خصوم الصدر وحلفاؤه السابقون لتمديد عمل مفوضية الانتخابات

غداة دعوته أتباعه لمقاطعة الاقتراع

أنصار مقتدى الصدر يرفعون صورته في مظاهرة ببغداد (رويترز)
أنصار مقتدى الصدر يرفعون صورته في مظاهرة ببغداد (رويترز)
TT

خصوم الصدر وحلفاؤه السابقون لتمديد عمل مفوضية الانتخابات

أنصار مقتدى الصدر يرفعون صورته في مظاهرة ببغداد (رويترز)
أنصار مقتدى الصدر يرفعون صورته في مظاهرة ببغداد (رويترز)

في الوقت الذي أعلنت فيه قوى سياسية مستقلة ومعارضة تأييدها لدعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره لمقاطعة الانتخابات، فإن البرلمان العراقي يمهد لاستمرار عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قبيل 56 يوماً من نهاية دورتها الحالية.

البرلمان العراقي الذي يمثل الغالبية ممن يصنفون بخصوم الصدر، وهم قوى الإطار التنسيقي الشيعي، فضلاً عن حليفي الصدر السابقين «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، و«السيادة السني» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورجل الأعمال خميس الخنجر، فإن هذه التركيبة بات يطلق عليها (ائتلاف إدارة الدولة) الذي يضم أيضاً قوى كردية وأخرى سنية. وحيث تمثل هذه القوى بحدود 280 نائباً من أصل عدد أعضاء البرلمان العراقي البالغ عددهم 329 نائباً، فإنه حتى من تبقى من أعضاء البرلمان سواء من المستقلين أو بعض ممثلي الحراك الشعبي ممن يصنفون من التشرينيين، فإنهم هم أيضاً يستعدون لخوض الانتخابات المحلية في وقت كان بعضهم متحالفاً في مرحلة من المراحل مع التيار الصدري خصوصاً أيام الاحتجاجات خلال انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

إعلان البرلمان عن عقد جلسة اليوم بعد غياب عن عقد جلسات طوال شهر تقريباً، رغم أحداث غزة ومطالبة الصدر نفسه البرلمان باتخاذ قرار بغلق السفارة الأميركية، يؤكد من وجهة نظر المراقبين السياسيين رغبة كل القوى السياسية ما عدا الصدريين وقسم من قوى الرفض، بإجراء الانتخابات المحلية في موعدها المقرر نهاية الشهر المقبل. الدعايات الانتخابية التي باتت تعرف عن نفسها من خلال اللافتات والملصقات وتحركات المرشحين في مختلف المحافظات مع ضخ أموال طائلة ومحاذير من إمكانية استخدام أموال الدولة، تعزز اهتمام تلك القوى من مختلف المكونات بتلك الانتخابات التي من شأنها تغيير الخريطة السياسية، وتحديد أوزان الكتل للانتخابات البرلمانية المقبلة.

صرّح عضو اللجنة القانونية النيابية في البرلمان، أحمد فواز، بأن ائتلاف إدارة الدولة الذي يضم الكتل السياسية المُشكِّلة للحكومة الاتحادية الحالية، اتفق على تمديد عمل مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق من أجل المضي بالاقتراع للانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في نهاية عام 2023.

مؤيدون ومعترضون

وبين من أيّد دعوة زعيم التيار الصدري بمقاطعة الانتخابات ومَن عارضها، اتخذ الائتلاف الأكبر في البرلمان (إدارة الدولة) قراراً بتمديد عمل المفوضية، وهو بمثابة إصرار على المضي في الانتخابات، وتحد واضح لدعوة الصدر إلى المقاطعة. غير أن الاختلاف بين دعوات القوى السياسية المعارضة بعدم المشاركة في الانتخابات تختلف كلياً عن دعوة الصدر لأكثر من سبب طبقاً لما يدور من توقعات وتكهنات في الغرف السياسية. ففي الوقت الذي لا يملك فيه العديد من القوى المعارضة التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات الوزن الجماهيري الذي لم يمكن أن يخل بالتوازن أو يقدح بشرعية الانتخابات، فإن مقاطعة التيار الصدري تعني إخلالاً بالتوازن لا سيما في المناطق ذات الغالبية الشيعية، فضلاً عن القدح في شرعيتها بسبب العزوف الكبير نتيجة هذه الدعوة. لكن القوى المؤيدة تستند إلى ما تسميه الشرعية الدستورية لجهة إجراء الانتخابات في موعدها، ما دام منصوصاً عليها بالدستور، وبالتالي لا يجوز التعامل بالعكس إلا بتعديل الدستور. كما أن هذه القوى لا ترى في مقاطعة الجمهور إخلالاً بأي مشروعية شعبية، ما دام أن ذلك جزء من قواعد اللعبة الديمقراطية.

في هذا السياق، أعلن ائتلاف إدارة الدولة أنه اتفق على تمديد عمل مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات. وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي أحمد فواز، في تصريح صحافي، الثلاثاء، إنه «بعد الانتهاء من القراءة الأولى للقانون ستتم القراءة الثانية، والتصويت على تعديل الفقرة المتعلقة بمجلس المفوضين بمقترح قانون تعديل قانون المفوضية خلال الأيام المقبلة»، مبيناً أن «هذا التمديد سيعطي الشرعية للمفوضية بإجراء انتخابات مجالس المحافظات، وبرلمان كردستان وما يتبعه من إعلان للنتائج وفترة الطعون». كما أشار فواز إلى أن «التعديل يتضمن مادة واحدة فقط، وهي تمديد ولاية أعضاء مجلس المفوضين لمدة لا تزيد على ستة أشهر لمرة واحدة، وذلك لغرض منح الصلاحية للمجلس من أجل استكمال أعماله بعد قرب انتهاء ولايته». ومضى فواز قائلاً إن «ائتلاف إدارة الدولة وجميع الكتل السياسية متفقة على إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد، ولا يوجد أي تأجيل أو تغيير في الموعد».


مقالات ذات صلة

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

المشرق العربي صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي (الاثنين) من بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية، ستتم مناقشة الموضوع في جلسة سرية.

حمزة مصطفى (بغداد )
المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.