قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 4 فلسطينيين في جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية واعتقلت نحو 80 اليوم (الأربعاء)، في الحرب الثانية المفتوحة التي تشنها ضد الفلسطينيين في الضفة، بموازاة قطاع غزة.
واغتالت طائرة إسرائيلية اثنين من الفلسطينيين في مخيم جنين بقصف طال منطقة جورة الذهب، بينما قتل الجيش فلسطينياً ثالثاً في قرية الهاشمية غرب جنين، ورابعاً في طولكرم، خلال الاقتحامات الواسعة للضفة.
وينفذ الجيش الإسرائيلي منذ شن حركة «حماس» عملية «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بمنطقة غلاف غزة، عمليات اقتحام واسعة يومية في الضفة الغربية، أجَّجت التوتر في المنطقة التي حذرت الولايات المتحدة من أن تتحول إلى جبهة ثالثة في الحرب الحالية.
ورفعت إسرائيل حال التأهب في الضفة منذ هجوم حركة «حماس»، وأغلقتها بشكل كامل، وحوَّلتها إلى معازل بعدما حاصرت المدن والقرى ببوابات حديدية وكتل إسمنتية وحواجز ترابية.
وقتل الجيش الإسرائيلي، منذ «طوفان الأقصى»، 129 فلسطينياً في الضفة، واعتقل نحو 1800، وأصاب بالرصاص أكثر من 2000.
وبدت النزعة الانتقامية في الضفة واضحة، من خلال استخدام إسرائيل عمليات قصف من الجو ضد مطلوبين، وتفجير منزل المسؤول في «حماس»، صالح العاروري، وتنفيذ اعتقالات واسعة طالت شباناً ونساء ومتضامنين مع غزة. كما شملت التصرفات الإسرائيلية اعتداءات على فلسطينيين على الطرقات وعلى العمال، وتعمد ضرب وإهانة المعتقلين الفلسطينيين، وبث ذلك للجمهور الإسرائيلي.
وأظهرت مقاطع فيديو بثَّها جنود إسرائيليون على مواقع تواصل اجتماعي ضرب معتقلين وشتمهم وأهانتهم وإذلالهم. وفي أحد المقاطع، سخر جندي من معتقل معصوب العينين ومكبَّل على الأرض: «صباح الخير يا...»، وضربه بشدة على صدره وظهره. وفي مقطع آخر حاول جندي إجبار معتقل مكبل على الرقص ساخراً منه. وفي مقطع ثالث، تظهر مجموعة من الفلسطينيين تم إجبارهم على نزع ملابسهم وهم يتعرضون لحفلة ضرب وتنكيل.
وفي حين أدانت الخارجية الفلسطينية التصعيد الحاصل في مسلسل الاقتحامات الدموية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وترويع المدنيين الفلسطينيين، دعت حركة «حماس» إلى الاشتباك مع الجنود «الذين يوثّقون بسادية مشاهد التعذيب الوحشية لأهلنا في الضفة الغربية». وقالت «حماس»، في هذا الإطار، إن «مشاهد التعذيب والإهانة والسحل المتعمَّد التي يتعرض لها أبناء شعبنا في الضفة الغربية على يد جنود الاحتلال الصهيوني الذين يوثقون بسادية جرائمهم بالصوت والصورة، تُعد جريمة نكراء تذكرنا بمشاهد التعذيب النازية والفاشية». وأضافت: «ندعو أهلنا في كل مدن وقرى الضفة الغربية لرفض الاعتقال ومقاومته، والاشتباك مع قوات الاحتلال، والنفير العام لمواجهة جرائمه ومستوطنيه الذين يعيثون فساداً في الضفة».
ومع التداول الواسع للفيديوهات الإسرائيلية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيحقق في السلوك المهين لبعض الجنود تجاه المعتقلين الفلسطينيين. وقال متحدث باسم الجيش الأربعاء: «السلوك الذي تظهره التسجيلات المصورة لتعامل بعض الجنود مع الموقوفين الفلسطينيين في الضفة الغربية في الأيام الأخيرة خطر جداً ويتعارض مع قيم الجيش». وأضاف المتحدث أنه سيجري التحقيق في هذه الحالات والتعامل معها، كما سيعقد قادة الجيش لقاءات حوار حول هذا الموضوع مع جميع الجنود في الضفة الغربية.
ولا يقف الأمر عند الجنود الإسرائيليين؛ إذ هاجم مستوطنون فلسطينيين في الضفة وقتلوا بعضهم، وتعهدوا بترحيل السكان إلى الأردن، بينما تعرض عرب لاعتداءات في القدس.
وحذرت نقابة المواصلات لدى منظمة «قوة للعمال» الأربعاء من سلسلة حوادث العنف ضد سائقي الحافلات التي وقعت في القدس. وقالت النقابة: «الأمور باتت واضحة. جريمة قتل سائق حافلة هي مسألة وقت، وعندها ستندلع أعمال عنف في أماكن أخرى». وطالبت المنظمة وزارة المواصلات الإسرائيلية باعتماد «الخطوط العريضة للمنظمة للتعامل مع العنف».
ومنذ بداية الحرب، لم يعمل السائقون العرب خشية من عمليات انتقامية، لكنهم عادوا بعد تطمينات، فواجهوا مجموعة من الحوادث.
وهاجم يهود، الثلاثاء، سائق حافلة على الطريق «164» بالغاز عندما علموا أنه عربي، وضربوا آخر في شارع «72» على طريق الخليل وهشموا زجاج قمرة القيادة عليه، وهددوا ثالثاً بالقتل قرب مركز «راموت» التجاري، وأشهروا مسدساً في وجهه.
وقال إيتاي كوهين، رئيس فرع النقليات في منظمة «قوة للعمال» إنه «من غير المعقول أن يتعرض سائق للهجوم لأنه عربي».
وتوجد مخاوف في إسرائيل وتحذيرات أمنية من تأجيج الكراهية في الداخل، ويعدّون أن العرب في إسرائيل يشكلون جبهة رابعة مؤذية إذا تفجرت أحداث عنف هناك.