استنكار سياسي وإعلامي لمقتل صحافييْن لبنانييْن في الجنوب

5 حوادث قصف لطواقم إعلامية منذ بدء الحرب

لدى وصول جثتَي الإعلاميين فرح عمر وربيع المعماري أمام مقر قناة «الميادين» في بيروت (إ.ب.أ)
لدى وصول جثتَي الإعلاميين فرح عمر وربيع المعماري أمام مقر قناة «الميادين» في بيروت (إ.ب.أ)
TT

استنكار سياسي وإعلامي لمقتل صحافييْن لبنانييْن في الجنوب

لدى وصول جثتَي الإعلاميين فرح عمر وربيع المعماري أمام مقر قناة «الميادين» في بيروت (إ.ب.أ)
لدى وصول جثتَي الإعلاميين فرح عمر وربيع المعماري أمام مقر قناة «الميادين» في بيروت (إ.ب.أ)

استأنف الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، استهداف الطواقم الإعلامية في جنوب لبنان، حيث قُتل إعلاميان ومساعد لهما في استهداف مباشر لطاقم صحافي في جنوب لبنان، وذلك في خامس استهداف من هذا النوع منذ بداية الحرب، مما أثار انتقادات سياسية ومطالب من المجتمع الدولي بحماية الصحافيين.

وأعلنت قناة «الميادين»، الثلاثاء، مقتل مراسلتها في الجنوب فرح عمر، والمصور ربيع المعماري، في غارة إسرائيلية في طيرحرفا. وقال رئيس مجلس إدارة «الميادين» غسان بن جدو، إن «الاحتلال استهدف موكب (الميادين) بشكل مقصود».

وتحدثت مصادر إعلامية عن استهداف الطاقم بصاروخ أطلقته طائرة مسيّرة في أثناء تغطية الحرب في منطقة مثلث طيرحرفا – الجبين (في القطاع الغربي) التي تبعد نحو 8 كيلومترات عن الحدود. وأكدت المصادر مقتل متعاون مع الطاقم الصحافي من تلك المنطقة هو حسين عقيل.

وأعلن «حزب الله» عن عملية عسكرية رداً على استهداف الصحافيين والمدنيين، وقال في بيان إن مقاتليه هاجموا بالصواريخ الموجهة تجمعاً للجنود الإسرائيليين داخل منزل في مستوطنة أفيفيم مما أدى إلى سقوط عناصره بين قتيل وجريح.

إدانات سياسية وإعلامية

وأدان المسؤولون اللبنانيون هذا الاستهداف. وعبّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عن «إدانته الشديدة للاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الإعلاميين في الجنوب اليوم». وقال: «هذا الاعتداء يُثبت مجدداً أنْ لا حدود للإجرام الإسرائيلي، وأن هدفه إسكات الإعلام الذي يفضح جرائمه واعتداءاته».

من جانبه، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان: «في ذكرى الاستقلال هذا العام دقائق، لا بل دهور من الصمت لا تكفي حداداً على الشهداء وعلى الإنسانية التي تنحرها آلة القتل والإبادة الإسرائيلية من غزة وكل فلسطين إلى جنوب لبنان وآخرهم شهداء الإعلام اللبناني، بعد الشهيد عصام عبد الله... اليوم فرح عمر وربيع معماري وحسين عقيل يُعمّدون الاستقلال والإرادة الوطنية بدمهم دفاعاً عن الحقيقة التي هي الاستقلال الحقيقي والذي لا يستعاد ولا يُحمى إلا بالتضحية».

وتوسعت الإدانات إلى الجسم الإعلامي. وقالت نقابة الصحافة اللبنانية إن «الصحافة والإعلام يدفعان من جديد ضريبة الكلمة الحرة والموقف الصادق والصورة التي لا تضليل فيها». ودعت النقابة «كل وسائل الإعلام العالمية والعربية والإسلامية والمحلية إلى رفع الصوت وفضح الممارسات العدوانية الإسرائيلية»، وطالبت مؤسسات الرأي العام العالمي بـ«التحرك الفاعل لوضع حد للعدوانية الإسرائيلية التي لا تحترم القوانين الدولية والأعراف بل تستمر في عدوانيتها ووحشيتها ومجازرها».

استهداف للطواقم الإعلامية

وباتت الطواقم الإعلامية في لبنان هدفاً مباشراً للقصف الإسرائيلي في الجنوب بعدما ارتفع عدد هذه العمليات إلى 5 خلال أقل من شهر ونصف، إذ استهدف الجيش الإسرائيلي بغارتين مباشرتين طواقم إعلامية، ما أسفر عن مقتل مصور وكالة «رويترز» اللبناني عصام عبد الله في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإصابة 6 آخرين بجروح. ولاحقاً استهدف إعلاميين في قناة إيرانية بالرصاص، وأسفر الاستهداف عن مقتل مدني كان برفقتهم. كما استهدفت إسرائيل طاقم قناة «المنار» في القطاع الغربي بالقذائف المدفعية، ثم استهدفت 30 صحافياً بصاروخَين موجهَين في أثناء جولة إعلامية في منطقة يارون في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ويرى نقيب محرري الصحافة اللبنانية، جوزيف القصيفي، أن «استهداف إسرائيل الإعلاميين يندرج في إطار سعيها لتصفية أي شاهد يوثِّق جرائمها وارتكاباتها سواء في غزة والضفة أم في لبنان خصوصاً بعدما شهدنا أن الرأي العام العالمي بدأ يتحول نتيجة التغطيات التي تقوم بها محطات عربية ودولية باتت تشكل مصدر إزعاج للعدو».

ويؤكد القصيفي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الإعلاميين المستهدفين يتخذون كل إجراءات الوقاية المتعارف عليها لكن إسرائيل تستهدفهم عن سابق تصور وتصميم».

إفلات من العقاب

وأكدت رولا ميخائيل، المديرة التنفيذية لمؤسسة «مهارات» التي تُعنى بقضايا الإعلام وحرية الرأي والتعبير، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل الشكاوى التي تُقدم اليوم بحق إسرائيل تبقى من دون نتيجة، وهذا ما يزيد الإعلاميين قهراً وخيبة». وتضيف: «ما تسعى إليه إسرائيل اليوم، ومن خلال استهداف الطواقم الإعلامية، هو إخراجها من الميدان كي لا تنقل الصورة والواقع من الأرض اللذين يُدينانها تماماً».


مقالات ذات صلة

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

المشرق العربي مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق.

«الشرق الأوسط» (القنيطرة (سوريا))
المشرق العربي الرضيعة عائشة عدنان سفيان القصاص التي توفيت في غزة (المركز الفلسطيني للإعلام)

الشتاء يضرب غزة... ووفاة رضيعة بسبب البرد القارس

يضرب البرد القارس الفلسطينيين، البالغ عددهم نحو مليونَي شخص، الذين نزحوا؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، في حين توفيت رضيعة من البرد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي رجل أمام جثمان إحدى ضحايا الغارات الإسرائيلية على منزل في دير البلح بوسط غزة اليوم (رويترز)

قصف إسرائيلي على مستشفى كمال عدوان... ومقتل 28 فلسطينياً في غزة

أفاد الدفاع المدني في غزة، اليوم (الأحد)، بأن 28 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، قُتلوا في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي، ليل السبت الأحد، في قطاع غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
TT

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق، لتنفيذ عمليات توغل في المنطقة العازلة ومواقع مجاورة، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.

ففي شارع رئيسي في قرية جباتا الخشب، يتجول جنود إسرائيليون بكامل عتادهم، على تماس مع السكان المحليين الذين يكتفون بالمراقبة من بعد، في مشهد لم يكن مألوفاً حتى الأمس القريب. وتتمركز دبابة على الأقل عند أطرافها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع القرية في القسم الشرقي من هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها عام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وهي من عداد القرى الواقعة في المنطقة العازلة؛ حيث ينتشر عناصر قوة الأمم المتحدة المخولون مراقبة اتفاق فض الاشتباك.

وتتكرَّر المشاهد نفسها في مدينة البعث وسط القنيطرة التي توغلت فيها قوات وعربات إسرائيلية، في خطوات تزامنت مع شنِّ إسرائيل سلسلة غارات غير مسبوقة على عشرات المواقع العسكرية ومخازن الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري، عقب إطاحة فصائل معارضة نظام بشار الأسد وهروبه من البلاد.

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية بمرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (أ.ف.ب)

ويقول الدكتور عرسان عرسان، المقيم في مدينة البعث وسط القنيطرة (51 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الناس ممتعضة جداً من التوغل الإسرائيلي في المنطقة (...) نحن مع السلام؛ لكن شرط أن تنسحب إسرائيل إلى خط وقف إطلاق النار»، في إشارة إلى خط فض الاشتباك الذي يفصل بين الأجزاء التي تحتلها إسرائيل من مرتفعات الجولان وبين بقية الأراضي السورية.

ومع توغل القوات الإسرائيلية، تقطعت أوصال مدينة البعث بأعمدة حديدية كبيرة وبقايا أغصان أشجار وسواتر ترابية، خلَّفتها الجرافات الإسرائيلية، وفق السكان. ويتابع عرسان: «أنظر إلى الشوارع التي خرَّبتها الجرافات الإسرائيلية واللافتات التي حطمتها، إنه عمل غير إنساني».

وسيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة العازلة ومواقع مجاورة في جبل الشيخ وريف دمشق.

رفع العلم الإسرائيلي

وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء الماضي، اجتماعاً أمنياً على جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه زار مع نتنياهو «لأول مرة قمة جبل الشيخ» منذ انتشار القوات الإسرائيلية فيها عقب إطاحة الأسد.

وخلا الطريق الرابط بين دمشق ومحافظة القنيطرة من أي وجود عسكري لفصائل معارضة، وبدت كل الحواجز والمقرات الأمنية السابقة خالية من عناصرها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت القوات الحكومية قد أخلت تباعاً كل مواقعها في جنوب سوريا، عشية تقدم الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» إلى دمشق وإسقاط الأسد.

وانكفأ سكان بلدات القنيطرة داخل منازلهم، واكتفى بعضهم بالوقوف على الأبواب مراقبين انتشار القوات الإسرائيلية بين أحيائهم وفي شوارعهم، بينما رفع جنود إسرائيليون العلم الإسرائيلي على عدد من التلال القريبة المشرفة على القنيطرة.

وعلى مشارف قرية الحميدية المجاورة لمدينة البعث، يقف ياسين العلي (43 عاماً) وإلى جانبه أطفال يلعبون على دراجة هوائية. ويقول ابن مدينة البعث: «نحن على بعد أقل من 400 متر من الدبابات الإسرائيلية (...) والأطفال هنا خائفون من التوغل الإسرائيلي».

ونزح سكان جراء تقدم القوات الإسرائيلية من عدد من البلدات السورية الحدودية مع إسرائيل. ويتابع العلي: «نناشد حكومة الإنقاذ والمجتمع الدولي أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه هذا التوغل الذي حدث خلال أسبوع».

«انتهاك» لفض الاشتباك

واعتبرت الأمم المتحدة أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة يشكِّل «انتهاكاً» لاتفاق فض الاشتباك العائد إلى عام 1974. وأعرب أمينها العام أنطونيو غوتيريش هذا الأسبوع عن «قلقه البالغ» حيال «الانتهاكات الكبيرة» لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنَّت إسرائيل مئات الضربات الجوية على مواقع عسكرية للجيش السوري، وأخرى لمجموعات موالية لطهران بينها «حزب الله» اللبناني الذي كان يحتفظ بمقرات ومخازن؛ ولا سيما في المنطقة الحدودية مع لبنان.

جنود إسرائيليون يقفون على مركبة مدرعة قبل عبور السياج الأمني متجهين نحو المنطقة العازلة بالقرب مما يسمى «الخط ألفا» الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا في بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وطالب القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الثلاثاء، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الغارات والتوغل الإسرائيلي «على التراب السوري»، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده لن تكون منطلقاً لأي «عداء» تجاه أيٍّ من دول الإقليم.

وكان قائد الإدارة السياسية الجديدة في دمشق، أحمد الشرع، قد ندَّد بتوغل القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد. وقال إن «الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة». وأكد في الوقت ذاته أن الوضع الراهن «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

في مدينة البعث، يبدي العلي تخوفه من «قضم» إسرائيل للمنطقة بكاملها. ويقول: «ما يجري يستحق وقفة من السوريين الذين يحتفلون في ساحة الأمويين... بأن يأتوا إلى هنا ويقفوا بصدور عارية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي».