إسرائيل تنهي عمليتها في جنين... و«الرئاسة» تتهمها بـ«العبث بالنار»

بعد 3 أيام من القتل والتدمير واقتحام المساجد والمستشفيات

جانب من الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين في الضفة الغربية (رويترز)
جانب من الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين في الضفة الغربية (رويترز)
TT

إسرائيل تنهي عمليتها في جنين... و«الرئاسة» تتهمها بـ«العبث بالنار»

جانب من الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين في الضفة الغربية (رويترز)
جانب من الدمار الذي أحدثه الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين في الضفة الغربية (رويترز)

قتلت إسرائيل 4 فلسطينيين في جنين شمال الضفة الغربية، ليرتفع عدد الذين قتلتهم في المدنية والمخيم إلى 12، وسط حملة عسكرية استمرت 3 أيام وحولت المنطقة ساحة حرب صغيرة. واغتالت مسيّرات إسرائيلية يوم (الخميس)، فلسطينيين اثنين وقتل الجيش في وقت لاحق اثنين آخرين.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية: إن أحمد جمال أبو زينة (27 عاماً)، والطفل بشار هيثم أبو زيد، قضيا جراء قصف بطائرة مسيّرة إسرائيلية على مجموعة من الأشخاص في الحي الشرقي بمدينة جنين، وإن الفتى موسى أحمد موسى خطيب (17 عاماً) قضى برصاصة في الصدر، كما قضى شاب رابع متأثراً بإصابته.

دخان يتصاعد من استهداف منزل قال الجيش الإسرائيلي إنه لمشتبه به خلال عملية عسكرية داخل مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة الأربعاء (أ.ف.ب)

عملية تدميرية

واقتحم الجيش الإسرائيلي جنين يوم الثلاثاء الماضي وانسحب منها الخميس، في عملية طويلة خلّفت إضافة إلى الضحايا، جرحى ومعتقلين ودماراً كبيراً بفعل الاشتباكات والقصف من الجو. وأسفرت العمليات الإسرائيلية عن تدمير ما لا يقل عن 10 منازل ما بين كلي وجزئي في مخيم جنين، إضافة إلى تفجير محال تجارية، كما أسفرت عن تخريب كبير في البنية التحتية.

وفي حين قال مسؤول إسرائيلي: إن العملية التي شارك فيها جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) وشرطة الحدود الإسرائيلية، جاءت على ضوء تحول جنين لبنان ثانية، في إشارة إلى تفجير عبوات ناسفة وتكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر، قالت الرئاسة الفلسطينية: إن إسرائيل تعبث بالنار.

واتهم الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إسرائيل بإدخال نفسها والمنطقة في حالة حرب لا تنتهي بعدوانها المتواصل على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية. وأكد أبو ردينة، أن الفلسطينيين يمتلكون كل الوسائل للدفاع عن حقوقهم، وسيبقون صامدين في أرضهم. وأضاف أبو ردينة: «دون إنهاء الاحتلال بالكامل وفق الشرعية الدولية؛ فإنه لن يكون هناك أمن ولا سلام. السلام لن يكون بأي ثمن وأن إسرائيل لن تستطيع فرض رأيها على شعبنا».

أشخاص يقفون في الموقع الذي قُتل فيه فلسطينيون بصاروخ استطلاع إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

أجواء حرب في الضفة

وتصعّد إسرائيل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتفرض أجواء حرب في الضفة التي تقول إنها تخشى من أن تتحول جبهة ثالثة في الحرب الحالية. وقتلت إسرائيل في الضفة منذ 7 أكتوبر 287 فلسطينياً واعتقلت نحو 4000 في أجواء تصعيد كبيرة شملت استخدام المسيّرات في الاغتيالات، وقصف منازل، واقتحام ومحاصرة مستشفيات.

وفي جنين، قال الجيش: إنه استهدف خلايا مسلحة واعتقل المئات وصادر أسلحة وداهم شبكة أنفاق ونفّذ عمليات تفتيش طالت ما يزيد على 400 مبنى، ومقابل ذلك أصيب أربعة جنود إسرائيليين بجروح خلال العملية.

وأظهرت لقطات فيديو جنوداً وهم يقتحمون مسجداً في جنين ويقيمون حفلاً لإنارة شموع «عيد الحانوكا» ويتلون صلوات تلمودية عبر المآذن، وهي خطوة وصفها قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، بالاعتداء العنصري الهمجي، مديناً تدنيس الجنود للمساجد.

وقال الهباش في بيان صحافي الخميس: إن هذا الاعتداء الهمجي الذي نفّذه جنود تشبعوا بالعنصرية والعدوانية، إمعان في الاعتداء على المقدسات الإسلامية وتكريس للحرب الدينية، التي بدأت بها دولة الاحتلال ضد شعبنا، محذراً من تداعيات هذه الاعتداءات.

مسعفون يحملون مصاباً في الهجوم الإسرائيلي على جنين بالضفة الغربية (رويترز)

محاصرة المستشفيات

كما حاصرت إسرائيل أثناء العملية، مستشفيات المدينة ومنعت الجرحى من الوصول إليها. وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة: إن مستشفيات محافظة جنين تعرّضت لهجمة شرسة من قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرتها وعرقلت وصول الجرحى إليها وفتشت واعتقلت كوادر عاملة فيها، واعتدت على مركبات الإسعاف وأطلقت النار عليها وفتشتها وعرقلت حركتها.

وجددت وزيرة الصحة مناشداتها لهيئة الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية الدولية بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل وقف عدوانها على أبناء شعبنا، وعلى مراكز وطواقم العلاج والإسعاف. وأكدت منظمة «أطباء بلا حدود»، أن الناس كانوا يموتون في جنين «لأنهم لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات».

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»: إن «الهجمات على المستشفيات ومركبات الإسعاف تقتل. واعتراض مركبات الإسعاف يقتل. يجب لهذا أن يتوقف».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

العالم العربي آثار القصف الإسرائيلي على المنازل في جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الوسطاء لـ«تقليص الفجوات» وسط «تفاؤل» أميركي

جهود مكثفة للوسطاء تسابق الزمن لإبرام هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وسط تسريبات إعلامية للمفاوضات التي تفرض عليها سرية كبيرة، تشير لوجود «فجوات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة (رويترز)

إسرائيل متهمة بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» و«تطهير عرقي» في قطاع غزة

اتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، اليوم، إسرائيل بارتكاب «أعمال إبادة جماعية» في الحرب التي تخوضها ضدّ حركة «حماس» في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يتفقد الأضرار التي لحقت بمبنى في حي الدرج بمدينة غزة 19 ديسمبر 2024 مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» (أ.ف.ب)

مقتل 41 فلسطينياً بغارات إسرائيلية على غزة

قال مسعفون إن غارات جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 41 فلسطينياً في قطاع غزة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (غزة)

المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
TT

المعارضة تتحسب لتعذُّر تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيساً للبنان

خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)
خلال اجتماع المعارضة يوم الأربعاء في مقر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل (الكتائب)

يدخل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان في مرحلة غربلة أسماء المرشحين مع دعوة «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب تيمور جنبلاط لانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون في الجلسة المقررة في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومضي رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية في ترشحه، وتفاهم قوى المعارضة على وضع الخطوط العريضة لخريطة الطريق في تعاملها مع الاستحقاق الرئاسي، استعداداً منها لمواجهة كل الاحتمالات في حال امتناع الثنائي الشيعي عن تعديل الدستور لانتخاب عون رئيساً بوصفه أحد أبرز خياراتها الرئاسية.

ويأتي تأييد «اللقاء الديمقراطي» للعماد عون انسجاماً مع الموقف الذي أعلنه الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط فور حصول الشغور الرئاسي، وبقي على قناعته في مقاربته لانتخاب الرئيس مع ارتفاع منسوب التأييد العربي والدولي له، والذي لم يعد خافياً على الكتل النيابية، ومنها تلك التي تتموضع في مكان آخر بحثاً عن بديل، ولم يخف قراره عن حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، واستمزج رأيه بتعديل الدستور على نحو يسمح بإيصاله إلى رئاسة الجمهورية، وهذا ما انسحب أيضاً على رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، بإيفاده النائب إلياس حنكش للقاء بري للغاية نفسها، من دون أن يعطي جواباً قاطعاً إفساحاً في المجال أمام التشاور مع حليفه «حزب الله»، مكتفياً بقوله للذين يسألون عن رأيه بترشيح قائد الجيش بأنه بحاجة إلى تعديل دستوري.

«اللقاء الديمقراطي» أراد بتأييد عون إحداث صدمة سياسية؛ لحث معظم الكتل النيابية على ضرورة الخروج عن صمتها والانخراط في غربلة أسماء المرشحين للتوافق على رئيس يُنتخب بشراكة نيابية متعددة الانتماءات تتولى، بحسب المصدر لـ«الشرق الأوسط»، ترجيح كفة المرشح الذي يحظى بتأييد عربي ودولي وقادر، بالتعاون مع حكومة فاعلة تلتزم، فعلاً لا قولاً، بالإصلاحات المطلوبة لإنقاذ لبنان من أزماته المتراكمة.

حتى إن فرنجية بإعلانه المضي في ترشحه يتقاطع مع الكتل النيابية والنواب المستقلين بدعوته للتوافق على رئيس يكون على قدر المرحلة التي يمر بها لبنان، وبحجم الموقع الذي يشغله، مع أن مضيه بالترشح، كما يقول المصدر النيابي، يشكل إحراجاً للثنائي الشيعي، وما إذا كان الثنائي سيتجاوز الخطوط الحمر التي رسمها فرنجية لنفسه في حال اضطراره للعزوف عن الترشح للإتيان برئيس بخلاف المواصفات التي حددها، وبذلك يكون قد حجز مكاناً له، بخلاف حلفائه، وإن كان لا يود الاختلاف معهم.

وفي المقابل، فإن المعارضة في اجتماعها توصلت إلى ما يشبه التفاهم التام بوضع خريطة الطريق في مقاربتها لانتخاب الرئيس على قاعدة أن العماد عون يبقى على رأس خياراتها الرئاسية، لكن من حقها التحسب لكل الاحتمالات في حال تعذّر تأمين أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان (86 نائباً) لتعديل الدستور لإيصاله إلى الرئاسة، وإلا فلا بد من إجراء مشاورات من باب الاحتياط المسبق مع الكتل النيابية، لقطع الطريق على الفريق الآخر لتمرير رئيس من طرف واحد، رغم أن هذا الفريق سيواجه صعوبة في تأمين نصف عدد النواب زائداً واحداً أي 65 نائباً لتأمين انتخابه، ما يضطره للتواضع والتسليم بميزان القوى بداخل البرلمان للتوافق على رئيس يلتزم بتطبيق الدستور، ويتمتع بالمواصفات التي حددتها اللجنة «الخماسية»، والتي من دونها لا يمكن للعبور بلبنان لمرحلة الإنقاذ.

ويأتي تحسب المعارضة لكل الاحتمالات في محله، بحسب مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، وهي تتريث في حسم موقفها من الرئاسة ريثما تتمكن من اختبار مدى تجاوب الثنائي الشيعي مع تعديل الدستور، أو أن البديل هو التوصل إلى تسوية وازنة تكون بمثابة خريطة طريق لانتخاب رئيس يحظى بأوسع تأييد مسيحي ويرضى عنه الثنائي وحلفاؤه، آخذاً بعين الاعتبار بأن لا خيار أمامه سوى مد اليد للتعاون مع المعارضة والكتل النيابية الوسطية التي أخذ بعضها يتفلت من التحاقه بمحور الممانعة الذي أصبح من الماضي.

ولفتت المصادر إلى أن الخطة الوقائية التي تعدها المعارضة تحسباً لمواجهة كل الاحتمالات تلحظ ضرورة الانفتاح على «اللقاء الديمقراطي» والكتل النيابية التي تتموضع في الوسط، ويستعد معظمها للخروج من المنطقة الرمادية للإعلان بوضوح عن خياره الرئاسي، علماً بأن معظمها، كما يقول مصدر سياسي مواكب للحراك النيابي، بات يميل إلى حسم موقفه في ظل تزايد الحديث عن تحول لدى الغالبية من النواب السنّة على نحو يمكنهم بأن يكونوا في عداد الناخبين الكبار، لا أن يقتصر دورهم على الاقتراع للمرشحين من دون التأثير في النتائج.

وأكدت أنها ترفض الربط بين انتخاب الرئيس وتسمية من سيكلَّف بتشكيل الحكومة؛ لأنه لا مكان، لأي مقايضة من هذا القبيل، لأن تكليفه يبقى حصراً بيد النواب، ولا يمكن القفز فوق صلاحياتهم الدستورية.

وبالمناسبة، حذرت المعارضة من أي محاولة لقيادة «حزب الله» للالتفاف على ما نص عليه اتفاق وقف النار تطبيقاً للقرار 1701، وقالت إنه لا مجال للعب بمندرجاته والاجتهاد بتطبيقها، ما يترتب عليه من ردود فعل جامعة على كل المستويات، وبالتالي فإن إبقاء «حزب الله» على ازدواجية السلاح سيلحق الضرر بصدقية لبنان أمام المجتمع الدولي، ويشكل إحراجاً للحكومة التي كانت تبنّت الاتفاق بحذافيره بلا أي تعديل، ولم يعد أمامه سوى الخروج من حالة الإكبار والإنكار والإقرار بالتحولات التي امتدت من لبنان إلى سقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا، وصولاً إلى انكفاء إيران في الداخل وتشتت محور الممانعة وتفكيك أذرعه في المنطقة، ولم يعد له من تأثير بالعودة بلبنان إلى الوراء.