الحرب عادت «بشراسة» في غزة... طوابير طويلة من الفارّين والمستشفيات مكتظة

فلسطينية تسأل: «متى سينظر لنا العالم على أننا بشر؟»

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء هدنة استمرت 7 أيام بين إسرائيل و«حماس» (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء هدنة استمرت 7 أيام بين إسرائيل و«حماس» (د.ب.أ)
TT

الحرب عادت «بشراسة» في غزة... طوابير طويلة من الفارّين والمستشفيات مكتظة

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء هدنة استمرت 7 أيام بين إسرائيل و«حماس» (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية على خان يونس في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء هدنة استمرت 7 أيام بين إسرائيل و«حماس» (د.ب.أ)

في مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، يصيح رجل وسط ركام منزله بعد غارة جوية إسرائيلية «أين أولادي؟ حرام يا عالم... أين الأولاد؟»، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في القطاع الفلسطيني المحاصر، «عادت الحرب بكل شراسة» اليوم (الجمعة)، وفق ما قال أنس أبو دقة (22 عاماً) الذي خسر هو أيضاً منزله.

مع انتهاء الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» صباح اليوم، واستئناف العمليات العسكرية، بدأ الفلسطينيون من رجال ونساء وأطفال الفرار مجدداً.

وانتهت عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش الهدنة التي بدأ سريانها بين حركة «حماس» وإسرائيل في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأتاحت إطلاق سراح عشرات الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، لقاء ثلاثة أضعاف عددهم من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة جوية إسرائيلية على خان يونس (د.ب.أ)

استأنفت إسرائيل في تمام الساعة السابعة بالتوقيت المحلي عمليات القصف التي شنّتها بصورة متواصلة على مدى 7 أسابيع قبل الهدنة، وبدأ سكان غزة بالفرار بأعداد غفيرة.

ويهرب سكان القطاع على دراجات نارية أو هوائية أو في عربات، إنما في معظم الأحيان مشياً، حاملين أكياساً بلاستيكية فيها بعض المقتنيات، ويسيرون في طوابير طويلة تعرقل تقدمها بعض الحوادث وسط الفوضى المخيمة.

«كنا نائمين»

وقالت مروة صالح (47 عاماً)، التي فرّت من غزة إلى مدينة خان يونس (جنوب): «القصف في كل مكان، ولا يوجد أكل ولا شرب ولا ملابس، المحلات فارغة، والجو بارد، والمعبر مغلق» إلى مصر.

وتساءلت متحدثة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «متى سينظر لنا العالم على أننا بشر؟ أنا وعائلتي مدنيون ولسنا طرفاً في هذه الحرب».

وتعهدت إسرائيل «بالقضاء» على حركة «حماس» رداً على هجوم غير مسبوق شنّته الحركة داخل أراضي الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) أوقع 1200 قتيل، معظمهم مدنيون قضوا في اليوم الأول من الهجوم، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمر وهجوم بري واسع النطاق، ما أدى إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص، بينهم أكثر من 6 آلاف طفل.

وبعد بضع ساعات فقط من انتهاء الهدنة، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس» سقوط أكثر من ستين قتيلاً، بينهم أطفال جراء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة.

ونزح 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة من الشمال، المنطقة الأكثر دماراً، إلى الجنوب، في حين تضررت أكثر من 50 في المائة من المساكن أو دُمرت بالكامل جراء الحرب، وفق الأمم المتحدة.

وفي مستشفى «ناصر» في خان يونس، قال أنس أبو دقة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تعرضت منازلنا للقصف ونحن في داخلها، ولدينا تقريباً 7 إصابات، منازلنا دمرت بكاملها ونحن في داخلها».

وأوضح أحد أقربائه، جميل أبو دقة، وقد ضُمّد رأسه: «كنا في المنزل عندما بدأ القصف. تعرّضنا لقصف جوي». وأضاف: «دمروا دارنا، وهذا منزلنا الثاني الذي يدمر».

فلسطينيون يقومون بإجلاء الناجين من القصف الإسرائيلي في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ب)

من جهتها، قالت آمال أبو دقة واضعة حجاباً ملطخاً بالدم: «كنا نائمين في منازلنا حين استهدفوا المنزل فجأة». وأضافت وهي تبكي: «لا أعرف ما حصل بأولادي وبناتي... محوا المنطقة التي نسكن فيها بالكامل».

وتجلس لينا حمدان (10 سنوات) على أحد أسرَّة المستشفى المكتظّ بالمصابين، وتروي باكية: «كنت نائمة حين سمعت دويّ قصف، بدأ أشقائي بالصراخ».

«المستشفى يعمل بـ200 في المائة من طاقته»

وحذّر الناطق باسم اليونيسف، جيمس إدلر، لصحافيين في جنيف عبر اتصال بالفيديو من غزة بأن «عدم التحرك يعطي الضوء الأخضر لقتل الأطفال»، مضيفاً: «من غير المسؤول التفكير بأن هجمات جديدة على الشعب في غزة قد تؤدي إلى أي شيء آخر سوى مذبحة».

وكان إدلر قال في فيديو صُوّر في مستشفى بقطاع غزة ونشره قبل ساعة من انتهاء الهدنة اليوم: «يمكننا منذ الآن سماع دوي قصف، استهدفت ضربة منطقة على مسافة نحو 50 متراً من هنا».

وتابع: «هذا المستشفى هو أكبر مستشفى لا يزال في الخدمة، وهو يعمل حالياً بـ200 في المائة من طاقته، لم يعد بإمكانه ببساطة استقبال مزيد من الأطفال الجرحى جراء الحرب، هناك في كل أرجائه أطفال كانوا نائمين حين سقطت قنبلة على مسافة 50 متراً من هنا».

من جهتها، تقول منال محمد التي نزحت من مدينة غزة وتعيش اليوم مع عشرات الأقرباء في منزل في حي تل السلطان في رفح، إنها لم تعد تدري ما ينبغي أن تفعله.

وشكت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ظننّا أن الهدنة ستستمر وسنرجع إلى بيوتنا، لكنهم لا يريدون أن نعيش أصلاً».

وأضافت: «يقولون للناس اذهبوا إلى جنوب قطاع غزة، ثم يقولون للجنوب اذهبوا إلى غرب المدينة، ويقصفون... أين نذهب؟».

ولا تراود مروة صالح سوى فكرة واحدة: «لا أريد أن أموت، ولا أريد أن أفقد أحداً».


مقالات ذات صلة

ارتفاع حصيلة الحرب في غزة إلى 41825 قتيلاً

المشرق العربي فلسطينيون يبحثون عن ناجين محتملين وسط ركام مبنى دمره قصف إسرائيلي في خان يونس (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة الحرب في غزة إلى 41825 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم السبت، مقتل 41825 شخصا منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» قبل نحو عام.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (إ.ب.أ)

لبحث التطورات الإقليمية... وزير الخارجية الإيراني يصل دمشق

كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اليوم (السبت) أن الوزير عباس عراقجي وصل إلى العاصمة السورية دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

بينما كانت إسرائيل تقصف شمال غزة بغارات جوية في أكتوبر الماضي، وتأمر بإجلاء مليون فلسطيني، وجّهت مسؤولة كبيرة في «البنتاغون» تحذيراً صريحاً للبيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري ترمب وهاريس في المناظرة الرئاسية ببنسلفانيا في 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يؤثر التصعيد في المنطقة على خيار الناخب الأميركي؟

الانتقاد الأبرزالموجّه للمرشحة الديمقراطية هاريس يرتبط بتداعيات خبرتها المحدودة في السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
العالم العربي وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

وزير خارجية فرنسا يتوجه إلى الشرق الأوسط ويبدأ زيارته بالسعودية

يتوجه وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى السعودية في مستهل جولة تستمر أربعة أيام تنتهي في إسرائيل والضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«رسالة عسكرية» عن خريطة الأهداف الإسرائيلية في العراق

السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)
السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)
TT

«رسالة عسكرية» عن خريطة الأهداف الإسرائيلية في العراق

السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)
السوداني طلب من قادة الجيش العراقي رفع الجهوزية (إعلام حكومي)

قالت مصادر موثوقة إن ضباطاً كباراً في الجيش العراقي أبلغوا قادة فصائل بأن الضربة الإسرائيلية باتت أقرب من أي وقت مضى، بعد مقتل جنديَّين إسرائيليَّين بهجوم مسيَّرة في الجولان، في حين تضمّنت «رسائل جديدة» شرحاً لخريطة أهداف على لائحة الاستهداف.

ورغم أن التقديرات السياسية تشير إلى أن الردَّ الإسرائيلي لن يصل إلى «استئصال الجماعات الموالية لإيران في العراق»، فإن الرسائل الأمنية المتبادلة في بغداد رفعت سقف المخاوف أخيراً.

رسالة شفهية

طبقاً للمصادر، فإن قائداً بارزاً في الجيش العراقي بعث برسائل شفهية إلى قادة فصائل، ومسؤولين في «الحشد الشعبي» تضمّنت تحذيراً من اقتراب الضربة الإسرائيلية، وشرحاً لـ«خريطة الأهداف المتوقعة».

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرسائل نُقلت بشكل شفهي خوفاً من تسربها عبر برقيات عاجلة أو سرية، كما هي العادة في المراسلات العسكرية».

مع ذلك، تتضارب التقديرات العسكرية والسياسية في العراق بشأن تلك الأهداف، لكن ثمة مخاوف من ضرب مخازن أسلحة وغرف عمليات ومنازل آمنة.

ويُعتقد بأن قادة فصائل عراقية غادروا العراق خلال الأسبوعين الماضيين مع تصاعد الحرب في لبنان، واغتيال أمين «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله.

وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفصائل العراقية وجماعات (المقاومة الإسلامية) على يقين بأن إسرائيل تمتلك كمية هائلة من المعلومات الاستخباراتية، تشمل إحداثيات مواقع وأشخاص؛ نتيجة التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية التي توجد في العراق منذ عقدين».

أرشيفية لعناصر حركة «النجباء» التي تنشط في شرق سوريا خلال عرض عسكري في بغداد

إجراءات احترازية

ودفعت رسائل التحذير، وما تضمّنتها من معلومات عن الأهداف المرجّحة، مسؤولين محليين في إحدى المحافظات العراقية إلى إيقاف الإجازات الطويلة للكوادر الصحية؛ تحسباً لضربات هجومية قد توقع عدداً كبيراً من الضحايا.

وأفادت المصادر بأن المحافظة العراقية تضم منشآت ومواقع ومعامل تابعة لإحدى المجموعات المسلحة.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أكد مقتل جنديَّين إسرائيليَّين، وإصابة آخرين جراء انفجار مسيَّرة «مقبلة من الشرق».

وتبنت الجماعة التي تُسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق»، 3 هجمات بطائرات مسيَّرة «متطورة» في الجولان وطبريا.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، عن مصادر، أن إسرائيل «تخطط للتحرك ضد المجموعات المسلحة في العراق بعد مقتل وإصابة 26 جندياً».

لكن قيادات سياسية عراقية تميل إلى الاعتقاد بأن الضربة الإسرائيلية لن تفضي إلى «استئصال الجماعات الموالية لإيران».

ويستند هؤلاء إلى تقديرات أميركية كانت تفيد بأن «الرد الإسرائيلي، ونتيجة لضغوط واشنطن، سيكون لأجل الرد فقط»، لكن الوساطات السياسية تحاول رفع سقف المخاوف لكبح جماح الفصائل وردعها عن «حرب الإسناد» في لبنان وغزة.

وتُصعّد الفصائل العراقية من لهجتها بعد تصاعد التحذيرات من هجمات إسرائيلية محتملة، رداً على شنّ إيران هجوماً بعشرات الصواريخ على مناطق متفرقة من إسرائيل، الثلاثاء الماضي.