أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أنه سيقوم بجولة عربية لتعزيز موقف لبنان ودعم وقف إطلاق النار في غزة، مشيراً إلى أن «الاتصالات الدولية التي نقوم بها على هذا الصعيد مريحة إلى حدٍ ما»، في مقابل تصعيد من قبل «حزب الله»، الذي أعلن أنه لن يطمئن الولايات المتحدة لموقفه.
وأثار انخراط «حزب الله» في المعركة مع إسرائيل على الحدود الجنوبية، انقساماً لبنانياً داخلياً، فيما دعت دول غربية الحكومة اللبنانية إلى تجنب الانخراط في الصراع منعاً لتدهور الأمور وتوسع المعركة، في وقت لم يبلغ «حزب الله» مراجعيه في الداخل اللبناني بأي تعهد لعدم توسع الحرب، حسبما تقول مصادر نيابية مطلعة على اتصالات القوى اللبنانية بالحزب حول هذا الملف، وأبقى كل الاحتمالات مفتوحة.
وأطلع ميقاتي أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي خلال مشاركته في اجتماعهم، السبت، على الأعمال التي تقوم بها الحكومة في شتى الميادين في ظل الظروف الدقيقة والصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة، وقال: «لا أحد يزايد علينا في الدفاع عن القضية الفلسطينية التي تلقى منا كل الدعم والتأييد»، مشيراً إلى «أننا سنقوم بجولة عربية لتعزيز موقف لبنان ودعم وقف إطلاق النار في غزة ولتجنيب الفوضى الأمنية الشاملة في المنطقة».
وقال ميقاتي إن «الاتصالات الدولية التي نقوم بها على هذا الصعيد مريحة إلى حد ما، وينبغي تجنيب لبنان الحرب مع العدو الإسرائيلي مما يتطلب من إسرائيل إيقاف عملية الاستفزاز التي تمارسها على الجنوب».
وكان المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان أوضح خلال الاجتماع الأول للمجلس الشرعي الإسلامي الجديد الذي جرى انتخاب وتعيين أعضائه أخيراً أن السكوت عن «الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل في غزة والضفة ومحاولات تبريرها، بمثابة تشجيع على القتل الجماعي ومشاركة فيه». ودعا أعضاء المجلس إلى العمل من أجل توفير كل أنواع الدعم والمساعدة لأهالي غزة المحاصرين الذين يتضورون جوعاً ويعانون من كل أنواع الحرمان والاضطهاد.
وناشد المجلس «القوى السياسية في لبنان تجاوز اختلافاتها والمسارعة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحمي الدستور ويلتزم به، بحيث يكون انتخابه مدخلاً إلى معالجة القضايا الخلافية إنقاذاً للبنان من الهوة التي أسقط فيها». وشدد المجلس على أن «التعاون مع الحكومة والامتناع عن عرقلة أعمالها، ضرورة وطنية اليوم أكثر من أي وقت مضى. ذلك أن مواجهة خطر العدوان الإسرائيلي ليس مجرد تصريف للأعمال، ولكنه واجب وطني يتطلب اعتصاماً بالوحدة الوطنية والمصير المشترك».
وأكد المجلس ضرورة «تمكين حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي من بذل مزيد من الجهد لمعالجة القضايا الاجتماعية المتفاقمة نتيجة التدهور الاقتصادي وتراجع قيمة العملة الوطنية وانعدام فرص العمل»، كما دعا إلى «التصدي بتضامن وطني موحد للهجرتين اللتين يتعرض لهما لبنان: الهجرة غير الشرعية من سوريا، والهجرة القسرية من لبنان». وحذر المجلس من أن استمرار الهجرتين يشكل خطراً على هوية لبنان ودوره ومستقبله.
انتقادات المعارضة لميقاتي
وتنتقد قوى المعارضة موقف الحكومة اللبنانية بشأن عدم اتخاذ أي قرار يتيح نشر الجيش اللبناني على الحدود وسحب مقاتلي «حزب الله» والتنظيمات الحليفة التي تشارك في العمليات، من المنطقة الحدودية.
وقال النائب عن «القوات» جورج عقيض في حديث إذاعي: «نعتبر كقوات أن لدينا دولة وجيشاً وحكومة تستطيع أن تأخذ قرار الحرب والسلم ويجب ألا نتخلى عن سيادة الدولة». وأضاف: «هناك قرار أممي توافقت عليه الحكومة و(حزب الله)، يحدد طبيعة الصراع ونصر على تنفيذه، فضلاً عن وضع الشعب اللبناني الهش الذي لا يسمح بالدخول في حرب». ودعا للالتزام بقواعد القرار 1701 والتضامن في الوقت نفسه مع الفلسطينيين، واستطرد: «لكن نحن أكثر دولة عربية دفعت الثمن وأكثر دولة تعيش هشاشة أمنية وعسكرية فقوموا بكل ما يلزم لعدم دخول لبنان الحرب».
موقف «حزب الله»
وفي ظل هذا الانقسام اللبناني، والحراك الدبلوماسي، أكد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، أن «المقاومة في الجنوب تحمي أهلها وتنتصر لغزة بأقدس دمائها، وهي فرضت معركة على امتداد الحدود، واستنزافاً حقيقياً لجيش العدو، اضطر من خلاله لإغلاق المواقع والمستوطنات وإبقاء كل شمال فلسطين المحتلة في حالة قلق وخوف، فضلاً عن لجوء المستوطنين إلى الملاجئ».
وقال قاووق في احتفال تأبيني لثلاثة من مقاتلي الحزب: «أميركا قلقة من نوايا وقرار (حزب الله)، وهذا خبر جيد ويفرحنا، والمطلوب ألا تطمئن أميركا لموقف (حزب الله)، وكلما كان القلق الأميركي أكبر، كان تأثير المقاومة في المعادلة أشد وأقوى، فنحن لا نريد أن نطمئنهم، والمطلوب أن يزداد قلقهم».