة اللاجئين السوريين من لبنان، فتحت الإدارة جميع معابرها مع مناطق حكومة النظام السوري، ومع الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، أمام من يريد العبور لباقي المناطق استجابة للأزمة الإنسانية العاجلة».

ولفت هذا المسؤول أن قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة قامت بحماية وتسهيل عبور عشرات الحفلات والسيارات التي تقل العائدين من خلال عمليات الترفيق، «وأوصلتهم لنقطة المعبر للتوجه نحو مناطقهم بريف حلب الشمالي، وقد عبر بالفعل أكثر من ألف مواطن من مناطقنا إلى المناطق المحتلة الخاضعة للنفوذ التركي، بعد تقديمنا كل التسهيلات اللازمة لعبورهم».

تدفق نازحين سوريين إلى معبر الطبقة بريف الرقة الشمالي الجنوبي قادمين من لبنان (الشرق الأوسط)

النازحة ريم، البالغة من العمر 52 سنة، وهو اسم مستعار لسيدة سورية تنتظر في ساحة العون وتتحدر من بلدة جرابلس الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، عبّرت عن خشيتها على عائلتها؛ زوجها وأبنائها الذين قضوا 12 سنة في لبنان، من العودة العكسية لبلدهم: «عشنا الخوف بكل تفاصيله، ليس بسبب القصف الإسرائيلي الشديد، لكن ابني الكبير بعمر الجيش، خفت من حواجز النظام، ومن حواجز (قسد) باعتباره متخلفاً، أما اليوم فمنعونا من الدخول، ويزداد خوفي كل لحظة أبقى فيها هنا».

إغلاق المعبر ينعش التهريب

وخلال الأيام الماضية، وبعد النزوح السوري الكبير من لبنان، سمحت سلطات «الإدارة الذاتية» وفصائل «الجيش الوطني» بالسماح لعبور آلاف من الراغبين في العودة لمناطقهم شمال البلاد من معبر «عون الدادات»، ويقدم الراغبون في العودة طلباً لدى «الشرطة العسكرية» ليأتي الردّ بالموافقة بنفس اليوم، أو في اليوم التالي. أما الذين ترفض طلباتهم فيسلكون طرقاً غير شرعية، مقابل دفع مبالغ مالية للمهربين، تصل إلى 400 دولار أميركي.

عالقون في معبر عون الدادات الثلاثاء (مواقع)

ونوّه المسؤول في الإدارة، شيخموس أحمد، بأن يوم أمس (الاثنين) وبعد قرار الشرطة العسكرية بإغلاق المعبر، وصلت 3 حافلات محملة بالركاب لنقطة المعبر، وبعد حصولهم على الموافقة لعبورهم لمناطقهم، «تفاجئوا بقرار المنع ونقلوا لنا أنهم تعرضوا للتهديد بالاعتقال من قبل الجهات المسيطرة على المعبر من طرف جرابلس، وتعرضهم للابتزاز المادي لإدخالهم بطرق التهريب على الرغم من تفاقم مأساتهم الإنسانية»، على حدّ تعبيره.

وأكد شاهد ثانٍ، طلب عدم ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، خلال اتصال هاتفي، أن استمرار إغلاق المعبر سينعش طرق التهريب، ويدفع كثيراً من العوائل القادمة من لبنان والعالقة في ساحة معبر العون، «إلى دفع مبالغ للمهربين للدخول لمناطق (درع الفرات)، وقد اتصلت بعدد من الأشخاص وقالوا لنا يجب دفع ما بين 250 إلى 400 دولار أميركي عن كل شخص واحد»، حتى الطفل الذي يبلغ عمره 12 عاماً يطلبون المبلغ نفسه.

ونقلت صفحات محلية ومواقع إخبارية أن سيارات منظمة «الدفاع المدني السوري» وصلت إلى ساحة المعبر، اليوم (الثلاثاء)، وأجلت عدداً من الحالات الإنسانية كالمرضى وكبار السن والنساء الحوامل، وأكدت هذه المنظمة على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) أن 1700 مدني دخلوا عبر معبر «عون الدادات» الإنساني إلى شمال غربي سوريا، أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين، في رحلة جديدة من القهر تعيشها العائلات السورية التي كانت لاجئة في لبنان بعد فرارهم من الحرب.