المساعدات الإنسانية تدخل ببطء إلى غزة

قافلة شاحنات طويلة تنتظر «بصبر» عند معبر كرم أبو سالم

جنود إسرائيليون يعملون في معبر كرم أبو سالم بينما تنقل الشاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعملون في معبر كرم أبو سالم بينما تنقل الشاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (أ.ب)
TT

المساعدات الإنسانية تدخل ببطء إلى غزة

جنود إسرائيليون يعملون في معبر كرم أبو سالم بينما تنقل الشاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعملون في معبر كرم أبو سالم بينما تنقل الشاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة (أ.ب)

عند معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة، تنتظر قافلة طويلة من شاحنات المساعدات الإنسانية بصبر، لتخضع للتفتيش، قبل نقل حمولتها من المساعدات إلى قطاع غزة المحاصَر والمهدَّد بالمجاعة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وتحت رقابة الجيش الإسرائيلي، الذي نظّم زيارة للصحافة، تمكّن صحافيون، اليوم الجمعة، من الوصول إلى نقطة الدخول هذه التي فُتحت استثنائياً، للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية. وتدخل الشاحنات التي يقودها مصريون، الواحدة تلو الأخرى، إلى باحة انتظار كبيرة؛ للخضوع لعملية تفتيش البضائع.

سائق شاحنة مصري يحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة يقوم بفك حمولته للتفتيش عند معبر كرم أبو سالم (أ.ب)

خلفهم الحدود المصرية القريبة، والأسلاك الشائكة العالية، وانتظروا لساعات قبل أن يتمكنوا من دخول المنفذ في الجدار العازل الإسرائيلي الضخم. يقول سعيد عبد الحميد، وهو يرفع الغطاء عن شحنة الدقيق التي ينقلها ليقوم الجنود الإسرائيليون بتفتيشها: «أنا فخور بتقديم المساعدة لإخواني الفلسطينيين». ويجري تدوين رقم لوحة تسجيل الشاحنة وهويته، ويجيب أيضاً عن بعض الأسئلة. من جهته، يقول محمد علي، وهو سائق آخر يأتي من القاهرة ويحمل مخزون بسكويت، إن «أجهزة الاستخبارات المصرية أعطت تعليمات بالتحدث بأقل قدر ممكن». ومقطورات الشاحنات، التي تحمل رمز الهلال الأحمر المصري، تنقل الفرش والبطانيات والمواد الغذائية، ويقوم كلب بوليسي بتفقُّد البضائع، برفقة جنود إسرائيليين مدجَّجين بالسلاح.

سائق شاحنة مساعدات مصري يعمل مع «الهلال الأحمر المصري» يعود إلى شاحنته بعد فحص البضائع قبل الذهاب إلى غزة (أ.ب)

ويدخل ما يعادل 80 شاحنة إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي، وفقاً للجيش الإسرائيلي. وجرى فتح طريق الإمداد الجديد، الأسبوع الماضي؛ لتخفيف الضغط عن نقطة رفح بين مصر وغزة، على بُعد كيلومترين فقط شمالاً. وأعلنت إسرائيل، في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إنشاء نقطة تفتيش إضافية في معبر كرم أبو سالم للمساعدات الإنسانية، ثم إعادتها إلى رفح، قبل أن تسمح بعد ثلاثة أيام، وبطريقة «مؤقتة»، بتفريغ بعض الشاحنات مباشرة في القطاع. لكن المساعدات الإنسانية غير كافية، كما تؤكد منظمات الأمم المتحدة باستمرار بالنسبة لهذه المنطقة المكتظة بالسكان والتي تبلغ مساحتها 362 كيلومتراً مربعاً، وحيث دمَّر القصف الإسرائيلي أحياء بأكملها وشرَّد 1.9 مليون نسمة؛ أي 85 في المائة من السكان.

جنود إسرائيليون يتفقدون شاحنة مصرية تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة عند معبر كرم أبو سالم في جنوب إسرائيل (أ.ب)

سوء تغذية حادّ

يتوقع أن يكون نحو نصف سكان غزة في مرحلة «الطوارئ» - التي تشمل ارتفاع معدلات سوء التغذية الحادّ وزيادة الوفيات - بحلول 7 فبراير (شباط)، وفقاً لتقرير صادر عن نظام مراقبة الجوع، التابع للأمم المتحدة. وحذَّر رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، من أنه «مع حرمان ودمار بهذا الحجم، فإن كل يوم يمر سيجلب مزيداً من الجوع والأمراض واليأس لسكان غزة». وأقرّ «مجلس الأمن»، الجمعة، زيادة حجم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. ومن هذا القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي منذ أكثر من 16 عاماً، شنّت «حماس» هجومها في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على الأراضي الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل نحو 1140 شخصاً معظمهم من المدنيين، وفقاً لتعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى حصيلة إسرائيلية.

سائق شاحنة مصري يحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة يعيد تحميل حمولته بعد التفتيش في معبر كرم أبو سالم في جنوب إسرائيل (أ.ب)

كما خطفت «حماس» نحو 250 شخصاً، لا يزال 129 منهم رهائن في غزة، وفقاً للسلطات الإسرائيلية. وردّاً على ذلك، توعدت إسرائيل بتدمير «حماس»، وتقصف غزة دون هوادة، حيث قُتل ما لا يقل عن 20057 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال، وأُصيب أكثر من 50 ألفاً بجروح، وفقاً لأحدث حصيلة صادرة عن حكومة «حماس» التي تولّت السلطة في القطاع عام 2007. وقال الكولونيل موشيه تيترو، رئيس هيئة وزارة الدفاع الإسرائيلية لغزة، الذي يشرف على الأنشطة المدنية في الأراضي الفلسطينية عند معبر كرم أبو سالم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «أكثر من 2500 شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية، وأكثر من 50 ألف طن من المواد الغذائية، دخلت غزة منذ بداية الحرب». والخميس، أدّت غارة إسرائيلية على الجانب الفلسطيني من المعبر، إلى مقتل أربعة أشخاص؛ من بينهم مدير المعبر باسم غبن، وفق «حماس».

سائقو شاحنات مصريون يحملون مساعدات إنسانية لقطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم في جنوب إسرائيل (أ.ب)

وقال الكولونيل تيترو: «رأى الجنود أسلحة على حدود كرم أبو سالم»، دون مزيد من التفاصيل. وفي هذه الأثناء ينتظر سائقو الشاحنات المصريون في موقف للسيارات ويُمضون الوقت بالاستماع إلى الموسيقى، حتى تسمح لهم السلطات بإدخال المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

شمال افريقيا نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

مع استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وتداعياتها على المنطقة، تواصل نزيف خسائر «قناة السويس» المصرية بسبب هجمات جماعة «الحوثي» اليمنية على السفن المارة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق رصد القصص الإنسانية في غزة لا يتوقف رغم الحرب (مهرجان القدس السينمائي)

دعوة لتأسيس مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة

وجّه الدكتور عز الدين شلح، رئيس مهرجان القدس السينمائي، دعوة لشخصيات فلسطينية وعربية ودولية للمشاركة في الهيئة التأسيسية لمهرجان «غزة الدولي لسينما المرأة».

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد مبنى بنك إسرائيل في القدس (رويترز)

بنك إسرائيل يُثبت الفائدة للمرة السادسة على التوالي

أبقى بنك إسرائيل أسعار الفائدة دون تغيير، الأربعاء، للمرة السادسة على التوالي، متوخياً الحذر في ظل تسارع التضخم وتراجع النشاط الاقتصادي الناتج عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم العربي استهداف إسرائيلي لمدرسة الرافعي في جباليا شمال القطاع (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يقتل 5 فلسطينيين في استهداف لبوابة مستشفى في جباليا

قتل الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، خمسة فلسطينيين على الأقل في استهداف لبوابة مستشفى «اليمن السعيد» في مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا محادثات السيسي ووزير الخارجية الأردني في القاهرة تناولت جهود التهدئة بالمنطقة (الرئاسة المصرية)

مصر والأردن يحذران من خطورة «التصعيد العسكري» بالمنطقة

لقاء الرئيس المصري ووزير الخارجية الأردني في القاهرة تناول مستجدات الجهود المصرية والأردنية الرامية للتهدئة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اجتماع «فتح» و«حماس» بالقاهرة... مناقشات فنية ومساعٍ لـ«توافقات»

اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
TT

اجتماع «فتح» و«حماس» بالقاهرة... مناقشات فنية ومساعٍ لـ«توافقات»

اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)
اجتماع للفصائل الفلسطينية في الصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية (رويترز)

ضمن مساعٍ لتحقيق توافقات فلسطينية داخلية، انطلق في العاصمة المصرية القاهرة، الأربعاء، اجتماع برعاية مصرية بين حركتي «فتح» و«حماس»؛ بهدف «ترتيب البيت الفلسطيني»، لتجاوز أي خطط إسرائيلية يطرحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاستمرار احتلاله لقطاع غزة.

وأفادت مصادر مصرية، الأربعاء، بأن «اجتماع حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة يهدف لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في ظل الأوضاع الراهنة»، وسيبحث «آلية عمل اللجنة المعنية بإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم»، وفق ما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» المصرية.

ويترأس وفد «حماس» في اجتماع القاهرة، خليل الحية عضو المكتب السياسي للحركة، وفق بيان للحركة الأربعاء، مشيرة إلى أن حركة «فتح» تشارك في الاجتماع برئاسة محمود العالول نائب رئيس الحركة.

خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (رويترز)

ويهدف اللقاء، بحسب طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إلى «بحث العدوان على قطاع غزة والتطورات السياسية والميدانية وتوحيد الجهود والصف الوطني»، وفق البيان ذاته.

ويأتي الاجتماع، غداة حديث تقارير فلسطينية وإسرائيلية، الثلاثاء، عن وصول وفدين من حركتي «حماس» و«فتح» إلى القاهرة؛ لبحث «التوصل إلى المصالحة»، بحسب «يديعوت أحرونوت»، في حين ذكر إعلام فلسطيني أن «الاجتماع» سيبحث بجانب ملف المصالحة، محاولة التوصل إلى اتفاقات، ثم يُعقد بعد ذلك اجتماع موسع بمشاركة الفصائل الفلسطينية كافة.

وعندما سُئل باسم نعيم، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، أواخر سبتمبر (أيلول)، عن الأنباء التي ترددت عن توافق «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة القطاع والمعابر «مدنياً»، أجاب نعيم: «غير صحيح»، لافتاً إلى أنه سيتم اتخاذ قرار بهذا الشأن خلال لقاء بين الحركتين، في إشارة إلى أن الاجتماع سيتناول ترتيبات خاصة بإدارة القطاع والجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي كانت تسيطر عليه «حماس» قبل الحرب، قبل أن تحتله إسرائيل في مايو (أيار) الماضي.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، كشف القيادي في حركة «فتح» وأستاذ العلوم السياسية الدكتور أيمن الرقب عن أن المعلومات الواردة من القاهرة تشير لاتفاق قيد المناقشة بين الحركتين على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، ستسمى «لجنة الإسناد المجتمعي» وتتبع إدارياً لحكومة رام الله، وتتشكل من أعضاء من غير المنتمين للفصائل الفلسطينية، لإدارة المعابر وملفات الصحة والإغاثة والإيواء والتنمية الاجتماعية والتعليم.

وبحسب معلومات الرقب، فإن الاجتماع الذي انطلق بالقاهرة جاء بناءً على رغبة مصرية لتجاوز عراقيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض وجود «حماس» و«فتح» في إدارة ملف غزة والمعابر تحديداً... ولتخفيف معاناة سكان قطاع غزة، لافتاً إلى أن اللجنة المعنية ستُشكل بكل تأكيد، بعيداً عن الحركتين، وستكون من الضفة الغربية وغزة ولها مهام عدة منها بسط الأمن في القطاع بشكل تدريجي.

أرشيفية للرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

يعول القيادي بحركة «فتح» على التوافق على اللجنة من جانب الحركتين، مبديا تخوفاً من مطالب «حماس» بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط، وإطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يضمن مشاركتها بها.

وبرأي الرقب، فإنه لو وصل الأمر إلى توافقات، ونجحت مساعي القاهرة، فإن نتنياهو سيكون العقبة، وقد يعترض، ضمن مساعيه لمحاولة الاستمرار في احتلال قطاع غزة.

وسبق أن وقّعت حركتا «حماس» و«فتح» اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية، القاهرة، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، ورحّب الرئيس الفلسطيني محمود عباس آنذاك به ووصفه بـ«الاتفاق النهائي لإنهاء الانقسام الفلسطيني»... لكن لم يُترجم شيء من الاتفاق على أرض الواقع.

وفي يوليو (تموز) الماضي، توصل 14 فصيلاً فلسطينياً، بما في ذلك حركتا «فتح» و«حماس»، إلى إعلان تاريخي للمصالحة الوطنية في بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية.