نيجرفان بارزاني: مباحثات أربيل وبغداد لا تتوافق مع التوقعات

السوداني يسعى لإقناع الفصائل المسلحة بوقف الاعتداءات

صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجرفان بارزاني والسفير الإيراني في أربيل أمس
صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجرفان بارزاني والسفير الإيراني في أربيل أمس
TT

نيجرفان بارزاني: مباحثات أربيل وبغداد لا تتوافق مع التوقعات

صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجرفان بارزاني والسفير الإيراني في أربيل أمس
صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجرفان بارزاني والسفير الإيراني في أربيل أمس

أكد رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، أن الفشل في تطبيق الدستور والفيدرالية كان دائماً سبباً في زعزعة استقرار العراق. وقال بارزاني في كلمة له أمام المنتدى الرابع للسلام والأمن في الشرق الأوسط، الذي أقيم بمدينة دهوك بإقليم كردستان يوم الاثنين، إنه «كان من الممكن أن تكون السنوات العشرون من استقلال العراق أفضل بكثير لو تم تنفيذ الدستور والنظام الفيدرالي في العراق».

وأضاف أن «الفشل في تطبيق الدستور والفيدرالية كان دائماً سبباً في زعزعة استقرار العراق، وأن الحل بالنسبة للعراق هو العودة إلى مبادئ الشراكة والتسوية والتوازن التي يقوم عليها العراق الجديد. ويجب على النخبة السياسية العراقية أن تعود إلى هذا المسار». وأكد بارزاني أيضاً أن «نتائج المحادثات بين أربيل وبغداد لا تتوافق مع توقعات إقليم كردستان، لكننا نعتقد أن استمرار المحادثات هو القوة الوحيدة الصحيحة، لن نستسلم وسنواصل إيجاد الحلول لجميع المشاكل». وأوضح أن «العراق قائم على التوافق، لذا تجب العودة إلى هذا المبدأ الذي على أساسه تم وضع الدستور وبناء العراق الجديد، وإذا تعامل السياسيون بروح الدستور فإنهم سيصلون إلى حلول جميع مشاكل العراق».

وبشأن إشكالية رواتب موظفي الإقليم، أكد بارزاني أن «موظفي الإقليم يعيشون في ظروف اقتصادية سيئة، فيجب حل المشاكل الاقتصادية بين بغداد وأربيل، كما يجب وضع حلول سريعة وجذرية لما يعانيه مواطنو كردستان».

السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجرفان بارزاني أثناء مراسم افتتاح الصرح التذكاري (أ.ف.ب)

دستور أم قائمة طعام؟

في سياق متصل، أكد مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم خلال كلمته بالمؤتمر، أن الشرق الأوسط يشهد تحديات وجودية؛ أبرزها التغيّر المناخي، وفيما حذر من أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وشح المياه والهجرة الجماعية، لفت إلى أن المنطقة تشهد أيضاً تجدداً في العنف، وهو ما يمثل تهديداً للسلام والأمن.

وأكد بارزاني أهمية العمل من أجل إيجاد حلول سلمية للنزاعات في المنطقة، مبيناً أن «القضيتين الفلسطينية والكردية تتطلبان نفس الحقوق والكرامة». كما عبّر عن قلقه من المستجدات الأخيرة في العراق، مؤكداً أن الانتهاكات المتكررة للدستور تهدد الاستقرار وتنذر بعودة الطائفية.

من جانبه، أكد نائب رئيس حكومة الإقليم قوباد طالباني القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في كلمته خلال المؤتمر، أن الابتعاد عن العراق ليس من أولويات القيادات الكردية، فيما وصف الدستور العراقي بأنه أشبه بـ«قائمة طعام». وأضاف طالباني: «ليس من أولوياتنا الابتعاد عن العراق، ويجب أن نعمل بشكل متوازٍ معاً، ووجود دستور كردستان ضروري لحل المشاكل العالقة».

وأكد أن «وجود دستور في كردستان ضروري لتنظيم العمل داخل الإقليم، لكن ذلك لم ينجح مع الحكومة الاتحادية، ولم نحصل على حقوقنا»، مشيراً إلى أن «هناك كثيراً من المشاكل العالقة مع بغداد؛ كملف النفط والغاز وغيره، لكن تنظيم العلاقات مع الحكومة الاتحادية ضروري». وتابع طالباني: «هناك العشرات من الأحزاب السياسية في العراق، ولكل حزب رؤى مختلفة حول النظام الفيدرالي في العراق، كما أن الدستور العراقي أصبح مثل قائمة تقديم الطعام بالمطاعم».

السوداني في اجتماع سابق لـ«الإطار التنسيقي الشيعي» ببغداد (رئاسة الوزراء العراقية)

السوداني يحاول

من جهته، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن الحكومة العراقية تعمل على وقف شامل لإطلاق النار في غزة، وليس هدنة، كما تعمل على إدخال المساعدات المستمرة لسكان غزة. وأكد في الوقت نفسه، على مخاطر عمليات الفصائل المسلحة بالعراق، على قوات التحالف الدولي.

وقال حسين في كلمة له خلال مشاركته بالمنتدى: «هناك سيناريوهات مختلفة تدور في الحرب الحالية، في البدء فإن سياستنا في الحكومة العراقية العمل على تأسيس دولة فلسطينية، وطرح السوداني في محافل مختلفة، مسألة إعادة إعمار غزة».

وأضاف أن «هناك اتجاهات مختلفة في الساحة السياسية العراقية تتعلق بسياسة الأحزاب المختلفة، هناك اتجاهات تدعو إلى ربط وجود التحالف والمستشارين في الساحة العراقية بالحرب مع غزة، وهناك اتجاهات أخرى ترى أن هذه المسألة عراقية، تؤدي لمشاكل كثيرة في الواقع العراقي ومن ضمنها كردستان، لذا فإن الحكومة العراقية تسعى جاهدة سواء مع الجوار العراقي أو الدول الإسلامية والأوروبية، لتواصل مستمر مع صانعي القرار، خصوصاً في واشنطن، للتأثير والضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة».

عناصر من «حركة النجباء» الشيعية العراقية خلال تجمع في بغداد 8 أكتوبر الماضي نصرةً لغزة (أ.ف.ب)

وأوضح حسين أنه «من المعلوم أن بعض الدول تريد تحجيم رقعة الحرب، إسرائيل تسعى لذلك، وتحديدها مع غزة، وهذا توجه واشنطن، لكن هناك سياسات في المنطقة، تسعى لاستمرارية الحرب وليس توسيعها، أي اتخاذ حرب دائمة ولكن من دون توسيع، أي حرب استنزاف، وهذا الأمر سيؤثر على الداخل العراقي، وعلى العلاقات المكوناتية، لذا فالجهد والعمل لوقف الحرب سيستمر».

ولفت وزير الخارجية العراقي إلى أن «الحكومة العراقية، خصوصاً السوداني، تسعى لإقناع الفصائل التي تؤمن بأن هناك ربطاً بين الوجود الأجنبي في العراق والحرب على غزة، من أن بعض العمليات ليست في صالح الاستقرار في العراق، ولا في صالح الوضع الأمني في العراق، وهناك مخاطر كبيرة». وأضاف: «إذا استمرت هذه العمليات، وكان هناك ضحايا، فالسؤال المطروح: ماذا يكون رد فعل الآخرين، خصوصاً قوات التحالف، من الناحية العسكرية والأمنية، وستكون لها تبعات سياسية واقتصادية؟».


مقالات ذات صلة

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون في قاعدة عين الأسد (أرشيفية - الجيش الأميركي)

فصائل مسلحة تنهي الهدنة مع الأميركيين في العراق

استأنفت فصائل موالية لإيران هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، بعد أيام من اتفاق أمني شمل تعهد بغداد بحماية المستشارين والقوافل الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن، وإعلانه أمام الكونغرس الأميركي أن حكومته عازمة على إنهاء التهديدات الأمنية التي يمثلها «حزب الله» على الجبهة الشمالية، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة، وهو يَعِد قبل هذه المناورة بتنفيذ عملية جوية قوية في لبنان».

ورغم اختلاف التفسيرات حول أبعاد هذه المناورة وتوقيتها، فإنها أجمعت على أن تل أبيب ماضية بخطط الهجوم الواسع على لبنان، ما لم يخضع «حزب الله» لشرط الانسحاب من منطقة جنوب الليطاني. وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، قراءته لهذه المناورة، مشيراً إلى أن «ثلاث وحدات عسكرية جديدة انتقلت في الأسابيع الماضية إلى الجبهة الشمالية ووُضعت بحال استنفار استعداداً لعملية عسكرية كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوحدات «بحاجة إلى التدريب على العمل مع بعضها وتوزيع المهام على الجبهة». وقال: «عندما يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقوم بمناورة فيمكن أن تكون مجرّد تمرين، لكن يمكن أن تمهّد لهجوم عسكري يحمل عنصر المفاجأة ونصبح أمام عملية كبيرة على الأرض»، مذكراً بأنه «منذ انتهاء حرب تموز في عام 2006، وإسرائيل تستعدّ لحرب جديدة وطويلة مع (حزب الله)، لكن هذه الحرب تحتاج إلى اجتماع ثلاثة مقومات: الأول الاستعداد اللوجستي والثاني العسكري والأمني والثالث الاستعداد السياسي، وأكثر ما نخشاه أن تكون إسرائيل أنجزت الاستعداد السياسي بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن».

وسبق الإعلان عن هذه المناورة، زيارة قام بها قائد الجبهة الشمالية إلى الحدود مع لبنان، حيث ذكّر بأن الغارة على ميناء الحديدة في اليمن وتدميره، هي رسالة واضحة إلى إيران و«حزب الله» بأن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على أن يطال كل الأهداف. ولفت العميد خليل الحلو إلى أن إسرائيل «عازمة على إبعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية بأي ثمن، بما في ذلك العمل العسكري الذي يضعه نتنياهو على الطاولة، والذي أكد عليه في كلمته أمام الكونغرس الأميركي»، لافتاً إلى أنه «رغم الاستعدادات للوحدات البرية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي يلعب دوراً حاسماً في الحرب».

الإعلان عن هذه المناورة، يأتي بعد أقلّ من شهرين على مناورة كبيرة وواسعة أجراها الجيش الإسرائيلي في 28 مايو (أيار) الماضي، لاختبار مدى استعداد قواته وأجهزته لنشوب حرب شاملة على الجبهة الشمالية للبلاد، وقالت هيئة البث الإسرائيلية حينها، إنّ المناورة «نُفذت بشكل مفاجئ؛ إذ إن الهدف منها تعزيز جاهزية الجيش الإسرائيلي، لمختلف السيناريوهات على الجبهة الشمالية مع لبنان».

ووضع مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، المناورة الجديدة في سياق «الضغط على لبنان، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع كبار القادة في الإدارة الأميركية ولدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي». وأكد نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تل أبيب مصرّة على إزالة التهديد على الجبهة الشمالية سواء بالعمل الدبلوماسي أو بالخيار العسكري الذي استكملت الاستعدادات له، في حين يصرّ (حزب الله) على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ أي قبل عملية (طوفان الأقصى)، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي ذاهب باتجاه تنفيذ تهديدات نتنياهو بخلاف ما يُحكى عن خلاف ما بين رئيس الحكومة والقيادة العسكرية».

ورغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الإدارة الأميركية ودول القرار، لمنع فتح جبهات جديدة خصوصاً مع لبنان، يشدد الدكتور سامي نادر على أن إسرائيل «مصممة على تغيير قواعد الاشتباك، وما زاد من هذا الإصرار ما كشفه (حزب الله) في الأيام والأسابيع الأخيرة عن بناء قدرات جوية كبيرة تهدد أمن إسرائيل، وإن كانت هذه القدرات لا تقاس بما تمتلكه تلّ أبيب من سلاح نوعي وكمّي لا يقارن بما لدى الحزب وكل محور الممانعة».