إسرائيل تقتحم مستشفى الشفاء وتفجّر مقر «التشريعي» في غزة

نتنياهو يقول: «سنصل إليهم في كل مكان»... والأردن يعلن إصابة 7 من أفراد طاقم المستشفى الميداني

جنود إسرائيليون في باحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ب)
جنود إسرائيليون في باحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ب)
TT

إسرائيل تقتحم مستشفى الشفاء وتفجّر مقر «التشريعي» في غزة

جنود إسرائيليون في باحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ب)
جنود إسرائيليون في باحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ب)

اقتحم الجيش الإسرائيلي، في اليوم الـ40 للحرب على قطاع غزة، مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، الذي جعلته إسرائيل هدفاً لقواتها منذ اليوم الأول للعدوان، بوصفه مركزاً للقيادة والسيطرة لـ«حماس»، وفجّر مبنى المجلس التشريعي في قطاع غزة، في خطوتين لهما دلالات رمزية بالنسبة إلى إسرائيل. ومساء أمس، أعلن الجيش الأردني إصابة 7 من أفراد طاقم المستشفى الميداني الأردني بغزة، مؤكداً أن إسرائيل تتحمل مسؤولية توفير الحماية اللازمة للمستشفى وكوادره.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد اقتحام مستشفى الشفاء، أنه لا يوجد مكان في غزة «لن نصل إليه». وخاطب نتنياهو جنوده خلال زيارته قاعدة عسكرية في منطقة زيكيم في غلاف قطاع غزة: «هل تتذكرون عندما قيل لنا إننا لن نقتحم غزة؟ لقد اقتحمناها، وقالوا إننا لن نصل إلى ضواحي مدينة غزة، فوصلنا، وقالوا إننا لن ندخل إلى الشفاء، لكننا دخلنا، وبهذه الروح نقول شيئاً واضحاً: لا يوجد مكان في غزة لن نصل إليه، لا يوجد مخبأ ولا ملجأ لقتلة (حماس). سنصل ونقضي على (حماس) ونعيد مختطفينا. إنهما مهمتان مقدستان».

جانب من عمليات الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة الأربعاء (الجيش الإسرائيلي - أ.ب)

واقتحم الجيش الإسرائيلي ساحات «الشفاء» بعد معارك ضارية في محيطه وإحكامه حصار المجمع الذي أصرت إسرائيل على أنه يحوي أسفله مقر قيادة «حماس»، وهي رواية تبنتها الولايات المتحدة كذلك. وهدّد الجنود الإسرائيليون جميع الشبان فوق 16 عاماً من أجل الخروج من أقسام المستشفى، وتسليم أنفسهم، ثم أخضعوا مئات منهم لتحقيقات ميدانية، قبل أن يقتحموا أقسام المستشفى ويحققوا مع الكوادر الطبية والمرضى، ثم ينتقلوا إلى أقسام المجمع السفلية في عملية واسعة استمرت طيلة يوم الأربعاء.

وقال شهود عيان في المستشفى إن مئات الأشخاص خرجوا في بداية الاقتحام إلى ساحته يرفعون أياديهم في الهواء، وطُلب من بعضهم خلع ملابسهم.

وأكد مدير مجمع الشفاء محمد أبو سلمية أن القوات الإسرائيلية اقتحمت جميع أقسام المستشفى وسيطرت عليه بالكامل.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن قوات الجيش دخلت إلى المجمع للعمل «بشكل مستهدف في جزء من منطقة مستشفى الشفاء، حيث تقوم بمسح البنية التحتية والوسائل الإرهابية لمنظمة (حماس) الإرهابية».

وحتى مساء الخميس، لم يكن الجيش الإسرائيلي قد اكتشف أي مقار قيادية، وهي المهمة الأولى له، لكن كبير مستشاري رئيس الوزراء مارك ريغيف، قال إن قوات الجيش عثرت على أسلحة داخل مجمع الشفاء الطبي في غزة ثم نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول عسكري قوله إن قوات الجيش «وجدت أدلة ملموسة على استخدام مستشفى الشفاء مقراً لحركة (حماس)، وفي الساعات المقبلة سنعرض بعضاً من هذه الأدلة على الجمهور».

دمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة الأربعاء (أ.ب)

ونفت «حماس»، في بيان، «زعم الاحتلال عثوره على أسلحة وعتاد في مجمع الشفاء الطبي» وقالت إن ذلك ما هو «إلا استمرار للكذب والدعاية الرخيصة، التي يحاول من خلالها إعطاء مبرر لجريمته الرامية لتدمير القطاع الصحي في غزة، وهي نفسها الدعاية التافهة التي ساقها أثناء اقتحامه لمستشفى الرنتيسي للأطفال؛ حيث يقوم الاحتلال بوضع أسلحة في المكان ونسج مسرحية هزيلة لم تعد تنطلي على أحد».

كما لم يكتشف الجيش الإسرائيلي وجود أسرى ومختطفين في المستشفى.

قنبلة ضوئية فوق بيت حانون بشمال قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه رغم وجود معلومات استخباراتية بشأن وجود أسرى ومحتجزين إسرائيليين في مجمع الشفاء الطبي، فإن قوات الجيش التي اقتحمت المجمع فجراً لم تعثر على أي منهم.

وعقّب مسؤول إسرائيلي كبير بقوله إن الدخول إلى مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة هو خطوة رمزية للتأكيد على أن إسرائيل ستدخل إلى كل مكان في قطاع غزة.

وأضاف المسؤول، بحسب هيئة البث الإسرائيلية: «(الشفاء) هو أولاً وقبل كل شيء رمز للتأكيد على أنه لا يوجد مكان لن نصل إليه». وأضاف: «لم نكن نعتقد أننا سنجد رهائن، لكننا بالتأكيد سنحدد مواقع حماس (هناك) ونفككها». وتابع: «سنوسع عملياتنا في (الشفاء) بحسب الحاجة».

والتركيز على «انتصارات» رمزية، شغل المسؤولين الإسرائيليين وقيادة الجيش كذلك.

فلسطينيون يمشون في شارع غمرته مياه الأمطار بمخيم مؤقت أقامته الأمم المتحدة للنازحين في مدينة خان يونس الأربعاء (إ.ب.أ)

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن العملية العسكرية في قطاع غزة ستتواصل حتى إسقاط حُكم «حماس» وإعادة المخطوفين. وقال عضو مجلس الحرب، الوزير بيني غانتس، إن يحيى السنوار، القيادي الكبير في «حماس»، يُدرك الآن أنه لا يخسر المعارك فحسب، وإنما يخسر الحرب، مضيفاً: «من ظن أنه سيفكك المجتمع الإسرائيلي يقوم فعلاً بتفكيك حماس».

وأعلن أوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن قوات الجيش «فجّرت مبنى المجلس التشريعي الحمساوي في قطاع غزة» و«احتلت موقع فلسطين الحمساوي في قطاع غزة الذي كان قاعدة كبيرة للتدريب ولإطلاق العمليات الإرهابية».

ونشر جندلمان فيديوهات للتفجيرات والاقتحامات وصوراً كذلك.

وأكد الجيش الإسرائيلي سيطرته على مبانٍ حكومية عدة في مدينة غزة. وقال إنه داهم معسكر تدريبات لـ«حماس» في شمال القطاع، حيث «تم العثور في داخله على فتحات أنفاق وعشرات الوسائل القتالية من أنواع مختلفة، من بينها قذائف صاروخية وقاذفات (آر بي جي) ومواد استخبارية».

اليوم الـ40 للحرب في غزة

ولوحظ أن الجيش الإسرائيلي دأب على نشر صور لجنوده في المواقع الأهم في غزة، مثل المجلس التشريعي ومكاتب المسؤولين ومواقع أمنية وفي شوارع القطاع وعلى شط البحر؛ حيث كانوا يرفعون الأعلام الإسرائيلية، في أسلوب يرمز إلى التحكم والسيطرة.

واحتوت فيديوهات على مشاهد للجنود وهم يغنون النشيد الإسرائيلي أو يؤدون صلوات يهودية في غزة.

ومنذ بداية الحرب تبحث إسرائيل عن صورة نصر تعيد لجيشها هيبته التي تبدّدت في هجوم «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقتلت إسرائيل في غزة 11500 فلسطيني على الأقل، وجرحت نحو 30 ألفاً، وخلّفت دماراً هائلاً وغير مسبوق طال أحياء سكنية كاملة وأبراجاً ومساكن وجامعات ومستشفيات ومدارس ومقارّ أمنية وحكومية وبنى تحتية.

وقصفت إسرائيل مزيداً من المباني والمساجد يوم الأربعاء، وقتلت مزيداً من الفلسطينيين في مناطق مختلفة بينها دير البلح والنصيرات وخان يونس وبيت لاهيا.

ولأول مرة منذ بدء عدوان الاحتلال على غزة في السابع من الشهر الماضي، دخلت شاحنة وقود من مصر إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح الحدودي، مخصصة للأمم المتحدة، ومتعلقة بتسهيل دخول المساعدات بعد توقف شاحناتها في الجانب الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي: توصلنا لاتفاق ولم يتبق سوى تفاصيل فنية قليلة

العالم العربي أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ)

مسؤول إسرائيلي: توصلنا لاتفاق ولم يتبق سوى تفاصيل فنية قليلة

نقلت صحيفة هآرتس، اليوم الأربعاء، عن مسؤول إسرائيلي لم تُسمِّه القول إنه جرى التوصل لاتفاق بشأن غزة، وإنه لم يتبق سوى تفاصيل فنية قليلة.

المشرق العربي المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليب لازاريني خلال اجتماع دولي مخصص للشرق الأوسط في أوسلو (أ.ف.ب)

«أونروا» تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل

أكد المفوض العام لوكالة «أونروا»، فيليب لازاريني، أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة لسكان الأراضي الفلسطينية رغم الحظر الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يواصل الضغط على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle 01:49

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

يسعى المفاوضون المجتمِعون، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بقطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

أفادت قناة (الأقصى) الفلسطينية اليوم الأربعاء بأن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثّه فيديوهات تهدّد الحكومة المصرية

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
TT

سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثّه فيديوهات تهدّد الحكومة المصرية

المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)
المصري المقبوض عليه في سوريا أحمد المنصور (إكس)

قال مصدر بوزارة الداخلية السورية ومصدر أمني عربي لوكالة «رويترز»، الأربعاء، إن السلطات الحاكمة الجديدة في سوريا ألقت القبض على المصري أحمد المنصور بعد بثّه تسجيلات مصورة يهدّد فيها الحكومة المصرية.

وكان المنصور أعلن تشكيل ما وصفه بـ«حركة ثوار 25 يناير»/ كانون الثاني.

ووفقاً لوسائل إعلام مصرية، فإن أحمد المنصور انضم إلى جماعات إرهابية قبل فراره إلى سوريا، حيث كان عضواً في «حركة حازمون» التي أسسها حازم صلاح أبو إسماعيل، وشارك في اعتصامَي رابعة العدوية والنهضة في 2013.

وتبرأ عاطف، والد المنصور، من نجله بسبب أفعاله، ونفى مزاعم ردّدها ابنه بأن السلطات المصرية تحتجز أفراد أسرته.

وذكر أن الدولة المصرية «أنفقت مليون جنيه على تعليم شقيق أحمد ليحصل على درجة الماجستير من إيطاليا».

عناصر من «هيئة تحرير الشام» أمام المصرف المركزي السوري في دمشق (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وذكرت المصادر لـ«رويترز» أن السلطات السورية ألقت القبض على المنصور، وهو معتقل حالياً في مركز احتجاز.

وقال المصدر العربي إن «السلطات السورية هي التي ألقت القبض عليه بعدما تلقت الرسالة من الحملة الإعلامية المصرية»، وأضاف: «إنها إشارة إلى القاهرة التي تعدّ هذه القضية مهمة للغاية».

يذكر أن استقبال قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لمحمود فتحي، الذي يعدّ أحد أبرز المطلوبين المصريين في قضايا «إرهاب» بحضور مستشار العلاقات الخارجية في حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، أثار مخاوف مصرية من احتضان سوريا عناصر «الإخوان الهاربين»، في ظل «العلاقة الوطيدة» بين الجماعة «المحظورة» وقادة سوريا الجدد، وكذلك تضييق السلطات التركية على عناصر الجماعة منذ المصالحة مع النظام المصري.

أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) و«المطلوب» المصري الهارب محمود فتحي (صورة متداولة على منصة إكس)

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيلهم عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

وكانت وسائل إعلام مصرية أشارت إلى تعاون فتحي مع نائب المرشد الأول لجماعة الإخوان خيرت الشاطر بين عامي 2012 و2013، عندما كان مسؤولاً عن ملف «التيار السلفي»، كما أسس مع الشاطر ما يسمى «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» للسيطرة على السلفيين ودمجهم مع الجماعة.

وفي عام 2016، كشفت أوراق تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، في واقعة اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، عن تورط فتحي في دعم وتأسيس المجموعة المنفذة للعملية. وأظهرت صحيفة الحالة الجنائية لـفتحي، أنه المسؤول عن تأسيس 9 حركات إرهابية تورطت في تنفيذ عمليات إرهابية.

ويشير حساب فتحي الحالي على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أنه مؤسس «تيار الأمة المصرية» المعارض بالخارج.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حذّر بعد التطورات في سوريا من «الخلايا النائمة»، موضحاً خلال لقائه عدداً من الإعلاميين المصريين، الأحد، أنها أحد التحديات التي تواجه مصر رغم كل الجهد الأمني المبذول. وأكد السيسي أن الشعب المصري هو حصن مصر، مضيفاً: «متقلقوش بفضل الله سبحانه وتعالى، وربنا يحفظها طول ما المصريين على قلب رجل واحد وإيد واحدة مع جيشهم وشرطتهم محدش هيقدر يعمل حاجة».

ودعا وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، في الاجتماع الوزاري العربي الموسع حول سوريا، الذي عُقد بالرياض، إلى تكاتف المجتمع الدولي للحيلولة دون أن تكون سوريا مصدراً لتهديد الاستقرار في المنطقة أو مركزاً للجماعات الإرهابية.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

وكذلك تناول عبد العاطي خلال اتصال هاتفي مع نظيره السوري، أسعد الشيباني، تأكيدات مصرية، أبرزها أن «تكون دمشق مصدر استقرار بالمنطقة، وأن تتسم عملية الانتقال السياسي بالشمولية».

وكان هذا الاتصال هو الأول من نوعه بين القاهرة والإدارة السورية الجديدة.