«الصحة العالمية»: شحنات المساعدات التي تدخل غزة مع الهدنة «قطرة في محيط»

شاحنة مساعدات إنسانية تغادر إلى غزة وسط هدنة مؤقتة (رويترز)
شاحنة مساعدات إنسانية تغادر إلى غزة وسط هدنة مؤقتة (رويترز)
TT

«الصحة العالمية»: شحنات المساعدات التي تدخل غزة مع الهدنة «قطرة في محيط»

شاحنة مساعدات إنسانية تغادر إلى غزة وسط هدنة مؤقتة (رويترز)
شاحنة مساعدات إنسانية تغادر إلى غزة وسط هدنة مؤقتة (رويترز)

قال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط، إن شحنات المساعدات التي تدخل إلى غزة رغم تمديد الهدنة «قطرة في محيط».

وشدد المنظري في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أمس (الثلاثاء) على أن «الاشتراطات والإجراءات من الجانب الإسرائيلي تعيق دخول كميات كافية من المساعدات» رغم تكدس كميات كبيرة من المستلزمات الطبية على الجانب المصري من معبر رفح.

وأضاف أنه قبل الحرب كانت تدخل 500 شاحنة يومياً محملة بمختلف أنواع المساعدات، وحتى الآن لم تدخل القطاع سوى 1600 شاحنة، 400 تقريباً فقط منها حملت مستلزمات طبية وأدوية.

كما أكد أن الحاجة للأدوية «تتضاعف بطريقة مقلقة ومخيفة، مع ازدياد المصابين جراء الاعتداءات، وازدياد الإصابات بين الأصحاء، نتيجة لهدم البنى التحتية، ونقص مياه الشرب النظيفة».

وأشار المنظري إلى أن هناك حاجة ليست فقط للأدوية؛ لكن أيضاً «المستلزمات الطبية من عينات مخبرية وأدوات جراحية، وأدوات إسعاف، وسوائل، وأدوية للأمراض المزمنة، كالضغط والسكري والقلب، والأدوية المرتبطة بالعمليات الجراحية كأدوية التخدير»، مؤكداً أنه تم استهلاك مخزون منظمة الصحة العالمية من الإمدادات الطبية في غزة تقريباً بالكامل.

ووصف المسؤول بمنظمة الصحة الوضع في قطاع غزة بالمأساوي، وقال إن مئات الآلاف يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والربو.

ولفت إلى أن المخاوف في بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تركزت على المرضى في المستشفيات، أما الآن «فهناك قلق حقيقي على من تبقى من الأصحاء».

فلسطينيون يسيرون بعد العبور من شمال غزة إلى جنوب القطاع (إ.ب.أ)

وأضاف: «في غزة هناك أكثر من مليوني نازح يفتقدون المأوى، منهم ما يقرب من مليون يعيشون في مؤسسات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ويفتقرون إلى أدنى أساسيات الحياة، تتوفر لهم دورة مياه واحدة فقط لكل 220 شخصاً، ووحدة استحمام واحدة لكل 4500 شخص».

وقال المنظري إن الأمراض التنفسية الحادة تنتشر، وأصابت 100 ألف، بينما عانى 70 ألفاً من الإسهال، كما تفشت الأمراض الجلدية مثل الجرب، وأصابت ما يقرب من 40 ألف شخص.

وأضاف أن هناك نحو نصف مليون امرأة حامل ومرضع وطفل يحتاجون إلى تدخلات غذائية علاجية ووقائية عاجلة.

كما كشف المنظري أنه قبل اندلاع الحرب كان هناك 7 آلاف طفل دون سن الخامسة يعانون من الهزال، و4 آلاف يعانون من الهزال الشديد؛ مشيراً إلى أن هذه الأعداد ارتفعت الآن بنسبة 27 في المائة، لتصل إلى 10 آلاف طفل.

كما أوضح أن 450 ألف شخص في غزة باتوا يعانون من أمراض نفسية، وأن المستشفى الوحيد المختص بعلاجها في القطاع توقف عن العمل.

وقال إن الأزمة تتفاقم بسبب «هشاشة وضعف النظام الصحي في غزة، فمن أصل 36 مستشفى هناك 9 مستشفيات تعمل بطاقة جزئية، أحياناً تقدم الخدمات البسيطة الأساسية، مثل الإسعافات الأولية، ولا تستطيع تقديم ما هو أكبر من هذا».

وأضاف أن القوى البشرية العاملة في القطاع الطبي في غزة تراجعت إلى 30 في المائة، وهو ما يزيد الوضع سوءاً.

وأشار المنظري إلى أن نقص الوقود يعرقل تقديم الخدمات الطبية، وضرب مثالاً بمستشفى «الشفاء» أكبر مجمع طبي بالقطاع الذي قال إنه يحتاج يومياً إلى 17 ألف لتر من الوقود: «الآن لا يصله أي وقود».

وأكد أن «كميات الوقود التي تدخل للقطاع لا تلبي احتياجات المؤسسات الصحية؛ بالإضافة إلى احتياجات محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه والاتصالات والمخابز»؛ مشيراً إلى أنه مع بدء فصل الشتاء ستزيد الحاجة إلى الوقود.

كما عبر عن قلقه الشديد بشأن المستشفيات في شمال غزة، وقال إنها «تعاني معاناة حقيقية؛ لأن القوات الإسرائيلية تعرقل دخول مختلف أنواع المساعدات التي تحاول كل المنظمات الأممية إيصالها، وهذا تحدٍّ كبير».

وأكد المنظري أن خلال الأيام الخمسة للهدنة، دخل أكثر من 4 آلاف شاحنة تحمل مختلف أنواع المساعدات الطبية من منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأخرى، كـ«الهلال الأحمر المصري» فضلاً عن دول بينها قطر وتركيا.

وأشار إلى أن «حصة منظمة الصحة العالمية من هذه المساعدات تتجاوز 60 طناً مترياً من الأغذية والعلاجات والمساعدات الطبية».

ودعا المنظري إلى «دخول عاجل وفوري وغير مشروط لكل المساعدات إلى قطاع غزة، وتوفير الحماية اللازمة للمؤسسات الصحية، لتستطيع القيام بعملها، فضلاً عن حماية العاملين في القطاع الصحي، وإلا ستكون كارثة محققة».

كانت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، قد حذرت مؤخراً من «الوضع الوبائي والصحي الكارثي في قطاع غزة»؛ لا سيما في مراكز الإيواء من مدارس ومستشفيات ومخيمات اللجوء والتجمعات من النازحين، مؤكدة أنها تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من مياه وغذاء وأدوية.

وأكدت «حماس» يوم الاثنين الاتفاق مع قطر ومصر على تمديد الهدنة الإنسانية المؤقتة، لمدة يومين إضافيين «بشروط الهدنة السابقة نفسها» التي انتهت في السابعة من صباح أمس (الثلاثاء) بالتوقيت المحلي (05:00 بتوقيت غرينتش)، وتستمر حتى الموعد نفسه من غد (الخميس).


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».