إسرائيل: مستعدون لهدنة إنسانية وإطلاق أسرى «أثقل وزناً»

«حماس» تتمسك بوقف الحرب أولاً وتدرس زيارة للقاهرة لمزيد من البحث

TT

إسرائيل: مستعدون لهدنة إنسانية وإطلاق أسرى «أثقل وزناً»

عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» تعتصم أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية للضغط من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة (رويترز)
عائلات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» تعتصم أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية للضغط من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى جديدة (رويترز)

أعطت إسرائيل إشارات إيجابية حول استعدادها لعقد صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، قد تكون باهظة الثمن، لكن «حماس» ردت بأنها غير مستعدة لمناقشة أي صفقات قبل وقف الحرب. وقال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال لقائه سفراء أجانب، يوم الثلاثاء، إن تل أبيب مستعدة لعقد هدنة إنسانية أخرى من أجل السماح بإطلاق سراح المحتجزين. وأضاف هرتسوغ أن «المسؤولية الكاملة عن الأمر تقع على عاتق (قائد حماس في غزة يحيى) السنوار وقيادة الحركة». وتابع: «هناك العشرات من الحالات الإنسانية ضمن مجموعة المحتجزين في غزة».

وتحاول إسرائيل دفع اتفاق تبادل الأسرى إلى الأمام، إذ التقى مدير جهاز المخابرات الإسرائيلي «الموساد» ديفيد برنياع مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في وارسو، يوم الاثنين، في محاولة لاستئناف المناقشات حول الأسرى. وجاء اللقاء بعد أيام من لقاء جمع برنياع وآل ثاني في أوروبا.

الأسيرة الفلسطينية مرح باكير بعد خروجها في صفقة تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل (رويترز)

أسرى «خطرون»

كانت الدوحة توسطت الشهر الماضي في مفاوضات أدت إلى إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين في قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من النساء والأطفال وفق معادلة «1 مقابل 3»، في هدنة استمرت 7 أيام، قبل أن تنهار بفعل الخلاف على نساء ورجال تطالب بهم إسرائيل، وتقول «حماس» إنهم جنود وجنديات ومسنون خدموا في الجيش ولا يسري عليهم ما سرى على المدنيين، وإن ثمن مقابلهم كبير، وهو وقف الحرب وتبييض السجون.

وقال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب مستعدة لإطلاق أسرى فلسطينيين «خطرين» حتى ممن أدينوا بعمليات قتل، في إطار صفقة تبادل أسرى جديدة. وقالت صحيفة «يديعوت أحرنوت» إن إسرائيل قررت الذهاب باتجاه إنجاز صفقة جديدة مدركة الثمن الباهظ الذي تطلبه «حماس»، ويفكرون فيما إذا كانوا سيتنازلون عن إطلاق سراح أسرى أثقل ممن أطلق سراحهم في الصفقة السابقة. وحسب «يديعوت» فإنهم يدركون في إسرائيل أن المفاوضات تنطوي على مخاطر، من بينها تأثير محتمل على المناورة البرية.

ويحرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت على القول إن الضغط العسكري هو الشيء الوحيد الذي ينجح مع «حماس»، ومن ناحية أخرى، تقول «حماس» إنه لن يكون هناك اتفاق تحت النار.

متظاهرون يرفعون صور الرهائن المحتجزين لدى «حماس» (رويترز)

مقتل الأسرى الثلاثة

وقررت إسرائيل، حسب «يديعوت»، الذهاب للصفقة في ضوء ما حدث يوم الجمعة، بعد مقتل المختطفين الثلاثة بالرصاص عن طريق الخطأ على يد الجيش ما ساهم في ارتفاع عدد المختطفين الذين قُتلوا في الأسر، والذين أعاد الجيش الإسرائيلي بعضهم جثثاً إلى إسرائيل.

وقالت «يديعوت» إن إسرائيل قررت استئناف المفاوضات وفق 3 مبادئ؛ الأول أن أي مفاوضات مع «حماس» ستكون تحت النار، ولن يكون هناك يوم هدنة دون عودة المختطفين، والثاني أن الصفقة ستستمر من حيث توقفت، أي أنه لا يوجد تنازل عن إعادة النساء اللاتي بقين أسيرات، والثالث تصر إسرائيل على أن يتم الإفراج وفق معايير واضحة لكل فئة.

وتأمل إسرائيل أن ذلك سيمكنها من إعادة المختطفين المسنين مع النساء والمرضى، والحديث يدور عن أحياء فقط.

وقال المسؤول السياسي في إسرائيل إن «الأيام المقبلة ستكون حاسمة وتتسم بالضغوط». وتنتظر إسرائيل رد «حماس»، ويقولون إن الكرة ليست في أيدي إسرائيل. «لقد اتخذ رئيس الموساد الخطوة، والآن سيتحول الضغط من الولايات المتحدة إلى قطر، ومن قطر إلى (حماس). سيستغرق الأمر بضعة أيام».

صورة التُقطت من رفح تظهر الدخان يتصاعد فوق خان يونس جنوب قطاع غزة خلال القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

مفاوضات تحت النار

لكن «حماس» ردت مرة أخرى بأنه لن تكون هناك مفاوضات تحت النار. وقال باسم نعيم، القيادي في «حماس»، يوم الثلاثاء، إن موقف الحركة لم يتغير، مضيفاً: «لا تفاوض حول الأسرى قبل وقف العدوان ومنفتحون أمام أي مبادرة تخفف العبء عن شعبنا». وتراهن إسرائيل على أنه تحت الضغط العسكري وضغوط الدول الوسيطة سيتغير موقف «حماس»، ويقولون «إن العجلة بدأت تدور مرة أخرى».

وقالت وسائل إعلام مقربة من الحركة إن وفداً من «حماس» سيزور العاصمة المصرية القاهرة خلال الأيام المقبلة. وقالت المصادر لـ«شبكة قدس» إن الوفد سيلتقي مسؤولين مصريين. ووفق المصادر، فإن وفد الحركة سيضم شخصيات رفيعة من قيادتها، ويزور القاهرة للبحث في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وحسب المصادر، فإن الوفد سيصل إلى القاهرة من خارج القطاع، حيث سيضم قيادات من الصف الأول لحركة «حماس». وسبق ووصل وفد رفيع المستوى من قيادات حركة «حماس» لمصر برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي، وستكون هذه هي الزيارة الثانية منذ بداية الحرب على غزة.


مقالات ذات صلة

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».