بعد أكثر من 70 يوماً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدأت إسرائيل و«حماس» تلجآن إلى تجريب أسلحة جديدة وتغيير التكتيكات القتالية بحكم التجارب السابقة.
وقال مصدر ميداني في الأجنحة العسكرية المسلحة لـ«الشرق الأوسط»، إنه بعد قتال طويل ومعقد، اكتشف المقاتلون تغييرات مهمة في أسلحة الجيش الإسرائيلي وتكتيكاتi.
وأفاد المصدر بأن الجيش بدأ استخدام أسلحة مسيرة عن بعد، بينها دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي، وحوّل طائرة «كواد كابتر» التي كانت مخصصة للتجسس أو إلقاء قنابل غازية إلى طائرات تطلق رصاصاً عبر رشاشات تم تركيبها، وبدأ يعتمد أكثر على إرسال مسيّرات وكلاب مدربة وروبوتات إلى مواقع قتالية، خصوصاً الأنفاق، وليس جنوداً.
دبابات بدون جنود
وقال المصدر إن المقاتلين انتبهوا بعد فترة طويلة من القتال لاستخدام إسرائيل دبابات بدون جنود، ما أجبرهم على تغيير آلية التعامل مع تلك الآليات، واتخاذ قرار بوقف استهدافها إلا في حالات معينة، مضيفاً أنها «تستهدف فقط عند استخدامها في التقدم لمحاور محددة، لكن يتم تجاهلها عند تقدمها في محاور أخرى توجد فيها دبابات داخلها الجنود».
والدبابات التي تتحرك بدون جنود تتحرك بخفةٍ وتطلق النار مثل الدبابات العادية، وقد تم اكتشافها بعد تمكن المقاتلين في أكثر من مرة من استهدافها، إلا أن ما كان يثير استغرابهم أن الجيش الإسرائيلي لا يستعجل إخلاءها، وعند اقترابهم منها لا يشاهدون أياً من الجنود الإسرائيليين داخلها.
إضافة إلى التغيير في تكتيك استهداف الدبابات، غيّر المقاتلون أسلوبهم كلياً إلى أسلوب كر وفر.
وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية إن المقاتلين حوّلوا المنازل المدمرة إلى نقاط التقاط، وأنهم يتحركون بدون أسلحة، ثم يحصلون عليها قبل الهجوم بقليل من نقاط محددة، ما عقد مهمة الإسرائيليين في رصدهم.
ويركز المقاتلون في غزة على استخدام مضادات الدروع والأفراد، ومهاجمة الجنود بعد ذلك بأسلحة خفيفة، كما أنهم يستخدمون طائرات مسيرة في الهجمات.
وتستخدم «حماس» طائرات رخيصة وغير مكلفة عدلت بعضها إلى «انتحارية»، وأخرى لحمل قنابل وإلقائها.
واختبر الطرفان في هذه الحرب أسلحة جديدة، لكن لا توجد مقارنة في ميزان القوى. وقال غزيون لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الإسرائيلية استخدمت قنابل وصواريخ جديدة لم يختبروها في أي حرب.
مسيرات متطورة
وذكر أحمد شكشك من سكان مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، أنه تعرض لإطلاق نار داخل زقاق يؤدي لمنزل عائلته بالمخيم، من طائرة صغيرة الحجم مثبت عليها سلاح آلي، ما أدى إلى إصابته برصاصتين، إحداهما في الفخذ والأخرى في يده اليسرى، مبيناً أنه كان يمر بالزقاق وفجأة ظهرت الطائرة أمامه وأطلقت النار تجاهه.
ويتحدث شكشك عن «كواد كابتر»، التي كانت تستخدم بكثافة في إلقاء قنابل مسيلة للدموع ضد المتظاهرين الفلسطينيين على حدود القطاع، ثم أصبحت في هذه الحرب تطلق رصاصاً حياً متوسط المدى لتحدث في بعض الأحيان إصابات بالغة، وقد تسببت بمقتل العديد من الغزيين.
وأكد مصدر في الفصائل أن هذه الطائرات استخدمتها قوات الاحتلال في عمليات تجسس كبيرة على مدار عام كامل قبل الحرب، وتمكنت من زرع أجهزة تجسس في بعض مقدرات المقاومة، وتم كشف تلك الأجهزة.
قنابل جديدة وصواريخ برميلية
واشتكى سمير أبو سلطان من سكان مدينة غزة في محيط مجمع الشفاء الطبي من أن الطائرات الإسرائيلية عندما قصفت مركبة تابعة لـ«الأونروا» كان أفراد عائلته على متنها وقتل العديد منهم، بينما أصيب 3 من أطفاله بحروق متفاوتة، ويحتاجون لعلاج لسنوات من أجل تحسن حالتهم.
وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الأطباء في مجمع الشفاء الطبي قبل اقتحامه بأسابيع، أكدوا له أن هذه القنابل جديدة وتستخدم لأول مرة.
ووفقاً لما رصده مراسلنا، فإن العديد من عمليات القصف كانت أقل تدميراً، لكنها تتسبب باندلاع النيران في الأماكن المستهدفة، ومنها مصانع ومنشآت اقتصادية أخرى، وبعض المنازل.
كما لوحظ استخدام قوات الاحتلال قنابل تصدر أصوات انفجارات أكبر من المعتادة وتسمع من عدة كيلو مترات، وكانت تستخدم بشكل أكبر في ما عرف لالأحزمة النارية، وكذلك في تدمير مربعات سكنية ما تسبب بوقوع مجازر كبيرة بحق الغزيين.
ويقول المصدر الميداني إن إسرائيل استخدمت صواريخ جديدة منها برميلية، وهو ما يفسر الجرائم الكبيرة التي ارتكبت وتسببت بارتفاع أعداد الضحايا، عاداً ما جرى «عملية انتقامية ممنهجة ضد الغزيين».
وأشار إلى استخدام الاحتلال قذائف مدفعية انشطارية، إلى جانب استخدام الفسفور الأبيض بشكل مكثف، وصواريخ خارقة للحصون تسببت في الكثير من الأحيان بتدمير العديد من الأنفاق ومقدرات المقاومة.