انتقل القتال بين مقاتلي كتائب القسام والجيش الإسرائيلي إلى داخل مدينة غزة، بعد تقدم الجيش من جهة الجنوب إلى مجمع «أنصار» الحكومي الذي يضم مكاتب مقرات أمنية تابعة لحركة «حماس»، في خطوة أخرى تقربه من مستشفى الشفاء، الذي يقول إن قيادة القسام اتخذت من مكاتب شيدت أسفله مقراً رئيسياً لها.
وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن اشتباكات عنيفة لا تتوقف تدور في كل محاور التوغل الإسرائيلي شمالاً وجنوباً، بما في ذلك في محيط «مجمع أنصار» الحكومي، وهو مجمع يضم مكاتب الداخلية ومقرات أجهزة أمنية، بما في ذلك المخابرات والاستخبارات وقوات الأمن الوطني في حكومة «حماس».
وتوغلت القوات الإسرائيلية نحو المجمع من جهة الجنوب، وقال الناطق باسم الجيش، دانيال هاغاري، إن قوات المشاة والمدرعات والهندسة التابعة للفرقة 162، والقوات الخاصة، سيطرت على مجمع «أنصار» الحكومي التابع لـ«حماس» في قلب مدينة غزة، بالقرب من مستشفى الشفاء.
وأكد هاغاري، أن قواته «طهرت» المجمع الذي يعد «قلب النشاط الاستخباراتي والعملياتي» لـ«حماس»، بما في ذلك بنية تحتية واسعة تحت الأرض.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في اليوم الـ34 للحرب، أنه قتل إبراهيم أبو مغصيب قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في مخيمات الوسطى في «حماس»، وقتل 50 مسلحاً في منطقة مجمع أنصار خلال قتال عنيف.
وجاء إعلان السيطرة على مجمع أنصار الحكومي، فيما تم الإعلان كذلك أنه تمت السيطرة على موقع «الـ17» شمال غربي جباليا شمالاً بعد 10 ساعات من القتال الصعب.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن قوات لواء المشاة «ناحال» اشتبكت مع نشطاء «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في معقل «حماس» غرب جباليا، المعروف باسم «الموقع 17»، من أتوا «فوق الأرض وفي طريق تحت الأرض في المنطقة»، وإن العشرات من المسلحين قُتلوا في مسار المعركة.
ووفق الجيش، فإنه عثر على خطط قتالية وأسلحة ومداخل أنفاق، يقع أحدها إلى «مسار واسع تحت الأرض».
وداخل حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، قال الجيش إن القوات عثرت أيضاً على مصنع للطائرات المسيرة تابع لـ«حماس» ومخزن للأسلحة.
وشارك الجيش الإسرائيلي مقطع فيديو يظهر القوات خلال عثورها على عدد من الطائرات المسيرة في المبنى، بالإضافة إلى المعدات المستخدمة لتصنيعها، وتعليمات لتصنيع العبوات الناسفة.
وتريد إسرائيل بحسب مسار قواتها، الوصول إلى مستشفى الشفاء، وهو الهدف الرئيسي للهجوم على مدينة غزة، على الأقل في هذه المرحلة.
وبحسب شهود عيان، يدور قتال بعيد عن المستشفى حوالي كيلومتر واحد فقط. وأغلب الظن أن إسرائيل تريد إثبات أن قيادة «حماس» كانت تتخذ من أسفل المستشفى مقراً مركزياً لها، حتى لو لم تجد أحدا هناك، وربما تعتقد أن الأسرى والمخطوفين وضعوا في غرف تحت المشفى.
ونفت «حماس» الاتهامات الإسرائيلية، وقالت الخميس، إنها تواصل التصدي للقوات المتوغلة، وتوقع فيها مزيداً من الخسائر.
وأكدت كتائب القسام التابعة لـ«حماس»، أنها فجرت دبابات وآليات في مواقع اشتباك كثيرة، وأوقعت خسائر في صفوف العدو، وأوقعت «قوة راجلة صهيونية في كمين محكم في جحر الديك»، وأجهزت عليهم من مسافة صفر، وقصفت أسدود ورعيم في غلاف غزة بالصواريخ.
وأقر الجيش الإسرائيلي بتكبده خسائر إضافية، وقال إن الرائد إلياهو بنيامين المكايس، سقط في معركة غزة، وبمقتله يرتفع عدد الجنود الإسرائيليين القتلى منذ بدء العملية البرية إلى 35، كما أصيب آخرون في المعارك.
وبشكل عام ارتفع عدد قتلى الجيش منذ هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى 352 جندياً.
وفيما احتدم القتال في قلب غزة، واصل الجيش الإسرائيلي قصف مناطق واسعة بما في ذلك الطريق المؤدية لمستشفى الشفاء وفي محيطه أكثر من مرة.
ودمّر الطيران الإسرائيلي منازل وبنايات ومرافق خاصة وعامة، برا وبحرا وجوا، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وبلدة بني سهيلا شرق خان يونس جنوب القطاع، وساحة الشوا بمدينة غزة، وحي التفاح شرق مدينة غزة، وحي الصبرة جنوب مدينة غزة.
وأعلن الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، ارتفاع عدد ضحايا الحرب على غزة إلى «10812 شهيداً بينهم 4412 طفلاً و2918 امرأة و667 مسناً و26905 مصابين، منذ بدء الحرب».
كما أعلن «توقف مستشفى العيون ومستشفى الصحة النفسية وكل الخدمات الطبية الخاصة بالأطفال»، عن العمل نهائياً، وأكد أن «العد التنازلي بدأ لوقف الخدمة بالمستشفى الإندونيسي ومستشفيات أخرى خلال 24 ساعة».
آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمنازل تعود لعائلتي أبو خاطر وأبو حماد، في بني سهيلا شرق خانيونس.نتج عنه ارتقاء 5 شهداء واصابات وما زال هناك مفقودين تحت الركام. pic.twitter.com/DofEDiAP1n
— سلامة معروف salamamaroof (@salama1977) November 9, 2023
وأطلق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، نداء استغاثة لإنقاذ سكان القطاع. وقال في بيان: «نداء استغاثة... أنقذوا غزة قبل فوات الأوان».
وأكّد وصول «الواقع الإنساني في قطاع غزة لدرجة غير مسبوقة من السوء، بلغت على حد اعتباره منطقة منكوبة بالكامل».
وشدّد على أن ذلك يأتي «نظرا لجريمة التجويع الجماعي التي يمارسها هذا الاحتلال النازي ضد شعبنا، جنبا إلى جنب مع حرب الإبادة والتطهير العرقي».
وتابع: «هذا النداء قد يكون الأخير قبل انهيار القطاعات الخدماتية بشكل كامل، كون الساعات القليلة القادمة حاسمة على صعيد توقف المنظومة الطبية تماماً، وبعد توقف شبه كامل لمنظومة العمل الخدماتي على صعيد قدرة البلديات بتزويد المواطنين بالمياه وفتح الشوارع المغلقة أو ترحيل النفايات».
ولا تستجيب إسرائيل التي قسمت قطاع غزة إلى نصفين شمالي وجنوبي، وتعد منطقة الشمال منطقة قتال، لأي نداءات دولية وعربية ومحلية متعلقة بإدخال مساعدات للسكان في الشمال، لأنها تريد منهم النزوح جنوباً.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، على منصة «إكس»، الخميس، إن إسرائيل تفتح مرة أخرى شارع صلاح الدين لحركة المرور جنوباً بين الساعة 10 صباحا و4 مساء، داعياً سكان الشمال للاستفادة من هذه النافذة.