«بنك الأهداف» الإسرائيلي في لبنان يتمدد من الحدود إلى بيوت المدنيين

«حزب الله» يستخدم أسلحة جديدة وتل أبيب تستدرجه لتوسيع الحرب

منزل مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
منزل مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«بنك الأهداف» الإسرائيلي في لبنان يتمدد من الحدود إلى بيوت المدنيين

منزل مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
منزل مدمَّر نتيجة القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

منذ قرار «حزب الله» استخدام جبهة الجنوب اللبناني لدعم ومساندة حركة «حماس» والفصائل المقاتلة في قطاع غزة، تدرجت الأهداف الإسرائيلية داخل لبنان بشكل لافت، وإن بقيت محصورة في منطقة لم يتعدّ نطاقها الـ5 كلم.

وبينما بدأ القتال بين «حزب الله» وإسرائيل كقتال رمزي بحيث كان الحزب يقصف مواقع إسرائيلية لا يتواجد فيها جنود داخل مزارع شبعا وتلال كفر شوبا التي يعدّها لبنان أراضي لبنانية محتلة، فتقابل تل أبيب ذلك بقصفها بساتين ومواقع خالية للحزب، بدأت الأهداف الإسرائيلية تتوسع تدريجياً، فبات الجيش الإسرائيلي يقصف مراكز وعناصر لـ«حزب الله» بإصابات مباشرة؛ ما أدى إلى تجاوز عدد قتلاه مؤخراً الـ100. وبعدها واصلت إسرائيل التصعيد بقصف تجمعات لإعلاميين ومن ثم شبكات المياه والكهرباء وصولاً لاستهداف قرى مأهولة. وبلغ التصعيد مؤخراً مداه باستهداف مراكز القوات الدولية (اليونيفيل) كما مواقع ومراكز الجيش اللبناني، إضافة إلى تدمير أحياء بكاملها؛ ما زاد المخاطر من مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في قرى جنوب البلاد، وفاقم الخشية من أن تؤدي هذه الوتيرة بالتصعيد إلى حرب واسعة في لبنان.

ويرى مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، أن هذا التصعيد الإسرائيلي «يندرج بإطار تصميم تل أبيب على إقفال جبهة لبنان لإعادة سكان الجليل الأعلى إلى منازلهم، وبالتالي هي ساعة الخيارات الكبرى بالنسبة لها لأنه لم يعد يمكنها التعاطي مع هذه الجبهة كما كانت تتعاطى معها في السابق»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «من الجهة الإيرانية هناك محاولة لعدم الاستجابة للضغط الإسرائيلي بالشروط المطروحة حالياً؛ كون أن لا تسوية في الأفق حتى الساعة تضع تل أبيب وطهران على طاولة واحدة. من هنا، هذه الجبهة ورغم الضغوط الإسرائيلية لإقفالها ستبقى مفتوحة وفق المعطيات الراهنة». ويضيف نادر: «في الماضي كان لدى الطرفين مصلحة بإبقاء هذه الجبهة مشتعلة على نار خفيفة واستعمالها لتبادل الرسائل، أما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) فقد اختلفت الأمور».

من جهته، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر، أن «طرفي إسرائيل و(حزب الله) ما زالا يلتزمان بقواعد الاشتباك، وبخاصة بما يتعلق بالمسافة التي لا تتعدى الـ5 كلم من كل جهة»، عادّا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما اختلف هو إدخال (حزب الله) أسلحة جديدة للمعركة... أما إسرائيل فهي وإن لم تستخدم أسلحة جديدة، لكنها طورت أهدافها وركّزت مؤخراً على قصف مراكز للجيش للضغط لتطبيق القرار 1701، اضف أنها تسعى لاستدراج الحزب لتوسع الحرب». ويضيف: «الخشية اليوم من أن تعود تل أبيب لتوسع هي القتال في لبنان مطلع العام الجديد للتغطية على إخفاقاتها داخل فلسطين ولجرّ واشنطن إلى حرب كبيرة لا تريدها. عندها لا شك سيكون لدى الإسرائيليين أهداف جديدة وكثيرة داخل لبنان وبالتحديد تخص (حزب الله) سواء في الجنوب أو البقاع أو بيروت».

أما بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، فتضع الضغط الإسرائيلي على جبهة لبنان في إطار السعي «لتحسين شروط التفاوض في إطار ما يحكى عن تسوية يتم العمل عليها بين تل أبيب و(حزب الله) تلحظ العودة لتطبيق القرار 1701 وسحب المقاتلين إلى منطقة شمالي الليطاني ونشر قوات فرنسية إضافية في منطقة معزولة على الحدود اللبنانية»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التصعيد الإسرائيلي هدفه الجر إلى تسوية، أي تهدئة، وليس لتوسيع جبهات القتال»، وتضيف: «لا توجه عالمياً لحرب إقليمية، والجميع يصرّ على السلام وتهدئة الوضع».

وتردد مؤخراً أن إسرائيل تروّج لتسوية تؤدي إلى وقف العمليات القتالية جنوب لبنان تلحظ انتشار الجيش اللبناني على الحدود مع لبنان «في كل النقاط»، وأن تتواجد معه قوات فرنسية، وذلك ضمن إطار «قوات دولية» فيكون السلاح محصوراً بيد الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني على أن يبقى لـ«حزب الله» بعض مواقع الرصد المشتركة مع الجيش ومع القوات الفرنسية.



بغداد تواصل مساعيها لتطويق تداعيات الأزمة السورية

اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة
اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة
TT

بغداد تواصل مساعيها لتطويق تداعيات الأزمة السورية

اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة
اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة

في وقت تلتزم الفصائل العراقية المسلحة الصمت حيال كل ما يجري من حراك سياسي في الداخل والخارج، فإن العراق الرسمي ممثلاً برئيسي؛ الوزراء محمد شياع السوداني، والبرلمان الدكتور محمود المشهداني، يتحرك داخلياً وخارجياً من أجل تطويق تداعيات الأزمة السورية.

ففي الوقت الذي يدور جدل حاد داخل مختلف الأوساط العراقية الرسمية والنخبوية بشأن ما قيل إنها رسائل تسلمتها بغداد بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، حول حل «الحشد الشعبي»، فإن الجهات المعارضة لحل «هيئة الحشد الشعبي» تدافع عن كونها مؤسسة رسمية صدر بشأنها قانون تم التصويت عليه عام 2014 من قِبَل البرلمان العراقي، بينما يربط آخرون بين «الحشد» والفصائل المسلحة الموالية لإيران، بما في ذلك الفصائل التي لم تدخل ضمن «الحشد الشعبي»، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة.

لقاء الخيمة

ولاقت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الأربعاء، إلى المملكة العربية السعودية ولقائه في مدينة العلا، ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، اهتماماً لافتاً من مختلف الأوساط السياسية والشعبية، لا سيما المكان الذي جرى فيه اللقاء وهو الخيمة العربية.

فالمباحثات التي أجراها السوداني مع ولي عهد المملكة العربية السعودية، استناداً إلى بيان لمكتب رئيس الوزراء، تم خلالها «بحث آخر تطورات الأوضاع في المنطقة، وأهمية الاتفاق على التنسيق المشترك بشأن تداعيات الأحداث في سوريا، وتكثيف الجهود لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وبما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي، واستقرار المنطقة بالكامل».

كما أكد السوداني طبقاً للبيان: «حرص العراق على وحدة الأراضي السورية، وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، مبديّاً استعداد بلاده للتعاون مع الأشقاء والأصدقاء في المنطقة من أجل إرساء الأمن والاستقرار، وإبعاد المنطقة عن خطر الصراعات والحروب».

وفي عمان حيث يقوم رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، بزيارة رسمية، فإنه وخلال لقائه مع عدد من السفراء العرب، أكد على ضرورة تعزيز الجهود الدولية لرفض العدوان الصهيوني على سوريا، ودعم وحدة الأراضي.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان العراقي، اليوم الخميس، إن «اللقاء تناول عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن سبل تعزيز التعاون بين الدول العربية والإسلامية، ومناقشة عدد من القضايا الساخنة، التي تشكل أولوية لدى شعوب المنطقة».

وأضاف: «تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون العربي المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تبقى القضية المركزية لجميع الدول العربية، حيث تم التشديد على ضرورة إنهاء الحرب الوحشية التي يشنها الكيان الصهيوني الغاصب، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة، كما تناول اللقاء الوضع في لبنان وسبل دعم استقرار هذا البلد الشقيق في مواجهة الأزمات المستمرة».

وتابع: «اللقاء استعرض أيضاً الأوضاع في سوريا، والتأكيد على الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق في مساعيه من أجل الاستقرار والوحدة الوطنية، وضرورة تعزيز الجهود الدولية لرفض العدوان الصهيوني على أراضيه وسيادته، ودعم وحدة الأراضي السورية ومساعدتها في تجاوز محنتها».

مصير غامض

داخلياً، وفيما لم تعلن أي من الفصائل المسلحة الموالية لإيران موقفاً مما يجري حتى الآن، فإن الحديث عن إمكانية حل «الحشد الشعبي» بدأ يتزايد فيما إذا كان ذلك جزءاً من عملية إعادة هيكلة للقوات المسلحة العراقية أو تنفيذاً لما قيل إنها رسائل أميركية تلقتها بغداد قبل قيام إسرائيل بتنفيذ ضربات ضد مواقع تلك الفصائل التي يمكن أن تطال معسكرات «الحشد الشعبي».

رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، فالح الفياض، الذي لا يملك علاقة ودية مع عدد من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، حاول تجنيب «الحشد» أي تداعيات محتملة مقبلة عبر نفيه تدخل «الحشد» في سوريا خلال الفترة الماضية.

الفياض خلال كلمة له مؤخراً، بعد تصاعد الأصوات الداعية إلى حل الفصائل المسلحة وحصر السلاح بيد الدولة، قال إن قوات «الحشد» لم ولن تتدخل في الشأن السوري كما يروج بعضهم، مؤكداً الالتزام بتوجيهات وقرارات القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني.

وأضاف أن «سوريا بلد عزيز وجار قريب»، وأن «رأي العراق لم يؤخذ بما جرى في سوريا طيلة السنوات السابقة»، وأوضح الفياض: «إننا لم ولن نتدخل في شأن الشعب السوري، لكن العراق وسوريا بمساحة أمنية واحدة»، مشدداً على أن الحشد الشعبي «يأتمر بأمرة القائد العام للقوات المسلحة، ونحن الأكثر التزاماً بالتوجيهات، ونحن حماة أساسيون للدولة، ولا نلتفت للتخرصات التي يطلقها المغرضون من هنا وهناك».