تستعد أجهزة المخابرات الإسرائيلية لاغتيال قادة «حماس» في كل أنحاء العالم عندما تنتهي الحرب في غزة، في ما يمكن أن يكون مطاردة واسعة النطاق تستمر سنوات ويمكن أن تكون لها تداعيات على دول عديدة، عربياً وعالمياً، بالإضافة إلى «طرد آلاف المقاتلين» من غزة، وفق ما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين إسرائيليين.
وكشف هؤلاء أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر أوامره لهذه الأجهزة من أجل وضع خطط لمطاردة قادة «حماس» الذين يعيشون في لبنان وتركيا وقطر. وتعيد هذه الخطط إلى الأذهان مجموعة من عمليات الاغتيال التي نفذتها المخابرات الإسرائيلية، لا سيما «الموساد»، ضد قادة فلسطينيين في بيروت خلال السبعينات من القرن الماضي، وقتل أحد قادة «حماس» في دبي قبل سنوات، فضلاً عن عمليات اغتيال أخرى بسيارات مفخخة ضد أحد قادة «حزب الله» في سوريا، وبندقية يجري التحكم فيها عن بعد لقتل عالم نووي في إيران.
فرصة ثانية
ورأت الصحيفة أن الخطط الجديدة تمثل «فرصة ثانية» لنتنياهو الذي أمر عام 1997 بتسميم زعيم «حماس» خالد مشعل في الأردن، التي انتهت بالفشل، لكنها أدت إلى أزمة وإلى إطلاق الزعيم الروحي للحركة آنذاك الشيخ أحمد ياسين.
وأثار نتنياهو حفيظة بعض المسؤولين الإسرائيليين عندما أعلن في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نيته، قائلاً: «أصدرت تعليماتي للموساد بالعمل ضد قادة (حماس) أينما كانوا». وكذلك قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن قادة الحركة يعيشون في «الوقت الضائع».
وبينما تحاول إسرائيل عادةً إبقاء هذه الجهود سرية، لم يُظهر زعماؤها سوى القليل من التحفظ لملاحقة المسؤولين عن هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مثلما فعلوا مع المسؤولين الفلسطينيين عن هجوم أولمبياد ميونيخ عام 1972 الذي أدى إلى مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً.
القانون الدولي
وكشف مسؤولون أن الخطط التي وضعت هي امتداد للحرب في غزة، بما يعكس نية إسرائيل ضمان ألا تشكل «حماس» تهديداً خطيراً مرة أخرى، مثلما قادت الولايات المتحدة تحالفاً عالمياً ضد «داعش» في كل من العراق وسوريا.
وكجزء من هذه الجهود «تدرس إسرائيل أيضاً ما إذا كان بإمكانها طرد الآلاف من مقاتلي (حماس) ذوي الرتب المنخفضة بالقوة من غزة وسيلةً لتقصير الحرب»، وفقاً للصحيفة الأميركية التي لفتت إلى أن «عمليات القتل المستهدف في الخارج يمكن أن تنتهك القانون الدولي، وتتعرض لخطر ردود الفعل العكسية من الدول التي يعمل فيها القتلة من دون إذن».
وقال المسؤولون إن «بعض المسؤولين الإسرائيليين أرادوا شن حملة فورية لقتل مشعل وغيره من قادة (حماس) الذين يعيشون في الخارج». وأضافوا أنه «من غير المعروف أن إسرائيل نفذت أي عمليات قتل مستهدفة في قطر»، علماً بأن القيام بذلك «كان يمكن أن ينسف الجهود المستمرة للتفاوض على إطلاق الرهائن المحتجزين لدى (حماس)».
محادثات الرهائن
وأصبحت قطر المحور الرئيسي لمحادثات الرهائن، حيث التقى رئيس الموساد ديفيد بارنيع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» ويليام بيرنز في الدوحة مؤخراً لإجراء المزيد من المناقشات حول إطلاق الرهائن الإسرائيليين مقابل إطلاق المعتقلين الفلسطينيين.
وأكد المدير السابق لـ«الموساد» إفرايم هاليفي، أن «قتل قادة (حماس) لن يقضي على التهديد»، واصفاً الخطة بأنها «بعيدة المنال لأن ملاحقة (حماس) على نطاق عالمي ومحاولة إزالة جميع قادتها بشكل منهجي من هذا العالم هي رغبة في الانتقام، وليست رغبة في تحقيق هدف استراتيجي».
غير أن الرئيس السابق للمخابرات العسكرية عاموس يادلين قال إنه «يجب تقديم جميع قادة (حماس)، كل أولئك الذين شاركوا في الهجوم (7 أكتوبر) والذين خططوا له والذين أمروا بالهجوم، إلى العدالة أو القضاء عليهم»، مضيفاً أن «هذه هي السياسة الصحيحة».
نتائج عكسية
وأدت الحملات في بعض الأحيان إلى نتائج عكسية. ففي عام 1997 أمر نتنياهو جواسيس إسرائيليين بقتل مشعل في الأردن. وبعدما دخل الفريق الإسرائيلي وهاجم مشعل بمادة سامة، قبضت السلطات الأردنية على الجاني. وهدد الأردن بإنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل. كما ضغط الرئيس الأميركي بيل كلينتون آنذاك على نتنياهو لإنهاء الأزمة وإرسال الترياق الذي أنقذ حياة مشعل. ثم وافقت إسرائيل على إطلاق ياسين و70 سجيناً فلسطينياً آخرين.
وفي عام 2010، طار فريق من العملاء الإسرائيليين إلى دبي، حيث انتظروا وصول مؤسس الجناح العسكري لـ«حماس» محمود المبحوح في الفندق وخنقوه. وفي حين بدا في البداية أن المبحوح توفي لأسباب طبيعية، إلا أن مسؤولي دبي تمكنوا في نهاية المطاف من التعرف على فريق الاغتيال واتهموا إسرائيل بالعملية. واستغرق الأمر سنوات لإصلاح الضرر الذي لحق بعلاقات إسرائيل مع دولة الإمارات العربية المتحدة.