قصفت طائرات تركية «مسيّرة» صباح الاثنين، عدة مواقع في مدينتي القامشلي بمحافظة الحسكة وعين العرب «كوباني» بريف حلب الشرقي، واستهدفت الضربات منطقة صناعية في حي العلايا المجاور لسجن مركزي يضم محتجزي عناصر «تنظيم داعش».
وأفاد مسؤول كردي بأن القصف أخرج شركة الكهرباء في قرية بانا «شكفتيه» بريف ناحية المالكية عن العمل، ما تسبب في قطع التيار الكهربائي عن محطات القامشلي وعامودا والدرباسية، المحاذية للحدود التركية.
وقال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، إن العالم والمنطقة بينما يستعدون لاستقبال عام جديد، «تستهدف تركيا عبر سياساتها العدوانية أمن شعبنا واستقرار مناطقنا»، فيما أدان 33 حزباً سياسياً عبر بيان مشترك القصف التركي الذي تسبب في خسائر مالية كبيرة وحرمان سكان المنطقة من الخدمات، ودعوا قوات التحالف الدولية وروسيا الاتحادية إلى اتخاذ مواقف واضحة حيال الهجمات التركية.
ونقل سكان وشهود عيان ومصدر طبي في مدينة القامشلي، أن حصيلة القصف التركي بلغت 6 مدنيين فارقوا الحياة، وإصابة 9 آخرين، واستهدف القصف مواقع خدمية بينها شركة كهرباء بالقرب من محطة «سادكوب» لتوزيع الغاز والمازوت، فيما طال القصف مؤسسة الإسمنت التابعة للإدارة ومحطة القطار ومطبعة مدنية ومجمعاً زراعياً، كما قُصفت منشأة صناعية ومحيط مقبرة «دليل صاروخان» على الحزام الشمالي.
ومن المواقع المدنية المستهدفة مطبعة «سيماف» الخاصة، حيث سقط ثلاثة مدنيين بينهم فتاة وإصابة آخرين. وأكد الفنان سامر كالو الذي كان موجوداً لحظة الاستهداف في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أنها كانت «لحظة لا توصف من شدة الأصوات، ولم أع ما يجري لشدة الضربة، إلا بعد دقائق، حيث لحقت أضرار كبيرة بالمطبعة جراء اندلاع النيران، وأسعفنا 4 عاملين بينهم فتاة لمشافي المدينة». وفارق 3 عمال حياتهم قبل وصولهم إلى المشافي.
ونقل طاهر حصاف، أن قريبه رياض حمو (52 عاما)، وبيريفان زبير وريناس وهما بمنتصف الثلاثينات، فارقوا الحياة على الفور قبل وصولهم إلى مشافي المدينة.
وذكر مصدر طبي من مشفى «نافذ» الخاص، أنه مع مشفى «الشهيد خبات» بالقامشلي، تم استقبال مصابيْنِ اثنين جراء القصف التركي صباحاً على مطحنة بالقرب من الصوامع في حي العنترية (الجهة الشرقية للمدينة)، و«حالة أحدهما غير مستقرة بعد استخراج شظايا من رأسه وكتفه، فيما الحالة الثانية لا تزال في غرفة العناية المشددة تتلقى العلاج».
مليون سوري من دون كهرباء
وطال القصف التركي محطة «كرديم للكهرباء» بريف القحطانية في ريف القامشلي الشرقي، ومصرف البلدة الزراعي، ومعملاً للبلاستيك، وسط سماع لأصوات الطيران الحربي في سماء المنطقة المحاذية للحدود التركية شمالاً. كما استهدفت الضربات معمل «روهلات» لصناعة الزيتون، وصالة «كرم» للأفراح في مركز بلدة عامودا دون ورود معلومات عن ضحايا مدنيين أو حجم الخسائر المادية.
وتسببت الضربات التركية في إخراج شركة الكهرباء في قرية بانا «شكفتيه» بريف ناحية المالكية أقصى شمال شرقي سوريا، وتضررت الأبراج الحاملة، واحترقت غرفة الكنترول التي تمد المنطقة بالكهرباء، وتغذي المحطة مدن وبلدات القحطانية وتل كوجر، وتل حميس، وتل علو، وريف القامشلي الشمالي والجنوبي، إضافة لمحطتي عامودا والدرباسية، ويقدر عدد السكان بنحو مليون شخص.
وقال أكرم سليمان رئيس مكتب الطاقة في «مقاطعة الجزيرة»، أي محافظة الحسكة، وهي إحدى التسميات الإدارية التابعة للإدارة «الذاتية لإقليم شمال شرقي» سوريا، إن المنطقة هشة وبنيتها التحتية ضعيفة ومتهالكة جراء استمرار الحرب السورية وتوسع نطاق الهجمات التركية. وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضربات ضاعفت مشاكل توفير خدمات الكهرباء ومياه الشرب والمحروقات والغاز، فالقصف الأخير يزيد من معاناة سكان المنطقة واستهداف هذه المنشآت الحيوية جريمة حرب بحق الشعب السوري».
وتتعرض هذه المناطق على مدار اليومين الماضيين لسلسلة غارات تركية جوية استهدفت مواقع حدودية؛ وشملت محطات للنفط والطاقة ومنشآت مدنية، وطالت حقل العودة النفطي بريف القحطانية، ويعد من أكبر الحقول النفطية بالمنطقة، ومحطة سعيدة النفطية، وكذلك شركة الكهرباء في قرية «بانا شكفتيه» بريف المالكية، وتخضع هذه المناطق لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي، تقوده الولايات المتحدة الأميركية.
تكرار استهداف البنى التحتية وسبل عيش السكان في شمال وشرق سوريا للمرة الثالثة في غضون سنة، هي سياسة تجويع واحتلال ترتقي لجرائم حرب، تنتهجها الدولة التركية تستهدف أمن شعبنا واستقرار المنطقة.في الوقت الذي يستعد فيه سكان المنطقة لاستقبال عام جديد يحمل إليهم السلام والطمأنينة، ورغم...
— Mazloum Abdî مظلوم عبدي (@MazloumAbdi) December 24, 2023
هذا واستنكر القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي تكرار استهداف تركيا البنى التحتية وسبل العيش والخدمات لسكان المنطقة للمرة الثالثة في غضون سنة، ونشر تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «إكس»: «هي سياسة تجويع واحتلال ترتقي لجرائم حرب تنتهجها الدولة التركية تستهدف أمن شعبنا واستقرار المنطقة»، وأضاف أن العالم في الوقت الذي يستعد فيه لاستقبال عام جديد يحمل إليهم السلام والطمأنينة، «ورغم جهودنا المستمرة مع الحلفاء قوات التحالف الدولية لتحقيق الاستقرار، تصر أنقرة على سياساتها العدوانية غير المبررة وتصدير مشاكلها الداخلية».
سياسياً، أعرب 33 حزباً سياسياً تنضوي في «الإدارة الذاتية» في بيان مشترك إدانتها للقصف التركي على شمال سوريا، وجاء في البيان: «تسببت الهجمات في خسائر كبيرة وتداعيات على السكان، فضلاً عن حالة هلع ورعب»، ودعت هذه الجهات قوات التحالف الدولي وروسيا الاتحادية لعدم التساهل مع الهجمات التركية واتخاذ موقف واضح تجاهها، «إذ تهدد الهجمات بنسف جهود قوات (قسد) بمحاربة (تنظيم داعش) الإرهابي».