الأصوات ترتفع في مجلس الأمن لوقف النار في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية

وانغ يترأس جلسة استثنائية ويكشف عن ورقة صينية للتسوية… و«مجموعة عمل» لمقترحات حول مستقبل غزة

الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر صحافي لـ«اللجنة الوزارية العربية الإسلامية» بنيويورك (رويترز)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر صحافي لـ«اللجنة الوزارية العربية الإسلامية» بنيويورك (رويترز)
TT

الأصوات ترتفع في مجلس الأمن لوقف النار في غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية

الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر صحافي لـ«اللجنة الوزارية العربية الإسلامية» بنيويورك (رويترز)
الأمير فيصل بن فرحان خلال مؤتمر صحافي لـ«اللجنة الوزارية العربية الإسلامية» بنيويورك (رويترز)

تعالت الأصوات في مجلس الأمن، خلال جلسة استثنائية رفيعة المستوى، للمطالبة بـ«وقف دائم للنار فوراً» في غزة، رافضة سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها إسرائيل ضد ملايين المدنيين الفلسطينيين، ليس فقط في القطاع، بل أيضاً في الضفة الغربية.

وترددت المطالب بإصدار قرار أممي يعترف بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم على أساس حل الدولتين، وعقد مؤتمر سلام دولي يؤدي إلى نتائج ملموسة، بما في ذلك إنشاء الدولة الفلسطينية على أساس حدود يونيو (حزيران) 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمتها، وفقاً لمبادئ عدّدها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان والعديد من نظرائه العرب والأجانب.

واستهل الاجتماع الذي دعت إليه الصين بصفتها «رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي»، بالتزامن مع اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حول تطبيق القرار 2712 الذي دعا إلى «إقامة هُدن مديدة وممرات إنسانية عاجلة في كل أنحاء قطاع غزة، والإفراج الفوري ومن دون شروط عن كل الرهائن».

وزير الخارجية الصيني وانغ يي يتحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال اجتماع الأربعاء حول الحرب بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

وإذ عدّد غوتيريش الضحايا في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، قال إنه شكّل بناءً على قرار مجلس الأمن «مجموعة عمل» لإعداد مقترحات بشكل عاجل حول مستقبل غزة. وأكد أن سكان غزة يعيشون «كارثة إنسانية ملحمية أمام أعين العالم، ويجب علينا ألا نشيح بعيداً في أنظارنا». ورحّب بالمفاوضات الجارية لتمديد الهدنة، مؤكداً الحاجة إلى وقف حقيقي لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

وشدد على «ضرورة إتاحة أفق الأمل لشعوب المنطقة عبر التحرك بشكل حاسم لا رجعة فيه على مسار حل الدولتين، على أساس قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي؛ حيث تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام وأمن».

نهج جديد ومختلف

وتلاه المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينيسلاند، الذي قال إن «جهودنا السابقة لم تكن كافية، وهي رسالة يتردد صداها اليوم ونحن نحتفل باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. يجب أن يكون هناك نهج جديد ومختلف، وإلا فإننا محكوم علينا بالعودة إلى مسار إدارة الصراع الذي من الواضح أنه لا يمكن إدارته».

وأكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن الهدنة الحالية في غزة، يجب أن تتحول إلى وقف كامل وشامل لإطلاق النار، مشدداً على أن ما شهده القطاع «ليس حرباً، بل مذبحة لا يمكن لأحد أو شيء أن يبررها». وحذر من أن الشعب الفلسطيني «يواجه تهديداً وجودياً» لأنه «مع كل الحديث عن تدمير إسرائيل، فإن فلسطين هي التي تواجه خطة لتدميرها، تنفذ في وضح النهار، وتسنّ في قوانين وسياسات، وينفذها الجنود والمستوطنون بوحشية. يتم محونا من الخريطة بكل ما للكلمة من معنى».

فلسطينيون يمرون أمام مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة في 26 نوفمبر 2023 في اليوم الثالث من الهدنة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

ورأى الوزير الفلسطيني أن إسرائيل تحاول حالياً «إنجاز المهمة» التي بدأتها في النكبة منذ 75 عاماً، بدلاً من الاقتناع بأنه «لا يمكن لأي قوة على وجه الأرض أن تقتلع الفلسطينيين من فلسطين، ولا فلسطين من قلوب الفلسطينيين أينما كانوا».

في المقابل، قال المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، جلعاد أردان، إن الحرب «يمكن أن تنتهي غداً وحتى اليوم، إذا أعادت (حماس) جميع الرهائن وسلمت جميع الإرهابيين الذين شاركوا في المذبحة». وشكا من أنه بعد مرور نحو شهرين من الحرب «من المثير للصدمة أنه لم تتم إدانة جرائم (حماس) الوحشية بعدُ من قبل هذه الهيئة أو أي هيئة أخرى تابعة للأمم المتحدة». ورأى أن «كل من يدعم وقف إطلاق النار يدعم بشكل أساسي استمرار (حماس) في حكم الإرهاب في غزة».

وزير الخارجية الصيني وانغ يي رئيس مجلس الأمن بالإنابة يتحدث حول الوضع في الشرق الأوسط والحرب بين إسرائيل و«حماس» في مقر الأمم المتحدة في نيويورك الأربعاء (أ.ف.ب)

ورقة صينية للحل

وأكد رئيس الجلسة وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن «الطريق للخروج من الأزمة والصراع هو من خلال حل الدولتين»، مشيراً إلى أن «الحوار والتفاوض هما أفضل وسيلة لإنقاذ الأرواح». وإذ اعتبر أن الجميع يعيشون عند «مفترق طرق الحرب والسلام، ويجب على المجتمع الدولي أن يعمل على إيجاد الحلول»، حذّر من أن «استئناف القتال سيتحول على الأرجح إلى كارثة تشمل المنطقة بأكملها». وأمل في أن تكون «الهدنة بداية لوقف إطلاق النار عن طريق التفاوض». وأكد أنه «يتعين على مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته ويستجيب للدعوات لاتخاذ مزيد من الإجراءات على الفور»، كاشفاً عن أن «الصين قدمت ورقة حول حل الصراع».

وأشار وزير الدولة بوزارة الخارجية البريطانية، اللورد طارق أحمد، إلى أنه بينما يتطلع العالم إلى الشرق الأوسط، فإن «مأساة تتكشف أمام أعيننا». ولفت إلى أن الهدنة وفرت فترة راحة تشتد الحاجة إليها، حيث يمثل الاتفاق فرصة مهمة لإعطاء الأمل لأسر الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة.

الموقف الأميركي

وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن الهدنة المؤقتة قدمت «بصيص أمل»، قائلة إنه «على الرغم من أن العمل الذي نقوم به في هذه القاعة مهم، فإنه في كثير من الأحيان يحدث التقدم خارج هذه الجدران». وأضافت أنه منذ اليوم الأول، كان نهج الولايات المتحدة مدفوعاً بالدبلوماسية المباشرة. وقالت أيضاً: «نعلم أن (حماس) تواصل استخدام الناس دروعاً بشرية، لكن هذا لا يقلل من مسؤولية إسرائيل عن حماية المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي». وأضافت أنه بعد الهدنة الممتدة، فإن «الكرة الآن في ملعب حماس».

وقال وزير الدولة الإماراتي خليفة شاهين إن الهدنة الحالية هي «بارقة أمل»، معبراً عن تقديره للجهود الدبلوماسية التي بذلتها قطر والولايات المتحدة ومصر، لتحقيق هذه الهدنة. وأضاف أنه «علينا أن نعمل على إحياء الأمل في إمكانية التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية». وشدد على أن «تحقيق السلام المستدام لن يكون ممكناً من دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في الأمن والسلام والاعتراف المتبادل».

جانب من الدمار الواقع نتيجة القصف الإسرائيلي لغزة (د.ب.أ)

أبعاد توراتية

ونبه المندوب الروسي الدائم فاسيلي نيبينزيا إلى أنه «منذ أكثر من شهرين، يجتاح الشرق الأوسط صراع ذو أبعاد توراتية». وقال: «ليس من قبيل المبالغة القول إنه أصبح واحداً من أكثر الصراعات الإقليمية فتكاً في العقود الأخيرة». وأكد أن «الوقت حان أيضاً للتفكير في اليوم التالي». وأضاف: «هناك العديد من الأسئلة حول سبل إعادة بناء غزة وبشكل عام حول الحل المستقبلي طويل الأمد للقضية الفلسطينية»، مؤكداً أن «روسيا تعمل بنشاط في هذا الاتجاه».

من جهته، قال رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن الفلسطينيين «مروا بجحيم» في الأسابيع الماضية. وتحدث عن الاتصالات التي تجريها بلاده مع الأطراف لوقف إراقة الدماء وضمان عودة الرهائن، مضيفاً أن الاتفاق أدى إلى تمديد الهدنة وإطلاق الرهائن والسجناء الفلسطينيين. كما مهّد الطريق لإيصال المزيد من المساعدات إلى غزة. وأكد أن «الوقت حان لاتخاذ إجراءات حقيقية نحو السلام»، مشدداً على أن «أي محاولة لتجنب اتخاذ إجراءات مباشرة، لن تؤدي إلا إلى تصعيد العنف. نحن ندعو للسلام. ولن تنعم المنطقة بالسلام والأمن دون قيام الدولة الفلسطينية».

الموقف السعودي

ودعا وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل كافٍ ومستدام، مطالباً في الوقت نفسه بصدور قرار من مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين.

وقال إن «ما يقربنا للسلام هو وقف إطلاق النار في غزة واستجابة إسرائيل لمساعي السلام التي استمرت لعقود»، مذكّراً بأن «السلام خيارنا الاستراتيجي، ونريد أن يكون خيار الجانب الآخر أيضاً». وتساءل: «أين الاعتراف الإسرائيلي بدولة فلسطين؟ حان الوقت لصدور اعتراف دولي بقرار من مجلس الأمن بدولة فلسطين، وأن تنال العضوية الكاملة بالأمم المتحدة»، مجدداً الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام برعاية الأمم المتحدة تنطلق من خلاله عملية سلام جادة وذات صدقية تكفل تنفيذ حل الدولتين».

وجدد نظيره المصري سامح شكري رفض بلاده «لأي نوايا لتصفية القضية الفلسطينية بنقل الشعب الفلسطيني من أرضه»، مضيفاً أن ما تقوم به إسرائيل في غزة «سياسة متعمدة لجعل الحياة مستحيلة» بالنسبة إلى الفلسطينيين.

اللجنة الوزارية

وكان أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قد اجتمعوا مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بمشاركة رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وبحضور وزير الخارجية الماليزي زمبري عبد القادر، ووزير الدولة الإماراتي خليفة شاهين المرر، ممثل المجموعة العربية في مجلس الأمن.

ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية «واس»، جرى خلال اللقاء «بحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها، وما حققته الهدنة الإنسانية بالإفراج عن بعض الأسرى وعودتهم إلى ذويهم، بالإضافة إلى مناقشة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار الفوري، وأهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه الالتزام بحماية المدنيين وضمان تطبيق قواعد القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني».

وأضافت أن الاجتماع تطرق أيضاً إلى «أهمية تطبيق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن حماية وأمن الشعب الفلسطيني من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والعودة إلى مسار السلام بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين، وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وجدد أعضاء اللجنة الوزارية «مطالبتهم بأهمية اتخاذ المجتمع الدولي جميع الإجراءات الفاعلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة، مؤكدين رفضهم القاطع لكل أشكال الاستيطان السافر والتهجير القسري للشعب الفلسطيني الشقيق».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

هل ستدفع مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت حكومات لتقليص اتصالاتها مع إسرائيل؟

نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن خبراء ومسؤولين أن مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت ستدفع بعض الحكومات لتقليص اتصالاتها مع نتنياهو وغيره من المسؤولين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

بعد مذكرة توقيف نتنياهو... الإسرائيليون يخشون ملاحقة ضباط جيشهم

عقب إصدار محكمة لاهاي مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، يساور القلق المسؤولين الإسرائيليين خشية ملاحقة ضباطهم أيضاً.

نظير مجلي (تل أبيب)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».