عباس: «فيتو واشنطن» يجعلها شريكة في «جريمة الإبادة الجماعية»

شنّ عليها هجوماً غير مسبوق قائلاً إن سياستها أصبحت تشكل خطراً على العالم

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

عباس: «فيتو واشنطن» يجعلها شريكة في «جريمة الإبادة الجماعية»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإدارة الأميركية بشكل غير مسبوق، وقال إن استخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لمنع المجلس من إصدار قرار يلزم إسرائيل بوقف عدوانها على قطاع غزة، يعد «عدوانياً وغير أخلاقي ويشكل عاراً» يلاحقها لسنوات.

وأدان عباس، قيام الولايات المتحدة الأميركية باستخدام حق النقض، قائلاً إن «الموقف الأميركي يمثل انتهاكاً صارخاً لكل القيم والمبادئ الإنسانية»، وحمّل واشنطن «مسؤولية ما يسيل من دماء الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال، نتيجة سياستها المخزية، والمسانِدة للاحتلال والعدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب الفلسطيني، حيث سيكون لدولة فلسطين موقف من كل هذا».

وأكد عباس أن «هذه السياسة الأميركية تجعل من الولايات المتحدة شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس»، محذراً من أن هذه السياسة أصبحت تشكل خطراً على العالم، وتهديداً للأمن والسلم الدوليَين.

نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود خلال اجتماع لمجلس الأمن حول قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

ضوء أخضر

وقال الرئيس إن هذا القرار الذي تحدّت به الإدارة الأميركية المجتمعَ الدولي، سيعطي ضوءاً أخضر إضافياً لدولة الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة عدوانها على شعبنا في قطاع غزة، وسيشكّل عاراً يلاحق الولايات المتحدة الأميركية لسنوات طوال. وطالب عباس الأسرة الدولية بالبحث عن حلول لوقف حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في قطاع غزة، قبل أن تتحول هذه الأزمة الخطرة إلى حرب دينية تهدد العالم بأسره. كما وجّه عباس شكره للدول الأعضاء في مجلس الأمن التي «انحازت للعدل والسلام والأخلاق الإنسانية، وساندت القرار الداعي إلى وقف العدوان الإسرائيلي، بوصفه تهديداً للأمن والسلام العالميَين».

وجاء بيان عباس الحاد في وقت تشهد فيه العلاقات مع واشنطن توترات؛ بسبب موقفها من الحرب على غزة ومطالبتها بسلطة متجددة. وتحاول الولايات المتحدة وضع خطة لليوم الذي يلي الحرب في قطاع غزة، وهي خطة لاقت معارضة وتحفظات فلسطينية وعربية، وكذلك إسرائيلية.

مخيم الشاطئ... ترعرع فيه مؤسس «حماس» الشيخ أحمد ياسين ومساعده آنذاك إسماعيل هنية (د.ب.أ)

إبعاد «حماس»

وتسعى الولايات المتحدة إلى حكم لا تشارك فيه «حماس» وتدعي أنها تريد مواصلة الحرب من أجل القضاء على «حماس»، وهو هدف يبدو بعيداً بعد 64 يوماً على الحرب دمرت فيها إسرائيل مساحات واسعة من قطاع غزة، وحوّلت شعبها إلى نازحين، وقتلت خلالها 17500 فلسطيني وجرحت 40 ألفاً، أكثر من 70 في المائة منهم نساء وأطفال.

واستخدمت الولايات المتحدة، مساء يوم الجمعة، حق النقض في مجلس الأمن الدولي لمنع المصادقة على مشروع قرار قدمته «المجموعة العربية» بشأن دعوة إلى «وقف فوري لإطلاق النار لدواعٍ إنسانية» في قطاع غزة. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وجه أيضاً رسالة، يوم الأربعاء، إلى مجلس الأمن استخدم فيها المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له «لفت انتباه» المجلس إلى ملف «يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليَين للخطر»، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود.

وصوّتت 13 من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار، مقابل معارضة الولايات المتحدة، وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت على النص الذي طرحته الإمارات العربية المتحدة.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن (إ.ب.أ)

رخصة لمواصلة القتل

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية: «الإخفاق الجديد لمجلس الأمن الدولي يمثل رخصة جديدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي لمواصلة القتل والتدمير والتهجير، ويكشف أكذوبة الحرص على أرواح المدنيين»، عادّاً ما جرى «بمثابة إهانة لأحرار العالم، وانتهاك لقيم الحق والعدل والحرية وحقوق الإنسان، ولكل الدول المنادية بحقوق الإنسان في اليوم العالمي للإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، الذي تصادف الذكرى الـ75 له الأحد.

وأضاف أن «ميثاق الأمم المتحدة تكتبه أميركا، وتمسحه متى شاءت، فقد بات القانون الدولي لا قيمة له».

كما أدانت حركة «حماس» بأشد العبارات إفشال إدارة بايدن، مشروع القرار في مجلس الأمن. وقالت «حماس» إنها تعدّ «الإدارة الأميركية شريكة ومتواطئة في قتل أبناء شعبنا عبر دعمَيها السياسي والعسكري للاحتلال؛ لمواصلة حرب الإبادة على قطاع غزة». وشكرت «حماس» الدول التي صوّتت لصالح مشروع القرار، وخصّت بالذكر روسيا والصين والمجموعة العربية، داعية المجتمع الدولي إلى «اتخاذ خطوات جدية وملموسة لوقف مجازر الاحتلال النازي، التي فاقت فظاعتها أبشع الجرائم التي ارتُكبت في العصر الحديث».


مقالات ذات صلة

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

المشرق العربي إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

أعلنت إسرائيل حالة تأهب قياسية، الأحد، بالمواكبة مع الذكرى الأولى لأحداث «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها في غارة إسرائيلية بالفلوجة شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري عام على «حرب غزة»... «مسار مُعقد» لجهود الوسطاء يترقب انفراجة

عقبات عديدة على مدار عام حاصرت جهود الوسطاء خلال مساعيهم لوقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء أطول حرب بين إسرائيل و«حماس» التي بدأت 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
خاص دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس في 26 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب) play-circle 33:25

خاص في ذكرى 7 أكتوبر... «إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة»

«إسرائيل التي تعرفونها لم تعد قائمة. ستتعرفون على إسرائيل أخرى». هكذا كانت رسالة الضباط الإسرائيليين لنظرائهم الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون بجوار جثث أقاربهم الذين قتلوا في غارة إسرائيلية بمستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (أرشيفية - رويترز)

24 قتيلاً في قصف إسرائيلي على دير البلح وسط غزة

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 24 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم وأصيب 93 آخرون في ضربات جوية إسرائيلية على مسجد ومدرسة يؤويان مئات النازحين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
TT

استنفار إسرائيلي واسع عشية ذكرى «طوفان الأقصى»

إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)
إسرائيليون يزورون الأحد موقعاً لهجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» قبل عام (رويترز)

أعلنت إسرائيل حالة تأهب قياسي، الأحد، بالمواكبة مع الذكرى الأولى لأحداث «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي حين استنفرت إسرائيل قواتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، تلقّت هجوماً في محطة مركزية ببئر السبع، ما أسفر عن مقتل مجنَّدة إسرائيلية، وإصابة أكثر من 10 أشخاص.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، حالة تأهب قصوى؛ استعداداً لذكرى السابع من أكتوبر، التي تحل الاثنين، وبدء عملية مركزة في منطقة جباليا شمال قطاع غزة، ودفع تعزيزات إلى الضفة الغربية وإسرائيل.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية «كان» إن الجيش يقف في حالة تأهب قياسي، بعد تقديرات بأن الفصائل الفلسطينية ستشن هجمات.

وتستعد القوات الإسرائيلية، وفق تقديرات استخباراتية، لصد محاولات اختراق الحدود مع إسرائيل، ويعتقد قادة الجيش أن ثمة احتمالاً كبيراً بأن تكون هناك محاولات تنفيذ هجمات داخل إسرائيل، وربما احتمال إطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل.

وأعلن الدفاع المدني في غزة، الأحد، أن غارات إسرائيلية على منطقة جباليا في شمال القطاع الفلسطيني أدت إلى مقتل 17 شخصاً، على الأقل، بينهم تسعة أطفال.

بدوره، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ من شمال غزة، في اتجاه جنوب الدولة العبرية. وقال الجيش إنه «جرى رصد عدة قذائف صاروخية أُطلقت من شمال قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وجرى اعتراض قذيفة واحدة، في حين سقطت الأخريات في مناطق مفتوحة».

كما أكد الجيش مقتل ضابط، برتبة رائد احتياط، متأثراً بجراح أصيب بها في معارك شمال غزة، في يونيو (حزيران) الماضي.

وقال الجيش إنه يبذل كل جهد لتأمين «كل المراسم والفعاليات المخطط لها في المنطقة المحيطة بقطاع غزة». وجاء في بيان للجيش: «سنسمح، بالقدر الذي يسمح به الوضع الأمني، بإقامة الفعاليات كافة، وإقامة جميع المراسم التذكارية، هذا مهم لنا».

وأضاف أنه «جرى تفعيل نظام قتالي منتظم، وتعزيز القوات الدفاعية في فرقة غزة بعدد من السرايا المقاتِلة، وتنتشر القوات لحماية البلدات ومنطقة الحدود، ويستعد المقاتلون للدفاع عن المنطقة، بالتعاون مع قوات الأمن في البلدات والشرطة و(نجمة داود الحمراء)؛ من أجل توفير الرد الكامل على مختلف الأحداث في القطاع».

وقبل يوم من السابع من أكتوبر الحالي، عززت إسرائيل «فرقة غزة» بعدد من السرايا المقاتِلة، وأطلقت عملية مركزة ضد جباليا، شمال القطاع، متهمة حركة «حماس» بإعادة التموضع هناك، كما عززت قواتها في الضفة الغربية، ووسط إسرائيل.

امرأة فلسطينية تبكي مقتل أقاربها بعد غارة إسرائيلية في جباليا شمال غزة (رويترز)

وقال قائد المنطقة الجنوبية، التابع للجيش الإسرائيلي، خلال جلسة لتقييم الأوضاع، إن القوات الإسرائيلية تواصل أنشطتها العسكرية الهجومية في شمال وجنوب ووسط القطاع، وتعزز الاستنفار لمواجهة «أي تهديدات محتملة».

ووفق إذاعة الجيش الإسرائيلي، ثمة مخاوف لدى الجيش و«الشاباك» من إمكانية قيام حركة «حماس» بمحاولة حشد الفلسطينيين في غزة، للتوجه نحو الشريط الحدودي الفاصل.

وقال مسؤولون في الجيش لـ«i24NEWS» بالعبرية، إن الاستعدادات في الجهاز الأمني لاحتمال التصعيد عالية.

لكن في ذروة الاستنفار الأمني في غزة والضفة وفي الداخل، تلقت إسرائيل ضربة مبكرة، بعدما هاجم مسلَّح مجموعة من الموجودين في المحطة المركزية ببئر السبع، وقتل مجنَّدة وجرح 13 آخرين.

وقالت شرطة الاحتلال إن «عملية إطلاق نار وطعن حدثت في المحطة المركزية ببئر السبع، وجرى إطلاق النار على المنفّذ».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن التحقيقات الأولية أظهرت أن المنفّذ وصل إلى مدخل المحطة المركزية، إلى فرع ماكدونالدز، وأطلق النار من مسدسه على الأشخاص الموجودين في مدخل الفرع. وفي وقت قصير، ردّت قوات الأمن والجنود المسلحون الموجودون هناك، وأطلقوا النار على المنفّذ وقتلوه.

ووفق إذاعة «كان»، فان المنفّذ من سكان حورة في صحراء النقب، ويُدعى أحمد سعيد العقبي، وعمره 29 عاماً ويحمل جنسية إسرائيلية.