يستكمل رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي حراكه الدبلوماسي بزيارة المملكة العربية السعودية، للمشاركة في القمة العربية الطارئة، والقمة العربية الأفريقية، بهدف شرح الموقف الداعي إلى «درء الأخطار الإسرائيلية ومنع تمدد النيران باتجاه لبنان».
وبلغ الحراك الدبلوماسي للرئيس ميقاتي ذروته، السبت، بلقاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي أكد أن ميقاتي منع لبنان من الانجراف إلى شفا حرب، وبلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لضمانة منع توسع القصف المتبادل بين لبنان وإسرائيل إلى حرب واسعة، وطالب خلاله رئيس الحكومة اللبنانية المجتمع الدولي «بالضغط على إسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية» على لبنان.
وبدأ ميقاتي، مطلع الأسبوع الماضي، حراكاً دبلوماسياً باتجاه الدول العربية، لمنع تدحرج التوترات الأمنية في الجنوب بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي إلى حرب واسعة، والتقى في عمّان، السبت، وزير الخارجية الأميركي، حيث عقد الطرفان اجتماعاً شارك فيه سفير لبنان في الأردن يوسف إميل رجي، ومساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، ونائب رئيس موظفي وزارة الخارجية توم سوليفان.
وقالت رئاسة الحكومة اللبنانية، في بيان، إن ميقاتي أكد «أولوية العمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر هناك، وكذلك العمل على وقف العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وسياسة الأرض المحروقة التي تتبعها إسرائيل باستخدام الأسلحة المحرّمة دولياً للإمعان في أحداث المزيد من الخسائر البشرية وتدمير المناطق والبلدات الجنوبية».
وشدد رئيس الحكومة على «أن لبنان الملتزم بالشرعية الدولية وتطبيق القرار الدولي رقم 1701، وبالتنسيق مع (اليونيفيل)، يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات الإسرائيلية اليومية على أرضه وسيادته براً وبحراً وجواً».
بدوره، شدد وزير الخارجية الأميركي على «أنه يبذل جهده لوقف العمليات العسكرية لغايات إنسانية، على أن يترافق ذلك مع بدء البحث في معالجة ملف الأسرى»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة اللبنانية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، إن الوزير بلينكن اجتمع مع ميقاتي وعبر عن قلقه «العميق» بسبب تبادل إطلاق النار على حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل. وتابع ميلر في بيان: «شدد على أهمية ضمان عدم امتداد الصراع بين إسرائيل و(حماس) إلى أي مكان آخر»، مضيفاً أن بلينكن شكر ميقاتي على قيادته التي منعت لبنان من الانجراف إلى شفا الحرب.
لقاء السيسي
واستكمل ميقاتي حراكه الدبلوماسي بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، وأفادت الرئاسة المصرية بأنه جرى خلال اللقاء «بحث سُبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافة، إضافة إلى استعراض التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، والجهود المصرية المبذولة للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار، وإتاحة المجال لنفاذ المساعدات الإنسانية».
وقالت الرئاسة المصرية إن الجانبين أكدا ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في هذا الصدد، من خلال العمل المكثف على احتواء الموقف، وتجنب توسع نطاق العنف، وضرورة إعادة إطلاق مسار السلام، وتطبيق مبدأ حل الدولتين، بما يحقق العدل والأمن والاستقرار لشعوب المنطقة.
وقالت رئاسة الحكومة اللبنانية، بدورها، إن السيسي عبّر عن دعمه لرفض مصر تهجير الفلسطينيين وتقديره لوقوف مصر الدائم إلى جانب لبنان، ودعمها له على الصعد كافة.
ونقلت رئاسة الحكومة اللبنانية عن ميقاتي قوله خلال زيارته للقاهرة: «إن مصر التي تحمل دوماً هموم العالم العربي، تبذل جهداً كبيراً لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ووقف المجازر التي ترتكب في حق الفلسطينيين».
وأضافت رئاسة وزراء لبنان: «نحن ندعم موقف الرئيس المصري برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وسعيه لإيجاد حل يبدأ بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين، والعمل تالياً على إيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية يحفظ حقوق الفلسطينيين في أرضهم ودولتهم المستقلة».
زيارة السعودية
واللقاءات تأتي تنفيذاً للجولة العربية التي كان ميقاتي أعلن عنها في وقت سابق؛ «لدرء الأخطار الإسرائيلية ومنع تمدد النيران باتجاه لبنان»، ذلك أن «الحرب والمواجهات إذا حصلت على نطاق واسع فلن تقتصر على لبنان، بل ستطول المنطقة»، حسبما قال مستشاره فارس الجميل.
وقال الجميل في حديث تلفزيوني لقناة «الجديد» المحلية إنه إثر تحركه، تم تحديد مواعيد للقاءات أُنجِز بعضها، بينما البعض قيد التحضير، لافتاً إلى أن لقاء السيسي «كان ضمن الجولة باعتبار أن مصر هي أكثر المعنيين بالحل في غزة لارتباطها جغرافياً بالقطاع». وقال: «نتيجة المباحثات، هناك مساع تبذل وسباق بين وقف إطلاق النار والتصعيد».
وأشار الجميل إلى أن المساعي حسب الاتصالات الجارية ولقاء بلينكن، أفضت إلى أن الاتصالات جارية للتوصل إلى حل في موضوع وقف إطلاق النار، وحل مسألة الأسرى جزئياً، وهو ما قد يؤسس لإيجاد حل مستدام للأزمة.
وكشف الجميل عن أن ميقاتي سيشارك، الأسبوع المقبل، في القمة العربية الطارئة والقمة العربية الأفريقية التي ستعقد في المملكة العربية السعودية، وسيستكمل جولته العربية والدولية بوقت قريب في إطار التحرك لشرح الموقف اللبناني، مشدداً على «أننا معنيون بشكل مباشر بالنظر إلى أن إسرائيل تعتدي على لبنان، وأي تصعيد في الجنوب من شأنه أن يشكل خطورة قصوى، لذلك يجب وقف التعديات الإسرائيلية التي تتجاوز نطاق قواعد الاشتباك التي كانت سائدة لتطول مناطق أخرى، وهو أمر خطير يزداد خطورة في تطور أساسي تمثل في توسع الاعتداءات لتطول (اليونيفيل)».
وقال الجميل إن «ميقاتي يكثف التحرك في سبيل لجم الاعتداءات على لبنان، ولشرح موقف لبنان الموجود في خضم الاتصالات القائمة على صعيد لبنان ككل».
حزب الله
ويأتي هذا الحراك في ظل تصعيد في الجنوب، لا يحصل على غطاء سياسي لبناني كامل. ففي حين يطالب خصوم «حزب الله» بعدم انجراره إلى حرب، يصر الحزب على مواصلة عملياته العسكرية.
ودعا نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في وقفة تضامنية مع غزة، إلى «إيقاف الحرب كي لا تتوسع»، مضيفاً: «أما طلبكم لعدم تدخل حزب الله للاستفراد بفلسطين فلن يكون. أميركا شريك كامل للعدوان بل هي التي تديره وترفض وقف إطلاق النار».
وقال قاسم إن «(حزب الله) جزء من المواجهة على طريق فلسطين... نحن لا نفصل في التحرير بين فلسطين ولبنان والمنطقة؛ لأن إسرائيل محتلة لفلسطين كركيزة، ولكنها محتلة للمنطقة بأشكال مختلفة على مستوى الأرض أو الثقافة أو السياسة أو الاقتصاد. سنكون دائماً في الميدان مؤثرين ومعطلين لمخططات إسرائيل».