«حماس» تضغط على نتنياهو بـ«فيديو الأسرى»... وتل أبيب تعلن تحرير مجندة

فلسطينيون يفرّون بعد القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يفرّون بعد القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

«حماس» تضغط على نتنياهو بـ«فيديو الأسرى»... وتل أبيب تعلن تحرير مجندة

فلسطينيون يفرّون بعد القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يفرّون بعد القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

توسعت المعارك البرية في قطاع غزة مع استخدام الجيش الإسرائيلي من جهة، ومقاتلي «القسام» من جهة ثانية، أسلوب «الكر والفر»، واشتبك الطرفان في أكثر من محور بشمال وشرق قطاع غزة، في ما واصلت الطائرات ضرب مناطق مختلفة في القطاع، وردت «القسام» بقصف القدس وتل أبيب ومناطق الغلاف.

وخاض مقاتلو كتائب «القسام» اشتباكات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي المتقدم نحو قطاع غزة، ووصل لأول مرة يوم الاثنين، إلى شارع صلاح الدين (شرق)، وهو شارع رئيسي يربط شمال القطاع بجنوبه، قبل أن يتراجع في وقت لاحق.

وفي ما أعلنت إسرائيل التقدم في عمليتها البرية، وقتل مسلحين من «حماس»، قالت الحركة إنها أجبرت القوات الإسرائيلية على التراجع، وكبدتها خسائر وأفشلت مخططها. ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي وسع نطاق دخوله البري إلى قطاع غزة «بخطوات مدروسة وقوية»، مؤكداً أنه يحرز تقدماً.

لقطة من الجانب الإسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة تظهر الدخان المتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

إطلاق أسيرة

وجاء إعلان نتنياهو قبل الكشف بقليل عن تمكن الجيش من إطلاق سراح مجندة كانت أسيرة لدى «حماس» بعملية برية. وجاء في بيان مشترك للجيش والشاباك أنهم حرروا مجندة كانت بقبضة «حماس» في عملية برية داخل القطاع دون تفاصيل أخرى.

وكان الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري، أكد الاثنين، أن قوات الجيش واصلت عمليتها البرية في غزة وعمقتها، بمساعدة المروحيات القتالية والطائرات المأهولة عن بعد، وقضت على الخلايا التي حاولت مهاجمة القوات. كما قامت بتدمير البنية التحتية «الإرهابية»، بما في ذلك المواقع المضادة للدبابات ومواقع إطلاق إضافية.

وأعلن هاغاري أن قواته بتوجيه استخباري تمكنت من اغتيال نشطاء بارزين في «حماس»، ومن بينهم قائد القوة البحرية في المخيمات الوسطى، جميل بابا، وقائد المنظومة المضادة للدروع في كتيبة التفاح، محمد صفدي، بالإضافة إلى الناشط البارز في منظومة القذائف المضادة للدروع، مؤمن حجازي، والمسؤول في منظومة الإنتاج، محمد عوض الله.

فلسطينيون يفرّون بعد القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

دبابات في شارع صلاح الدين

ونشر الجيش الإسرائيلي صوراً تظهر تقدم القوات الإسرائيلية في أراضٍ زراعية، قبل أن يبث فلسطينيون صوراً لدبابات في شارع صلاح الدين تقطعه وتطلق قذيفة تجاه سيارة وتقتل كل من فيها. ورد هاغاري، على سؤال من أحد الصحافيين، حول مشاهدة دبابات إسرائيلية على محور صلاح الدين، أنهم يمضون تدريجياً وفقاً للخطة، رافضاً تأكيد مواقع القوات الإسرائيلية في غزة، حتى لو ظهرت مواد على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكن «حماس» أكدت أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع التقدم أكثر من ذلك نحو الأحياء السكنية القريبة، وأن كتائب «القسام» أجبرته على التراجع لاحقاً.

وقال غازي حمد عضو المكتب السياسي لـ«حماس» في مؤتمر صحافي، إن الاحتلال الإسرائيلي فشل في توغله البري، ولم يستطع طوال هذه الفترة تحقيق إنجاز سياسي أو عسكري أو أمني. وأضاف حمد: «كتائب القسام استطاعت صد قوات الاحتلال في كل الأماكن التي حاولت الدخول منها. واستطاعت أن تلحق بهم خسائر فادحة بالأفراد والعتاد».

وأكدت كتائب «القسام» أن مقاتليها تصدوا للقوات الإسرائيلية المتوغلة واشتبكوا معها بالأسلحة الرشاشة وقذائف «الياسين105» شمال غربي غزة وشمال غربي بيت لاهيا، وباغتوا القوات المتوغلة شمال غربي بيت لاهيا بالصواريخ والأسلحة الرشاشة تحت غطاء من أسلحة القنص.

ونشرت «القسام» فيديو يظهر إصابات محققة في مدرعات إسرائيلية من دون أن يتضح ما إذا كانت خلفت إصابات، أم لا. ومحاولة التقدم نحو غزة، رغم أنها تعتمد على مبدأ خطوة خطوة وليس اجتياحاً برياً شاملاً، قال هاغاري إنها تهدف إلى مسألتين؛ القضاء على «حماس» وإطلاق سراح الرهائن.

المحتجَزات الإسرائيليات كما ظهرن في الفيديو الذي نشرته «حماس»

فيديو الرهائن دعاية «نفسية قاسية»

وتفرض مسألة الرهائن نفسها بقوة على مجريات المفاوضات والحرب معاً، وعلى الحكومة الإسرائيلية و«حماس» كذلك.

وأحرجت «حماس» الحكومة الإسرائيلية وضغطت عليها وعلى نتنياهو بفيديو في خضم المعارك البرية، نشرته يوم الاثنين لـ3 أسيرات إسرائيليات طالبن نتنياهو بالإفراج عنهن فوراً.

واتهمت إحدى الأسيرات نتنياهو بالفشل، وقالت إنهن يتحملن فشله السياسي والأمني والعسكري والحكومي. ووجهت حديثها لنتنياهو: «أنت تريد أن تقتلنا، أنت تريد أن تقتل الجميع، أنت تريد أن يقتلنا الجيش. ألا يكفي أنك ذبحت الجميع، ألا يكفي مقتل مواطنين إسرائيليين أبرياء في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق سراحنا الآن، أطلق سراح مواطنيهم، أطلق سراح أسراهم (الفلسطينيين)، أطلق سراحنا، اسمح لنا بالعودة إلى عائلاتنا، الآن الآن الآن».

ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو واصفاً المقطع المصوَّر بدعاية «نفسية قاسية» من قبل «حماس». وقال نتنياهو في منشور على منصة «إكس» إن إسرائيل ستفعل كل ما يلزم لإعادة الرهائن، مضيفاً: «أتوجه إلى إيلينا تروبانوف ودانيال ألوني ورامون كيرشت الذين اختطفتهم حماس التي ترتكب جرائم حرب... أعانقكم، قلوبنا معكم ومع المختَطَفين الآخرين»، مؤكداً: «نحن نبذل قصارى جهدنا لإعادة جميع المختطفين والمفقودين إلى وطنهم».

صورة مأخوذة من مدينة سديروت بجنوب إسرائيل تُظهر قنابل مضيئة أطلقتها القوات الإسرائيلية فوق قطاع غزة (د.ب.أ)

قصف بلا هوادة

وجاءت هذه التطورات، في وقت واصلت فيه إسرائيل قصف قطاع غزة بلا هوادة. وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة ضحايا عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر الحالي، ارتفعت إلى 8260 شهيداً و21 ألف جريح. وبحسب التقرير الذي صدر الاثنين، فإن 73 في المائة من الضحايا في قطاع غزة من الأطفال والسيدات والمسنين.

ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، الحرب الإسرائيلية على غزة، بأنها «حرب إبادة فاق كل وصف». وأضاف أشتية في كلمته بمستهل اجتماع الحكومة في رام الله الاثنين، أن «قتل الاحتلال لآلاف الأطفال وهم نائمون بين أحضان أمهاتهم وآبائهم وبين أجدادهم وجداتهم، يعكس المدى المفجع الذي بلغته تلك الحرب المجرمة، التي يجب أن تتوقف فوراً».

وأضاف: «أكثر من نصف الشهداء الذين ارتقوا في قطاع غزة من الأطفال والنساء، وهم يرتعدون خوفاً وجوعاً في منازلهم، بينما تتربص الطائرات وقذائف الدبابات بمن نجوا حتى الآن بانتظار اللحظة التي تنقض عليهم لتخطفهم من بين أيدي آبائهم وأمهاتهم، وتردم البيوت فوق رؤوسهم وتحولها إلى مقابر جماعية».

وأكد أشتيه أن 100 عائلة أبيدت حتى الآن، بينما ما زال المئات، إن لم يكن الآلاف، محاصرين تحت الركام. وتابع: «المطلوب الآن وفوراً وقف العدوان والسماح بعلاج المصابين لإنقاذ حياة الآلاف الذين يتهددهم الموت، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإدخال الغذاء والدواء والماء والوقود، ووقف التهجير القسري».


مقالات ذات صلة

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

شمال افريقيا الفريق أحمد خليفة رئيس أركان الجيش المصري يتفقد معبر رفح من الجانب المصري نهاية العام الماضي (الجيش المصري)

«التوتر المصري - الإسرائيلي»... تسريبات تدعم موقف القاهرة

نقلت تسريبات إسرائيلية عن مسؤولين أمنيين كبار أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل مخاوف وتحذيرات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك).

هشام المياني (القاهرة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

تقرير: نتنياهو تجاهل التحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) بشأن تقارير كاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979.

هشام المياني (القاهرة)
العالم العربي رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

هل قلصت مصر وجودها العسكري في سيناء إثر ضغوط إسرائيلية؟

أكد مصدر مصري مُطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات المصرية في سيناء موجودة من أجل حفظ الأمن القومي المصري، وهو أمر لا تقبل فيه القاهرة مساومة أو إغراءً».

هشام المياني (القاهرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
TT

سوريا تطلق عملتها الجديدة

الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)
الرئيس السوري وحاكم المصرف المركزي خلال إطلاق العملة الجديدة (سانا)

أُطلقت مساء الاثنين، في دمشق، العملة السورية الجديدة، في حفلٍ رسمي بقصر المؤتمرات، وكشف الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية عن النسخ الأولى لليرة السورية الجديدة، التي تحمل رموزاً من بيئة المحافظات السورية.

وبحضور وزراء الحكومة السورية ودبلوماسيين، قال الشرع إن حدث تبديل العملة يشكّل عنواناً لأفول مرحلة سابقة لا مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري وشعوب المنطقة المتأملة بالواقع السوري الحديث.

وأردف أن الملف استغرق نقاشات طويلة، مشيراً إلى وجود ست تجارب لاستبدال العملة ونزع الأصفار على مستوى العالم، نجح نصفها ولم ينجح النصف الآخر، وأن العملية دقيقة جداً في تحول الحالة النقدية، «تحسين الاقتصاد يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وانخفاض معدلات البطالة في سوريا، وأحد أساسيات تحقيق النمو الاقتصادي، تحسين الحالة المصرفية، لأن المصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد».

فئة الـ100 ليرة كما تبدو في خلفية حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وأوضح أن مرحلة التحول حساسة ودقيقة، «وأهم عامل فيها عدم حدوث حالة فزع بين الناس»، وعدم المسارعة لرمي العملة القديمة واستبدال الجديدة بها، مؤكداً أن كل من يحمل عملة قديمة سيتم العمل على استبدال الجديدة بها، «ولذلك لا داعي للإلحاح على تبديلها لأن ذلك قد يضر بسعر صرف الليرة السورية». مشدداً على أن البلاد تحتاج إلى حالة من الهدوء وقت استبدال العملة، وأن المصرف المركزي أوضح أن ذلك سيتم وفق جدول زمني محدد.

المستشار عبد الله الشماع أوضح أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي.

ورقة الـ200 ليرة الجديدة في الخلفية خلال حفل إطلاق العملة السورية الجديدة (سانا)

وبين الشماع أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، سوق صرف متوازن وشفاف، قطاع مصرفي سليم، مدفوعات رقمية آمنة، التكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.


رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
TT

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)
رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن «مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء وأحاله أمس إلى البرلمان، سيدفع أموال المودعين من دون نقصان ويفرض غرامات على من حوّل الأموال إلى الخارج، وعلى من استفاد من الهندسات المالية».

وجاءت مواقف سلام في مؤتمر صحافي عقده للحديث عن القانون الذي أقرته الحكومة ويلقى ردود فعل منتقده عليه من مختلف الجهات، لا سيما المصارف والمودعين، إضافة إلى بعض الكتل النيابية، وهو ما رد عليه سلام قائلاً: «منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل».

وقال سلام: «مشروع القانون سيسلك طريقه إلى مجلس النواب، وسننشر نسخة منه على الموقع الرسميّ ليتسنّى للمواطنين جميعهم الاطلاع عليه لما من شأنه تخفيف الالتباسات ويقينا جميعاً من التسرع وإطلاق الأحكام الجازمة، ومنها ما يكشف عن آراء مسبقة جرى الترويج لها منذ أسابيع».

واعتبر أن «مشروع القانون هذا يسعى إلى إخراج لبنان من الحالة الحاضرة التي تعرّض بلادنا إلى أخطار متزايدة يتوجّب علينا اجتنابها بروح المسؤولية والحكمة والشجاعة».

ورأى «إنّ ردّ الودائع إلى أصحابها بطريقة مرحلية خير من تأجيل بتّ مصيرها، وهو ما يؤول إلى تآكلها وإلى حرمان لبنان من فرصة التعافي والإفادة من الدعم العربي والدولي».

وأضاف: «سيتبيّن لكل من سوف يتعرّف بموضوعية إلى مشروع القانون أنّه سيدفع أموال المودعين من دون نقصان، ويفرض غرامات على الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج قبل الانهيار المالي والمصرفي لمدة ستة أشهر... وبعده، وعلى الذين استفادوا من الهندسات المالية ومن الأرباح والمكافآت المفرطة... وهو يدعو أيضاً إلى مواصلة التدقيق الجنائي والمحاسبي، خلافاً لما حاول البعض نكرانه».

ليس مثالياً

ويولي مشروع القانون، حسب سلام، «من الإنصاف والعدالة الاجتماعية، أهمية كبرى لاسترداد أصحاب الودائع التي لا يتجاوز مبلغها المائة ألف دولار ودائعهم بقيمتها الاسمية الكاملة خلال أربع سنوات... كحدّ أقصى. ويمثّل هؤلاء 85 بالمائة من المودعين»، مضيفاً: «يحصل باقي المودعين، على غرار هذه الفئة الكبيرة، على مائة ألف دولار خلال المدة نفسها»، أمّا رصيد ودائعهم فسينالونه بواسطة سندات معزّزة بأصول مصرف لبنان. وهي وإن لا تستحق إلا بعد عدد من السنوات، لكن خلال هذه المدة يستردّ حاملو هذه السندات 2 في المائة سنوياً من قيمتها الإجمالية. إضافة إلى ذلك، فبانتظار مواعيد آجالها، ستكون هذه السندات قابلة للتداول، لا سيّما في بورصة بيروت».

وجدد سلام القول ما قاله سابقاً إن «هذا القانون ليس مثالياً... لكنّه أفضل الممكن على طريق استعادة الحقوق ووقف الانهيار، حيث عملنا ضمن الإمكانات المتاحة واستناداً إلى توقّعات مدروسة».

وأضاف: «أكرّر أنّنا لا نبيع اللبنانيات واللبنانيين أوهاماً ولا نخفي الحقائق عنهم، ورهاننا أوّلاً هو على الشفافية والحق في المعرفة المباشرة التي يستحقّها كل المواطنين ليحكموا بأنفسهم على هذا المشروع. وسنكون منفتحين على الحوار معكم جميعاً اليوم وغداً وبعد غد».

ودعا سلام «النواب وممثّلي الهيئات الاقتصادية والمجتمع المدني إلى وقفة وطنية تقدّم المصلحة العامة على أي اعتبار آخر، فنحن منفتحون على أي اقتراحات تهدف لتحسين ما أتى به هذا القانون، ولكن لا يمكن أن نقبل بالنقد الذي لا يقدّم البدائل، فهذا يساهم في إطالة الأزمة والاستمرار في هدر أموال المودعين وشلل المصارف وتقويض الاقتصاد».


تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
TT

تفاهم مصري - لبناني يمهد لتعاون مستقبلي في الغاز والطاقة

الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني ووزير البترول المصري عقب توقيع مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بين البلدين (الرئاسة اللبنانية)

بينما وقعت مصر مذكرة تفاهم مع لبنان لتلبية احتياجات الأخير من الغاز الطبيعي، يرى خبراء في الطاقة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الخطوة «تمهد لتعاون في الملف، لكنها لا تعني إمدادا فوريا من الغاز إلى لبنان».

واستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون، الاثنين، وزير البترول والثروة المعدنية المصري كريم بدوي، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، أعلن عون، التوقيع مع مصر على مذكرة تفاهم لتلبية احتياجات لبنان من الغاز الطبيعي؛ تؤمن القدرة على زيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.

خبير البترول المصري عضو «مجلس الطاقة العالمي»، الدكتور ماهر عزيز، أكد أن مذكرات التفاهم من هذا النوع «يعقبها إجراءات واتفاقيات تفصيلية تخص كل مشروع بذاته، ومن المتوقع أن تكون هناك مشروعات ببين البلدين تتعلق في المقام الأول بإمداد لبنان بالخبرات المصرية اللازمة للتوسع في مشروعات الطاقة، والسعي لإمداد لبنان بحاجتها من الغاز في إطار مخططات مصر حالياً للتحول إلى مقر إقليمي لتسويق الطاقة، بأن تستورد الغاز الخام من عدة دول وتسييله وإعادة تصديره والاستفادة من فروق السعر».

وفرة جيدة

وأوضح عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «مصر حظيت في سنوات سابقة بوفرة جيدة في مصادر الغاز الطبيعي؛ ما أدى إلى تصديره لدول الجوار الشرقي في الأردن وإسرائيل لسنوات عديدة، وزادت الإمدادات بعد بداية اكتشاف حقل ظهر، قبل أن ينعكس الوضع وتتحول لمستورد، لكنها حالياً عملت على حل المشكلات التقنية في حقل ظهر بالإضافة لاكتشافات أخرى، فضلاً عما تستورده بغرض الاستهلاك المحلي، وإعادة التسييل ثم التصدير».

وتعتمد مصر على الغاز المسال في تشغيل محطات توليد الكهرباء، وشهد إنتاج مصر من الغاز الطبيعي تراجعاً منذ عام 2022؛ ما دفعها للتحول إلى مستورد، ويبلغ الإنتاج الحالي لمصر من الغاز الطبيعي 4.1 مليار قدم مكعبة يومياً، بحسب وكالة «رويترز».

ووقَّعت مصر أخيراً عبر شركات صفقة ضخمة لاستيراد الغاز من إسرائيل بقيمته تبلغ 35 مليار دولار.

إدارة ذكية

عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع، أحمد أبو علي قال إن «توقيع مذكرة التفاهم بين مصر ولبنان لا تجب قراءته بمنطق (التوريد الفوري) بقدر ما ينبغي فهمه في إطار إدارة ذكية للموارد والطاقة على مستوى إقليمي، حيث إن مصر تمتلك بنية تحتية متقدمة ومتكاملة في قطاع الغاز الطبيعي، تشمل الإسالة، والنقل، وإعادة التصدير، فضلاً عن خبرات فنية متراكمة في الاكتشاف والتشغيل، وهو ما يجعلها قادرة على لعب دور (المُيسّر الإقليمي) للطاقة، حتى في الفترات التي تشهد توازناً دقيقاً بين الإنتاج والاستهلاك المحلي. ومن ثم، فالمقصود ليس بالضرورة ضخ كميات فورية من الغاز، وإنما توظيف القدرات المصرية الفنية واللوجيستية والاستثمارية لدعم لبنان في إعادة تشغيل قطاع الطاقة، ورفع كفاءة إنتاج الكهرباء، سواء عبر التعاون في الحقول، أو إعادة هيكلة سلاسل الإمداد، أو الربط الإقليمي للطاقة».

شراكة طويلة

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «على المستوى الاستراتيجي، فإن مذكرة التفاهم تمثل تمهيداً محسوباً لشراكة طويلة الأجل، تتسق مع رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتداول وتسويق الطاقة في شرق المتوسط؛ فالقاهرة لا تتحرك هنا بدافع سياسي أو تضامني فقط، بل بمنطق اقتصادي واضح يقوم على بناء شبكات تعاون إقليمي، وتثبيت موقعها كمحور رئيسي في معادلة الطاقة، خصوصاً في ظل التحولات الجيوسياسية واضطراب أسواق الإمداد عالمياً».

وفي تعليقه على مذكرة التفاهم، أكد وزير البترول المصري كريم بدوي، أن مصر ستقدم كل الدعم للبنان من خلال الخبرات والإمكانات في مجالات عدة، منها: استكشاف حقول الغاز، واستخراجه، ونقله وتوزيعه، بحسب ما نقلته الرئاسة اللبنانية في بيان.

إطار للبناء

الخبيرة اللبنانية في شؤون البترول والطاقة لوري هايتيان، قالت إن «هذه الخطوة تعد إيجابية في إطار التعاون المستقبلي بملف الطاقة بين البلدين، لكن واقعياً ليس هناك على المدى القريب أو المنظور تبادل أو إمداد غاز من مصر للبنان في الوقت الحالي في ظل أن مصر تستورد الغار لتلبية احتياجاتها المحلية، كما أنه توجد مشكلات تقنية قد تؤخر هذا الأمر».

وشرحت لـ«الشرق الأوسط»: «عند حدوث أزمة الطاقة الطاحنة في لبنان عام 2019 كانت هناك خطة لتعاون واستيراد الغاز من مصر عبر الأنبوب العربي الذي يمر بالأردن وسوريا ثم إلى شمال لبنان، وبدأ الكلام عن هذا المشروع عام 2021، لكن كان يعوق الأمر قبل سقوط نظام بشار الأسد أن سوريا عليها عقوبات تعرقل هذا التعاون، وحالياً أصبح الأمر ممهداً لاستئناف عملية إتمام المشروع، لكن الحكومة اللبنانية تقول إن هناك حاجة ماسة لصيانة الأنبوب في الجزء الموجود منه في لبنان، وكذلك في سوريا ما يعني أن المسألة ستستغرق بعض الوقت».

ونوهت إلى أن «مذكرة التفاهم تجعل هناك إطاراً يمكن البناء والاعتماد عليه لاستئناف هذا المشروع حين إتمام الصيانة اللازمة للأنبوب، وكذلك لأي مشروعات تعاون في الطاقة مستقبلاً، ويؤشر أيضاً إلى أنه حينما تكون هناك طاقة متوفرة في مصر ولبنان بحاجة إليها فستمده القاهرة بها، ومصر تقدر على ذلك؛ لأن كل ما يحتاج إليه لبنان هو كمية غاز لتشغيل محطة كهرباء واحدة في شمال البلاد».