لا احتفالات مع بدء تبادل الأسرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين

عدد القتلى الهائل والدمار الرهيب والقلق على بقية الأسرى يطغى على الأجواء

سيارة للصليب الأحمر خلال نقل بعض الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» عبر معبر رفح (أ.ف.ب)
سيارة للصليب الأحمر خلال نقل بعض الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» عبر معبر رفح (أ.ف.ب)
TT

لا احتفالات مع بدء تبادل الأسرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين

سيارة للصليب الأحمر خلال نقل بعض الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» عبر معبر رفح (أ.ف.ب)
سيارة للصليب الأحمر خلال نقل بعض الرهائن الإسرائيليين لدى «حماس» عبر معبر رفح (أ.ف.ب)

مع انطلاق عملية تبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، قررت عائلات الأسرى المحررين، الفلسطينيين والإسرائيليين، كل من جهته، الامتناع عن إقامة احتفالات بإطلاق سراحهم، حتى لو نجحت عملية الهدنة والتبادل واتسعت لـ10 أيام.

وكانت النبضة الأولى من اتفاق الهدنة قد انطلقت في الساعة السابعة من صباح الجمعة، بوقف إطلاق النار في جميع أنحاء قطاع غزة، وكذلك على الحدود مع لبنان، وبشكل جزئي أيضاً في الضفة الغربية. وفي الرابعة بعد الظهر، تسلم الصليب الأحمر الدفعة الأولى وضمت 13 أسيراً إسرائيلياً من «حماس» وسلمهم إلى إسرائيل، عبر مصر، جنباً إلى جنب مع 10 أسرى من العمال التايلنديين وأسير فلبيني تم إطلاقهم ضمن صفقة أخرى تمت بوساطة مصرية، كما يبدو. ومعروف أن هناك 23 عاملاً من تايلاند خطفوا في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، من أماكن عملهم في إسرائيل. وتوصلت «حماس» إلى اتفاق لإطلاق سراحهم بعيداً عن الصفقة مع إسرائيل. وسوف يطلق سراح البقية في النبضات المقبلة.

سجن عوفر الإسرائيلي قبل بدء الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الجمعة (أ.ف.ب)

في المقابل، تم إطلاق سراح 39 أسيراً فلسطينياً، بينهم 24 امرأة و15 قاصراً، من سجن عوفر العسكري، ربعهم من القدس الشرقية وقد سلموا لأهاليهم في معتقل المسكوبية الإسرائيلي. والبقية تم إطلاقهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال الفلسطينيون إن إسرائيل خرقت الاتفاق في الصباح، عندما أطلقت النيران على مجموعة من أهالي شمال غزة، الذين حاولوا الانتقال من الجنوب، لكي يطلعوا على أحوال بيوتهم وأقاربهم الذين اضطروا إلى تركهم بسبب القصف الإسرائيلي خلال الحرب. فقتلت اثنين منهم وجرحت 9 آخرين. لكن الوسطاء القطريين والمصريين احتووا الحادث ولم يوقفوا تنفيذ بقية بنود الصفقة.

وكان قرار منتدى العائلات في إسرائيل بعدم الاحتفال بإطلاق الأسرى قد جاء نتيجة لمقتل أكثر من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس» يوم 7 أكتوبر الماضي، ونتيجة لبقاء أكثر من 200 أسير في أنفاق «حماس»، والقلق من أن تنفجر اتفاقات الهدنة، أو أن تستأنف حرب أكثر تدميراً تهدد حياة الأسرى من الجنود والمدنيين الآخرين.

دمار مع بدء الهدنة في مدينة غزة (أ.ب)

وفي فلسطين، جاء القرار بالامتناع عن الاحتفالات ألماً وحزناً على مقتل نحو 20 ألف إنسان، معظمهم من الأطفال والنساء، وإصابة نحو 30 ألفاً بجروح وتشرّد أكثر من نصف سكان غزة عن بيوتهم، والدمار الهائل الذي تسبب به إلقاء 27 ألف طن من المتفجرات الإسرائيلية فوق رؤوسهم، واعتقال أكثر من 4 آلاف شخص من الضفة الغربية وقطاع غزة في السجون الإسرائيلية. وهم يرونها أيام حداد أكثر منها أيام فرح بالحرية. وحتى أيام الهدنة، التي يفترض أنها تشكّل متنفساً لهم بعد 48 يوماً من الهجمات الحربية المتواصلة، تزيد من مأساتهم تلك المشاهد لبيوتهم المدمرة. فقد توقعوا أن الحرب تترك عندهم دماراً هائلاً، لكنهم منذ الساعة السابعة من صبيحة الجمعة، مع بدء وقف النار، يكتشفون أن الدمار كان أكبر وأخطر وانهم يحتاجون إلى شهور حتى يعرفوا حقيقة الأضرار ويكتشفوا العدد الحقيقي للقتلى.

إسرائيليون ينتظرون في تل أبيب بدء عملية تبادل الأسرى والرهائن (رويترز)

ولكن، مع ذلك، فإنهم يتعلقون بقشة الأمل التي وفرتها الهدنة. صحيح أنها ليست كاملة وليس مضموناً نجاحها بالكامل، إلا أنهم يتمنون أن يستمر الالتزام بشروطها لأربعة أيام، وتمديدها إلى 10 أيام أيضاً. وبحسب تقديرات كثيرة، فإن ضغوط الرأي العام العالمي من جهة، والدول العربية من جهة ثانية، بدأت تؤتي ثمارها على الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي فتبدي تغييراً في موقفها.

وبعد أن منحت إسرائيل الضوء الأخضر لتشن حرباً مدمرة على قطاع غزة، وبالأساس على أهالي غزة المدنيين وحرباً موازية على الضفة الغربية، تتجه الآن لحث إسرائيل على تمديد أطول للهدن والاستعداد للانتقال إلى وقف الحرب والتفتيش عن وسائل أخرى لمحاربة «حماس» دون استهداف الشعب الفلسطيني. والإدارة الأميركية بالذات تقول إنها لا تزال تؤيد هدف إسرائيل تصفية «حماس»، لكنها تحبذ اختيار أساليب عمل مهنية على طريقة العملية الجراحية من دون المساس بالمدنيين. وبحسب الإعلام الأميركي، صاغ المسؤولون في واشنطن الموقف بالقول: «لن يخيب أملنا إذا أوقفت إسرائيل النار تماماً».


مقالات ذات صلة

إيران و«حماس» تدينان القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت

المشرق العربي سيارات الإسعاف تصل إلى موقع الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إيران و«حماس» تدينان القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت

أدانت إيران وحركة «حماس» الفلسطينية، الجمعة، الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، التي قالت إسرائيل إنها استهدفت المقر المركزي لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

كيف فشلت إسرائيل أمام «حماس» وتمكنت من اختراق «حزب الله»؟

قبل عام، منيت إسرائيل بأسوأ فشل استخباراتي لها على الإطلاق عندما شنّت «حماس» هجوماً مفاجئاً في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

«حماس» تندد بـ«أكاذيب مفضوحة» لنتنياهو في كلمته أمام الأمم المتحدة

اتهمت حركة «حماس» الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بترديد «أكاذيب مفضوحة» في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

قتل مسلَّحون فلسطينيون في قطاع غزة عاملة إغاثة من منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة، بعدما أطلقوا النار على سيارتها «خطأ»، وفق ما قالت حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حماس» هُزمت عسكرياً في كل قطاع غزة

قدّر الجيش الإسرائيلي أن حركة «حماس» الفلسطينية هُزمت عسكرياً في قطاع غزة بأكمله، وأنها الآن تُعد «جماعة إرهابية سيستغرق تفكيكها بعض الوقت».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
TT

نتنياهو يرفض جهود التهدئة بخطاب أممي وعمليات ميدانية

نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)
نتنياهو متحدثاً في الأمم المتحدة (رويترز)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مواصلة الحرب على «حزب الله» حتى تحقيق أهدافه عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، في رفض صريح للجهود الأميركية والفرنسية المدعومة دولياً وعربياً لوقف العمليات العسكرية مؤقتاً، وما تحمله من الانزلاق إلى حرب إقليمية، موجهاً تحذيراً مباشراً لإيران التي «لا يوجد فيها مكان لا تطوله صواريخ» إسرائيل. وقال نتنياهو إنه «ما دام (حزب الله) اختار طريق الحرب، فلن يكون أمام إسرائيل خيار آخر، وإسرائيل لها كل الحق في التخلص من هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى منازلهم بأمان». وأضاف أن «إسرائيل تحملت ذلك الوضع الذي لا يطاق لما يقرب من عام. ولقد أتيت إلى هنا اليوم لأقول طفح الكيل». وزاد: «بلادي في حالة حرب، وتقاتل من أجل البقاء». وأضاف أن «لإسرائيل كل الحق في إزالة هذا التهديد، وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان. وهذا بالضبط ما نفعله (...) سنستمر في إذلال (حزب الله) حتى تحقيق كل أهدافنا». وأضاف: «تخيلوا لو أن الإرهابيين حوَّلوا إل باسو وسان دييغو إلى بلدات أشباح... إلى متى ستتسامح الحكومة الأميركية مع ذلك؟»، وهو كان يشير إلى مدينتين حدوديتين للولايات المتحدة مع المكسيك، ليضيف أنه «مع ذلك، كانت إسرائيل تتسامح مع هذا الوضع الذي لا يطاق منذ ما يقرب من عام. حسناً، أتيت إلى هنا اليوم لأقول: كفى». وكذلك تكلم نتنياهو عن رد إسرائيل على هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي أدت إلى عملية عسكرية إسرائيلية دمرت غزة. وقال إنه سافر إلى الأمم المتحدة لدحض الأكاذيب التي سمعها من زعماء آخرين على نفس المنصة في وقت سابق من الأسبوع. وقال: «لم أكن أنوي المجيء إلى هنا هذا العام. بلدي في حالة حرب... يقاتل من أجل حياته. ولكن بعد أن سمعت الأكاذيب والافتراءات التي وجهها كثير من المتحدثين على هذا المنبر إلى بلدي، قررت المجيء إلى هنا لتصحيح الأمور». وأصر على أن إسرائيل تريد السلام. لكنه أشار إلى إيران، قائلاً: «إذا ضربتمونا، فسنضربكم». وإذ رأى أن إيران مسؤولة عن مشكلات المنطقة، قال: «استرضى العالم إيران فترة طويلة جداً. يجب أن ينتهي هذا الاسترضاء». وأكد أنه «لا يوجد مكان في إيران لا تستطيع الذراع الطويلة لإسرائيل الوصول إليه. والأمر ينطبق على الشرق الأوسط بأكمله. الجنود الإسرائيليون ليسوا حملاناً تُقاد إلى مذبحة، وقد قاوموا بشجاعة مبهرة». وكذلك قال: «لديَّ رسالة أخرى لهذه الجمعية وللعالم خارج هذه القاعة، نحن ننتصر». ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه البرنامج النووي الإيراني، تشمل إعادة توقيع عقوبات كانت قد فرضتها الأمم المتحدة قبل رفعها في 2015 بموجب اتفاق نووي مع القوى العالمية، وقال: «أدعو مجلس الأمن إلى إعادة فرض عقوباته على إيران، لأننا جميعاً يجب أن نفعل كل ما بوسعنا لضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية». وكرر تعهداته السابقة بأن تمنع إسرائيل إيران من امتلاك سلاح نووي. وقال: «تسعى إيران حالياً إلى استخدام برنامجها النووي سلاحاً في مواجهة السلام والأمن في جميع بلدانكم، وأؤكد لكم أن إسرائيل ستفعل كل ما بوسعها للتأكد من عدم حدوث ذلك». وبينما كان يتحدث، كانت المقاعد في وفد إيران فارغة. وفي الخارج، تظاهر المتظاهرون ضد نتنياهو وسياسات إسرائيل خلف حواجز الشرطة.

استسلام «حماس»

وقال نتنياهو أيضاً: «يمكن لهذه الحرب أن تنتهي الآن (...) كل ما يجب أن يحدث هو أن تستسلم (حماس)، وتضع سلاحها، وتطلق سراح جميع الرهائن، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك - إذا لم يفعلوا - فسوف نقاتل حتى نحقق النصر الكامل. النصر الكامل. لا يوجد بديل عنه». وقال إن القوات الإسرائيلية دمرت 90 في المائة من صواريخ (حماس)، وقتلت أو أسرت نصف قواتها. لكنه أصر مع ذلك على أنه يسعى إلى السلام. وقال: «لقد صنعت إسرائيل السلام، وستصنعه مرة أخرى». وأضاف: «سنقاتل حتى نحقق النصر، النصر الكامل، ولا بديل عنه». وأشار في كلمته إلى حضور عائلات لرهائن ممن احتجزتهم «حماس».