في الوقت الذي أعلنت فيه «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» في العراق أنها سجلت «مئات الخروقات» منذ بدء الحملة الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات، دعا «حزب الدعوة» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى محاسبة ما وصفها بـ«العصابات المنفلتة»، وذلك بعد تعرض مقراته لهجمات في محافظة واسط، ومدينة النجف. ومن المقرر أن يبدأ التصويت لانتخاب أعضاء مجالس المحافظات في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بالنسبة للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والنازحين، في حين سيكون إجراء التصويت العام للمواطنين يوم 18 من الشهر نفسه. ورصد متابعون لسباق المنافسة على عضوية مجالس المحافظات، إنفاق «مئات ملايين الدولارات» على حملات الترشح، وسط زيادة بوتيرة التنافس على مستويات عدة، بما عزز لدى البعض احتمالات تأجيل الانتخابات جراء تصاعد الشد والجذب بين المتنافسين. وتسعى القوى السياسية المشاركة في الانتخابات إلى الفوز بأكبر عدد من المقاعد في مجالس المحافظات، وفي سبيل ذلك نشرت بكثافة صور مرشحيها في شوارع وأزقة المدن والقرى العراقية في استعراض للقوة والنفوذ بما يتجاوز مستوى الانتخابات البرلمانية. وتستهدف الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، تحقيق غرضين أساسيين، وهما: «أولاً: السيطرة على الحكم المحلي من خلال منصب المحافظ، والثاني: التمهيد للسيطرة على مقاعد البرلمان خلال الانتخابات القادمة التي من المقرر إجراؤها في غضون سنتين من الآن».
بدوره، قال المستشار القانوني لشؤون المرشحين في مفوضية الانتخابات، حسن سلمان، في تصريح (الاثنين)، إن «مفوضية الانتخابات سجلت منذ بدء حملة الدعاية الانتخابية 549 خرقاً معظمها بسيطة لا تتعدى وضع الدعايات في غير الأماكن المخصصة لها». وأضاف أن «المفوضية اتخذت أسلوباً جديداً في التعامل مع هذه الخروقات، من خلال تنبيه المرشح بضرورة إزالتها، وتم إزالة أكثر من 60 بالمائة منها». وبشأن أكثر المحافظات التي شهدت خروقات انتخابية، أوضح سلمان أن «أغلبها سُجلت في بغداد، وتليها محافظتا نينوى والمثنى، في حين كان للمرشحين الرجال النصيب الأكبر من هذه الخروقات مقارنة بالنساء».
تحشيد وهجمات
وطبقاً لما يجري على صعيد التحشيد للانتخابات، فإنه في الوقت الذي تضمن خطاب الزعامات السنية في المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية نوعاً من الإسقاط اللفظي المتبادل بين بعض قادة الطائفة، لا سيما بين رئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي وخصومه؛ فإن التصعيد بالمناطق الشيعية وصل إلى استخدام «لغة السلاح» عبر هجمات استهدفت بعض المقرات الحزبية. وفي هذا السياق، وبعد يومين من استهداف مقره في محافظة واسط، استنكر «حزب الدعوة» بزعامة المالكي (الاثنين) استهداف مقره في مدينة النجف جنوب بغداد. وقال الحزب في بيان: «مرة أخرى قام خفافيش الظلام بالاعتداء على مقر حزب (الدعوة الإسلامية) في النجف، وذلك بقنبلة موقوتة وضعوها تحت لوحة الشهداء الأبرار». وتابع الحزب في بيانه: «في الوقت الذي نستنكر هذا العمل الجبان الذي جرى في قلب المدينة، وقرب مبنى المحافظة وقيادة الشرطة وسائر الأجهزة الأمنية، ندعو رئيس الوزراء ووزير الداخلية والمسؤولين عن الأمن في محافظتنا إلى الالتفات الحقيقي للوضع الأمني فيها ومحاسبة العصابات والمجاميع المنفلتة التي تعتدي على الدعاية الانتخابية للقوى المشاركة وتقوم بهذه الأعمال الإرهابية، وأن يتم معاقبة مرتكبيها».
بديل الحلبوسي
وعلى صعيد الحراك السياسي المتمثل بانتخاب رئيس برلمان جديد خلفاً لرئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي الذي أنهت عضويته «المحكمة الاتحادية العليا»، فإن مصدراً سياسياً أفاد بأنه من المقرر أن يعقد قادة «الإطار التنسيقي الشيعي» جولة أخرى من الاجتماعات للاتفاق على البديل. ويدار البرلمان الذي يدخل راهناً عطلة تشريعية من قبل النائب الأول محسن المندلاوي، في وقت تتضارب فيه الآراء بين من يؤيد عقد جلسة استثنائية تسبق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر لانتخاب رئيس للبرلمان، أو تأجيل العملية إلى ما بعد إجراء الانتخابات، ونهاية العطلة التشريعية مطلع العام المقبل. وكان «الإطار التنسيقي»، وهو الكتلة الشيعية الكبرى في البرلمان، والتي تشكل الحكومة الحالية، تسلم الأسبوع الماضي أسماء البدلاء المرشحين لخلافة الحلبوسي، وغالبيتهم من حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي. وطبقاً للعرف السياسي السائد بالعراق، فإن البديل لرئاسة البرلمان سيكون من المكون السني، وينتمي لنفس الحزب الذي كان يشغله الرئيس المعزول. وفي الوقت الذي قدمت أحزاب سُنية مرشحيها لخلافة الحلبوسي، فإن «الإطار التنسيقي» هو من يقرر في النهاية الاختيار لكي يمر بالأغلبية داخل البرلمان عند التصويت عليه.