شكوك اليوم الأول في «انتخابات العراق» ترفع منسوب القلق السياسي

TT

شكوك اليوم الأول في «انتخابات العراق» ترفع منسوب القلق السياسي

عناصر أمن يصطفون في طابور داخل مركز انتخابي أمس السبت (أ.ف.ب)
عناصر أمن يصطفون في طابور داخل مركز انتخابي أمس السبت (أ.ف.ب)

على الرغم مما بدا أنه نسبة مرتفعة على صعيد الإقبال في اليوم الأول في انتخابات مجالس المحافظات العراقية، الخاص بالقوات الأمنية والنازحين، فإن القوى السياسية الباحثة عن تعديل أوزانها الانتخابية بدأت تحثّ ناخبيها على التوجه صباح الاثنين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

ومع أن إقبال منتسبي الأجهزة الأمنية ليس معياراً للإقبال الجماهيري كون هؤلاء موظفي دولة ويأتمرون بأوامر قادتهم وآمريهم، فإن ما زاد من قلق بعض القوى السياسية أن عدة حالات تم رصدها تعكس محاولات إجبار أو إملاء من قبل بعض الآمرين لمنتسبيهم للإدلاء بالتصويت لجهة معينة دون غيرها.

يضاف إلى ذلك أن الخلل الذي شهده اليوم الأول، الذي تمثل في تعطيل أجهزة العد والفرز الإلكتروني في كثير من المحطات، ضاعف من مساحة الشكوك لدى القوى السياسية، سواء تلك التي تريد المحافظة على وزنها السياسي عبر تعزيزه برصيد انتخابي أو تلك التي تريد رفع رصيدها الانتخابي لتعديل ميزانها في المعادلة السياسية المقبلة.

وبشأن التفاعلات الممكنة والمحتملة على صعيد ما يمكن أن تفرزه هذه الانتخابات من معادلات، وفي هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من الواضح أن عملية التصويت الخاص كانت قد جرت بانسيابية عالية وانضباط عالٍ من قبل أبناء المؤسسة الأمنية في قضية الإدلاء بأصواتهم، وهو ما يؤشر إلى عملية التزام ببناء الدولة ومؤسساتها، لكن في مقابل ذلك يبدو أن هناك خللاً لدى مفوضية الانتخابات، خصوصاً ما يتصل بعمليات العدّ والفرز الإلكتروني». مبيناً أن «هذه تمثل عدم قدرة على التعاطي مع مستوى التحدي للانتخابات بشكل عام، من منطلق أن هذه العملية هي أهم مفصل في الانتخابات، مثل تحديد النتائج والإرسال عبر الوسط الناقل وغيرهما، ما يدخل في صلب عمل المفوضية».

عناصر أمن يصطفون في طابور داخل مركز انتخابي أمس السبت (أ.ف.ب)

وأضاف الشمري أن «الإقرار من قبل المفوضية بوجود توقف في أجهزة العد والفرز وتحديد النتائج يمثل فشلاً جزئياً في العملية الانتخابية وعدم قدرة على تحمل المسؤولية من قبلها، وهذا الخطأ سوف يضعف عملية الإقبال في الاقتراع العام يوم الاثنين». وأكد الشمري أن «القانون عالج ذلك من خلال العد والفرز اليدوي طبقاً للقانون الانتخابي وقرار المحكمة الاتحادية، لكن هذا العدد الكبير من عطل الأجهزة غير مبرر، خصوصاً أن عملية العد والفرز يجب أن تتطابق مع نسبة الـ5 في المائة التي تعد مقبولة من حيث الخطأ لا أكثر من ذلك حيث هناك محطات كاملة تم توقف الأجهزة بها في عدد من المحافظات العراقية».

وأوضح الشمري أن «وجود مثل هذه الأخطاء، وبرغم الإقبال الكبير من قبل منتسبي الأجهزة الأمنية، لا يقلل من عمل المفوضية».

ورداً على سؤال بشأن كيفية انعكاس تركيبة المجلس على الصراع السياسي في المرحلة المقبلة، يقول الشمري إن «نتائج الانتخابات برغم أنها انتخابات دستورية في النهاية، فإن فلسفة إجراء الانتخابات كانت بالدرجة الأساس هي رغبة الأحزاب السياسية التقليدية منها بالتحديد لمعرفة أوزانها ومن ثم صياغة أوزانها القادمة على مستوى المجالس المحلية، حتى على مستوى البرلمان، خصوصاً أن مرور أكثر من عام على تحالف إدارة الدولة والتقاطعات التي حصلت وعدم تنفيذ الاتفاقات السياسية أثرت بشكل كبير على معادلة التحالفات، وكذلك على طبيعة التوجهات العامة. لذلك فإنه في حال فقدان الأحزاب كثيراً من رصيدها يمكن أن يولد صراعاً كبيراً، ليس على مستوى مجالس المحافظات، بل على المشهد الاتحادي، وهو ما يجعلنا أمام مشهد جديد له تداعياته المقبلة».

من جهته، يقول الدكتور ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مقولة (إنها انتخابات مهمة وخطرة ولها تداعياتها) تبدو مقولة ملازمة لكل انتخابات حصلت في العراق، فلكل منها مخاوفها الواقعية وهواجس تداعياتها»، مشيراً إلى أن «هذه الانتخابات تفوقها جميعاً من حيث المخاوف وتداعيات النتائج بسبب متغيرين مهمين؛ الأول مقاطعة الصدر، والثاني الإطاحة بالحلبوسي».

جنود عراقيون يدلون بأصواتهم في مركز انتخابي في بغداد أمس السبت (أ.ف.ب)

وأضاف البكري أن «المقاطعة ستنتج مجالس محافظات خالية من الصدريين، وهو خطأ سياسي واستراتيجي، كما خطأ الانسحاب من البرلمان، سيتيح للإطار السيطرة الكاملة على مفاصل النظام السياسي، وقد ينتج بلحظة ما تصادم وتطور قواعد اللعبة نحو العنف، كون الإصرار على إمرار الانتخابات بلا صدريين يوضح حالة انتشاء بنصر قد لا يدوم».

وبشأن المتغير الثاني، يقول البكري: «قد تفرز الانتخابات مقاعد أكثر لتقدم كردّ فعل جماهيري، ما يعقد حالة التنافس في بغداد بين (الإطار) و(تقدم)، وكذلك في المناطق السنية، فضلاً عن مباراة انتخاب رئيس برلمان جديد، وهو ما يعني كخلاصة نهائية أن إمرار الانتخابات بتجاهل المتغيرين السابقين هو وصفة عدم استقرار سياسي، وربما عنفي مقبل».


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
TT

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا يمكن القبول بالفصل بين غزة والضفة ولا ترك القطاع لـ«حالة الفراغ»

محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)
محمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني (صفحة رئيس الوزراء عبر «فيسبوك»)

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، اليوم الأربعاء، إنه لا يمكن القبول بعملية الفصل بين غزة والضفة الغربية، مشدداً أيضاً على أنه لا يمكن ترك القطاع لـ«حالة الفراغ».

تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين (أ.ف.ب)

وأضاف رئيس الوزراء، في كلمة ألقاها خلال اجتماع التحالف الدولي لدعم حل الدولتين بالعاصمة النرويجية أوسلو، وبثَّها التلفزيون الفلسطيني، أن حكومته مستعدة لتولي المسؤولية في قطاع غزة، بعد وقف إطلاق النار.

أطفال وأهالٍ فلسطينيون يكافحون من أجل الحصول على الغذاء بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

تأتي تصريحات مصطفى وسط ترقب للإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في ظل مفاوضات جارية حول التفاصيل النهائية. وقالت شبكة «سي بي إس» الأميركية، أمس، إن إسرائيل و«حماس» وافقتا مبدئياً، في المحادثات الجارية بالدوحة، على مسوَّدة اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجَزين.