زحمة مسافرين من مطار بيروت وتراجع ملحوظ للوافدين

«الشرق الأوسط» شهدت حركة خجولة في قاعة الوصول

الازدحام في قاعة المغادرة بمطار بيروت (الشرق الأوسط)
الازدحام في قاعة المغادرة بمطار بيروت (الشرق الأوسط)
TT

زحمة مسافرين من مطار بيروت وتراجع ملحوظ للوافدين

الازدحام في قاعة المغادرة بمطار بيروت (الشرق الأوسط)
الازدحام في قاعة المغادرة بمطار بيروت (الشرق الأوسط)

بدا التفاوت واضحاً بين قاعتي الوصول والمغادرة في مطار رفيق الحريري الدولي، الذي يعكس قلقاً مزداداً لدى الناس من احتمال اندلاع حرب بين إسرائيل و«حزب الله» واتخاذ آلاف الأشخاص بينهم مئات العائلات، خطوات وقائية عبر مغادرة لبنان إلى الخارج قبل وقوع المحظور، ويلاحظ الوافدون إلى المطار حركة خجولة في قاعة الوصول، بحيث باتت الطائرات التي تحطّ في المطار رغم ندرتها، تقلّ بضعة مسافرين، مقابل مشهد الازدحام الخانق في قسم المغادرة.

ورغم الأجواء القاتمة، يرى القيمون على المطار أن الحركة تعدّ شبه طبيعية لأكثر من سبب، ويعد رئيس مطار رفيق الحريري الدولي المهندس فادي الحسن، أن «حركة القادمين من الخارج إلى لبنان ليست سيئة كما يروّج عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا جداول واضحة ودقيقة بأعداد الوافدين والمغادرين، إذ إن ما بين 4 و5 آلاف شخص يصلون يومياً إلى بيروت عبر المطار، وهذا العدد متدنٍ مقارنة مع موسم الاصطياف». ويعزو السبب إلى «أننا دخلنا في الـ(low season) ومن الطبيعي أن تتراجع أعداد الوافدين إلى لبنان».

مسافرون وحقائب بانتظار الرحيل (الشرق الأوسط)

ويعترف رئيس مطار بيروت بأن «حركة المغادرة كثيفة نوعاً ما، إذ يسافر يومياً ما يقرب من 8 آلاف شخص، وهذا العدد مبرر بوجود قلق لدى الناس من احتمال اندلاع الحرب». ويشدد الحسن على أن «شركات الطيران ما زالت تعتمد مطار بيروت الدولي لكنها خفضت عدد رحلاتها»، لافتاً إلى أنه «باستثناء شركتي (لوفتهانزا) و(الخطوط الجوية السعودية)، كل الطائرات ما زالت تحطّ وتقلع من مطار بيروت».

وتتقاطع روايات اللبنانيين سواء القادمين أو المغادرين، عند الخوف من احتمالات الحرب التي لا يريدون معايشتها. لم يكن محمد الحسيني سعيداً بعودته من فرنسا إلى بيروت، واضطر مرغماً لترك زوجته وأولاده في مدينة بوردو، وعاد إلى لبنان ليلتحق بعمله، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ضرورات العمل وحتمية بقائه إلى جانب والديه الطاعنين في السنّ أجبراه على البقاء في البلد رغم الظروف الصعبة».

ويشير إلى أنه «لا يستطيع أن يغامر بوظيفته لكونه مديراً لمؤسسة تجارية كبيرة». ويقول: «المهمّ أني نقلت زوجتي وأولادي الثلاثة إلى فرنسا ليكونوا بمأمن عن خطر الحرب إذا وقعت».

الحال نفسها تنطبق على كاتيا وهي شابة تعمل في منظمة دولية ناشطة بلبنان تعنى بحقوق الإنسان، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «عدت من إجازة طويلة (30 يوماً) أمضيتها مع عائلتي المقيمة في نيويورك، لكن عودتي غير طوعيّة». وتلفت إلى أنها «كانت تفضّل البقاء في أميركا، لكنّ ذلك يعدّ مغامرة، وقد تخسر وظيفتها، خصوصاً أن المنظمة التي تعمل فيها سيكون نشاطها مضاعفاً على صعيد الأعمال الإغاثية وتقديم المساعدات للنازحين في أثناء الحروب والأزمات». ما يؤلم كاتيا أن والدها أصرّ على العودة معها إلى لبنان كي يبقى إلى جانبها ويطمئن عليها. وتختم بالقول: «إن شاء الله ما بصير شي».

منطقة السوق الحرة في مطار بيروت (الشرق الأوسط)

أما السيّدة أمل وهي من بلدة جنوبية وأم لطفلين، فلا تخفي قلقها على أولادها، «لا أريدهم أن يعيشوا أجواء الحرب أو سماع قصف الطائرات ولا مشاهد الموت والدمار»، تقول بألم ومرارة. وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «يكفي ما عشناه في حرب يوليو (تموز) 2006، لن أقبل أن يعيش أولادي هذه التجربة».

مشكلة أمل شبيهة بكثير من الأسر التي اضطرت أن تقطع العام الدراسي لأولادها، وتختم بالقول: «فضلت الالتحاق بزوجي الذي يعمل في ساحل العاج، لقد أنجزت كل المعاملات اللازمة عبر شراء تذكرة السفر وحجز موعد الرحلة، واتفقت مع إدارة المدرسة بأن يستكمل أبنائي تلقي الدروس عبر (أونلاين)، لكن عند استتباب الأمن سأعود فوراً».

ربما تكون حال الشاب فادي. القادم من البرازيل نادرة جداً، «أنا لست خائفاً ولا أعتقد بوقوع الحرب». يقول: «أتيت من البرازيل لزيارة أهلي بعد 4 سنوات من غيابي عن البلد». يشير الشاب ابن الـ37 عاماً إلى أنه «غير متوجّس من الحرب، وإذا وقعت فسيغادر لبنان فوراً». وعندما سئل عن كيفية الخروج من البلد إذا أقفل المطار فجأة، يوضح أن بإمكانه «المغادرة برّاً إلى سوريا، ومنها إلى الأردن والسفر من هناك إلى البرازيل». ويقدّر فادي أن «الهاجس من الحرب يتعاظم لكنها ليست حتمية، ولو كان (حزب الله) بوادر الانخراط في الحرب لفعلها من اليوم الأول لعملية (طوفان الأقصى) فحساباته مختلفة عن حسابات الفلسطينيين».

الهدوء المسكون بهاجس الخوف والقلق في قاعة، يقابله ازدحام وطوابير في قسم المغادرة، سواء عند نقاط التفتيش وتسليم الحقائب والتدقيق عند نقاط الأمن العام، وتفيد هبة سالم التي غادرت بعد عودتها إلى دبي، بأن «اجتياز كل هذه النقاط فيه معاناة كبيرة». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطائرة التي أقلتها من بيروت إلى دبي كانت ممتلئة وليس فيها أي مقعد شاغر»، مشيرة إلى أن «المسافرين يتملكهم هاجس التأخر عن موعد إقلاع الطائرة وعدم السفر».


مقالات ذات صلة

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة جنود في اشتباكات بشمال غزة

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثلاثة جنود في اشتباكات بشمال غزة

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)
جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، مقتل ثلاثة من جنوده في اشتباكات بشمال قطاع غزة، حيث تنفذ قواته عملية تهدف، وفقاً له، لمنع حركة «حماس» من إعادة تنظيم صفوفها.

جنود إسرائيليون يستعدون لدخول قطاع غزة (رويترز)

وقال الجيش إن جنديين يبلغان 21 عاماً وجندياً ثالثاً يبلغ 22 عاماً «سقطوا أثناء القتال» في شمال غزة، ما يرفع خسائره إلى 389 قتيلاً منذ بدئه هجوماً برياً في 27 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في القطاع الفلسطيني المحاصر.