مقتل أسير فلسطيني تحت التعذيب لأنه سأل السجان عن الهدنة

منظمة حقوقية إسرائيلية: حملة انتقام ضد الأسرى قتل فيها 6 فلسطينيين

أحمد السلايمة (14 عاماً - يمين) أطلق سراحه في 28 نوفمبر ضمن صفقة تبادل الأسرى يقف خارج مدرسته في القدس إلى جانب والده نواف السلايمة بعد أن مُنع من العودة إليها (رويترز)
أحمد السلايمة (14 عاماً - يمين) أطلق سراحه في 28 نوفمبر ضمن صفقة تبادل الأسرى يقف خارج مدرسته في القدس إلى جانب والده نواف السلايمة بعد أن مُنع من العودة إليها (رويترز)
TT

مقتل أسير فلسطيني تحت التعذيب لأنه سأل السجان عن الهدنة

أحمد السلايمة (14 عاماً - يمين) أطلق سراحه في 28 نوفمبر ضمن صفقة تبادل الأسرى يقف خارج مدرسته في القدس إلى جانب والده نواف السلايمة بعد أن مُنع من العودة إليها (رويترز)
أحمد السلايمة (14 عاماً - يمين) أطلق سراحه في 28 نوفمبر ضمن صفقة تبادل الأسرى يقف خارج مدرسته في القدس إلى جانب والده نواف السلايمة بعد أن مُنع من العودة إليها (رويترز)

فتحت الشرطة الإسرائيلية ملف تحقيق في قتل الأسير الفلسطيني ثائر أبو عصب تحت التعذيب على يد السجانين في سجن «كتسيعوت» الصحراوي. وقالت «اللجنة الإسرائيلية ضد التعذيب» إنها قدّمت مذكرة قبل أسبوعين للمستشارة القضائية للحكومة وإدارة مصلحة السجون، تلفت أنه منذ هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تسود في السجون الإسرائيلية عمليات انتقام ضد الأسرى الفلسطينيين تهدد حياتهم.

وأضافت اللجنة، الخميس، أنها جمعت شهادات كثيرة على حالات تم فيها الاعتداء على فلسطينيين داخل السجون بشكل بشع، وضمن ذلك اعتداءات جسدية وجنسية وأعمال تنكيل وتعذيب وإذلال، وأن 6 أسرى فلسطينيين لقوا حتفهم داخل الأسر في هذه الفترة، بعضهم من غزة، وبعضهم من الضفة الغربية.

أسرى فلسطينيون في أحد شوارع بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، 8 ديسمبر، بينما يقف جنود إسرائيليون للحراسة (رويترز)

وحذّرت من أن «مصلحة السجون تتحول من جسم مهني وظيفته الاعتقال والسجن إلى قوة انتقام وعقاب». وطالبت بإجراء تحقيق معمق في عمليات التنكيل ومعاقبة السجانين المسؤولين، والسماح للأسرى بمقابلة المحامين الموكلين بالدفاع عنهم وممثلين عن منظمة الصليب الأحمر الدولية.

سجن «كتسيعوت» في النقب (ويكيبيديا)

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت أنها باشرت التحقيق مع 19 سجاناً من سجن «كتسيعوت» في النقب، للاشتباه بتنفيذ «اعتداءات في ظروف متشددة على سجين أمني توفي في السجن في منتصف الشهر الماضي بعد وقت قصير من ضربهم له». وأكدت أن الحديث يدور عن السجين ثائر أبو عصب (38 عاماً)، من سكان قلقيلية، المنتمي إلى حركة «فتح» والمسجون منذ عام 2005 بحكم 25 عاماً.

وبحسب شاهد عيان، وهو الفتى الأسير محمود القتناني، ممن تم إطلاق سراحهم في صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، الشهر الماضي، فإن أبو عصب سأل أحد السجانين إن كانت هناك فعلاً صفقة لهدنة مؤقتة بين «حماس» وإسرائيل، فلكمه سجان، ثم هرع عدد من السجانين الملثمين من قوات القمع الخاصة الذين يرتدون خوذاً سوداء كي لا تعرف هوياتهم، وراحوا يضربوننا ويرفسوننا بوحشية. لكن ثائر تعرض للضرب أيضاً بالهراوات الكبيرة، وضرب رأسه بالباب الحديدي فانفتح فيه جرح عميق. وفي اليوم التالي توفي في الزنزانة.

تقرير التشريح

بحسب التقرير الإسرائيلي، فإن معهد التشريح الطبي في أبو كبير لاحظ وجود آثار ضرب شديد، لكنه لم يقرر بيقين أن وفاة السجين سبّبتها ضربات السجانين. ولهذا السبب فهم ليسوا مشبوهين بالتسبب بموته، بل بالاعتداء في ظروف متشددة وبمخالفات أخرى.

ويخضع السجانون منذ 3 أيام للتحقيق في القضية، وقد أبعدوا عن عملهم، وبعضهم قيد الإقامة الجبرية في البيت. كما حظر عليهم الاتصال مع كل المشاركين بالاعتداء لـ30 يوماً، وفرضت عليهم كفالات مالية بقيمة 7 آلاف شيكل، وبعضهم 10 آلاف شيكل (الدولار يساوي 3.7 شيكل).

عائلة التميمي الفلسطينية مع ابنها وسام (17 عاماً) في منزل العائلة بقرية النبي صالح بالضفة الغربية بعد إطلاق سراحه بموجب الهدنة الأخيرة بين «حماس» وإسرائيل (أ.ب)

وقررت المحكمة حظر النشر عن القضية، وفي منتصف ليلة الأربعاء - الخميس، انتهى موعد الحظر، ما أتاح النشر عن القضية صبيحة الخميس.

وعلى إثر ذلك، أثار اليمين الإسرائيلي موجة صخب ضد التحقيق. وأعلن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، المسؤول عن مصلحة السجون والشرطة، أنه لن يسمح بإجراء محاكمة ميدانية للسجانين. وأضاف: «لا مجال لتحديد مصيرهم قبل إجراء تحقيق شامل، ويجب أن نتذكر أن سجانينا يتعاملون مع حثالة البشر والقتلة».

وقالت مصلحة السجون: «منذ بداية الحرب، استقبلنا آلاف السجناء، وارتفع مستوى التحديات والتهديدات التي تواجهها السجون. ومع ذلك، نحن نحافظ على معايير قصوى للالتزام بحقوق الأسرى».

وقال محامو السجانين، عادي كيدار وحاي هبار، وهما من منظمة «حنونو» اليمينية المتطرفة التي تدافع عن كل «السجانين الأمنيين اليهود» في قضايا الاعتداء على الفلسطينيين، إنهما استأنفا الحكم وطالبا مصلحة السجون بالتدخل لمنع المحاكمة وإعادة السجانين إلى الوظيفة.

أعلام فلسطينية وصور السجناء الفلسطينيين خلال مظاهرة تطالب بالإفراج عنهم في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

مقتل 6 منذ حرب غزة

يذكر أن القتيل أبو عصب واحد من 6 أسرى لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية منذ إعلان الحرب على غزة، وهم: عمر دراغمة (58 عاماً) من طوباس، وعرفات حمدان (25 عاماً) من رام الله، وماجد زقول أبو العيش (32 عاماً) من غزة، والشهيد الرابع من غزة مجهول الهوية، وعبد الرحمن مرعي (33 عاماً) من سلفيت. وبحسب هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، فإن «عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967، وصل إلى 242 شهيداً، منهم (16) شهيداً ما زال الاحتلال يحتجز جثامينهم، من بينهم عبد الرحمن مرعي، الذي ظهرت علامات ضرب على جسده وكسر أحد ضلوعه، عند تشريحه».

وللدلالة على الروح السائدة في مصلحة السجون ضد الأسرى الفلسطينيين، خرجت صحيفة اليمين «يسرائيل هيوم»، بتقرير (الخميس) قالت فيه: «منذ نحو الشهرين يوجد عشرات المخربين من وحدة النخبة الوحشية (حماس)، في قسم منفصل في إحدى منشآت الحبس في مصلحة السجون يحظر نشر مكانها. هؤلاء هم المخربون الذين قاموا بالمذبحة في الغلاف، رأس حربة (حماس) الذين تربوا على التزمت الآيديولوجي والإجرامي لـ(داعش)». في تبرير للصحيفة لممارسة العنف المفرط ضد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يلقي خطاب عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك في الفاتيكان السبت (د.ب.أ)

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

عادة ما يكون بابا الفاتيكان فرنسيس حذراً بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحةً تجاه حرب إسرائيل على غزة.

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)

«عاصمة فلسطين» في سوريا... ضحية «القضية»

يحاكي الدمار بين جنبات المخيم مشاهد الحرب في غزة (الشرق الأوسط)
يحاكي الدمار بين جنبات المخيم مشاهد الحرب في غزة (الشرق الأوسط)
TT

«عاصمة فلسطين» في سوريا... ضحية «القضية»

يحاكي الدمار بين جنبات المخيم مشاهد الحرب في غزة (الشرق الأوسط)
يحاكي الدمار بين جنبات المخيم مشاهد الحرب في غزة (الشرق الأوسط)

كان مخيم اليرموك، الذي أنشئ عام 1957 على أطراف دمشق وكان يوصف بـ«عاصمة فلسطين في سوريا»، سوقاً تجارية كبيرة، وسكنه نحو مليون ونصف المليون شخص من السوريين والفلسطينيين وبعض العراقيين، لكن، وفق تقديرات الـ«أونروا»، ليس فيه حالياً سوى نحو 8 آلاف نسمة.

«الشرق الأوسط» جالت على المخيم ورصدت دماراً يحاكي دمار غزة.

يعاني السكان الإهمال التام، وعدم معرفة مصيرهم ومصير ذويهم من المفقودين، ومآلات منازلهم، ووضعهم العام في المرحلة المقبلة، إلا إنَّ الأصعب بالنسبة إليهم يبدو في شكواهم المتكررة من أنَّهم في حالة ضياع، ومتروكون لمصيرهم، دون أي مرجعية اجتماعية أو خدمية أو سياسية، كأنهم أصبحوا فجأة أيتام النظام السابق والفصائل المسلحة والثورة والتحرير دفعة واحدة.