العراق يسعى للنأي بنفسه عن الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية

غداة زيارة الوزير الأميركي لبغداد والعراقي لطهران

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران (رويترز)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران (رويترز)
TT

العراق يسعى للنأي بنفسه عن الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران (رويترز)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يستقبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران (رويترز)

غداة زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بغداد، ولقائه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وسفر الأخير في اليوم التالي إلى طهران ولقائه كبار القادة الإيرانيين، وفي مقدمتهم المرشد علي خامنئي، يبدو العراق ليس بعيداً جداً عن الحرب الدائرة في فلسطين، إن لم يكن على وشك الوقوع في أتونها، إذا لم تتمكن القيادة السياسية من النأي بالبلاد بعيداً عن شرور الحرب وأهوالها، خصوصاً أنها تتوفر على جماعات وفصائل مسلحة غير قليلة تناهض واشنطن وتحملها مسؤولية الحرب هناك، وسط هجمات صاروخية عديدة على قواعدها العسكرية في العراق وسوريا، وهي جماعات ترتبط بما يسمى «محور المقاومة الذي تقوده طهران».

من هنا فإن ربط المراقبين بين زيارتي الوزير الأميركي إلى بغداد، ورئيس الوزراء العراقي إلى طهران، يبدو منطقياً وتدعمه الحقائق على الأرض.

وبعيداً عن الانتقادات التي يوجهها معارضو الحكومة من أنها «ناقلة رسالة وحسب»، لا يستبعد مصدر مقرب من حكومة السوداني، الربط بين الزيارتين، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة تواجه ظروفاً صعبة هذه الأيام طرحتها الحرب في غزة، وهو يسعى بكل جهد للسير على طريق عدم تورط بلاده في هذه الحرب».

ويضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «موقف السوداني ضد الحرب وداعم للقضية الفلسطينية، وهذا أمر معلن، لكنه يواجه ضغوطاً هائلة نتيجة التحركات والمواقف المتشددة التي تتخذها بعض الفصائل المسلحة ضد قواعد ومصالح الولايات الأميركية في العراق».

أما الباحث والمحلل السياسي نزار حيدر، فيعتقد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الزيارة الخاطفة للوزير بلينكن إلى بغداد جاءت لتذكير العراق، أولاً بـ«التزاماته في حماية المنشآت الأجنبية بكل أشكالها، خصوصاً القوات العسكرية بكل عناوينها وتسمياتها، التي أكد الطرفان أن وجودها مبني على دعوة من الحكومة العراقية».

والتذكير ثانياً والكلام لحيدر، بأنه «إذا عجزت بغداد عن تنفيذ التزاماتها بهذا الصدد وانفلتت الأمور من يدها، وواصلت الفصائل المسلحة استهدافها القوات، فإن الولايات المتحدة ستدافع عن نفسها بكل السبل، وهو ما فسره البعض بأنه تذكير لبغداد بعملية المطار عام 2020»، في إشارة إلى مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بقصف أميركي قرب مطار بغداد.

ويضيف: «في الوقت نفسه، فإن الوزير وجه رسالته مباشرة إلى الفصائل المسلحة، وهو في بغداد، سواء برمزية ارتدائه القميص الواقي من الرصاص أو بالمؤتمر الصحافي الذي عقده في سفارة بلاده ببغداد».

أما بالنسبة إلى زيارة السوداني لطهران، فيرى نزار أن «الغرض منها إقناع طهران بعدم زج العراق بأي نوع من أنواع التصعيد والمواجهة مع الولايات المتحدة، من خلال تحريك وكلائها لتنفيذ الهجمات المسلحة على مقار ومنشآت القوات الأجنبية في العراق».

ويتابع: «يبدو لي أن تغريدة المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم، وقوله إن بإمكان العراق أن يمارس ضغوطاً سياسية على الولايات المتحدة الأميركية لوقف جرائم الكيان الصهيوني في غزة، تفهّم إيراني استباقي للموقف العراقي من التصعيد المحتمل، ولا أستبعد أن السوداني يحمل رسالة تحذير مكررة من واشنطن إلى طهران».

وفي السياق ذاته، يقول مدير «المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية» الدكتور غازي فيصل، إن «تعرض القواعد الأميركية في العراق لقصف الفصائل المرتبطة بالمحور الذي تقوده طهران، وصدور بيانات عدة من هذه الفصائل وإعلانها الحرب على الوجود والقواعد الأميركية في العراق والتهديد بقصف السفارة والمصالح الأميركية، كل ذلك يهدد العلاقات الوثيقة التي تربط واشنطن ببغداد من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين».

ويضيف فيصل في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «صدور البيان من قبل الفصائل بإعلان الحرب ضد الولايات المتحدة الأميركية يشكّل عصياناً مسلحاً ضد الحكومة العراقية الدستورية، وانتهاكاً للدستور والقانون الدولي، لأن المصالح الأميركية والتحالف الدولي موجودان ضمن إطار موافقة الحكومة العراقية».

ويتابع أن زيارة الوزير بلينكن «جاءت للتأكيد على ضمان استقرار العلاقات بين واشنطن وبغداد وتحميل بغداد مسؤولية حماية الوجود الأميركي في العراق، وبخلافه، ومع استمرار الفصائل في القصف، فإن واشنطن ستقوم بتقدير الرد المناسب على الفصائل».

ولا يستبعد فيصل قيام وزير الخارجية الأميركي بلينكن بـ«تحميل رئيس الوزراء العراقي رسالة شفهية إلى طهران، تحذرها من مغبة الدخول في الحرب وتوسيع نطاقها وتحويلها إلى حرب إقليمية تؤدي إلى أضرار كبيرة ودمار خطير».


مقالات ذات صلة

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
TT

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)
الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

قال مسؤول دفاعي أميركي كبير إن قائداً كبيراً في «حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية، خلال حرب العراق، قُتل في غارة إسرائيلية على سوريا.

واعتقلت القوات الأميركية علي موسى دقدوق، بعد مداهمة عام 2007، عقب عملية قتل فيها عناصرُ يتنكرون في صورة فريق أمن أميركي، خمسة جنود أميركيين. ووفقاً لموقع «إن بي سي» الأميركي، أطلقت السلطات العراقية سراحه لاحقاً.

وأضاف المسؤول الدفاعي الأميركي، وفق ما نقل عنه موقع «إن بي سي»، أن تفاصيل الضربة الجوية الإسرائيلية غير معروفة، متى حدثت، وأين وقعت في سوريا، وهل كان هدفها دقدوق تحديداً.

الغارة المعقدة، التي ساعد دقدوق في التخطيط لها، حدثت في مجمع عسكري مشترك أميركي-عراقي في كربلاء، في 20 يناير (كانون الثاني) 2007.

تنكَّر مجموعة من الرجال في زي فريق أمن عسكري أميركي، وحملوا أسلحة أميركية، وبعضهم كان يتحدث الإنجليزية، ما جعلهم يَعبرون من عدة نقاط تفتيش حتى وصلوا قرب مبنى كان يأوي جنوداً أميركيين وعراقيين.

كانت المنشأة جزءاً من مجموعة من المنشآت المعروفة باسم «محطات الأمن المشترك» في العراق، حيث كانت القوات الأميركية تعيش وتعمل مع الشرطة والجنود العراقيين. كان هناك أكثر من عشرين جندياً أميركياً في المكان عندما وصل المسلّحون.

حاصرت العناصر المسلّحة المبنى، واستخدموا القنابل اليدوية والمتفجرات لاختراق المدخل. قُتل جندي أميركي في انفجار قنبلة يدوية. بعد دخولهم، أَسَر المسلّحون جندين أميركيين داخل المبنى، واثنين آخرين خارج المبنى، قبل أن يهربوا بسرعة في سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

طاردت مروحيات هجومية أميركية القافلة، ما دفع المسلّحين لترك سياراتهم والهروب سيراً على الأقدام، وخلال عملية الهرب أطلقوا النار على الجنود الأميركيين الأربعة.

وفي أعقاب الهجوم، اشتبه المسؤولون الأميركيون بأن المسلّحين تلقّوا دعماً مباشراً من إيران، بناءً على مستوى التنسيق والتدريب والاستخبارات اللازمة لتنفيذ العملية.

وألقت القوات الأميركية القبض على دقدوق في مارس (آذار) 2007. وكما يذكر موقع «إن بي سي»، أثبتت أن «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري الإيراني»، كان متورطاً في التخطيط لهجوم كربلاء. واعترف دقدوق، خلال التحقيق، بأن العملية جاءت نتيجة دعم وتدريب مباشر من «فيلق القدس».

واحتجز الجيش الأميركي دقدوق في العراق لعدة سنوات، ثم سلَّمه إلى السلطات العراقية في ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وقال المسؤول الأميركي: «قالت السلطات العراقية إنها ستحاكم دقدوق، لكن جرى إطلاق سراحه خلال أشهر، مما أثار غضب المسؤولين الأميركيين. وعاد للعمل مع (حزب الله) مرة أخرى بعد فترة وجيزة».